البحث

عبارات مقترحة:

الشاكر

كلمة (شاكر) في اللغة اسم فاعل من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

المقيت

كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...

الشهيد

كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...

أفلح من زكاها

العربية

المؤلف تركي بن علي الميمان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات - الصيام
عناصر الخطبة
  1. مكانة تزكية النفوس .
  2. أصل تزكية النفوس ومفتاحها ومصدرها .
  3. من وسائل تزكية النفوس .
  4. رمضان فرصة لتزكية النفوس .

اقتباس

الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- هُوَ طَبِيْبُ القُلُوبِ والنُّفُوس؛ فَلَا سَبِيْلَ إلى تَزْكِيَةِ النَّفْسِ إلا على طَرِيْقَتِه، واتِّبَاعِ سُنَّتِه؛ (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ...

الخُطْبَةُ الأُوْلى:

عِبَادَ الله: كُلُّ إِنْسَانٍ يَطْلُبُ لِنَفْسِهِ السَّعَادَةَ والفَلاح، ولَكِنَّ الحقيقةَ الكُبْرَى: أَنَّ فَلَاحَهَا لا يَكُونُ إلا بِتَزْكِيَتِهَا: بِطَاعَةِ الله، وَتَرْكِ مَعْصِيَتِه؛ وَقَدْ أَقْسَمَ اللهُ تَعالى بِهَذِهِ الحقيقة، فقالَ تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)[الشمس: 9-10].

والتوحيدُ والإِيْمَان هُوَ أَصْلُ مَا تَزْكُوْ بِهِ النُّفُوس، والشِّرْكُ هُوَ أَشَدُّ ما يُدَنِّسُهَا، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ)[التوبة:28]، والشِّرْكُ مُحْبِطٌ لجَمِيعِ الأَعْمَال (ولَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الزمر: 65]؛ فَلا زَكَاةَ لِلنَّفْسِ إلا بالتوحيدِ الخَالِص، وتَخْلِيصِهَا مِنْ الشِّرْكِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِه.

وَتَزْكِيَةُ النُّفُوسِ بِيَدِ الله، وَمِفْتَاحُهَا الأَعْظَم: هُوَ الدُّعَاء، والاِفْتِقَارُ إلى اللهِ بِطَلَبِهَا، قال تعالى: (بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ)[النساء:49]، ولهذا كانَ مِنْ دُعَاءِ النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاهَ"(رواه مسلم).

والقُرْآنُ الكَرِيم هُوَ مَصْدَرُ التَّزْكِيَةُ والهِدَايَة، والحَامِي مِنَ الضَّلَاِل والغِوَايَة، وَقَدْ "ضَمِنَ اللَّهُ لِمَنِ اتَّبَعَ الْقُرْآنَ: أَنْ لَا يَضِلَّ فِي الدُّنْيَا، وَلَا يَشْقَى فِي الْآخِرَةِ"، قال ابنُ القَيِّم: "القرآنُ هُوَ الشِّفَاءُ التَّامُّ مِنْ جَمِيعِ الأَدْوَاءِ القَلْبِيَّةِ والبَدَنِيّة، وأَدْوَاءِ الدُّنْيا والآخِرَة"، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ)[يونس: 57].

والرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- هُوَ طَبِيْبُ القُلُوبِ والنُّفُوس؛ فَلَا سَبِيْلَ إلى تَزْكِيَةِ النَّفْسِ إلا على طَرِيْقَتِه، واتِّبَاعِ سُنَّتِه؛ (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ)[آل عمران:164]؛ فَمَنْ زَعَمَ طَرِيْقَةً تُخَالِفُ طَرِيْقَةَ النَّبِيِّ في التَّزْكِيَة؛ فَعَمَلُهُ مَرْدُوْد؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا؛ فَهُوَ رَدٌّ"(رواه مسلم).

وَمِنْ وَسَائِلِ تَزْكِيَةِ النُّفُوس: إِنْفَاقُ المالِ في الزَّكَاةِ والصَّدَقَة؛ (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها)[التوبة:103].

وما أَكْثَرَ أَحَدٌ ذِكْرَ المَوت، إلا رَقَّ قَلْبُه، وَزَكَتْ نَفْسُه، وزَالَتْ غَفْلَتُه؛ وَمِنْ هُنَا جاءَتْ وَصِيّةُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بِقَوْلِه: "أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَادِمِ اللَّذَّاتِ"(رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني).

والصُّحْبَةُ الصَّالِحَة، مِنْ أَعْظَمِ العَوْنِ على تَزْكِيَةِ النَّفْسِ، وتَجَنُّبِ صُحْبَةِ السُّوء؛ يَحْمِى مِنْ أَمْرَاضِ النُّفُوس، فـ "مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ، كَحَامِلِ المِسْكِ وَنَافِخِ الكِيرِ، فَحَامِلُ المِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً"(رواه البخاري، ومسلم).

وكُلَّمَا تَلَطَّخَتْ نَفْسُكَ بِشَيءٍ مِنَ الذُّنُوب، فَبَادِرْ بِغَسْلِهَا وتَطْهِيْرِهَا بالتَّوْبَةِ والعَمَلِ الصَّالِح، فـ (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة:222]، و(إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ)[هود:114].

وَمُرَاقَبَةُ الله؛ أَسَاسُ تَزْكِيَةِ النُّفُوس، وإِصْلَاحِ القُلُوب، وَقَدْ جَمَعَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أُصُولَ أَعْمَالِ القَلْب، وفُرُوْعَهَا في كَلِمَةٍ واحِدَة، وَهِيَ قَوْلُهُ في الإِحْسَان: "أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ"(رواه البخاري، ومسلم).

أقولُ ما تَسمعونَ، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

عِبَادَ الله: شَهْرُ رَمَضَانَ فُرْصَةٌ ذَهَبِيَّةٌ، لِتَزْكِيَةِ النُّفُوس، وتَطْهِيْرِ القُلُوب، فالجِنَانُ مُفَتَّحَة، والنِيْرَانُ مُغَلَّقَة، والشَّيَاطِينُ مُصَفَّدَة، وَبَقِيَ العَمَلُ والجِهَاد، وَمِنَ اللهِ الهُدَى والسَّدَاد! (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)[العنكبوت:69]​، قال ابْنُ القَيِّم: "وَتَزْكِيَةُ النُّفُوسِ: أَصْعَبُ مِنْ عِلَاجِ الْأَبْدَانِ وَأَشَدّ".