المجيب
كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...
العربية
المؤلف | عبد الله بن عواد الجهني |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | فقه النوازل |
إنَّنا -ولله الحمد- في مملكتنا العزيزة نعيش في ظلٍّ وارفٍ من عدالة الإسلام، وننعَم بعيشٍ رغيدٍ، تحت الحكم الرشيد، ونتقلَّب في أمنٍ شاملٍ، حسَدَنا عليه القريبُ والبعيدُ، ونتمتَّع بإخاءٍ وتراحُمٍ تحت راية التوحيد...
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعدُ: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله -عزَّ وجلَّ- في السر والعلن، وبشكر الله -عزَّ وجلَّ- على آلائه ونعمه، فبالشكر تزداد النعم، وتُدفَع النقم، قال تعالى: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)[إِبْرَاهِيمَ: 7].
عبادَ اللهِ: يقول الله -تبارك وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102]، وتقوى اللهِ بأن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يُكفَر، ويقول تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا)[آلِ عِمْرَانَ: 103]، أمَر سبحانه عبادَه المؤمنين بالاعتصام بحبل الله؛ وهو القرآن الكريم، الذي أنزلَه الله -سبحانه وتعالى-، وما يتبَع ذلك من سُنَّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فالاجتماع على العقيدة الصحيحة والتمسُّكُ بها هي التي تجمع القلوب وتؤلِّف بينَها، واعتُبر هذا بالمجتمعات قبل بعثة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، كيف كانت الفُرقَة والتنابُذ والتناحُر والعداوة، حتى بين أفراد القبيلة الواحدة، فلما جاء النبي -صلى الله عليه وسلم-، وجاء هذا الدينُ معه، ودخَل فيه من أراد اللهُ له السعادةَ، اجتمعت القلوب وتآلفت، ولهذا يذكِّر اللهُ -جلَّ وعلا- بهذه النعمة، فيقول تبارك وتعالى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)[آلِ عِمْرَانَ: 103].
ومن تذكُّر النعم -يا رعاكم الله- ما منَّ الله به -سبحانه وتعالى- على هذه البلاد؛ المملكة العربية السعودية، فجمَع شتاتَها، وآخَى بين أهلها، وحكَّم فيهم كتاب الله وسُنَّة رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فاعتصَموا بحبل الله وسارُوا على صراط الله المستقيم؛ وذلك بفضل الله وتوفيقه، ثم بفضل القادة المصلِحِين المخلِصِين، الإمامينِ؛ محمد بن سعود، ومحمد بن عبد الوهاب -رحمهما الله-، حتى نشأت في مراحلها الثلاث، ولله الحمد والمنة في رخاء وازدهار، ثم قام الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل -طيَّب اللهُ ثراه-، وأبناؤه البرَرَة من بعده، إلى هذا العهد الميمون، عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، أمدَّ اللهُ في عمره على طاعته، وسموِّ ولي عهده الأمين نصره الله وأيَّده بتوفيقه، فقامت مزدهرةً سعيدةً هنيئةً، فبلادُنا في نعمةٍ ولله الحمدُ، لا توجد في غيرها، فتجب المحافظةُ على مقوِّمات هذه النعمة، وتقوية روابط وحدتها، والأخذ على يد مَنْ يحاول فكَّ ارتباطها، وإثارة الخلافات بأي سبب كان، وبأي مجال كان، إنَّنا -ولله الحمد- في مملكتنا العزيزة نعيش في ظل وارف من عدالة الإسلام، وننعم بعيشٍ رغيدٍ، تحت الحكم الرشيد، ونتقلَّب في أمن شامل، حسَدَنا عليه القريبُ والبعيدُ، ونتمتَّع بإخاءٍ وتراحُمٍ تحت راية التوحيد، كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، نُعلَّم في مدارسنا في كل مراحلها، وحُكْمُ اللهِ ورسولِه -صلى الله عليه وسلم- نافذٌ في كل قضايانا، وعلى كل طبقاتنا، فلله الحمد والمنة، اللهم احفظ علينا إسلامَنا، واحفظ لنا أمنَنا واستقرارَنا، وارزقنا شكرَ نعمتك علينا.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ)[إِبْرَاهِيمَ: 35].
بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذِّكْر الحكيم، وبهدي سيد المرسَلين، وقوله القويم، أقول قولي هذا وأستغفِر اللهَ لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وعلَّمَنا الحكمة والقرآن، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ نبيَّنا وحبيبَنا محمدًا عبده ورسوله، سيد الأنام، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا مزيدًا إلى يوم الدين.
أمَّا بعدُ: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله -تعالى-، والتمسُّك بكتاب الله وسُنَّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وسُنَّة الخلفاء الراشدين من بعده، عَضُّوا عليها بالنواجذ، وأدُّوا فرضَكم، واسمعوا وأطيعوا لولي أمركم بالمعروف، وكونوا مع جماعة المسلمين؛ فإنَّ يدَ الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار، افعلوا الأسباب فإنكم مأمورون بها، وآمِنوا بالقضاء، وتوكَّلوا على الله، واصبِروا على البلاء، واشكروه على النَّعماء، فذلكم خير لكم.
عبادَ اللهِ: وإنَّ من التحدُّث بنِعَم الله ما منَّ الله به على هذه البلاد المباركة من نعمة التوحيد والوحدة والأمن والاستقرار، وخدمة الحرمين الشريفين، وقاصديهما، والاهتمام بقضايا المسلمين، والمواقف الإنسانية الخيِّرة، وتحقيق السِّلْم العالميّ، منذ تأسيسها إلى هذا العصر الزاهر؛ ممَّا يُوجِب شكرَ النعم، والحفاظَ على أمنها واستقرارها ومكتَسَباتها، وتحقيق الوحدة الدينية، واللُّحْمة الوطنية، والبَيْعة الشرعية، ولزوم الجماعة والإمام، والسمع والطاعة والدعاء لولاة أمرِها بالتوفيق والسداد، حَفِظَ اللهُ بلادَنا وسائرَ بلاد المسلمين من كل سوءٍ ومكروهٍ، إنه سميعٌ مجيبٌ.
عبادَ اللهِ: إن الصلاة على النبي المطهَّر من أفضل العبادات وأعظمها، وأحبِّها إلى الله -تعالى-، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صلَّى عليَّ مرةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عَشْرًا"، اللهم صلِّ وسلم وبارِكْ وأنعم على عبدك ورسولك، نبيِّنا محمد، صاحبِ المقام المحمود، والحوض المورود، اللهم ارضَ عن الخلفاء الراشدين، السادة النجباء؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن بقية الصحابة أجمعين، وأهل بيته الطاهرين، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
اللهم ارضَ عَنَّا معهم بمنِّكَ وإحسانِكَ يا أرحمَ الراحمينَ، اللهم أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، ، ودَمِّر أعداءَ الدِّينِ، وانصر عبادَكَ المؤمنين، واحمِ حوزةَ الدِّينِ يا ربَّ العالمينَ، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، واحفظ أئمتَنا وولاةَ أمورِنا، ووفِّقْهم لما فيه خيرُ البلاد والعباد، اللهم أصلِحْ جميعَ ولاة أمور المسلمينَ، اللهم اغفر للمسلمينَ والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
اللهم اشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم يا حافظُ يا حفيظُ، احفظ أطِبَّاءنا وأعوانهم وسددهم ووفقهم، اللهم إنَّا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفُجَاءةِ نقمتك، وجميع سخطك.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم إنَّا خلقٌ من خلقك، فلا تمنع عَنَّا بذنوبنا فضلك يا أكرم الأكرمين.
(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)[آلِ عِمْرَانَ: 8]، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201].
عبادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90]، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزدكم، (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 45].