البحث

عبارات مقترحة:

الودود

كلمة (الودود) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) من الودّ وهو...

المؤخر

كلمة (المؤخِّر) في اللغة اسم فاعل من التأخير، وهو نقيض التقديم،...

الباسط

كلمة (الباسط) في اللغة اسم فاعل من البسط، وهو النشر والمدّ، وهو...

التهاون في صلاة الجماعة بسبب الجائحة

العربية

المؤلف خالد بن عبدالله الشايع
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصلاة
عناصر الخطبة
  1. خطورة إضاعة صلاة الجماعة .
  2. مساوئ هجر القرآن .
  3. وجوب حثّ الأهل والأبناء على إقامة الصلاة .
  4. أهمية صلاة الجماعة في المسجد. .

اقتباس

الصلاة صلةٌ بين العبد وربه، يناجي فيه العبد ربه بما شاء، يسأله فيعطيه، يستغفره فيغفر له، يستنصره فينصره، لا يوجد حُرّاس ولا بوّابون، مجرد ما تكبّر ترفع كل الحُجُب، وتكون بين يدي ربك، إنها الصلاة عمود الدين، الركن الثاني من أركان الدين، من تركها كفَر، فلا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة...

الخطبة الأولى:

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أما بعد فيا أيها الناس: إنَّ من نعم الله على المسلمين، أن وهبهم وقتًا يخلون فيه به -سبحانه وتعالى-، إنها الصلاة، صلة بين العبد وربه، يناجي فيه العبد ربه بما شاء، يسأله فيعطيه، يستغفره فيغفر له، يستنصره فينصره، لا يوجد حُرّاس ولا بوّابون، مجرد ما تكبّر ترفع كل الحُجُب، وتكون بين يدي ربك، إنها الصلاة عمود الدين، الركن الثاني من أركان الدين، من تركها كفَر، فلا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، كان الصحابة لا يرون شيئًا من الدين تركه كفرٌ إلا الصلاة.

عباد الله: ومع هذه الجائحة التي كان من الأولى أن يعود الناس لربهم، إلا أننا نرى البعض ازداد بُعدًا -والعياذ بالله-، وازداد تساهلاً في أمور الدين بحُجة الجائحة، ومن الملاحَظ على البعض، تساهلهم في صلاة الجماعة في المسجد، فيحتجون بالجائحة فلا يُصلّون مع المسلمين جماعة، خوفًا من المرض، مع أنهم ليسوا من المعذورين شرعًا، بكبر سنّ أو مرض مزمن، وتجدهم يجوبون الشوارع والأسواق، وما ذاك إلا لقلة الدين، وعدم تعظيم قدر الصلاة في النفوس.

ومن ترك الصلاة جماعة في المسجد، فاته شيء كثير من الخير، فتجده يتكاسل عن السنة الراتبة، وصلاته سريعة وربما نقر كالغراب، ولربما صلاها لوحده غالبًا، ومثل هذه الصلاة بهذه السرعة لا تزيد الإيمان، ولا تقرّب العبد من ربه، فالمساجد بيوت الله، بُنيت لأمر عظيم وحِكَم بالغة، فلا يجوز للمسلم أن يتخلّف عن الصلاة جماعة في المسجد إلا لعذرٍ شرعيّ يبيح له ذلك، لا لمجرد الأوهام والوساوس.

فاتقوا الله عباد الله، فلقد حدثني الكثير أن مساجدهم خلت إلا قليلاً مع هذه الجائحة، وهذه الجائحة تحتاج إلى تحرّز طبيّ، وشرعيّ، فما نزل بلاء إلا بذنب ولا رُفِعَ إلا بتوبة، مع التحرُّز وفعل الأسباب، نحتاج إلى تضرع لله، وتوبة وإنابة، حتى يرفع البلاء عنا (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[الأنعام:43].

معاشر المؤمنين: ومن العبادات التي هجرها الناس مع هذه الجائحة: قراءة القرآن، فلقد قلِّص الوقت بين الأذان والإقامة، فالمبادر للمسجد يدرك تحية المسجد، ثم تقام الصلاة، فكثير من الناس لا يجد وقتًا لتلاوة القرآن، خصوصًا مع المنع من استخدام المصاحف الموجودة في المساجد، ومتى أعرض المسلم عن تلاوة كتاب ربه، فإنه يقسو قلبه، ويقل ذِكْره لربه، بل وتُنْزع البركة من وقته وحياته كلها، فينبغي لكلّ مسلم أن يجعل له وردًا من القرآن يقرؤوه كل يوم سواء من الجوال، أو من المصحف الذي يحضره معه.

أيها المؤمنون: وفي ظل هذه الجائحة، تخلف أبناؤنا الذين هم دون سن الخامسة عشر، وهم معذورون؛ لأن أهل الاختصاص أمروا بذلك، ولكن نلحظ أن البعض أهمل أولاده، فتجدهم لا يصلون في الوقت، ولربما تركوها بالكلية، ولا تقل إنهم صغار، ودون سنّ التكليف، فأمر الصلاة يختلف عن غيره، فلا بد من الصلاة قبل البلوغ، أخرج أحمد في مسنده وأبو داود في سننه من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر".

فالواجب على الوليّ أن يلاحظ أولاده في كل شيء، ومن أهمها الصلاة، فهو مسؤول عنهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[التحريم:6].

وقد مدح الله نبيه إسماعيل بقوله: (وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا)[مريم:55]؛ فعلى الآباء والأمهات أن يبيّنوا لأولادهم أن الصلاة من أعظم الحقوق الواجبة على العبد، وأنه لا يعد مسلمًا إلا بإقامتها، فلا حظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، ولربما يتعب وليّ الأمر، أو ييأس من بعض أولاده، فنقول لا تعجز ولا تيأس، كما قال -تعالى- (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا)[طه:132]، قال ابن القيم ما ملخصه: "الاصطبار افتعال من الصبر، وهو مُشعر بزيادة المعنى على الصبر، وكأنه صار سجية ومَلَكة، وهو أبلغ من الصبر وأقوى" اهـ.

اللهم أعنا على إقامة الصلاة على الوجه الذي يرضيك عنا يا رب العالمين، أقول قولي هذا..

الخطبة الثانية:

أما بعد فيا أيها الناس: الصلاة، كانت من آخر وصايا النبي -صلى الله عليه وسلم- للأمة، فقد كان يردد وهو في سكرات الموت: "الصلاةَ الصلاة وما ملكت أيمانكم"؛ يعني أوصيكم بالصلاة.

ومن أهمية الصلاة في المسجد، أن جُعِلَت علامة فارقة بين المؤمنين والمنافقين، فلا يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق.

ومن تأمل حال المتخلّف عن الصلاة جماعة، يجد فيه كل بلاء، فلا يتورع عن معصية، ولا تنفع فيه موعظة، وذلك لبعده عن الله.

ومن عظيم شأن الصلاة جماعة في المسجد أنها جعلت من المثبّتات على الدين؛ فمن حافظ عليها مات على الإسلام، كما أخرج مسلم في صحيحه من قول ابن مسعود: "من أحبّ أن يلقى الله غدًا مسلمًا؛ فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن"؛ يعني في المساجد.

ولم يكن يتخلف عنها جماعة إلا المعذور المقهور، وإلا فقد كان المريض يهادى بين الرجلين، يعني يحمل للمسجد، فقد كان شأن الصلاة في قلوبهم عظيمًا.

معاشر المسلمين: عظِّموا ما عظَّم الله، فإن ذلك من تقوى القلوب، ومما عظَّم الله: الصلاة جماعة في المسجد، وعظِّموا ذلك في قلوب أولادكم، اغرسوا ذلك غرسًا في قلوبهم حتى يكبر معهم، ويغرسوه في قلوب أولادهم.

اللهم اجعلنا مقيمي الصلاة ومن ذرياتنا، اللهم وفِّقنا لفعل الخيرات …