الواسع
كلمة (الواسع) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَسِعَ يَسَع) والمصدر...
العربية
المؤلف | عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التاريخ وتقويم البلدان |
في سياق الامتنان بهذه النعمة العظيمة، والمنة الكبيرة في القرآن الكريم، ما ذكره الله -جلّ وعلا- في قصص الأنبياء -عليهم صلوات الله وسلامه-، بنعمة الله -جلّ وعلا- لركوبهم في هذه السفن العظيمة في مقامات وأحوال جاء ذكرها في القرآن، فذكر الله -جلّ وعلا- ركوب نوح ويونس وموسى -عليهم صلوات الله وسلامه-.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
معاشر المؤمنين .. عباد الله: اتقوا الله تعالى؛ فإن من اتقى الله وقاه، وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه.
عباد الله: إن من آيات الله العظيمة الدالة على كمال قدرته، وكمال منته، وتمام رحمته، وعظيم تدبيره، الفلك العظيمة التي سخرها -جلّ وعلا-؛ لتجري في البحر بأمره, سخرها الله -تبارك وتعالى-؛ لتحمل الناس على ظهور البحار والمحيطات، تقلهم وتقل أمتعتهم وتجارتهم إلى حيث شاؤوا من المدن والأقطار، آية عظيمة على كمال الخالق -جلّ وعلا-, ومنّة كبيرة تدل على كمال رحمته وعظيم منته، وكبير عطيته -جلّ وعلا-.
من الذي قدر هذا الإنسان الضعيف على صناعة هذا الفلك العظيم والسفن الضخمة التي تمخر عِباب البحار، وتشق المحيطات، متنقلة على ظهور المياه من مكان إلى مكان، تحمل الناس وتحمل المتاع؟! إنه الله -تبارك وتعالى-: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون: 14].
عباد الله: ولقد جاء الحديث في القرآن الكريم -في آيات كثيرة عديدة- عن هذه الآية العظيمة، الدالة على كمال الخالق وعظمة المنعم -جلّ وعلا-، في قرابة ثلاثين آية من القرآن الكريم، في سياق الامتنان والتفضل والإنعام والإكرام من الله -جلّ وعلا-، يقول الله -تبارك وتعالى-: (وَسَخَّرَ لَكُمْ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمْ الأَنهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمْ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [إبراهيم: 32–34], ويقول -جل وعلا-: (رَبُّكُمْ الَّذِي يُزْجِي لَكُمْ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) [الإسراء: 66]، ويقول -جلّ وعلا-: (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [النحل: 14]، ويقول -جلّ وعلا-: (وَلَهُ الْجَوَارِي الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرحمن: 24-25]، ويقول -جلّ وعلا-: (وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ * إِنْ يَشَأْ يُسْكِنْ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ * أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى: 32-34]، ويقول -جلّ وعلا-: (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ * وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنقَذُونَ * إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ) [يس: 41-44]، والآيات في هذا المعنى كثيرة عديدة في كتاب الله -جلّ وعلا-.
وقد جاء -أيضًا- في سياق الامتنان بهذه النعمة العظيمة، والمنة الكبيرة في القرآن الكريم، ما ذكره الله -جلّ وعلا- في قصص الأنبياء -عليهم صلوات الله وسلامه-، بنعمة الله -جلّ وعلا- لركوبهم في هذه السفن العظيمة في مقامات وأحوال جاء ذكرها في القرآن، فذكر الله -جلّ وعلا- ركوب نوح ويونس وموسى -عليهم صلوات الله وسلامه-.
أما نوح -عليه السلام- ففي تلك القصة العظيمة، والعبرة البالغة عندما أنجاه الله -جلّ وعلا- وأهلك قومه المكذبين: (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) [الحاقة: 11-12].
ويونس -عليه السلام- ذكر الله -تبارك وتعالى- قصته فقال: (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) [الصافات: 139-140]؛ أي المليء بالركاب والحمولات: (فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ) [الصافات: 141]؛ أي تساهموا في السفينة من الذي يُلقى في البحر منهم؛ لأنها ثقلت بركابها، فوقعت القرعة عليه -عليه الصلاة والسلام-، إلى أن قال -جلّ وعلا-: (فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [الصافات: 143-144].
وأما موسى -عليه السلام- فإن قصة ركوبه في السفينة نقرؤها في كل جمعة في سورة الكهف، في رحلته المباركة وسفرته الميمونة التي التقى فيها بالخضر، يقول الله -جلّ وعلا-: (فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) [الكهف: 71]... إلى آخر القصة وهي معروفة.
