البحث

عبارات مقترحة:

المتين

كلمة (المتين) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل على وزن (فعيل) وهو...

الأول

(الأوَّل) كلمةٌ تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

الواسع

كلمة (الواسع) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَسِعَ يَسَع) والمصدر...

عيسى ابن مريم عليه السلام

العربية

المؤلف إسماعيل القاسم
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات أهل السنة والجماعة
عناصر الخطبة
  1. دلالات أشراط الساعة الكبرى .
  2. نزول عيسى ابن مريم -عليه السلام- آخر الزمان .
  3. صفات عيسى ابن مريم ونزوله .
  4. أعمال عيسى ابن مريم بعد نزوله .
  5. آثار نزول عيسى ابن مريم عليه السلام. .

اقتباس

ومن علامات الساعة الكبرى: نزول عيسى ابن مريم -عليه السلام- آخر الزمان من السماء، وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أنه ينزل قبل قيام الساعة، فيقتل الدجال، ويكسر الصليب، ويحكم بالقسط، ويقضي بشريعة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويُحْيِي من شأنها ما تركه الناس، ثم يمكث ما شاء الله أن يمكث، ثم يموت، ويُصلَّى عليه، ويُدْفَن.

الخطبة الأولى:

العلم بأشراط الساعة من الأمور التي أخبر بها جبريل -عليه السلام- رسولنا -صلى الله عليه وسلم- فقد بيَّن له بعضًا من علامتها، وهذه الأشراط تقوّي الإيمان في القلوب، وتحثّ المسلم على الإكثار من الأعمال الصالحة، والاستعداد للقدوم على الدار الآخرة.

 والمراد بأشراط الساعة هي العلامات التي تسبقها، ولا دليل في ذلك على كون شيء منها محرمًا أو ممنوعًا، إنما وقوعه دليل على قرب الساعة ودنو قيامها، ومن علامات الساعة الصغرى منها: بعثته -صلى الله عليه وسلم-، وهي نور وخير للبشرية.

وأشراط الساعة الصغرى ظهر كثير منها، ولم يبق منها إلا القليل، أما أشراط الساعة الكبرى إذا خرجت تتابعت كتتابع الخرز في النظام.

وعلاما الساعة الكبرى ما ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات؛ فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم -صلى الله عليه وسلم-، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف؛ خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم"(رواه مسلم).

ومن علامات الساعة الكبرى: نزول عيسى ابن مريم -عليه السلام- آخر الزمان من السماء، وقد دلَّت نصوص الكتاب والسُّنة على أنه ينزل قبل قيام الساعة، فيقتل الدجال، ويكسر الصليب، ويحكم بالقسط، ويقضي بشريعة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويُحْيِي من شأنها ما تركه الناس، ثم يمكث ما شاء الله أن يمكث، ثم يموت، ويُصلَّى عليه، ويُدْفَن.

 وقد ورد في القرآن الكريم ثلاث آيات تدل على نزول عيسى -عليه السلام-:

الآية الأولى: قوله -تعالى-: (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ)[الزخرف:61]؛ أي: أن نزول عيسى -عليه السلام- قبل القيامة علامة على قرب الساعة، ويدل على هذا: القراءة الأخرى (وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ للسَّاعَةِ) بفتح العين واللام، أي خروجه عَلَم من أعلام الساعة، وشرطٌ من شروطها وأمارة على قرب قيامها.

والآية الثانية: قوله -تعالى-: (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا)[محمد: 4].

قال البغوي -رحمه الله- معنى الآية: "أثخنوا المشركين بالقتل والأسر حتى يدخل أهل الملل كلها في الإسلام، ويكون الدين كله لله، فلا يكون بعده جهاد ولا قتال، وذلك عند نزول عيسى ابن مريم -عليهما السلام-".

والآية الثالثة: قوله -تعالى-: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا)[النساء:159].

 قال الطبري -رحمه الله- عن أبي مالك -رحمه الله-: "ذلك عند نزول عيسى ابن مريم -عليه السلام-، لا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمن به".

قال ابن كثير -رحمه الله-: "ولا شك أن هذا هو الصحيح؛ لأنه المقصود من سياق الآي في تقرير بطلان ما ادعته اليهود من قتل عيسى وصلبه، وتسليم من سلم لهم من النصارى الجهلة ذلك، فأخبر الله أنه لم يكن الأمر كذلك، وإنما شُبِّهَ لهم، فقتلوا الشَّبيه وهم لا يتبينون ذلك، فأخبر الله أنه رفعه إليه، وأنه باقٍ حيّ، وأنه سينزل قبل يوم القيامة".

وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بنزوله فقال: "والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، لا يقبلها من كافر، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها"(رواه البخاري).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة"، قال: "فينزل عيسى ابن مريم -عليه السلام- فيقول أميرهم: تعالَ صلِّ لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء؛ تكرمة الله لهذه الأمة"(رواه مسلم).

وإن خصوصيته بهذه الأمور المذكورة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصحيح: "أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم، ليس بيني وبينه نبي"؛ فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخص الناس وأقربهم إليه، فإن عيسى مُبشّر بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأتي من بعده ودعا الخلق إلى تصديقه والإيمان به. كما في قوله -تعالى-: (وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)[الصف:6]. وفي الحديث: قالوا يا رسول الله أخبرنا عن نفسك، قال: "نعم، أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى أخي عيسى"(رواه أحمد).

