البحث

عبارات مقترحة:

الواسع

كلمة (الواسع) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَسِعَ يَسَع) والمصدر...

العظيم

كلمة (عظيم) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وتعني اتصاف الشيء...

الحمد لله حمدًا كثيرًا

العربية

المؤلف أحمد طالب بن حميد
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات
عناصر الخطبة
  1. صور من نعم الله وفضله تستحق الشكر والحمد .
  2. دواء الفقر والضَّعْف .
  3. أصناف الناس عند وقوع البلاء .

اقتباس

الحمد لله الذي أشهَدَنا رفقَ الراعي، ونصحَ الوزيرِ، وهدايةَ العالِم، وأَسَى الطبيبِ ورعايةَ الخفيرِ، وشفقةَ الناصحِ، ورفعةَ الأذانِ، وهوانَ الفجورِ والفسوقِ والعصيانِ، والحمد لله الذي مسَّنا بقهره تأديبًا، وأنفَذ فينا لطيفَ قَدَرِهِ تأنيبًا، ولو شاء لَأَخَذَنَا بغضبِه وعذَّبَنا تعذيبًا...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، مَنْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه -صلى الله عليه وآله وسلَّم-، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النِّسَاءِ: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 70-71].

أما بعدُ: فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدَثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النار، وإني أحمد إليكم الله ربَّ العالمين، الرحمنَ الرحيمَ، مالكَ يومِ الدينِ، (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)[الْأَنْعَامِ: 1]، (الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا)[الْكَهْفِ: 1-3]، (الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ)[الْإِسْرَاءِ: 111]، واللهُ أكبرُ كبيرًا، (الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ * يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ)[سَبَأٍ: 1-2]، (فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[فَاطِرٍ: 1]، (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[غَافِرٍ: 64-65].

فالحمدُ لله الذي يُطعِم ولا يُطعَم، مَنَّ علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا، وكل بلاء حَسَن أبلانا، والحمد لله، غير مودَّع ولا مُكافَأٍ، ولا مكفور ولا مستغَنًى عنه ربنا، فله الحمد بما خلَقَنا ورزَقَنا وهدانا، وله الحمد بما علَّمَنا وأنقَذَنا، وفرَّج عنا وآوانا، له الحمد بالإيمان، وله الحمد بالإسلام، وله الحمد بالقرآن، وله الحمد بالأهل والمال والمعافاة، كَبَتَ عَدُوَّنا، وبسَط رزقَنا، وأظهَر أمنَنا، وجمَع شملَنا، وأحسَن معافاتَنا، ومن كلِّ ما سألناه أعطانا، فلَه الحمدُ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، كما يحب ويرضى، (فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[الْجَاثِيَةِ: 36-37].

له الحمد كما نقول، وله الحمد فوق ما نقول، وله الحمد حتى يرضى، وله الحمد بعد الرضا، له الحمد أولًا، وله الحمد آخِرًا، وله الحمد ظاهرًا، وله الحمد باطنًا، وله الحمد على كل حال، وهو الكبير المتعال، أوجَدَنا وأعدَّنا وأمدَّنا فله الحمد، ووفَّقَنا وفهَّمَنا وألهَمَنا فله الحمد، وأشهَدَنا وأرشَدَنا وأسعَدَنا فله الحمدُ، أقام فينا شاهِدَ رحمتِه، فعافَى صحيحَنا، وشفى سقيمَنا، واصطفى لجواره مَنْ بلَغ الأجلَ منَّا، وعصَم القلوبَ من الفزع والجزع والهلع، وتابَع علينا واسِعَ فضلِه، فلم يعاملنا بعدله، وبلَّغَنا شهرَ رمضان، وأسمَعَنا فيه القرآنَ، من وادي البيت المحرَّم، وروضة الجوار المعظَّم، وأقام فيهما مَنْ شاء من عباده مقامَ الصالحينَ، صيامًا وقيامًا، وتلاوةً وذِكرًا، وتدبُّرًا وتفكُّرًا وتذكُّرًا وشُكرًا، ثبَت تخصيصهم، فعسى يمكن تخليصُهم، وكثَّر اللهُ لنا فيه الجُمُعاتِ، وتابَع لنا فيه الخيراتِ، وأفاض علينا فيه من بركات السماء، ثم أتمَّ اللهُ لنا فيه النعمةَ، بكمال عدة أيامه ولياليه، وشهود تكبير ربنا وإعظامه ليلة يوم الجوائز وصبيحته، والإعانة على فطرته وطُعْمته فله الحمد، والحمد لله الذي أرى المسلمينَ من أنفسهم خيرًا كثيرًا، فكم من ختمات في البيوت تُلِيَتْ، وكم من ركعات في الحجرات صُلِّيَتْ، وكم من كُتُبِ علمٍ نافعٍ بين أهل الدار قُرِئَتْ، وكم من دروس شاعَت فنَفَعَتْ، ومواعظ ذاعَت فذَكَّرَتْ، والحمد لله الذي أظهَر مكنونَ الإيمان من مكامن النسيان، فكم من مصاحفَ كانت قد هُجِرَتْ فَنُشِرَتْ، وكم من قلوب كانت قد قسَت فلانَت، وكم من مآقٍ كانت قد تحجَّرت فَجَرَتْ، وكم من أرواح كانت قد تخالَفَتْ فتآلَفَتْ، وشخوص كانت قد تدابَرت فتقابَلَت، وأرحام كانت قد تقاطَعَت فتواصَلَت.

