البحث

عبارات مقترحة:

المحسن

كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...

القادر

كلمة (القادر) في اللغة اسم فاعل من القدرة، أو من التقدير، واسم...

الرب

كلمة (الرب) في اللغة تعود إلى معنى التربية وهي الإنشاء...

أخطار اللسان

العربية

المؤلف عبدالله بن حسن القعود
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - المهلكات
عناصر الخطبة
  1. خطر اللسان .
  2. معاصي اللسان والأثر المترتب عليه .
  3. حرمة القول بلا علم .

اقتباس

هناكم ظاهرة تسود كثيراً من المجالس التي المطلوب فيها أن تكون في ذكر الله، أو تعليم علم نافع، أو أمر مباح على الأقل؛ ألا وهي: التسارع والتسابق في القول؛ بل والتغالب على السيطرة فيه من كثير من أهلها إظهاراً للمقدرة والاطلاع بإسماع أو سماع ما لا فائدة فيه؛ مما قد ينافي كمال الإيمان المطلوب، أو ينقصه ويشوهه من قول أو سماع لغو القول ..

 

 

 

 

الحمد لله، ذي العرش المجيد، الفعَّال لما يريد، أحمده تعالى وأشكره، وأسْأله أن يهدينا إلى الطيب من القول وإلى صراط الحميد، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له.

وأشهَدُ أنَّ سيّدنا ونبيّنا محمداً عبده ورسوله، ذو الصدق والوفاء، والقول السديد صلّى الله وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، وسلّم تسليماً كثيراً.

أمَّا بعد:

فيا عباد الله: اتّقوا الله، واعلموا أنَّ الله وهب لكم آلة عظمى، وجارحة لها ما لها من خطر وأثر فعَّال على الإنسان في الحال والمآل، هذه الجارحة أو الآلة هي: اللسان، الذي تستجير بهِ جميع الأعضاء، ويقلن له: "اتَّق الله فينا؛ فإنَّما نحن بك إن اسْتقمتَ استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا".

ولقد قال العالم بخطره الذي لا ينطق على الهوى لما طلب منه معاذ -رضي الله عنه- أن يدلّه على عمل يقربه من الجنة ويباعده من النار، قال: "لقد سألت عن عظيم، وإنَّهُ ليسير على من يسره الله عليه: تعبد الله لا تشرك به شيئاً".

وذكر له أركان الإسلام وأشياء من شعائر الدين، ثم قال له: "ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ كفَّ عليك هذا" وأشار إلى لسانهِ فقال معاذ: "وإنا لمؤآخذون بما نتكلم به"؟ قال: "ثكلتك أمُّك، وهل يكبّ الناس في النار على وجوههم أوْ قال على مناخرهم إلاَّ حصائد ألسنتهم؟".

وبهذا يُعلمنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن حفظ اللسان وضبطه هو منشأ كل خير، وأصل كل فضيلة، وملاك جميع آداب الدنيا والدين، فمن ملك لسانه؛ فقد ملك أمره وأحكمه، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" ويقول: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت".

ويقول: "من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة" متفق عليه. ويقول -فيما رواه أحمد عن أنس رضي الله عنه-: "لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم حتى يستقيم لسانه" واستقامة اللسان بقول الحق دائماً وتجنُّب قول السوء.

ومن أطلق لسانه وأضاعه فقد أضاع أمر دينه ودنياه، وأضحى متوعداً بجهنّم يصلاها وبئس القرار، ولا جرم فإن معاصي اللسان يدخل فيها أعْظَم ذنب عُصيَ الله به وهو الشرك بالله.

يدخل فيها قرين الشريك، وهو القول على الله بغير علم، يدخل فيها قول الزور وشهادة الزور التي عدلت أو كادت أن تعدل الإشراك بالله، يدخل فيها الكذب والغيبة والنميمة والقذف والسباب، وما إلى ذلكم من أقوال السوء المحرّمة المنافية للدين والآداب.

 

فاتَّقوا الله -أيُّها المسلمون-، واحفظوا ألسنتكم فإنَّها لأخطر شيء عليكم فيما بينكم وبين الله وفيما بينكم وبين الناس، يقول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح-: "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها؛ يزلّ بها إلى النار أبعد ما بين المشرق والمغرب".

ويقول: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت؛ يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت؛ يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه".

 

فتثبتوا فيما تريدون أن تقولوه، ولا تطلقوا الأقوال بدون تروِّ وحساب؛ لما يترتب عليها دنياً وأخرى؛ فإنَّه وأيم الله (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [قّ:18] فعن يمين كل إنسان عمّا لفظه من قول سيء، وسيشهد عليه سمعه وبصره وفؤاده بما لفظه من قول سيءّ، في يوم لا ينفع فيه تأويل ولا ملفق الأعذار والأقاويل.

يقول سبحانه: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) [الإسراء:36] وإنَّ أخطَرَ الأقوال بعد الشرك بالله؛ القولُ على الله بغير علم، كمن يقول هذا حرام وهذا حلال، وهذا سنة وهذا بدعة، وهذا حق وهذا باطل، ونحو ذلك، ولا برهان عنده من الله ولا من رسوله في ذلك.

 

يقول سبحانه: (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النحل:117]

فاتّقوا الله -أيُّها المسلمون- وتأدّبوا بآداب الإسلام؛ تنجوا وتسعدوا وتفوزوا، ويتحقق لكم وعد الله في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]

أقول قولي هذا، وأسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا، وأن يقينا شر أنفسنا، وأن يبارك لنا في كتابه الكريم وينفعنا فيه، إنه تعالى خير مسئول، غفور رحيم.

 

 

 

 

الخطبة الثانية:

 

أيّها الأخوة: هناك ظاهرة تسود كثيراً من المجالس التي المطلوب فيها أن تكون في ذكر الله، أو تعليم علم نافع، أو أمر مباح على الأقل؛ ألا وهي: التسارع والتسابق في القول؛ بل والتغالب على السيطرة فيه من كثير من أهلها إظهاراً للمقدرة والاطلاع بإسماع أو سماع ما لا فائدة فيه؛ مما قد ينافي كمال الإيمان المطلوب، أو ينقصه ويشوهه من قول أو سماع لغو القول. قال عليه الصلاة والسلام: "إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه تخلل البقرة بلسانها" الجامع 4807.

والذم هنا؛ لمن يستعمل ما من الله به عليه من بلاغة وبيان في باطل، والأجدر باللقاءات الإسلامية وبالأفراد الإسلاميين؛ أن يتعرفوا عن مثل هذه الأشياء، قال عمر بن الخطاب الخليفة الملهم -رضي الله عنه-: "من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به" جامع العلوم والحكم.

وقال الصادق المصدوق -صلوات الله وسلامه عليه-: "كفى بالمرء كذباً أن يحدّث بكل ما سمع" وقال في لفظ آخر: "بحسب امرئ من الكذب أن يحدث بكل ما سمع" رواهما مسلم.

وقال: -فيما روى عنه في سنن أبي داود-: "بئس مطية الرجل زعم"، وقال -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه الإمام مسلم -رحمه الله-: "إن الله تعالى حرّم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعاً وهات، وكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال".