البحث

عبارات مقترحة:

الحق

كلمة (الحَقِّ) في اللغة تعني: الشيءَ الموجود حقيقةً.و(الحَقُّ)...

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

القريب

كلمة (قريب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فاعل) من القرب، وهو خلاف...

الزكاة

العربية

المؤلف عبد الله اليابس
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الزكاة
عناصر الخطبة
  1. من حقوق الأخوة بين المسلمين .
  2. حكم الزكاة ومنزلتها .
  3. شروط وجوب الزكاة .
  4. أحكام إخراج الزكاة ومستحقيها .
  5. أهمية طيب النفوس بمال الزكاة. .

اقتباس

إِنَّ الزَكَاةَ ثَالِثُ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ، فَهِيَ عِبَادَةٌ عَظِيمَةٌ جَلِيلَةٌ، جُعِلَتْ فِي مَصَافِّ التَّوْحِيدِ وَالصَّلَاةِ وَالحَجِّ. مَنْ دَفَعَ زَكَاةَ مَالِهِ اِبْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ -تَعَالَى- كَانَتْ لَهُ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً فِي الثَّوَابِ.. وَيَنْبَغِي أَنْ يُخْرِجَ المُسْلِمُ زَكَاةَ مَالِهِ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ، فَلَا يُخْرِجُهَا بِتَثَاقُلٍ أَوْ تَكَاسُلٍ، بَلْ يَعْلَمَ أَنَّهَا طُهْرَةٌ لَهُ وَلِمَالِهِ...

الخطبة الأولى:

إنَّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].

يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: قَبْلَ الإِسْلَامِ كَانَتْ مَعِيشَةُ البَشَرِ كَالحَيَوَانَاتِ فِي الغَابَةِ، القَوِيُّ يَأْكُلُ الضَّعِيفَ، وَالغَنِيُّ يَزْدَرِي الفَقِيرَ، لَا تَرَاحُمَ وَلَا تَعَاطُفَ، إِلَّا شَيْئًا يَسِيرًا مِنْ بَعْضِ مَا لَدَى العَرَبِ مِنْ مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ.

 ثُمَّ جَاءَ الِإسْلَامُ، وَآخَى بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وَدَعَاهُمْ إِلَى التَّكَافُلِ الاِجْتِمَاعِيِّ، (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)[الحجرات:10]، وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "المسلم أخو المسلم".

وَلَمَّا أَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- مُعَاذًا -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- إِلَى اليَمَنِ أَوْصَاهُ بِوَصَايَا أَخْرَجَهَا الإِمَامُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ هَذِهِ الوَصَايَا أَنْ قَالَ لَهُ: "أعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً في أمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ وتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ"؛ أَمْوَالُهُمْ، تُأْخَذُ مِنَ الأَغْنِيَاءِ وَتُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ، يُؤْجَرُ بِهَا الغَنِيُّ وَيَتَزَكَى، وَيَسْتَغْنِي بِهَا الفَقِيرُ وَيَتَعَفَّفَ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ الزَكَاةَ ثَالِثُ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ، فَهِيَ عِبَادَةٌ عَظِيمَةٌ جَلِيلَةٌ، جُعِلَتْ فِي مَصَافِّ التَّوْحِيدِ وَالصَّلَاةِ وَالحَجِّ. مَنْ دَفَعَ زَكَاةَ مَالِهِ اِبْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ -تَعَالَى- كَانَتْ لَهُ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً فِي الثَّوَابِ: (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُضْعِفُونَ)[سبأ:39].

إِنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حُرٍّ، فَتَجِبُ فِي مَالِ الرَّجُلِ وَالمَرْأَةِ، وَالصَّبِيِّ وَالمَجْنُونِ. وَيُشْتَرَطُ فِي المَالِ المُزَكَّى أَنْ يَبْلُغَ النِّصَابَ وَيَحُولَ عَلَيهِ الحَولُ، بِمَعْنَى أَنْ تَمُرَّ عَلَى مِلْكِيَّةِ المُسْلِمِ لِلْمَالِ سَنَةٌ كَامِلَةٌ.

وَيَبْلُغُ نِصَابُ النَّقْدِ اليَومَ 1719.55 ريال، فَمَنِ اِمْتَلَكَ هَذَا المَبْلَغَ وَمَضَتْ عَلَيهِ سَنَةٌ كَامِلَةٌ، وَجَبَتْ عَلَيهِ الزَّكَاةُ.