 وأما صفة عيسى -عليه السلام- كما وصفه الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه رجل مربوع القامة ليس بالطويل ولا بالقصير، جعد أحمر اللون، عريض الصدر، أقرب الناس شبهًا به عروة بن مسعود الثقفي -رضي الله عنه-.

وقال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لم يكن بيني وبينه نبي -يعني عيسى- وإنه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه: رجل مربوع، إلى الحمرة والبياض، عليه ثوبان ممصران، كأن رأسه يقطر، وإن لم يصبه بلل، فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويدعو الناس إلى الإسلام، فيهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام"(رواه أبو داود). وفي حديث آخر: "رأيت عيسى وموسى وإبراهيم، فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر"(رواه البخاري).

وأما مكان نزوله -عليه السلام- عند المنارة البيضاء شرقي دمشق واضعًا كفيه على أجنحة مَلَكين، وعليه مهرودتان، ويكون هذا مع صلاة الفجر حيث اصطف المسلمون للصلاة، وقد تقدم إمامهم والغالب أنه المهدي للصلاة بهم، فعندما يعلم بعيسى -عليه السلام- يتأخر ويطلب من عيسى أن يتقدم ليؤمهم فيأبى، فيصلي بهم المهدي، قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: "فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعًا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد نفَسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلب بباب لُدّ فيقتله، ثم يأتي عيسى ابن مريم قومًا قد عصمهم الله منه، فيسمح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة"(رواه مسلم).

وأما مدة بقاء عيسى -عليه السلام- إذا نزل: ففي بعض الروايات أنه يمكث سبع سنين، وفي الروايات الأخرى أنه يمكث أربعين عامًا، ثم يتوفى، ويصلي عليه المسلمون، ففي حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "فيبعث الله عيسى ابن مريم.. ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل الله ريحًا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته"(رواه مسلم).

 وفي زمن عيسى -عليه السلام- تكون علامات عظيمة من علامات الساعة الكبرى:

أولاها: قتل المسيح الدجال، فعندما يعلم الدجال بنزول عيسى -عليه السلام- "يهرب، فيلحقه نبي الله إلى بيت المقدس، فيدركه وقد حاصر عصابة من المسلمين، فيأمرهم عيسى -عليه السلام- بفتح الباب، فيفعلون ويكون وراءه الدجال، فينطلق هاربًا، فيلحقه نبي الله -عليه السلام- فيدركه عند باب لُدّ الشرقي، فيقضي عليه، وعلى من معه من يهود. فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء، وينطلق هاربًا، فيقول عيسى -عليه السلام-: إن لي فيك ضربة لن تسبقني بها، فيدركه عند باب لُدّ الشرقي، فيقتله، فيهزم الله اليهود، فلا يبقى شيء مما خلق الله -عز وجل- ليتوارى به يهودي إلا أنطق ذلك الشيء، لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة إلا الغرقدة، فإنها من شجرهم لا تنطق، إلا قال: يا عبد الله المسلم هذا يهودي فتعال اقتله.. "(رواه ابن ماجه).

وثاني هذه العلامات العظيمة زمن عيسى -عليه السلام- هلاك يأجوج ومأجوج، فبعدما يقضي عيسى -عليه السلام- على الدجال وفتنته، يفسد هؤلاء القوم في الأرض فسادًا كبيرًا، فيتضرع نبي الله عيسى -عليه السلام- وأصحابه إلى الله -تعالى- فيهلكهم شرّ هلكة، ويصبحون موتى لا يبقى منهم أحد، كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله في الكلام على يأجوج ومأجوج.

القضاء على كل الشرائع والحكم بالإسلام: ومن أجلّ هذا فهو يكسر الصليب، ويقتل الخنزير ويضع الجزية فلا يقبل من أحد إلا الإسلام، وإذا كان ذلك فلا يجوز أن يتوهم أن عيسى ينزل نبيًّا بشريعة متجددة، غير شريعة محمد نبينا -صلى الله عليه وسلم-، بل إذا أنزل فإنه يكون يومئذ من أتباع محمد -صلى الله عليه وسلم- كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال لعمر: "لو كان موسى حيًّا ما وسعه إلا اتباعي"؛ فعيسى -عليه السلام- إنما ينزل مقرِّرًا لهذه الشريعة مجددًا لها؛ إذ هي آخر الشرائع ومحمد -صلى الله عليه وسلم- آخر الرسل -عليهم السلام-.

ومنها: انتشار الأمن والرخاء بين الخلق وتعم البركة، وتكثر الخيرات؛ حيث تنبت الأرض نبتها، ولا يرغب في اقتناء المال لكثرته، وينزع الله في ذلك الوقت سُمّ كل ذي سُمّ حتى يلعب الأولاد بالحيات والعقارب فلا تضرهم، وترعى الشاة مع الذئب فلا يضرها، فتملأ الأرض أمنًا وسلمًا.

وفي الحديث: ".. ثم يرسل الله مطرًا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلقة، ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك، وردّي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرِسْل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس.."(رواه مسلم).

 هذه لمحة من نزول عيسى -عليه السلام- وما سيجري له بعد نزوله إلى الأرض ومعها علامات أخرى مصاحبة لها.

 وصلوا وسلموا....