البحث

عبارات مقترحة:

اللطيف

كلمة (اللطيف) في اللغة صفة مشبهة مشتقة من اللُّطف، وهو الرفق،...

البصير

(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...

الحيي

كلمة (الحيي ّ) في اللغة صفة على وزن (فعيل) وهو من الاستحياء الذي...

عن اليهود

العربية

المؤلف أحمد بن عبد العزيز الشاوي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. من صفات اليهود في القرآن .
  2. شدة عداوة اليهود للمؤمنين .
  3. الحث على غرس حقائق القرآن في النفوس .
  4. قواعد التعامل مع غير المسلمين. .

اقتباس

من أبرز المعالم التي جاءت في القرآن عن اليهود عداوتهم للإنسانية عامة وللمؤمنين خاصة, (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)[المائدة: 82], وعداوة اليهود هذه مبكرة تشهد بخستها القرون الغابرة, وتؤكدها القرون اللاحقة، ويستمر العداء ويؤكد الخلف ما بدأه السلف, فليست عداوتهم تاريخاً مضى وانتهى...

الخطبة الأولى:

الحمد لله ولي المؤمنين، وناصر المستضعفين، وقاهر الجبابرة والمستكبرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب العالمين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين, صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: فاتقوا الله -أيها المسلمون- حق التقوى, واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.

وأمام حقائق القرآن وسنن الله في العالمين, وأمام تنزيل من حكيم حميد, تسقط كل الشعارات, وتتهاوى كل المؤتمرات, وتنهار كل قرارات البشر ونظرياتهم, ويبقى القول الأعلى والأجل هو قول من -عز وجل-؛ (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا)[النساء: 87], (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا)[النساء: 122], لا شيء يعلو على صوت الحق الذي جلاه ربنا في كتابه, ونطقت به الأحداث والمواقف على مر الأزمان والعصور؛ لتبقى حقيقة القرآن معلنة للناس كل الناس: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)[المائدة: 82].

إن ما يحدث في فلسطين من قتل للأبرياء, وتهديم للمساجد, وانتهاك للمقدسات, وإذلال للمسلمين, إن ما يحدث ليجلي هذه الحقيقة الربانية وحقائق القرآن التي تعلن: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)[البقرة: 120], (وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ)[آل عمران: 118].

إنهم اليهود قوم غضب الله عليهم ولعنهم, وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت، إنهم اليهود الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق, ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، إنهم اليهود أخذة الربا، وأكلة أموال الناس بالباطل.

إنهم اليهود الناقضون للعهود, المخلفون للوعود، المحرفون الكلم عن مواضعه، إنهم اليهود السماعون للكذب, الأكالون للسحت, الملعونون على ألسنة أنبياء الله ورسله، يريدون في الأرض علواً وفساداً، ويوغلون فيها عتواً واستكباراً.

إنهم اليهود المستهزئون بالله، المحاربون لرسل الله, إنهم اليهود الذين وصفوا الغني -جل جلاله- بقولهم: (إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ)[آل عمران: 181], ووصفوا أكرم الأكرمين فقالوا: (يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ)[المائدة: 64].

إنهم اليهود الذين يسعون في الأرض فساداً، ولهم مع دين الإسلام ونبيه مواقف مخزية لا تنسى؛ أوليسوا هم الذين دسوا السم للنبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم-؟, وهم الذين تحالفوا مع المشركين يوم الخندق, وهم الذين أرادوا إلقاء حجر على النبي -صلى الله عليه وسلم-, وهم الذين سحروا النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم-.

إنهم اليهود حملة راية العري والتفسخ منذ قام أحدهم برفع ثوب المرأة المسلمة حتى بدت سوأتها, إنها طبائع الملعونين من أسلافهم؛ قسوة في القلوب, وشره في النفوس، وأكل سحت, وفساد معتقد، وبغي في الأرض, وتطاول على الخلق ورب الخلق.

إن من أبرز المعالم التي جاءت في القرآن عن اليهود عداوتهم للإنسانية عامة وللمؤمنين خاصة, (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)[المائدة: 82], وعداوة اليهود هذه مبكرة تشهد بخستها القرون الغابرة, وتؤكدها القرون اللاحقة، ويستمر العداء ويؤكد الخلف ما بدأه السلف, فليست عداوتهم تاريخاً مضى وانتهى, إنما هي عقيدة يلقنها الآباء للأبناء.

أولم يقل أحد زعمائهم: "أنتم -أيها الإسرائيليون- يجب أن لا تشعروا بالشفقة حتى تقضوا على عدوكم، ولا عطف ولا رثاء حتى تنتهوا من إبادة ما يسمى بالحضارة الإسلامية التي سنبني على أنقاضها حضارتنا", ويقول أحدهم: "إن إسرائيل الكبرى من البحر إلى النهر هي عقيدتي وحلمي شخصياً، وبدون هذا الكيان لن تكتمل الهجرة ولا الصعود إلى أرض الميعاد, ولن يتحقق أمن الإسرائيليين ولا سلامتهم".

لقد أكدت الأحداث وأثبتت الوقائع أنهم لا ينصاعون لمساومات, ولا يصدقون في محادثات، الخيانة خلقهم, والكذب مطيتهم, والدسائس مسلكهم, (الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ)[الأنفال: 56], إنهم اليهود.