وَيَجِبُ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ لِصِنْفٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الأَصْنَافِ الثَمَانِيَةِ الوَارِدَةِ فِي قَوْلِهِ -تَعَالَى-: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَالعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ الله وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ الله وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)[التوبة:60]، وَمَنْ أَخْرَجَهَا لِغَيرِ هَذِهِ الأَصْنَافِ لَمْ تَصِحَ مِنْهُ، كَمَنْ صَلَّى فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ.

وَتَجِبُ المُبَادَرَةُ إِلَى إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ حَالَ وُجُوبِهَا، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَنْ وَقْتِهَا عَامًا أَوْ عَامَيْنِ، لِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَخَذَ زَكَاةَ عَمِّهِ العَبَّاسِ عَنْ عَامَينِ.

وَالأَصْلُ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ فِي بَلَدِ المُزَكِّي الذِي يَسْكُنُ فِيهِ، لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ"، لَكِنْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ حَاجَةٌ مَاسَّةٌ خَارِجَ البِلَادِ، أَوْ كَانَ لَهُ أَقَارِبُ فُقَرَاءُ خَارِجَ البِلَادِ، فَيَجُوزُ دَفْعُهَا إِلَيهِمْ؛ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ سَمَاحَةُ الشَّيخِ عَبْدُالعَزِيزِ بنُ بَازٍ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-.

وَصَرْفُ الزَّكَاةِ لِلْفُقَرَاءِ إِلَى الأَقَارِبِ جَائِزٌ، بَلْ لَهُ أَجْرَانِ: كَمَا رَوَى اِبْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ بِنِ عَامِرٍ الضَّبِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الصَّدَقَةُ عَلَى المِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ اِثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ".

لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنَ الأَقَارِبِ الذِينَ يَجُوزُ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ لَهُمْ: الزَوْجَاتُ وَالآبَاءُ وَالأُمَّهَاتُ وَالأَجْدَادُ وَالجَدَّاتُ، إِضَافَةً إِلَى الأَبْنَاءِ وَالبَنَاتِ وَأَبْنَائِهِمْ، فَهَؤُلَاءِ لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ لَهُمْ، وَإِنَّمَا يُنفِقُ عَلَيهِمْ مِنْ غَيْرِ الزَّكَاةِ.

وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي المُرَتَّبِ الشَهْرِيِّ إِذَا حَالَ عَلَيهِ الحَولُ، فَإِنْ خَشِيَ مِنْ عَدَمِ ضَبْطِهِ لِمَوَاعِيدِ إِخْرَاجِ زَكَاةِ كِلِّ شَهْرٍ عَلَى حِدَة؛ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُحَدِّدَ لَهُ يَوْمًا فِي السَّنَةِ يُخْرِجُ زَكَاةَ مَالِهِ فِيهِ.

وَيَجِبُ إِخْرَاجُ زَكَاةِ المَالِ لِلْمُسْتَحِقِّ نَقْدًا، وَلَا يُجْزِئُ إِخْرَاجُهَا كَمَوَادٍ غَذِائِيَّةٍ أَوْ أَثَاثٍ أَوْ تَسْدِيدِ إِيْجَارٍ أَوْ فَوَاتِيرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لَكِنْ إِنْ كَانَ هُنَاكَ فَقِيرٌ مُعَيَّنٌ، يَحْتَاجِ إِمَّا إِلَى دَوَاءٍ أَوْ غِذَاءٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ اِحْتِيَاجَاتِهِ، وَكَانَ المُزَكِّي يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَتَرَتَّبُ عَلَى صَرْفِ الزَّكَاةِ لَهُ نَقْدًا مَفْسَدَةٌ وَاضِحَةٌ، أَوْ كَانَتِ المَصْلَحَةُ تَقْتَضِي عَدَمَ إِعْطَاءِ ذَلِكَ الفَقِيرِ النُّقُودَ، فَفِي هَذِهِ الحَالِ أَجَازَ بَعْضُ العُلَمَاءِ وَمِنْهُمُ اِبْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ صَرْفَهَا لَهُ مَوَادًا عَيْنِيَّةً بَدَلاً مِنَ النُّقُودِ.

