البحث

عبارات مقترحة:

الرحمن

هذا تعريف باسم الله (الرحمن)، وفيه معناه في اللغة والاصطلاح،...

البر

البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...

القهار

كلمة (القهّار) في اللغة صيغة مبالغة من القهر، ومعناه الإجبار،...

سيد الشهداء حمزة رضي الله عنه

العربية

المؤلف محمد بن سليمان المهوس
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات أعلام الدعاة
عناصر الخطبة
  1. رفعة مكانة الصحابة الكرام .
  2. فضائل حمزة بن عبد المطلب .
  3. جهاد حمزة واستشهاده. .

اقتباس

صَحَابَةُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شُمُوسٌ أَشْرَقَتْ فِي سَمَاءِ الإِنْسَانِيَّةِ، فَأَنَارُوا الدُّنْيَا، وَمَلَؤُوهَا عَدْلاً وَرَحْمَةً بَعْدَ أَنْ مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، فَكَانُوا خَيْرَ صَحْبٍ لِخَيْرِ نَبِيٍّ أُرْسِلَ لِخَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي اخْتَارَ لِنَبِيِّهِ خِيرَةَ خَلْقِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ، أَحْمَدُهُ -سُبْحَانَهُ- وَأَشْكُرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَعَدَ مَنْ دَعَاهُ بِالاِسْتِجَابَةِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَاحِبُ الْخُلُقِ الأَوْفَى وَحُسْنِ الإِنَابَةِ، صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى الآلِ وَالصَّحَابَةِ.

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ -تَعَالَى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ)[آل عمران:102].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَقَدِ اخْتَارَ اللهُ -سُبْحَانَهُ- لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَمَاذِجَ فَذَّةً مِنَ الْبَشَرِ؛ آمَنُوا بِهِ، وَصَدَّقُوهُ، وَنَصَرُوهُ، وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ، فَكَانُوا مِنَ الْمُفْلِحِينَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، بَذَلُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ لِنَشْرِ دَعْوَةِ الإِسْلاَمِ، وَالذَّوْدِ عَنْهَا، فَاسْتَحَقُّوا مِنَ اللهِ عَظِيمَ الثَّوَابِ، وَحُسْنَ الْمآبِ، وَحُقَّ لَهُمْ أَنْ يُخَلَّدَ ذِكْرُهُمْ فِي قُرْآنٍ يُتْلَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ قَالَ -تَعَالَى-: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ  وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)[الأحزاب:23].

صَحَابَةُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شُمُوسٌ أَشْرَقَتْ فِي سَمَاءِ الإِنْسَانِيَّةِ، فَأَنَارُوا الدُّنْيَا، وَمَلَؤُوهَا عَدْلاً وَرَحْمَةً بَعْدَ أَنْ مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، فَكَانُوا خَيْرَ صَحْبٍ لِخَيْرِ نَبِيٍّ أُرْسِلَ لِخَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ.

وَمِنْ هَؤُلاَءِ رَجُلٌ قَالَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ"، وَكَانَ يُقَاتِلُ يَوْمَ أُحُدٍ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَقُولُ: "أَنَا أَسَدُ اللهِ؛ إِنَّهُ أَبُو عُمَارَةَ أَسَدُ اللهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"، حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَمُّ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَخُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ.

كَانَ مِنَ السَّابِقِينَ لِلإِسْلاَمِ، فَقَدْ أَسْلَمَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْبَعْثَةِ، وَكَانَ سَبَبُ إِسْلاَمِهِ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ مَرَّ بِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَآذَاهُ وَشَتَمَهُ، وَنَالَ مِنْهُ مَا يَكْرَهُ مِنَ الْعَيْبِ لِدِينِهِ، وَالتَّضْعِيفِ لَهُ؛ فَلَمْ يُكَلِّمْهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لَكِنَّ مَوْلاَةً لِعَبْدِ اللهِ بْنِ جُدْعَانَ فِي مَسْكَنٍ لَهَا فَوْقَ الصَّفَا تَسْمَعُ ذَلِكَ.

