البحث

عبارات مقترحة:

التواب

التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...

المنان

المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...

المجيد

كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...

أهمية النية في العمل

العربية

المؤلف إسماعيل القاسم
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الحديث الشريف وعلومه - المنجيات
عناصر الخطبة
  1. أهمية صلاح النيات وإخلاصها .
  2. حديث عظيم في النيات .
  3. الرياء سبب لرد الأعمال .
  4. الإخلاص شرط قبول العمل الصالح. .

اقتباس

هذه الأصناف الثلاثة في الحديث تنوعت الأعمال فيها، فمنها ما هو بدني وهو الجهاد في سبيل الله، ومنها ما هو مالي وهو البذل والنفقة، ومنها ما هو معرفي وهو العلم؛ لذا على المسلم أن يحذر من أن يبتغي بعمله الناس أو الدنيا، بل يجعل نصب عينيه ثوب الله والدار الآخرة.

الخطبة الأولى:

الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى، ولا يَطَّلع على النيات إلا خالقها، وكل عمل لازمته نية صادقة، فإنه مأجور عليه، حتى ولو لم يعمله، قال الله في وصف فقراء الصحابة -رضي الله عنهم- الذين رغبوا في مشاركة النبي -صلى الله عليه وسلم- في تجهيز غزوة تبوك وتعذَّر عليهم وُجود الرَّحل -أي ما يركبون عليه-: (وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ)[التوبة:92].

وإن كانت النية غير صالحة فإنه لا يُؤْجَر المرء على أداء العمل حتى لو كان ظاهره الصلاح، فقد أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بهدم مسجد الضرار؛ حيث لم يُؤسَّس على تقوى من الله ورضوان، بل اتخذه المنافقون ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين ومقرًّا للرصد والإعداد لحرب المسلمين.

 ومعنا حديث عظيم في النيات يُنَبِّه كل غافل، ويُحذِّر كل عالِم، ومُنْفِق، ومُجَاهِد، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ أول الناس يُقْضَى عليه يوم القيامة رجلٌ استُشْهِدَ فأُتِيَ به فعرَّفه نِعَمه، فعرفها، قال: ما عملتَ فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدتُ، قال: كذبتَ ولكنك قاتلت لأن يقال: جريء، فقد قِيلَ، ثم أمر به فسُحِبَ على وجهه حتى أُلقي في النار".

وفي رواية: "فيقول أُمِرْت بالجهاد في سبيلك؛ فقاتلتُ حتى قُتِلْتُ؛ فيقول الله -تعالى- له: كذبتَ، وتقول له الملائكة كذبتَ، ويقول الله: بل أردت أن يقال فلان جريء؛ فقد قِيلَ ذاك".

"ورجل تعلَّم العلم وعلّمه، وقرأ القرآن، فأُتِيَ به فعرَّفه نِعَمه فعرفها، قال: ما فعلتَ فيها؟ قال: تعلّمت العلم وعلّمته وقرأت القرآن، قال: كذبتَ ولكنّك تعلمتَ العلم ليقال عالم، وقرأتَ القرآن ليقال: قارئ، فقد قِيلَ، ثم أُمِرَ به فسُحِبَ على وجهه حتى ألقي في النار".

 وفي رواية الترمذي: "قال: كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار، فيقول الله له: كذبت، وتقول له الملائكة كذبتَ، ويقول الله: بل أردت أن يقال إن فلانًا قارئ؛ فقد قِيلَ ذاك".

"ورجل وسَّع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال كلّه، فأُتِيَ به، فعرَّفه نعمه، فعرفها، قال: فما عملتَ فيها. قال: ما تركتُ مِن سبيل تُحِبّ أن يُنْفَق فيها إلا أنفقتُ فيها لك، قال: كذبتَ ولكنّك فعلتَ ليُقال: هو جواد، فقد قِيلَ، ثم أُمِرَ به فسُحِبَ على وجهه ثم ألقي في النار".

 وفي رواية: "قال: كنت أصل الرحم وأتصدق؛ فيقول الله له: كذبت، وتقول له الملائكة كذبت، ويقول الله -تعالى-: بل أردتَ أن يُقال: فلان جواد؛ فقد قيل ذاك"(رواه مسلم)، وفي الحديث أن معاوية لما بلغه هذا الحديث بكى حتى غُشِيَ عليه؛ فلما أفاق، قال: صدق الله ورسوله قال الله -عز وجل-: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[هود:15-16]. فالمجاهد قاتل وجاهد ليقال: إنّه شجاع، وإنّه جريء، والعالم تعلّم العلم ليقال إنه عالم، والمنفق أنفق الأموال ليقال: إنه جواد ومنفق.

فهؤلاء الأصناف الثلاثة يظهر للناس صلاح أعمالهم، لكنهم ما أردوا بها وجه الله، وإنما مدح الناس وثنائهم على صنيعهم.

الخطبة الثانية:

الأصناف الثلاثة المذكورين في الحديث أعمالهم عظيمة، وتضحياتهم جسيمة؛ فالمجاهد في سبيل الله ترك ماله وولده وداره، وتعرَّض للمخاوف والأخطار، بل القتل أو الإصابة. والثاني: تعلم العلم وقرأ القرآن الكريم، وبذل وقته الساعات الطوال، ولم يقصد بها وجه الله -تعالى-.

وقد ورد الوعيد على تعلُّم العلم لغير وجه الله، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَن تعلم علمًا مما يُبْتَغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب عرضًا من الدنيا، لم يَجِد عَرْف الجنة يوم القيامة" -يعني ريحها-(رواه أبو داود).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَن طَلَب العلم ليماري به السفهاء، أو يجاري به العلماء، أو يَصْرف به وجوه الناس، إليه أدخله الله النار"(رواه الترمذي).

والثالث: رجل وسَّع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال، لكنَّه لم يشكر الله على النعمة التي بسطها الله له، ولم يُحْسِن للناس إلا ليقال جواد ومنفق وكريم وباذل، والبذل والصدقة إنما تكون طلبًا لمرضاة الله، وطمعًا في ثوابه.

لذا على المسلم أن يتعلم ويُعَلِّم لله، وينفق لله، ويجاهد لله، فالإخلاص في كل عمل صالح شرط لقبوله؛ قال -سبحانه-: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)[الأنعام:162-163]. وقال -تعالى-: (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)[الكهف:110].

هذه الأصناف الثلاثة في الحديث تنوعت الأعمال فيها، فمنها ما هو بدني وهو الجهاد في سبيل الله، ومنها ما هو مالي وهو البذل والنفقة، ومنها ما هو معرفي وهو العلم؛ لذا على المسلم أن يحذر من أن يبتغي بعمله الناس أو الدنيا، بل يجعل نصب عينيه ثوب الله والدار الآخرة.

وفَّقنا الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح المتقبل.