فسلوا رحاب القدس تتلو من مجازرهم سنين

صبرا وشاتيلا وفي ياسين قد حصدوا المئين

حقداً وجاسوا في الديار مخربين

وشردوا الآلاف قسراً لاجئين

كم من عجوز عاجز لم يرحموه

كم من رضيع يتّموه إن لم يكونوا مزقوه

كم من صغير من بقايا حقدهم قد عوقوه

كم مسجد قد هدموه, ومصحف قد حرقوه

سفكوا الدماء ومثلوا بالأبرياء

وأتوا وفي أيديهم تلك الدماء

كي يغصب الجزار بعد الذبح ساحات الفداء

فإلى الإله المشتكى، إنا إليه لراجعون.

هؤلاء هم اليهود أعداء للحق وأهله, وللهدى وحملته, في كل أجيالهم وفي كل أزمانهم مع أصدقائهم ومع أعدائهم؛ لأن جبلتهم عدوة للحق في ذاته, قاسية قلوبهم، غليظة أكبادهم لا يحنون رؤوسهم إلا للمطرقة، ولا يسلمون للحق إلا وسيف القوة مصلت على رقابهم.

أيها المسلمون: إن اليهود هم أعداؤنا وإن تمسحوا بمسوح المحبين للسلام, فلو لبس الحمار ثياب خز لقال الناس يا لك من حمار, وعداوتهم حقيقة ربانية لن تتخلف, (وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ)[آل عمران: 118], وبعيدا عن السياسة وتحليلاتها, وإن تغير كل شيء، فإن حقيقة قرآنية يجب أن تبقى جذوتها في قلوبنا ونتمثلها في سلوكنا وأقوالنا وأفعالنا ومواقفنا, حقيقة تقول: (إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا)[النساء: 101].

وإننا لنخشى على جيل اليوم وجيل الغد أن يتأثر بالطرح المنهزم والذي يجعل المسلمين كالمجرمين, بل إنه يردد: (هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا)[النساء: 51], فشيطنوا أهل فلسطين؛ لتصرفات بعض سفهائهم, وجعلوا من اليهود حمائم سلام, وتجاهلوا حقائق القرآن وأحداث التاريخ و(لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ)[آل عمران: 28].

فلابد من ترسيخ هذه العداوة في نفوس الناشئة، ولابد من تربية الأجيال على أن حقائق القرآن أصدق من إفك المفترين وتمثيل المجرمين, (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)[يوسف: 21].

أقولُ ما سمعتمْ, واستغفروا اللهَ يغفرْ لي ولكُم؛ إنَّهُ هو الغفورُ الرّحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه؛ كما يحب ربنا ويرضى, حمدًا يليق بجلاله وعظيم سلطانه.

أما بعد: لقد حدد كتاب ربنا قواعد التعامل مع من خالفنا في ديننا؛ فقال (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)[الممتحنة: 8], إن عداوتنا لليهود والنصارى لا تعني ظلمهم, ولا ترك البر بهم, والإحسان إليهم, ماداموا لم يقاتلوا المسلمين في الدين, ولم يخرجوهم من ديارهم, ولم يظاهروا على إخراجهم, لكن ديننا لا يسمح بموالاتهم والتناصر والتحالف معهم، والاستعانة بهم في أمور المسلمين, ومودتهم وتقديم التنازلات لهم على حساب العزة الإيمانية والكرامة الإسلامية.

إنه فرق في شريعتنا بين التعامل مع اليهود كأمة مسالمة لهم ما لهم وعليهم ما عليهم, وبين التعامل مع اليهود كأمة غاصبة أثخنت في المستضعفين من المسلمين قتلا وأسرا وتشريدا.

لكن بعض المسلمين يخلطون بين دعوة الإسلام إلى السماحة في معاملة أهل الكتاب, والبر بهم في المجتمع المسلم الذي يعيشون فيه مكفولي الحقوق، والمتمثل في المعاملات الشخصية, وبين الولاء الذي لا يكون إلا لله ولرسوله وللمؤمنين, ناسين ما يقرره القرآن من أن اليهود والنصارى قد بدت البغضاء من أفواههم, وما تخفي صدورهم أكبر, وأنهم مصرون على حرب الإسلام وأهله, وأن المسلم مهما أبدى لهم من السماحة والمودة فإن هذا لن يبلغ أن يرضوا له البقاء على دينه, وتحقيق شريعته, ولن يكفّهم عن موالاة بعضهم لبعض في حربه والكيد له.

يا أمة الإسلام, ويا أهل العقيدة: لقد صدرت في كتاب ربنا بيانات ربانية لا تقبل التأويل ولا التبديل, إنها نصوص قطعية تؤكد للمسلم أنه لا التقاء مع أي دين ولا مذهب يخالف دين الله ويعارضه, إنها نصوص تثبت للمسلم أن أعداء الله لن يألوا جهداً في سبيل صد المسلمين عن دينهم, (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا)[البقرة: 217]؛ إنها تقول للمجتمع المسلم: لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى وغيرهم؛ حتى تتخلى عن دينك, وتميع عقيدتك, وتصبح مسخاً لا تميز عندك ولا شخصية لك.

لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى -أيها المجتمع المسلم- حتى تنحل أخلاقك, ويفسد شبابك, وتنحرف نساؤك.

إنه حتم على كل مسلم أن يعلن اعتزازه بدينه، وتمسكه بمبادئه, وفخره بشخصيته الإسلامية المتميزة, ومن هنا فإن عليه أن يكون صارماً في تطبيق مبدأ الولاء والبراء, (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)[المائدة: 55].

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم؛ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]، وَقَالَ -‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رَوَاهُ مُسْلِم).