فَلَمْ يَلْبَثْ حَمْزَةُ أَنْ أَقْبَلَ مُتَوَشِّحًا قَوْسَهُ، رَاجِعًا مِنْ قَنصٍ لَهُ -وَكَانَ صَاحِبَ قَنصٍ-، وَكَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ قَنصِهِ بَدَأَ بِالطَّوَافِ بِالْكَعْبَةِ، فَأَخْبَرَتْهُ بِالَّذِي حَدَثَ لاِبْنِ أَخِيهِ، وَقَالَتْ لَهُ: يَا أَبَا عُمَارَةَ، لَوْ رَأَيْتَ مَا لَقِيَ ابْنُ أَخِيكَ آنِفًا مِنْ أَبِي الْحَكَمِ؛ وَجَدَهُ هَاهُنَا جَالِسًا، فَآذَاهُ وَسَبَّهُ وَبَلَغَ مِنْهُ، وَلَمْ يُكَلِّمْهُ مُحَمَّدٌ.

فَتَوَجَّهَ حَمْزَةُ بِطَلَبِ أَبِي جَهْلٍ؛ فَوَجَدَهُ فِي نَادِي قُرَيْشٍ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَلَمَّا رَآهُ جَالِسًا فِي الْقَوْمِ أَقْبَلَ نَحْوَهُ؛ حَتَّى إِذَا قَامَ عَلَى رَأْسِهِ رَفَعَ الْقَوْسَ فَضَرَبَهُ بِهَا، فَشَجَّهُ شَجَّةً مُنْكَرَةً، ثُمَّ قَالَ: أَتَشْتُمُهُ؟ فَأَنَا عَلَى دِينِهِ، أَقُولُ مَا يَقُولُ؛ فَرُدَّ عَلَيَّ ذَلِكَ إِنِ اسْتطَعْتَ.

وَبَعْدَ إِسْلاَمِ حَمْزَةَ قَوِيَتْ شَوْكَةُ الْمُسْلِمِينَ، وَأَخَذَ حَمْزَةُ يُعْلِنُ دِينَهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَيَتَحَدَّى أَبْطَالَ قُرَيْشٍ، ثُمَّ مَا لَبِثَ أَنْ أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَعَرَفَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ الرَّسُولَ مُحَمَّدًا قَدْ عَزَّ وَمُنِعَ مِنْ أَذَاهُمْ، فَخَرَجَ الصَّحَابَةُ فِي صَفَّيْنِ؛ صَفٍّ فِيهِ حَمْزَةُ، وَصَفٍّ فِيهِ عُمَرُ، بَعْدَ أَنْ كَانُوا لاَ يَتَجَرَّؤُونَ عَلَى الْخُرُوجِ، فَنَصَرَ اللهُ الدِّينَ بِحَمْزَةَ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-.

فَشَهِدَ حَمْزَةُ بَدْرًا، وَأَبْلَى فِيهَا بَلاَءً حَسَنًا، وَقَتَلَ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، مِنْ صَنَادِيدِ الْمُشْرِكِينَ، وَقَتَلَ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِيٍّ، وَشَارَكَ فِي قَتْلِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ. وَعَقَدَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِوَاءً، قِيلَ: إِنَّهُ أَوَّلُ لِوَاءٍ عُقِدَ فِي الإِسلاَمِ.

ثُمَّ حَضَرَ أُحُدًا وَقَاتَلَ قِتَالاً عَظِيمًا؛ قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "كَانَ حَمْزَةُ يُقَاتِلُ يَوْمَ أُحُدٍ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَيْفَيْنِ، وَيَقُولُ: أَنَا أَسَدُ اللهِ".

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَفِي مَقْتَلِهِ وَاسْتِشْهَادِهِ قِصَّةٌ يَرْوِيهَا مَنْ أَقْدَمَ عَلَيْهَا، وَهُوَ وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ، وَالَّذِي يَقُولُ: أَمَا إِنِّي سَأُحَدِّثُكُمْ كَمَا حَدَّثْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ سَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ، كُنْتُ غُلاَمًا لِجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَكَانَ عَمُّهُ طُعَيْمَةُ بْنُ عَدِيٍّ قَدْ أُصِيبَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَمَّا سَارَتْ قُرَيْشٌ إِلَى أُحُدٍ، قَالَ لِي جُبَيْرٌ: إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ عَمَّ مُحَمَّدٍ بِعَمِّي فَأَنْتَ عَتِيقٌ؛ أَيْ: حُرٌّ.

قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ، وَكُنْتُ رَجُلاً حَبَشِيًّا أَقْذِفُ بِالْحَرْبَةِ قَذْفَ الْحَبَشَةِ، قَلَّمَا أُخْطِئُ بِهَا شَيْئًا، فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ خَرَجْتُ أَنْظُرُ حَمْزَةَ وَأَتَبَصَّرُهُ، حَتَّى رَأَيْتُهُ فِي عَرْضِ النَّاسِ مِثْلَ الْجَمَلِ الأَوْرَقِ، يَهُدُّ النَّاسَ بِسَيْفِهِ هَدًّا، مَا يَقُومُ لَهُ شَيْءٌ، فَوَاللهِ إِنِّي لأَتَهَيَّأُ لَهُ، أُرِيدُهُ وَأَسْتَتِرُ مِنْهُ بِشَجَرَةٍ أَوْ حَجَرٍ لِيَدْنُوَ مِنِّي إِذْ تَقَدَّمَنِي إِلَيْهِ سِبَاعُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى، فَلَمَّا رَآهُ حَمْزَةُ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً كَأَنَّ مَا أَخْطَأَ رَأْسَهُ، وَهَزَزْتُ حَرْبَتِي، حَتَّى إِذَا رَضِيتُ مِنْهَا، دَفَعْتُهَا عَلَيْهِ، فَوَقَعَتْ فَأَضَعُهَا فِي ثُنَّتِهِ، حَتَّى خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِ وِرْكَيْهِ، فَكَانَ ذَلِكَ الْعَهْدُ بِهِ ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى الْعَسْكَرِ، فَقَعَدْتُ فِيهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِي بِغَيْرِهِ حَاجَةٌ، وَإِنَّمَا قَتَلْتُهُ لأَعْتِقَ.

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)[التوبة:100].

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: قُتِلَ حَمْزَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَمَثَّلَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ؛ انْتِقَامًا مِنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَدْ تَأَثَّرَ لِذَلِكَ كَثِيرًا، فَوَقَفَ عَلَى حَمْزَةَ، فَرَآهُ قَدْ شُقَّ بَطْنُهُ، وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَكَرِهَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ وَقَفَ بَيْنَ ظَهَرَانَيِ الْقَتْلَى فَقَالَ: "أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ، لُفُّوهُمْ فِي دِمَائِهِمْ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ جَرِيحٍ يُجْرَحُ فِي اللهِ إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدْمَى، لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ، وَرِيحُهُ رِيحُ الْمِسْكِ، قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا فَاجْعَلُوهُ فِي اللَّحْدِ"(أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ، وَعَزَاهُ الْهَيْثَمِيُّ فِي الْمَجْمَعِ لِلطَّبَرَانِيِّ، وَقَالَ: وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحُ).

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَفِي سِيرَةِ حَمْزَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَظْهَرُ جَلِيًّا فَضْلُ صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ وَأَنَّ اللهَ اخْتَارَهُمْ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَفْضَلِ خَيْرِ خَلْقِهِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، اخْتَارَهُمُ اخْتِيَارًا وَاصْطَفَاهُمُ اصْطِفَاءً؛ إِذْ كَانُوا أَصْفَى النَّاسِ فِطْرَةً، وَأَثْقَبَهُمْ فُهُومًا، وَأَحَدَّهُمْ أَذْهَانًا، وَأَفْصَحَهُمْ أَلْسُنًا، وَأَوْعَاهُمْ قُلُوبًا وَأَصْدَقَهُمْ قَوْلاً وَأَزْكَاهُمْ نُفُوسًا وَأَتَمَّهُمْ صَبْرًا وَشُكْرًا.

(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)[الفتح: 29].

هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56]، وَقَالَ -‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رَوَاهُ مُسْلِم).