الرفيق
كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...
العربية
المؤلف | تركي بن علي الميمان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الهدي والأضاحي والعقيقة - |
وَيَنْبَغِيْ حَثُّ الأَهْلِ والأَوْلَادِ على صِيَامِ هذا اليَوْمِ العَظِيم! قال الشَيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْن: "مَنْ صَامَ يَوْمَ عَرَفَة، وَعَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضَان؛ فَصِيَامُهُ صَحِيح، لَكِنْ لَوْ نَوَىَ أَنْ يَصُومَ هَذَا اليومَ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَان...
الخُطْبَةُ الأُوْلَى:
أَيُّهَا المُسْلِمُون: مَا زِلْتُمْ تَتَقَلَّبُونَ في أَيَّامِ العَشْرِ المُبَارَكَةِ -أَعْظَمِ أَيَّامِ الدُّنْيَا-! فَهَنِيْئًا لِمَنْ اغْتَنَمَهَا بِجَمْعِ الحَسَنَات، وَتَكْفِيرِ السَّيْئَات.
وهَا أَنْتُمْ مُقْبِلُونَ على أَعْظَمِ أَيَّامِ العَشْر: إِنَّهُ يَومُ عَرَفَة، ومَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ عَرَفَة! إنَّه اجْتِمَاعٌ عَظِيمٌ لِذِكْرِ اللهِ وشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِه! قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِم الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟!"(رواه مسلم:1348).
وَيَومُ عَرَفَة؛ أَقْسَمَ اللهُ بِه: والعَظِيمُ لا يُقْسِمُ إِلَّا بِعَظِيْم! قال تعالى: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)[البروج:3]، قال -صلى الله عليه وسلم-: "اليَومُ المَشْهُود: يومُ عَرَفة"(رواه الترمذي:3339، وحسنه الألباني)، وقال تعالى: (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ)[الفجر:3]. قال ابنُ عَبَّاس: "الشَّفْع: يَومُ الأَضْحى، والوَتْر: يَومُ عَرَفة".
ولاغْتِنَامِ هذا اليومِ العَظِيمِ؛ إِلَيْكُمْ عَدَدًا مِن الوَصَايَا الوَجِيْزَة:
أَوْلاً: التَّفرُّغُ لِلْعِبَادَة: وتَرْكُ المشَاغِلِ والأَعْمَالِ، وتَأجِيلُهَا إلى يَوْمٍ آخِر.
ثانيًا: الصِيَامُ لِغَيرِ الحَاج، قال -صلى الله عليه وسلم-: "صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ؛ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ!"(رواه مسلم 1162).
وَيَنْبَغِيْ حَثُّ الأَهْلِ والأَوْلَادِ على صِيَامِ هذا اليَوْمِ العَظِيم! قال الشَيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْن: "مَنْ صَامَ يَوْمَ عَرَفَة، وَعَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضَان؛ فَصِيَامُهُ صَحِيح، لَكِنْ لَوْ نَوَىَ أَنْ يَصُومَ هَذَا اليومَ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَان؛ حَصَلَ لَهُ الأَجْرَان: أَجْرُ يَومِ عَرَفَة، مَعَ أَجْرِ القَضَاء".
ثَالِثًا: التَّكْبِير: حَيْثُ يَبْدَأُ التَّكبِيرُ المُقيَّدُ الذي يَكُونُ بَعْدَ الصَّلَوات: مِنْ بَعدِ فَجْرِ يَومِ عَرَفة، ولِلْحَاجِّ مِنْ يَومِ العِيد إلى آخِرِ أَيّامِ التَّشْرِيق، وأَمَّا التَّكْبِيرُ المُطْلَقُ الذّي يَكُوْنُ في كُلِّ وَقْت: فَلَا يَزَالُ مَشْرُوعًا مِنْ أَوَّلِ الشَّهْر.
رَابِعًا: التَّهْلِيْلُ وَالْدُّعَاء: فَدُعَاءُ يَوْمِ عَرَفةَ، لَهُ مَزِيَّةٌ على غَيْرِه؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "خَيْرُ الدُّعَاءِ: دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"(رواه الترمذي 3585، وحسَّنه الألباني). قال البَاجِي: "قَوْلُهُ: "خَيْرُ الدُّعَاءِ": يَعْنِي أَكْثَرُ الذِّكْرِ بَرَكَة، وأَعْظَمُهُ ثَوَابًا، وَأَقْرَبُهُ إِجَابَة!".
والأُضْحِيَةُ في يَوْمِ العِيْد؛ شَعِيرَةٌ مُعَظَّمَةٌ، وَسُنَّةٌ مُؤَكَّدَة، وَتُجْزِئُ عَنِ الرَّجُلِ وأَهْلِ بَيْتِهِ؛ وَقَدْ "ضَحَّى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّر"(رواه البخاري:5565، ومسلم:1966).
وَكُلَّمَا كانَتِ الأُضْحِيَةُ أَكْمَلَ في صِفَاتِهَا، وَأَغْلَى ثَمَنًا، فَهِيَ أَحَبُّ إلى الله، وأَعْظَمُ أَجْرًا.
وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ الحِكْمَةَ مِنْ ذَبْحِ الأَضَاحِي قال تعالى: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ)[الحج:37].
قالَ الشَّيْخُ السَّعديُّ: "هذا حَثٌّ وتَرْغِيبٌ على الإِخلاصِ في النَّحْرِ، وأنْ يكُونَ القَصْدُ وَجهَ اللهِ وحْدَهُ، لا فَخْرًا ولا رِيَاءً ولا سُمعَةً، ولا مُجرَّدَ عَادة، وهكَذا سَائِرُ العِباداتِ: إنْ لم يَقتَرِنْ بِهَا الإِخْلاصُ وتَقْوَى الله؛ كانَتْ كالقُشُورِ الذيْ لا لُبَّ فيهِ، والجَسَدُ الذي لا رُوْحَ فِيْه!".
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
أَمَّا بَعْد: فَإِنَّ آخِرَ هَذِهِ العَشْر المُبَارَكَة، هُوَ عِيْدُ الأَضْحَى؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ أَعْظَمَ الأيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَوْمُ النَّحْرِ"(رواه أبو داود 1765، وصححه الألباني).
والفَرَحُ في العِيْد مِنْ مَحَاسِنِ هذا الدِّينِ وشَرَائِعِهِ؛ ويُسَنُّ الإِمسَاكُ عَنِ الأَكلِ في عِيدِ الأَضْحَى حَتَّى يُصلِّيَ العيد، لِيَأْكُلَ مِنْ أُضحِيَتِهِ، وَيُشْرَعُ التَّجَمُّلُ في العيدِ، والخُرُوْجُ مَاشيًا إِنْ أَمْكَن، ويُكْثِرُ مِنَ التَّكبِيرِ حتى يَحْضُرَ الإمامُ، ويَرْجِعُ مِنْ طَريقٍ آخَر، كَمَا هِيَ سُنَّةُ المُصْطَفَى -صلى الله عليه وسلم-.
فَاغْتَنِمُوا مَوَاسِمَ الخَيْرَات: وَاسْتَكْثِرُوا مِنَ البَرَكَات، وَسَارِعُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ، واقْتَدُوا بِسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ، وأَحْسِنُوا في عَمَلِكُمْ؛ لِتَنَالُوا رَحْمَةَ رَبِّكُمْ! (وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)[الأعراف: 56].