البحث

عبارات مقترحة:

الحافظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...

القابض

كلمة (القابض) في اللغة اسم فاعل من القَبْض، وهو أخذ الشيء، وهو ضد...

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

من أسماء الله الحسنى: القريب

العربية

المؤلف محمد بن سليمان المهوس
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التوحيد

اقتباس

اعْلَمُوا أَنَّ لِلإِيمَانِ بِأَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى -وَالَّتِي مِنْهَا اسْمُ الْقَرِيِبِ- ثَمَرَاتٍ مَنْ أَهَمِّهَا: تَعْظِيمُ الْمَوْلَى -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَاسْتِشْعَارُ قُرْبِ اللهِ مِنَ الْعَبْدِ لِيَزْدَادَ تَعْظِيمُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ، وَإِكْبَارُهُ لَهُ فِي قَلْبِهِ، وَالتَّقَرُّبُ لَهُ بِكُلِّ أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ لِيَحْصُلَ عَلَى مَحَبَّةِ مَوْلاَهُ وَقُرْبِهِ مِنْهُ. والأَمْنُ وَالثِّقَةُ بِقُرْبِ اللهِ؛ فَلاَ يُوجَدُ مَلاَذٌ أَمِينٌ، وَلاَ حِصْنٌ حَصِينٌ مَكِينٌ إِلاَّ بِاللهِ -تَعَالَى-؛ فَالأَمْنُ وَالسَّكِينَةُ وَالْعَافِيَةُ وَالثَّبَاتُ لاَ تَحْصُلُ إِلاَّ...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران : 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70–71].

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيِثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: صَحَابَةُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْضَلُ الْخَلْقِ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ، وَأَحْرَصُ النَّاسِ عَلَى الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ؛ فَهُمْ دَائِمًا سَبَّاقُون إِلَى أَفْضَلِ الأَعْمَالِ وَأَكْمَلِهَا وَأَجَلِّهَا وَأَزْكَاهَا؛ فَبَعْدَ أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ بِالنَّصْرِ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ؛ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ، وَرَجَعُوا عَائِدِينَ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالْجَهْرِ بِالتَّكْبِيرِ فَرَحًا وَابْتِهَاجًا بِهَذَا النَّصْرِ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهُمْ: "أَيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا علَى أَنْفُسِكُمْ؛ إنَّكُمْ ليسَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، إنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا، وَهوَ مَعَكُمْ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)، فَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ارْبَعُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ؛ أَيِ: ارْفُقُوا بِأَنْفُسِكُمْ "إِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا" يَعْنِي: مَنْ تَدْعُونَهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، يَسْمَعُ سِرَّكُمْ وَنَجْوَاكُمْ، وَلاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ قَوْلِكُمْ، فَهُوَ الْقَرِيبُ مِنْكُمْ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ)[هود: 61]، وَقَالَ تَعَالَى: (قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ)[سبأ: 50]، وَقَالَ تَعَالَى: (فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ)[هود: 61]، فَمِنْ أَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى: الْقَرِيبُ، وَالَّذِي قُرْبُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى نَوْعَيْنِ: قُرْبٌ عَامٌّ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ؛ بِعِلْمِهِ وَمُرَاقَبَتِهِ وَمُشَاهَدَتِهِ وَإِحَاطَتِهِ، قَالَ تَعَالَى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)[ق: 16]، وَقَالَ تَعَالَى: (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لاَ تُبْصِرُونَ)[الواقعة: 85].

وَقُرْبٌ خَاصٌّ لِكُلِّ مَنْ أَخْلَصَ الْعِبَادَةَ لَهُ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ)[العلق: 19]، وَكَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ؛ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ(رَوَاهُ مُسْلِم)، وَعَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ، قَالَ: "إِذَا تَقَرَّبَ العَبْدُ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِذَا أَتَانِي مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عَظِيمِ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ بِالْخَيْرِ إِلَى عِبَادِهِ أَجْوَدُ؛ فَهُوَ أَسْرَعُ إِلَيْهِمْ بِالْخَيْرِ وَالْكَرَمِ وَالْجُودِ مِنْهُمْ فِي أَعْمَالِهِمْ وَمُسَارَعَتِهِمْ إِلَى الْخَيْرِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَكَيْفِيَّةُ قُرْبِ اللهِ -تَعَالَى- لاَ نَعْلَمُهَا وَلاَ نَسْأَلُ عَنْهَا، وَنُثْبِتُهَا كَمَا جَاءَتْ للهِ -تَعَالَى-، وَأَنَّ قُرْبَهُ قُرْبٌ يَلِيقُ بعَظِيِم ِجَلاَلِهِ وَسُلْطَانِهِ، لاَ يُشَابِهُ فِيهَا خَلْقَهُ، فَلَيْسَ تَقَرُّبُهُ إِلَى عَبْدِهِ مِثْلَ تَقَرُّبِ الْعَبْدِ إِلَى غَيْرِهِ، وَلَيْسَ مَشْيُهُ كَمَشْيِهِمْ، وَلاَ هَرْوَلَتُهُ كَهَرْوَلَتِهِمْ؛ (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)[الشورى: 11].

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِلْعَمَلِ بِالطَّاعَاتِ، وَالْبُعْدِ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ، يَا سَمِيعُ يَا قَرِيبُ يَا مُجِيبَ الدَّعَوَاتِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقْوَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ لِلإِيمَانِ بِأَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى -وَالَّتِي مِنْهَا اسْمُ الْقَرِيِبِ- ثَمَرَاتٍ مَنْ أَهَمِّهَا: تَعْظِيمُ الْمَوْلَى -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَاسْتِشْعَارُ قُرْبِ اللهِ -تَعَالَى- مِنَ الْعَبْدِ لِيَزْدَادَ تَعْظِيمُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ، وَإِكْبَارُهُ لَهُ فِي قَلْبِهِ، وَالتَّقَرُّبُ لَهُ بِكُلِّ أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ لِيَحْصُلَ عَلَى مَحَبَّةِ مَوْلاَهُ وَقُرْبِهِ مِنْهُ.

وَمِنْ ثَمَرَاتِ الإِيمَانِ بِاسْمِ اللهِ الْقَرِيبِ: الأَمْنُ وَالثِّقَةُ بِقُرْبِ اللهِ؛ فَلاَ يُوجَدُ مَلاَذٌ أَمِينٌ، وَلاَ حِصْنٌ حَصِينٌ مَكِينٌ إِلاَّ بِاللهِ -تَعَالَى-؛ فَالأَمْنُ وَالسَّكِينَةُ وَالْعَافِيَةُ وَالثَّبَاتُ لاَ تَحْصُلُ إِلاَّ مِنَ السَّمِيعِ الْقَرِيبِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا)[التوبة: 40].

فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ، وَأَخْلِصُوا بِالْعِبَادَةِ لِخَالِقِكُمْ، وَالْجَأُوا لَهُ، وَتَضَرَّعُوا لِلسَّمِيعِ الْقَرِيبِ الَّذِي يُجِيبُ الدُّعَاءَ، وَيُكْرِمُ فِي الْعَطَاءِ أَنْ يَحْفَظَ لَكُمْ دِينَكُمْ، وَبِلاَدَكُمْ، وَذُرِّيَّاتِكُمْ مِنَ الْفِتَنِ وَالأَعْدَاءِ وَالأَسْقَامِ.

هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]، وَقَالَ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا(رَوَاهُ مُسْلِم).