الحفيظ
الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...
العربية
المؤلف | إسماعيل القاسم |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التوحيد |
ومن أحسن في دنياه فإنه يَسْعد بإحسانه في الدنيا وفي الآخرة.. الإحسان إلى الخلق ونفعهم بما يمكنه من المال والجاه والنفع بالبدن وأنواع الإحسان؛ فإن الكريم المحسن أشرح الناس صدرًا، وأطيبهم نفسًا، وأنعمهم قلبًا، والبخيل الذي ليس فيه إحسان أضيق الناس صدرًا، وأنكدهم عيشًا، وأعظمهم همًّا وغمًّا.
الخطبة الأولى:
من أسماء الله وصفاته المحسن، وهو غاية الجمال والكمال والجلال. قال نبي الله إلياس -عليه السلام- لقومه: (أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ)[الصافات:125]. ومن صفة الله على خلقه أنه -سبحانه- (أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ)[السجدة:7].
والله محسن إلى عباده، قال ابن تيمية -رحمه الله-: "والله -سبحانه- هو المنعم المحسن إلى عبده بالحقيقة؛ فإنه المتفضل بجميع النعم وإن جرت بواسطة؛ إذ هو مُيسِّر الوسائط ومُسبِّب الأسباب".
والإحسان: هو فعل ما هو حَسَن وهو ضد المساوئ؛ قال -تعالى-: (وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ)[الرعد:22].
والإحسان: المراقبة وحُسن الطاعة؛ فمن راقب الله أحسن عمله، والله يأمر به (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى)[النحل:90]. ومن أحسن عمله فلن يُضيّع الله ثوابه قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا)[الكهف:30].
ومن أحسن فقد أحسن إلى نفسه قال -تعالى-: (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ)[الإسراء:7].
والإحسان يشمل الأقارب والأباعد قال -تعالى-: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)[الإسراء:23].
هناك أعمال مَن أداها فقد أحسن لنفسه ولغيره.
أولها: الصبر في مواجهة الملمات والشدائد قال -سبحانه-: (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)[هود:115]. والخطاب هنا للنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ أي: اصبر يا أيها الرسولُ على ما تلقى من المكاره ومن أذى المشركين، فإِن الله معك وهو لا يضيع ثواب المحسنين.
مجاهدة النفس في كتم الغيظ ومحاربة الشح وكبح شهوة الانتقام، قال -تعالى-: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[آل عمران:134].
والإحسان في تبليغ الدين وذلك بالمجادلة بالتي هي أحسن وهي الدعوة إلى الله بآياته والتنبيه على حججه قال -تعالى-: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)[العنكبوت:46].
وعند الخصومة والخلاف قال -تعالى-: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)[فصلت:34]؛ وذلك كدفع الغضب بالصبر والإساءة بالعفو؛ فإذا فعلت ذلك صار الذي بينك وبينه عداوة كالصديق القريب.
وفي مال اليتيم يكون التصرف بالطريقة التي هي أحسن وهي حفظه واستثماره، قال -تعالى-: (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)[الأنعام:152].
الخطبة الثانية:
والله -سبحانه- كتب الإحسان على كل شيء قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته فليرح ذبيحته"(رواه مسلم).
ومن أحسن إلى الناس نال الثواب قال -تعالى-: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ)[النحل:30]. فمن أحسن عمله في الدنيا كان له عند الله الجزاء الحسن في الآخرة، كقوله -تعالى-: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)[يونس:26]. والحسنى: هي الجنة. والزيادة: النظر إلى وجه الله الكريم.
ومثله قوله -تعالى-: (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى)[النجم:31]، وقوله -تعالى-: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ)[الرحمن:60]، وقوله -تعالى-: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا)[النمل:89].
ومن أحسن في دنياه فإنه يَسْعد بإحسانه في الدنيا وفي الآخرة، قال ابن القيم -رحمه الله-: "الإحسان إلى الخلق ونفعهم بما يمكنه من المال والجاه والنفع بالبدن وأنواع الإحسان؛ فإن الكريم المحسن أشرح الناس صدرًا، وأطيبهم نفسًا، وأنعمهم قلبًا، والبخيل الذي ليس فيه إحسان أضيق الناس صدرًا، وأنكدهم عيشًا، وأعظمهم همًّا وغمًّا".
وصلوا وسلموا....