والحمد لله الذي أقام أهلَ الإسلام في المساكين، مقامَ الأنصار في المهاجرين، فآوَوْا ونصَرُوا، وواسَوْا وعَذَرُوا، وشَفَعُوا وشَفَّعُوا، وجمَعُوا وفرَّقُوا، وآثَرُوا وأنفَقُوا، فكم من أرزاق قُسِمَتْ، وديون قُضِيَتْ، وأرامل سُتِرَتْ، وأيتام كُفِلَتْ، وحاجات سُدَّتْ، وموائد مُدَّتْ، وأكُفٍّ عن السؤال كُفِيَتْ، وبيوت بالخيرات مُلِئَتْ، فما كان لهم أن يتخلَّفوا عن سنن رسول الله، ولا يرغبوا بأنفسهم عن هَدْيِهِ، (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ)[الْأَعْرَافِ: 58].

والحمد لله الذي أشهَدَنا رفقَ الراعي، ونصحَ الوزيرِ، وهدايةَ العالِم، وأَسَى الطبيبِ ورعايةَ الخفيرِ، وشفقةَ الناصحِ، ورفعةَ الأذانِ، وهوانَ الفجورِ والفسوقِ والعصيانِ، والحمد لله الذي مسَّنا بقهره تأديبًا، وأنفَذ فينا لطيفَ قَدَرِهِ تأنيبًا، ولو شاء لَأَخَذَنَا بغضبِه وعذَّبَنا تعذيبًا، (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا)[فَاطِرٍ: 45]، (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ)[مُحَمَّدٍ: 22]، وهل عسيتُم إن تمكنتُم أن تفسدوا في الأرض وتنبذوا كتابَ ربكم وراء ظهوركم؟ وهل عسيتُم إن أَمِنْتُم أن تُفسِدوا في الأرض وتأمَنُوا مكرَ ربكم؟ وهل عسيتُم إن ظهرتُم أن تُفسِدوا في الأرض وتتَّبِعوا أهواءكم؟ وهل عسيتُم إن نزلتُم أسواقَكم ومَرابِعَكم أن تُفسِدوا في الأرض وتُظهِروا المنكرَ وتتَّبِعوا شهواتِكم؟ وهل عسيتُم إن نادى بالصلاة مناديكم أن تُفسِدوا في الأرض ولا تَستجيبوا لِمَا يُحيِيكم؟

عبادَ اللهِ: إن خفتُم عليةً فابتغوا الغنى في فقرائكم، وإن خفتُم غلبةً فابتغوا النصرَ في ضعفائكم، فبهم تُرزَقون وبهم تُنصَرون، وبظلمهم وقهرهم تكون الدائرةُ عليكم، ثم تُغلَبون وتُدحَرون، أفتتسلَّلُون من شرع الله لِوَاذًا؟ فإذا نزلت المصيبةُ قلتُم: أنَّى هذا؟ (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[آلِ عِمْرَانَ: 165].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذِّكْر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفِر اللهَ العظيمَ لي ولكم، فاستغفِروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وله الشكر كما ينبغي لجزيل عفوه وجميل إحسانه، وله الثناء الحَسَن كما ينبغي لعظيم رحمتِه وسعةِ غفرانِه، له الحمدُ الصرمدُ حمدًا لا يحصيه العددُ، ولا يقطعه الأبدُ، كما ينبغي أن يُحمَد، له الحمدُ على نِعَم لا تُعَدّ، وفضل لا يُحَدّ، وقضاء لا يُرَدّ، وله الحمدُ على رحمته التي وَسِعَتْ كلَّ شيء، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وليُّ الصالحينَ، وأشهد أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه إمامُ المتقينَ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)[التَّوْبَةِ: 119]، واعلموا أن العزة في طاعة الله، وأن الذِّلَّةَ في معصية الله، (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ)[فَاطِرٍ: 10]، (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ)[الْمُنَافِقُونَ: 8].

ولابد أن يقوم شاهدُ الخلق على كلمة الصدق في أهل الشقاق والنفاق، فيقولوا من جنس قول أوليائهم من الكفار والمشركين: (قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ)[الْأَعْرَافِ: 95]، حتى ترضى أنفسُهم الشقيةُ عن أفعالهم الرَّدِيَّة، ويَلحق بهم أقوامٌ نعوذ بالله من حالهم، عاهَدُوا الله في الضراء، فإذا كَشَفَ عنهم العذابَ أخلَفُوا، (فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ * أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)[التَّوْبَةِ: 77-78]، (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ)[فَاطِرٍ: 8]، (وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)[النَّحْلِ: 127-128]، وأما أهل الإيمان فـ: (صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)[الْأَحْزَابِ: 23]، (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[التَّوْبَةِ: 102]، يقولون: (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23]، يقولون: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 147]، ويقولون: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)[الْبَقَرَةِ: 286]، ويقولون: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)[آلِ عِمْرَانَ: 8]، (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)[هُودٍ: 24]، (الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[النَّحْلِ: 75].

وبعدُ عبادَ اللهِ: فاذكروا آلاءَ اللهِ، وذكِّروا بأيام الله، وارعوا النعمَ بطاعة الله، واستزِيدوا منها بشكر الله، واعرفوا العظةَ في أقدار الله، وفيما أُرِيتُم من آيات الله، والله -تبارك وتعالى- يقول: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ * وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ * وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)[النَّمْلِ: 89-93].

هذا وصلُّوا وسلِّموا -عبادَ اللهِ- على خير خلقِ اللهِ، محمد بن عبد الله، فقد أمرَكُم اللهُ بالصلاة والسلام عليه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، فاللهم صلِّ وسلِّم وزِدْ وبارِكْ على عبدِكَ ورسولِكَ سيدِنا محمد، كما صليتَ على آل إبراهيم، وبارِكْ على محمد وأزواجه وذريته، كما باركتَ على آل إبراهيم، إنكَ حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، وعن سائر الصحابة والتابعينَ، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوِكَ وكرمِكَ وجودِكَ يا أرحمَ الراحمينَ.

اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأذِلَّ الشركَ والمشركينَ، ودمِّر أعداءك أعداءَ الدِّين، واجعل هذا البلدَ آمِنًا مطمئِنًّا سخاءً رخاءً، وسائرَ بلاد المسلمين، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمتَنا وولاةَ أمورنا، واجعل ولايةَ المسلمين فيمن خافَكَ واتَّقاكَ واتَّبَعَ رضاكَ يا ربَّ العالمينَ، اللهم وفِّق إمامَنا ووليَّ أمرنا لهداكَ، واجعل عمَلَه في رضاكَ، وارزُقْه البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ، التي تدُلُّه على الخيرِ وتُعِينُه عليه، اللهم ووليَّ عهدِه وإخوانَه وأعوانَهم على الخير يا رب العالمين.

اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبِّت أقدامَنا وانصرنا على القوم الكافرين، اللهم ارفع عنَّا الوبا، والغلا، والربا، والزنا، والزلازل، والمحن، وسوء الفتن، ما ظهَر منها وما بطَن، عن بلدنا هذا خاصةً، وعن سائر بلاد المسلمينَ، اللهم إنَّا نعوذ بكَ من تحوُّل عافيتِكَ، وفُجاءَةِ نقمتِكَ، وجميع سخطِكَ يا أرحمَ الراحمينَ، اللهم اغفِرْ لنا ذنوبَنا، علانيتَها وسِرَّهَا، اللهم أَحْسِنْ عاقبتَنا في الأمور كلها، وأَجِرْنَا من عذابِ الآخرةِ، اللهم (لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)[آلِ عِمْرَانَ: 8]، (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)[الْبَقَرَةِ: 286]، (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)[آلِ عِمْرَانَ: 8]، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]، ربنا إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنا، واغفر لنا وارحمنا، وتُبْ عينا إنكَ أنتَ التوابُ الرحيمُ.

عبادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90]، فاذكُروا اللهَ العظيمَ يذكركم، واشكُروه على نِعَمِه يَزِدْكُمْ، (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 45].