البحث

عبارات مقترحة:

الرقيب

كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

المليك

كلمة (المَليك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعيل) بمعنى (فاعل)...

البر

البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...

الغضب

العربية

المؤلف إسماعيل القاسم
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المهلكات
عناصر الخطبة
  1. اختلاف طبائع البشر .
  2. ذم الغضب المذموم .
  3. أهمية الغضب المحمود وصوره .
  4. وسائل التخلص من الغضب المذموم. .

اقتباس

الغضب مفتاحُ كلِّ شر، وهو عبارة عن فوران دم القلب إرادةَ الانتقام. بل الغضبُ سببٌ لدخول النار، قال ابن القيم -رحمه الله-: "دخل الناسُ النارَ من ثلاثة أبواب: بابُ شبهة أورثت شكًّا في دين الله، وبابُ شهوة أورثت تقديم الهوى على طاعته ومرضاته، وبابُ غضب أورث العدوان على خَلقه".

الخطبة الأولى:

خلق الله الخلق، وقَسَم أخلاقهم كما قسم أرزاقهم، فأوجد فيهم الحكيمَ والسفيه، والرحيمَ والغليظ، والكريمَ والبخيل، والحليمَ والغضوب.

والغضب من الصفات المذمومة التي نهى الشارع عنها، فقد جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله: "أوصني، فقال: لا تغضب، فردد مرارًا، فقال: "لا تغضب"(متفق عليه).

قال ابن حجر -رحمه الله-: "هذا الرجل شديد الغضب، فأوصاه النبي -صلى الله عليه وسلم- بما يناسبه"، قال الرجل: "ففكرت حين قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ما قال، فإذا الغضب يجمع الشر كله"، لأن الغضب مفتاحُ كلِّ شر، وهو عبارة عن فوران دم القلب إرادةَ الانتقام.

بل الغضبُ سببٌ لدخول النار، قال ابن القيم -رحمه الله-: "دخل الناسُ النارَ من ثلاثة أبواب: بابُ شبهة أورثت شكًّا في دين الله، وبابُ شهوة أورثت تقديم الهوى على طاعته ومرضاته، وبابُ غضب أورث العدوان على خَلقه".

وسبب الغضب غالبًا: إما أن يكون في قلب المرء زُهُّوٌ وإعجابٌ، وهَزْلٌ ومماراة، أو حَمِيةٌ عمياء.

والغضب منه ما يكون: محمودًا ومذمومًا، فالمحمود ما كان في جنب الدين والحق، والمذموم ما كان في غير الحق.

والله -سبحانه- يغضب وغضبُه محمودٌ، ومن ذلك غضبه على أعدائه من اليهود، كما ذكر ذلك -سبحانه-: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ)[المَائدة: 60].

 وغضب أيضاَ على المنافقين والمشركين الظانين بالله ظن السوء: (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)[الفَتْح: 6].

وكذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يغضب في بعض الأحيان لله -عز وجل- ولدينه لا لنفسه -عليه السلام- كما في حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "رخَّص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أمر، فتنزَّه عنه ناس من الناس، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-، فغضب حتى بان الغضبُ في وجهه، ثم قال: "ما بالُ أقوامٍ يرغبون عما رُخِّص لي فيه"(رواه مسلم).

ودخل على عائشة -رضي الله عنها- وهي مستترة بِقِرامٍ فيه صورة، فتلوَّن وجهه، ثم تناول السِّتر فهتكه، ثم قال: "إنَّ مِن أشدّ الناس عذابًا يوم القيامة الذين يُشبِّهون بخلق الله"(رواه مسلم).

وغضب يونس -عليه السلام- حين ذهب مغاضبًا، قال القرطبي -رحمه الله-: "خرج مغاضبًا من أجل ربه".

وغضب موسى -عليه السلام- على قومه حين بدلوا عبادة الله بعبادة العجل، كما ذكر المولى حالهم في قوله: (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ)[الأعرَاف: 150].

بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم.

الخطبة الثانية:

لمّا كان العلم بالتَّعلم، والحِلْم بالتحَلُّم، جاءت الشريعة الإسلامية بأدوية حسية ومعنوية لتخفيف الغضب أو رفعه، منها:

ذكر الله -تعالى-، فإنَّ ذِكرَه -سبحانه- يدعوه إلى الخوف منه، ويقوده ذلك إلى طاعة مولاه، قال -عز وجل-: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيْتَ)[الكهف: 24]، قال عكرمة -رحمه الله-: "يعني: إذا غضبت".

وأن يتذكر الأخبارَ الواردةَ في فضل كظم الغيظ والحِلْم، فيمنعه ذلك من التشفي والانتقام، وينطفئ غيظه، ففي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من كتم غيظًا وهو قادر على أن يُنْفِذه، دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يُخيّره أي الحور شاء"(رواه ابن ماجه).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ليس الشديد بالصُّرَعَة، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"(متفق عليه).

وداء الغضب ما ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع"(رواه أبو داود).

 أو بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ففي حديث سليمانَ بنِ صُرَدٍ -رضي الله عنه- قال: "استبَّ رجلان عند النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحن عنده جلوس، وأحدهما يسبّ صاحبه مغضبًا قد احمرَّ وجهه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"(رواه البخاري).

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرفها عنا سيئها إلا أنت.

ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه؛ فصلوا عليه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.