الحميد
(الحمد) في اللغة هو الثناء، والفرقُ بينه وبين (الشكر): أن (الحمد)...
العربية
المؤلف | إسماعيل القاسم |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الصلاة |
خَصَّ الله هذه الأمةَ بخصائصَ وميزاتٍ في أيامها ولياليها، كرمًا منه وفضلاً، فقد ميّز يومَ الجمعةِ بفضائلَ عن بقية أيام الأسبوع، فيه خُلق آدم، وفيه أُدخلَ الجنة، وفيه أُخْرج منها، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يَسألُ الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه.
الخطبة الأولى:
خَصَّ الله هذه الأمةَ بخصائصَ وميزاتٍ في أيامها ولياليها، كرمًا منه وفضلاً، فقد ميّز يومَ الجمعةِ بفضائلَ عن بقية أيام الأسبوع، فيه خُلق آدم، وفيه أُدخلَ الجنة، وفيه أُخْرج منها، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يَسألُ الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه.
هو خيرُ أيام الأسبوع، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليَّ"(رواه أبو داود)، أضلَّ الله يوم الجمعة عن الأمم السابقة، فقد اختار اليهود يوم السبت الذي لم يقع فيه خَلْق، واختار النصارى يوم الأحد، الذي ابتدأ في الخلق.
واختار الله لهذه الأمة يوم الجمعة، الذي أكمل الله فيه الخليقة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بَيْد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ثم إن هذا يومهم الذي فرض الله عليهم فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع، اليهود غدًا، والنصارى بعد غد"(رواه البخاري)، وفي لفظ مسلم "أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا".
ميّز الله هذا اليوم بصلاة الجمعة، قال -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)[الجُمُعَة: 9]، قال ابن كثير -رحمه الله-: "أي اقصِدوا واعْمَدُوا واهتموا في مسيركم إليها". والسعي لها يكون بسكينة وتفرغ عن مشاغل الدنيا، قال -سبحانه-: (وَذَرُوا الْبَيْعَ)[الجُمُعَة: 9].
وجزاء هذا العمل قال -سبحانه-: (ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)[الجُمُعَة: 9]، أي بترككم البيع وإقبالكم إلى ذِكر الله وإلى الصلاة خير لكم في الدنيا والآخرة إن كنتم تعلمون، وبعد أداء الجمعة يكون الانتشار في الأرض، والابتغاء من فضل الله، مع المداومة على ذِكْر الله دومًا كما أمر الله -سبحانه-: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[الجُمُعَة: 10].
في يوم الجمعة تكفيرٌ للسيئات، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الصلاة إلى الصلاة، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفّرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر"(رواه الإمام أحمد).
وعلى مَن يحضر صلاة الجمعة أن يهيئ نفسه تهيئة ملائمة لهذا اليوم المبارك، فقد أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى جملةٍ من الأعمالِ المشروعة، منها: الغُسْل، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "غُسْل الجمعة واجبٌ على كلّ مسلم"(رواه أبو داود).
وكذلك التطيب ولبس أحسن الثياب، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهّر ما استطاع من طهر، ويدَّهن من دهنه، أو يمسَّ من طيب بيته، ثم يخرج، فلا يفرّق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى"(رواه البخاري).
في هذا اليوم المبارك فضائل لمن بكّر في أدائها، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَن اغتسل يوم الجمعة غُسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى؛ فكأنما قرَّب بدنة، وإذا راح في الساعة الثانية فكأنما قرَّب بقرة، وإذا راح في الساعة الثالثة فكأنما قرَّب كبشًا أقرن، وإذا راح في الساعة الرابعة فكأنما قرَّب دجاجة، وإذا راح في الساعة الخامسة فكأنما قرَّب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر"(متفق عليه).
وفي هذا اليوم تحضر الملائكة لبيوت الله، ويكتبون الأول فالأول للقادم إلى المسجد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف، وجلسوا للخطبة"(متفق عليه).
كما يجب على الداخل للمسجد أن يصلّيَ تحيةَ المسجد، ثم يجلسَ فيما انتهى إليه الصف دون أذية لإخوانه، وقد دخل رجلٌ المسجدَ ورسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب، فجعل يتخطى رقاب الناس، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اجلس فقد آذيت وآنيت"(رواه أبو داود وابن ماجه)؛ أي: جمعت بين أذية إخوانك، وتأخُّرك عن الخطبة.
وفّقنا الله لاستغلال يومنا بالطاعات، وتقبل منا ومنكم الصالحات.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
يوم الجمعة يوم مبارك، فيه فضائلُ، ونفحات، من صلاةٍ، وذكر، ودعاء، وقراءة للقرآن الكريم، وعلى المسلم أن يجتهد في الدعاء في ساعات يوم الجمعة -وأرجاها آخرُ ساعة من يومها-.
قال ابن القيم -رحمه الله- عند ذكر مواطن إجابة الدعاء -: "وإذا صحب الدعاءَ حضورُ القلب وجمعيتَه بكلِّيته على المطلوب، وصادف وقتًا من أوقات الإجابة -ومنها- آخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم، وصادف خشوعًا في القلب، وانكسارًا بين يدي الرب، وذلاً له، وتضرعًا، ورِقةً، واستقبل الداعي القبلة، وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله، وبدأ بحمد الله، والثناء عليه، ثم ثنَّى بالصلاة على محمد عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وتوسّل إلى الله بأسمائه وصفاته، وقَدَّم بين يدي دعائه صدقة، فإن هذا الدعاءَ لا يكاد يرد أبدًا".
وفّقنا الله للتعرض لنفحات هذا اليوم المبارك، وجعلنا ممن يعمره بالطاعات.
وصلوا وسلموا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.