وَاِخْتَارَ الشَّيخُ اِبْنُ عُثَيمِينَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- أَنْ يَطْلُبَ المُزَكِّي مِنَ الفَقِيرِ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِي شِرَاءِ مَا يَحْتَاجُهُ خُرُوجًا مِنَ الخِلَافِ فِي المَسْأَلَةِ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُخْرِجَ المُسْلِمُ زَكَاةَ مَالِهِ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ، فَلَا يُخْرِجُهَا بِتَثَاقُلٍ أَوْ تَكَاسُلٍ، بَلْ يَعْلَمَ أَنَّهَا طُهْرَةٌ لَهُ وَلِمَالِهِ، وَأَنَّ المَالَ حَقٌّ للهِ اِمْتَنَّ بِهِ وَتَفَضَّلَ عَلَيهِ، فَمِنْ شُكْرِهِ أَنْ يُؤَدِيَ حَقَّ اللهِ -تَعَالَى- فِيهِ، وَلْيَحْرِصْ عَلَى إِخْرَاجِهَا وَتَوْزِيعِهَا عَلَى المُسْتَحِقِّينَ بِنَفْسِهِ قَدْرَ الإِمْكَانِ، فَإِنَّ لِذَلِكَ أَثَرًا فِي القَلْبِ لَا يَخْفَى.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالقُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، قَدْ قُلْتُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إِلَّا اللهُ رَبُّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَقَيَّومُ السَّمَاوَات وَالأَرَضِين، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى الْمَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين، وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ إِلَى يَوْمِ الدِّين.

يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ أَدَاءَ الزَّكَاةِ بَرَكَةٌ عَلَى المَالِ، يَزِيدُ فِي بَرَكَةِ المَالِ وَيُنَمِّيهِ، (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)[سبأ:39].

وَمَنْ أَمْسَكَ المَالَ رَغْبَةً فِي حِفْظِهِ وَتَنْمِيَتِهِ حَلَّتْ عَلَيهِ دَعْوَةُ المَلَكَينِ كَمَا فِي الصَّحِيحَينِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا مِنْ يَومٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ، إِلَّا مَلَكَان يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: الَّلهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: الَّلهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا"، وَأَيُّ إِمْسَاكٍ لِلْمَالِ أَعْظَمُ مِنْ إِمْسَاكِ الزَّكَاةِ الوَاجِبَةِ؟

وَقَدْ تَوَعَّدَ اللهُ -تَعَالَى- تَارِكَ الزَّكَاةِ بِالوَعِيدِ العَظِيمِ، وَجَعَلَ -سُبْحَانَهُ- مَنْعَ الزَّكَاةِ مِنْ صِفَاتِ الكَافِرِينَ: (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ)[فصلت:6-7].

وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- قَالَ: "مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي فِيهَا حَقَّهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيْدَتْ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ العِبَادِ".

إِنَّنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَا نَصْبِرُ عَلَى البَقَاءِ فِي حَرِّ الظَهِيرَةِ، فَكَيْفَ بِحَرِّ جَهَنَّم؟!

فَبَادِرُوا بِزَكَاةِ المَالِ إِنَّ بِهَا

لِلْنَّفْسِ وَالمَالِ تَطْهِيرًا وَتَحْصِينًا

أَلَمْ تَرَوا أَنَّ أَهْلَ المَالِ فِي وَجَلٍ

يَخْشَونَ مَصْرَعَهُمْ إِلَّا المُزَكِّينَا

فَهَلْ تَظُنُّونَ أَنَّ اللهَ أَوْرَثَكُمْ

مَالًا لِتَشْقَوا بِهِ جَمْعًا وَتَخْزِينًا

أَوْ تَقصُرُوهُ عَلَى مَرْضَاةِ أَنْفُسِكُمْ

وَتَحْرِمُوا مِنْهُ مَنْكُوبًا وَمِسْكِينًا

مَا أَنْتُمُ غَيرُ أَقْوَامٍ سَيَسْأَلُكُم

إِلَهُكُمْ عَنْ حِسَابِ المُسْتَحِقِّينَا

وَلَنْ تَنَالُوا نَصِيبًا مِنْ خِلَافَتِهِ

إِلَّا بِأَنْ تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَا

(إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ)[التغابن:17].

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، واخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ.

اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ؛ فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.