عباد الله: إننا عندما نتذكر هذه النعمة العظيمة والمنة الجسيمة، لا يجوز لنا أن يغيب عن أذهاننا ويذهب عن خواطرنا نعمة ربنا علينا -جلّ وعلا-، بنعمه العظام، وعطاياه الجسام, نتذكر ذلك كله لتحقيق ما خلقنا لأجله، وأوجدنا لتحقيقه: من الإيمان بالله، والإيمان بعظمة الله، والإيمان بكمال قدرة الله, وأنه -تبارك وتعالى- المستحق للعبادة دون ما سواه, وأنه لا إله إلا الله ولا معبود بحق إلا هو -جلّ وعلا-، فنقبل عليه خضوعًا وتذللاً، وانكسارًا وخشوعًا، وطاعة وامتثالاً، محققين لما خُلقنا لأجله وأوجدنا لتحقيقه.
عباد الله: وعندما يتمرّد الإنسان -وهو هذا المخلوق الضعيف العاجز- عندما يتمرد ويخرج عما خلق لأجله، وأوجد لتحقيقه، فيذهب عن الإيمان ويخالط الشرك، ويتغشى الكفر والباطل، ويتيه ضائعًا في هذه الحياة، عندما يكون في مثل هذه الحال لا تغني فيه الآيات والنذر، ولا تؤثر فيه العظات والزواجر إلا من رحم الله، وقليل ما هم.
وتأملوا في هذا المقام حال المشركين الذين ذكر الله -عزّ وجل- قصتهم في القرآن، أنهم حال رخائهم وسعتهم ويسرهم يتخذون الأنداد، ويعبدون مع الله الشركاء، وإذا ركبوا في الفلك وعاينوا الموت، وشاهدوا نهاية الأمر وتلاطمت بهم الأمواج، رجعوا إلى الإخلاص ورجعوا إلى تحقيق التوحيد: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ) [العنكبوت: 65], ما أعظم هذا العتو، وما أشنع هذا السفه والغي!! شرك في الرخاء وإخلاص في الشدة، مع أن الله -عزّ وجل- قادر عليهم في كل الأحوال, كما أنه -جلّ وعلا- قادر على إغراقهم وهم في البحر، قادر على إهلاكهم وهم في البر, فالله -جلّ وعلا- قدير عليهم في كل حال؛ فلماذا هذا الضلال؟! شرك في البر واليسر, وإخلاص في البحر والعسر، لماذا هذا الشرك والتنديد، والله -تبارك وتعالى- قادر عليهم أينما كانوا، وأينما حلوا في البر والبحر، في الجو والأرض، أينما كانوا؟! فالله -تبارك وتعالى- قدير عليهم.
وتأملوا بيان القرآن، وما أعظمه وأروعه في الرد على هؤلاء؛ يقول الله تعالى: (رَبُّكُمْ الَّذِي يُزْجِي لَكُمْ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً * وَإِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ) [الإسراء: 66-67]؛ أي اتجهتم بالإخلاص بلا شرك: (فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً) [الإسراء: 67]؛ أي إنهم إذا عادوا إلى البر آمنين، ووصلوا إليه سالمين، رجعوا إلى شركهم وكفرهم، وتأمل بيان القرآن لهؤلاء؛ يقول الله -جل وعلا-: (أَفَأَمِنتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً * أَمْ أَمِنتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى) [الإسراء: 68-69], أي في البحر: (أَمْ أَمِنتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِنْ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً) [الإسراء: 69], أي لا تجدوا تبعة ومطالبة، لا تجدوا لكم سبيلاً في المطالبة؛ لأن الله -جلّ وعلا-: (لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [يونس: 44].
ثم بين الله -تبارك وتعالى- في هذا السياق، عظيم المنة، وكبير النعمة، وعظيم العطية، فيقول -جلّ وعلا-: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) [الإسراء: 70]، فلله الحمد شكرًا، وله المن فضلاً، وله الحمد أولاً وآخرًا على كل نعمة أنعم الله بها علينا في قديم أو حديث، أو سر أو علانية، أو خاصة أو عامة، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله عظيم الإحسان، واسع الفضل والجود والامتنان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
معاشر المؤمنين عباد الله: اتقوا الله -جلّ وعلا-، واعلموا أن تقوى الله خير زاد يبلغ إلى رضوان الله.
