البحث

عبارات مقترحة:

الصمد

كلمة (الصمد) في اللغة صفة من الفعل (صَمَدَ يصمُدُ) والمصدر منها:...

القريب

كلمة (قريب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فاعل) من القرب، وهو خلاف...

الأجوفان

العربية

المؤلف أحمد بن محمد العتيق
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - الحكمة وتعليل أفعال الله
عناصر الخطبة
  1. خطر الفم والفرج .
  2. بعض آفات اللسان ووسائل حفظه .
  3. حفظ الفرج عن الحرام .

اقتباس

اعلم -أيها المسلم-: أن العبد لا يَسْهُلُ عليه حِفْظُ لِسانِه عن الحرام, إلا إذا أشغله بقراءة القرآن, والذكر والإستغفار, والكلام الطيب الذي يُحِبُّه الله، ويأمُرُ به. وذكر بعض أهل العلم: أن المراد بالفم أو بما بين اللَّحْيَيْن, أعمُّ من ذلك, فيدخل فيه أيضاً ما يصل إلى...

الخطبة الأولى:

إِنَّ الحَمدَ للهِ، نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً.

أمّا بعد:

أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-, وتعوذوا به من شرور أنفسكم, فإن النفس أمارة بالسوء.

واعلموا: أن من أعظم الجهاد: جهادَ النفس في ذات الله.

وَمِنْ أعظَمِ شرور النفس: الفم والفرج, فإن خَطَرَهُما على المَرْءِ شديد, لما رواه أحمد في المسند عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سُئِلَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما أكثَرُ ما يَلِجُ الناسُ به النار؟ فقال: "الأجوفان: الفَمُ والفَرْج".

وروى البخاري عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من يَضْمَنُ لي ما بين لِحيَيْه وما بين رِجْلَيه أضمنُ له الجنة".

قال ابن بَطَّال -رحمه الله-: "دَلَّ الحديثُ على أَن أعظَمَ البلاءِ على المَرْءِ في الدنيا: لسانُهُ وفَرْجُه, فَمَن وُقِيَ شَرَّهُما وُقِيِ أعْظَمَ الشر".

فيجب على المسلم أن يجاهد نفسه في حفظ لسانه وفرجه, وبذل كل سَببٍ يُعِينُه على ذلك.

أما اللسان، فإن العبد قد: "يتكلم بالكلمة ما يتبين فيها, يَزِلُّ بها في النارِ أبْعَدَ مما بين المشرق والمغرب".

وسَبيلُ السلامة, هو لُزومُ وصِيَّةِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت".

قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "مَن كَثُرَ كلامه, كثرَ سَقَطُه, ومَن كَثُرَ سَقَطُه كَثُرَت ذنوبه".

ورحم الله مَنْ قال: "ما ندِمتُ على السكوتِ مَرَّة, ولكن نَدِمتُ على الكلامِ مِرارا".

فاحفظ لسانك -أيها المسلم- عن كل ما يُسْخِطُ الله.

وَأَعظَمُ ذلك: الألفاظ الشركية, كدعاء غير الله, والحلف بغيره, وقول: لولا الله وفلان, وما شاء الله وشاء فلان.

ومِنَ الأقوالِ المُحَرَّمة: الفتوى بغير علم, فإن القول على الله بغير علم قَرينُ الشرك.

ومِنْ ذلك: القذف والوقوع في أعراض المسلمين والمسلمات، فإنه من الموبقات المُهْلِكَة.

ومن ذلك: أن يقول المسلم في أخيه المسلم ما ليس فيه, فإن ذلك من أكبر أسباب سَخَطِ الله, وكثير من المسلمين اليوم يتساهلون في رَميِ التُّهَم وتَشْوِيه السُّمْعَة جزافا بدون بَيِّنَة, وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله رَدْغَةَ الخَبَال حتى يخرج مما قال".

ثم اعلم -أيها المسلم- أنك قد تتسرع وتطلق كلمة فتندم عليها عُمُرَك, وتتمنى أنك سَكَتَّ ولم تقلها, فإن العبد يملك نفسه ما دام صامتا, فإذا تكلم فلا بد أن يراقب لسانه, فيجعله كمن يمشي حافيا على أرض ذات شوك, لا يخطو إلا بحذر.

ومن الأقوال المحرمة: الغيبة, والكذب, وشهادة الزور, والسب والشتم واللعن, والغناء.

وغير ذلك مما حَرَّمَ الله.

واعلم -أيها المسلم-: أن العبد لا يَسْهُلُ عليه حِفْظُ لِسانِه عن الحرام, إلا إذا أشغله بقراءة القرآن, والذكر والإستغفار, والكلام الطيب الذي يُحِبُّه الله، ويأمُرُ به.