عباد الله: كلنا يتذكر ما حدث في الأيام القريبة الماضية من غرق لعبارة ضخمة في البحر الأحمر، وهي تقل أعدادًا كبيرة من الناس، تجاوزوا الألف بكثير، فكانوا ألفًا وأربعمائة أو يزيد على هذا العدد، وتقل أمتعتهم وتجارتهم في رحلة عبر عباب البحر وفوق ظهره, ويشاء الرب العظيم، ويقدر الملك القدير -سبحانه- غرق تلك السفينة بما فيها من أناس وممتلكات، وهي -عباد الله- فاجعة عظيمة، آلمت النفوس، وأحزنت القلوب، ولكن لا نقول إلا ما يرضي الله -جلّ وعلا-: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) [البقرة: 156], وفي تلك المصيبة العظيمة -عباد الله- أطفال تيتموا، ونساء ترملن، وأب فقد ابنه، وأخ فقد أخاه, وقريب فقد قريبه، فواجع متعددة، فلهؤلاء كلهم نسأل الله -جلّ وعلا- أن يجيرهم في مصابهم، وأن يخلفهم خيرًا، وأن يغفر لميتهم، وأن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين بمنه وجوده وكرمه؛ إنه -تبارك وتعالى- سميع مجيب.
أما من ماتوا في تلك الحادثة، فإننا نرجو الله تعالى أن يكتبهم في عداد الشهداء، وقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله".
عباد الله: وعلى هامش هذه الحادثة لا بد من أخذ العبرة والعظة، والعودة الصادقة إلى الله -جلّ وعلا-، والتأمل في كمال قدرة الله -جلّ وعلا-، وأن لا يمر هذا الحدث دون اعتبار أو اتعاظ، أو أخذ العبرة منه، فإنه -عباد الله- مليء بعظات وعظات بالغة، ولاسيما مما يسمع وينقل عن الناجين الذين كتب الله لهم النجاة، عندما يصفون ذلك الحدث وما أصاب الناس على متن السفينة من هلع وخوف ورعب، ثم ما اكتنف ذلك من أمور وأحوال، إلى أن مات من مات ونجا من نجا، قصص مؤلمة وعبر مؤثرة، ومواقف محزنة ينبغي أن تكون موعظة وعبرة، قال أحد الناجين: رأيت طفلة صغيرة تهتف بأبيها وتناديه، فقال لها: يا بنيتي: سامحيني، لا أملك لك شيئًا، وتركها وولى: نفسي نفسي.
وآخر من الناجين ذكر قصة مؤثرة للغاية؛ يقول: والسفينة تميل والناس بدأ بعضهم يتساقط في البحر، رأيت امرأة تحمل رضيعها، فجلست في زاوية من السفينة تتماكن ما بقي من الوقت، لترضع طفلها قليلاً من الحليب، قبل أن يسقط من يدها في الماء.
قصص وعبر وعظات، فليتنا نتذكر، ليت قلوبنا تستيقظ، ليتنا نعود إلى الله -جلّ وعلا- عودة صادقة، كفى غفلة وضياعًا وإهمالاً لما خلقنا لأجله وأوجدنا لتحقيقه، ألا فلنتق الله عباد الله، ولنراقب الله -جلّ وعلا- في كل وقت وحين، ولنتذكر أنه -جلّ وعلا- على كل شيء قدير.
اللهم أصلح لنا شأننا كله، اللهم اهدنا إليك صراطًا مستقيمًا، اللهم أيقظنا من غفلتنا، ووفقنا لهداك، واستعملنا في طاعتك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أحينا ما كانت الحياة خيرًا لنا، وتوفانا إذا كانت الوفاة خيرًا لنا، اللهم أحينا مسلمين، وتوفانا مؤمنين، غير ضالين ولا مضلين.
اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، اللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين للعمل بكتابك، واتباع سنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، اللهم آت نفوسنا تقواها، زكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر.
اللهم اغفر لوالدينا وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات, اللهم اغفر لنا ذنبنا كله: دقه وجله، أوله وآخره، سره وعلنه، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا، هنيئًا مريئًا سحًّا طبقًا، نافعًا غير ضار، عاجلاً غير آجل، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان، وديارنا بالمطر، اللهم سقيا رحمة لا سقيا هدم ولا عذاب ولا غرق، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من اليائسين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على عبد الله ورسوله، نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.