وذكر بعض أهل العلم: أن المراد بالفم أو بما بين اللَّحْيَيْن, أعمُّ من ذلك, فيدخل فيه أيضاً ما يصل إلى الجوف من الحرام, كأكل الربا، والرشوة، والمخدرات، وشرب الخمور، والدخان.

وأما حفظ الفرج: فإنه من صفات ورثة الفردوس المذكورين في سورة -المؤمنون- والمراد بذلك: حفظُهُ عن الزنا واللواط، والإستمتاع المحرم.

ولِخُطُورَتِه وَعِظَمِ شَرِّه, سَدَّ الشارع الحكيمُ جميع الأبواب والسُّبُلِ المُفْضِيَةِ إليه.

حيث أَمَرَ بغض البصر, وأمَرَ من استطاع الباءة من الشباب بالزواج.

وأمر النساء بالحجاب والقرار في البيوت, وعدم الخضوع بالقول, وعدم الخلوة مع الأجنبي, وعدم دخول غير المحارم على النساء, وعدم سفر المرأة بدون مَحْرَم.

وأمر بجلد الزاني البكر مائة جلدة.

وأمر برجم المُحصَنِ بالحجارة حتى الموت.

كُلُّ ذلك حِماية لِلفُروجِ والأعراضِ والأنساب, وتطهيراً للقلوب والمجتمع من هذا الجُرْمِ الكبير.

باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم، وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُون، وَأسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشكرُ لَهُ عَلى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ، وسلمَ تسليماً كثيراً.

أَمّا بَعدُ:

عباد الله: ومن الزواجر عن الزنا, ما ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- من عقوبة الزناة, ففي الصحيحين عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في خَبَرِ الرؤيا الطويل: "فانطلقنا فأتينا على مثل التنور, أعلاه ضيق، وأسفله واسع, فيه لغط وأصوات, قال: فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة، فإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك ضَوْضَوا -أي صاحوا من شدة الحر- فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الزناة والزواني".

فاتقوا الله -أيها المسلمون- واعلموا أن الجنة حُفَّت بالمكارِه, والنارَ حُفَّت بالشهوات، وجاهدوا أنفسكم في ذات الله.

اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنّا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام قاعدين، واحفظنا بالإسلام راقدين، ولا تُشمت بنا أعداء ولا حاسدين، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، واحمِ حوزةَ الدين، وانصر عبادك المؤمنين في كل مكان.

اللهم عليك بالكفرة والملحدين الذين يصدون عن دينك ويقاتلون عبادك المؤمنين.

اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم زلزلِ الأرض من تحت أقدامهم، اللهم سلط عليهم مَنْ يسومهم سُوء العذاب يا قوي يا متين، اللهم ألّف بين قلوب المؤمنين، وأصلح ذات بينهم، واهدهم سبل السلام، ونجهم من الظلمات إلى النور، وانصرهم على عدوك وعدوهم، يا قوي يا عزيز.

اللهم اجمع كلمة المسلمين على كتابِك وسنةِ نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، واجعلهم يداً واحدةً على من سواهم، ولا تجعل لأعدائهم منةً عليهم، يا ذا الجلال والإكرام يا قوي يا عزيز.

اللهم أعذهم من شر الفتنة والاختلاف، واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين.

اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المؤمنين.

اللهم ارفع البلاء عن إخواننا في سوريّا، اللهم ارفع البلاء عنهم، اللهم ارفع البلاء عنهم، اللهم ارفع الظلم والطغيان عنهم، اللهم اكشف كربتهم، اللهم اجعلهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلاء عافية.

اللهم اكسهم وأطعمهم، اللهم ارحم موتاهم، واشف مرضاهم، وفك أسراهم وردهم إلى وطنهم رداً جميلاً يا أرحم الراحمين.

اللهم احفظ لبلادنا دينها وعقيدتها وأمنها وعزتها وسيادتها واستقرارها، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم احفظها ممن يكيد لها.

اللهم وفق حكامنا وأعوانهم لما فيه صلاح أمر الإسلام والمسلمين، وبصّرهم بأعدائهم يا حي يا قيوم.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوةً وبلاغاً إلى حين.

اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً، هنيئاً مريئاً، سحاً غدقاً، نافعاً غير ضار، عاجلاً غير آجل.

اللهم اسق بلادك وعبادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحيي بلدك الميت.

اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.

اللهم أنزل علينا من السماء ماء مباركاً تُغيث به البلاد والعباد، وتعُمَّ به الحاضر والباد.

اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك، اللهم إنا نستغفرك، ونتوب إليك من جميع ذنوبنا.

اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.

اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد.