البحث

عبارات مقترحة:

التواب

التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...

الرحيم

كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...

السلام

كلمة (السلام) في اللغة مصدر من الفعل (سَلِمَ يَسْلَمُ) وهي...

خطبة عيد الأضحى 1442هـ (التسليم لله)

العربية

المؤلف عبد الله اليابس
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات صلاة العيدين
عناصر الخطبة
  1. دروس وعبر من قصة التضحية والفداء .
  2. أهمية التسليم لأمر الله وحكمه .
  3. ثمرات التسليم للأحكام الشرعية والقدرية .
  4. فضائل يوم النحر .
  5. سنن الأضحية وآدابها. .

اقتباس

رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- هُوَ الذِي خَلَقَنَا، وَهُوَ الذِي خَلَقَ الكَوْنَ كُلَّهُ، وَجَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا، لَا يَزِيْدُ عَلَيْهِ وَلَا يَنْقُصُ، وَرَبُّنَا -سُبْحَانَهُ- شَرَعَ لَنَا شَرَائِعَ وَأَمَرَنَا بِلُزُومِهَا، وَنَهَانَا عَنْ مَنَاهٍ وَأَمَرَنَا بِاجْتِنَابِهَا، فَمِنْ عَدَمِ التَوْفِيقِ أَنْ يَتَرَدَّدَ المُسْلِمُ فِي تَنْفِيذِ أَوَامِرِ اللهِ لِعَدَمِ إِدْرَاكِهِ الحِكْمَةَ مِنْهَا، (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)....

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْد.

اللهُ أَكْبَرُ مَا لَبِسَ الحَجِيجُ مَلَابِسَ الإِحْرَامِ، اللهُ أَكْبَرُ مَا رَأَوا الكَعْبَةَ فَبَدَؤُوهَا بِالتَّحِيَّةِ وَالسَّلَامِ، اللهُ أَكْبَرُ مَا اِسْتَلَمُوا الحَجَرَ وَطَافُوا بِالبَيْتِ وَصَلَّوا عِنْدَ المَقَامِ، اللهُ أَكْبَرُ مَا وَقَفَ الحَجِيجُ فِي صَعِيدِ عَرَفَاتٍ، اللهُ أَكْبَرُ مَا تَضَرَّعُوا فِي الصَّفَا وَالمَرْوَةِ بِخَالِصِ الدَعَوَاتِ.

اللهُ أِكْبَرُ فِي الصَّبَاحِ إِذَا سَرَى

مِنْهُ الضِيَاءُ إِلَى القُلُوبِ نَدِيَّا

اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا رَدَّدْتُهَا

أَحْسَسْتُ أَنَّ الشَّهْدَ فِي شَفَتَيَّا

 اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالحَمْدُ للهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيْلاً.

الحَمْدُ للهِ الذِي جَعَلَ الأَعْيَادَ فِي الإِسْلَامِ مَصْدَرًا لِلْهَنَاءِ وَالسُّرُورِ، الحَمْدُ للهِ الذِي تَفَضَّلَ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ شَكُورٍ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَاحِبُ الْوَجْهِ الأَنْوَر، وَالْجَبِينِ الأَزْهَر، أَنْصَحُ مَنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَبَشَّرَ وَأَنْذَر، وَأَفْضَلُ مَنْ صَلَّى وَزَكَّى وَصَامَ وَحَجَّ وَاعْتَمَر.

اللهُ عَظَّمَ قَدْرَ جَاهِ مُحَمَّدٍ

وَأَنَالَهُ فَضْلاً لَدَيهِ عَظِيمًا

فِي مُحْكَمِ التَنْزِيلِ قَالَ لِخَلْقِهِ

صَلُّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

فاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ تَسْلِيمَاً مَدِيدَاً.

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْد.

يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكُم صَالِحَ الأَعْمَالِ، وَعِيدُكُمْ مُبَارَكٌ، هَنِيئًا لَكُمْ عِيدُ الأَضْحَى، هَنِيئًا لَكُمْ يَومُ الحَجِّ الأَكْبَرِ، يَومٌ يُهْرَاقُ فِيهِ الدَّمُ، وَيُوضَعُ فِيهِ الشَّعْرُ، وَيُقْضَى فِيهِ التَّفَثْ، وَتَحِلُّ فِيهِ الحُرَم.

يَا أَهْلَ العِيدِ: فِي هَذَا اليَوْمِ العَظِيْمِ يَتَقَرَّبُ المُسْلمُونَ إِلَى رَبِّهِمْ بِذَبْحِ الأَضَاحِي؛ رَغْبَةً بِمَا عِنْدَهُ -تَعَالَى- مِنَ الثَوَابِ، رَوَى التِرمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَال: "مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَومَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، وَإِنَّهُ لَتَأْتِي يَومَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا"، وَيَتَقَرَّبُ المُسْلِمُونَ كَذَلِكَ للهِ بِذَبْحِ الأُضْحِيَةِ اقْتِدَاءً بِأَبِيْنَا إِبْرَاهِيْمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-.

فَبَيْنَمَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُضْطَجِعًا

الْعَيْنُ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبُ لَمْ يَنَمِ

رَأَى مَنَامًا بِأَنَّ اللهَ يَأْمُرُهُ

بِذَبْحِ اِبنِ صَدُوقِ الْقَوْلِ ذِي الشِّيَمِ

(فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)[الصافات:102]؛ وَلَيْتَ شِعْري، مِنْ أَيِّهِمَا تَعْجَبُ: أَمِنْ تَسْلِيْمِ الأَبِ لِأَمْرِ اللهِ -تَعَالَى- بِذَبْحِ اِبْنِهِ الوَحِيْدِ؟ أَمْ مِنْ قَبُولِ الاِبْنِ وَتَسْلِيْمِهِ لِأَوَامِرِ اللهِ -سُبْحَانَهُ- وَإِنْ كَانَ فِيهَا إِزْهَاقُ رُوحِهِ.

لَمَّا سَلَّمَ الأَبُ وَالاِبْنُ للهِ، وَأَضْجَعَ الأَبُ اِبْنَهُ، وَشَحَذَ سِكِّيْنَهُ:

فَجَاءَ بِالْحَبْلِ شَدَّ الاِبْنَ ثُمَّ بَكَى

لِرِقَّةِ غَلَبَتْهُ فَهُوَ لَمْ يُلَمِ

أَمَرَّ شَفْرَتَهُ بِالنَّحْرِ فَانْقَلَبَتْ

عَنْهُ ثَلاثًا وَلَمْ يَمْسَسْهُ مِنْ أَلَمِ

(فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)[الصافات:103-107].

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْد.

أَيْهُا الإِخْوَةُ: هَكَذَا يَجْزِي اللهُ -تَعَالَى- كُلَّ مَنْ سَلَّمَ أَمْرَهُ لَهُ. هَا هِيَ أُمُّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَ- تَسْمَعُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيْبُهُ مُصِيْبَةٌ، فَيَقُولُ مَا أمَرَهُ اللَّهُ: (إنَّا لِلَّهِ وإنَّا إلَيْهِ راجِعُونَاللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيْبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا"، قَالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلْتُ: أَيُّ المُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ إنِّي قُلتُهَا، فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِي رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-.

التَسْلِيْمُ لِأَمْرِ اللهِ -تَعَالَى- وَأَمْرِ رَسُولِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ لَوَازِمِ الإِيْمَانِ، (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[النساء:65]؛ قَالَ الطَحَاوِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَلَا تَثْبُتُ قَدَمُ الإِسْلَامِ إِلَّا عَلَى ظَهْرِ التَسْلِيمِ وَالاِسْتِسْلَامِ".

رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- هُوَ الذِي خَلَقَنَا، وَهُوَ الذِي خَلَقَ الكَوْنَ كُلَّهُ، وَجَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا، لَا يَزِيْدُ عَلَيْهِ وَلَا يَنْقُصُ، وَرَبُّنَا -سُبْحَانَهُ- شَرَعَ لَنَا شَرَائِعَ وَأَمَرَنَا بِلُزُومِهَا، وَنَهَانَا عَنْ مَنَاهٍ وَأَمَرَنَا بِاجْتِنَابِهَا، فَمِنْ عَدَمِ التَوْفِيقِ أَنْ يَتَرَدَّدَ المُسْلِمُ فِي تَنْفِيذِ أَوَامِرِ اللهِ لِعَدَمِ إِدْرَاكِهِ الحِكْمَةَ مِنْهَا، (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)[الملك:14].

المُؤْمِنُ إِذَا سَمِعَ أَوَامِرَ اللهِ اسْتَجَابَ لَهَا: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[النور:51].

أَمَّا المُنَافِقُ فِيَتَرَدَّدُ، وَيَنْظُرَ فِي أَوَامِرِ اللهِ، هَلْ تَتَّفِقُ مَعَ مَصَالِحِهِ وَرَغَبَاتِهِ أَمْ لَا؟ (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ اِرْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [النور:48-50].

 بِالاِمْتِثَالِ لِأَمْرِ اللهِ وَرَسُولُهُ سَادَ ذَلِكَ الجِيْلُ الفَرِيدُ، وَعَاشُوا فِي اِطْمِئْنَانِ نَفْسِيٍّ، رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى خَاتمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ، فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ وَقَالَ: "يَعْمَدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ"، فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَمَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ بِهِ، قَالَ: لَا وَاللَّهِ! لَا آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-.

وَعنْ أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ: (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ)[الأحزاب:59]، خَرَجَ نِسَاءُ الأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُؤُوسِهِنَّ الْغِرْبَانُ مِنَ الأَكْسِيَةِ.

فَاللَّهُمَ اِجْعَلْنَا مِمَّنْ يَمْتَثِلُ لِأَوَامِرِكَ فِي كُلِّ حَالٍ، وَأَذِقْنَا بَرْدَ اليَقِيْنِ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيات وَالذِّكْرَ الْحَكِيمَ، قَدْ قُلْتُ مَا سَمِعْتُم، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية:

اللهُ أَكْبَرُ (سَبْعًا)، الْحَمْدُ للهِ عَلَى إحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَاِمْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الداعي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ وَسُلَّمُ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَإِخْوَانِهِ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَاِقْتَفَى أثَرَهُ وَاِسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاِتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ التَّقْوَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَنا عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.

يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هَذَا اليَوْمُ هُوَ أَفْضَلِ أَيَّامِ العَامِ عَلَى الإِطْلَاق، يَقُولُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَفْضَلُ الأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ يَومُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ القَرَّ"، وَاليَوْمَ هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ، وَغَدًا يَوْمُ القَرِّ.

وَهَذَا اليَوْمُ وَأَيَامُ التَشْرِيقِ الثَلَاثَةِ التِي تَلِيْهِ كُلُّهَا أَيَّامٌ لِلْذَّبْحِ، فِي الصَبَاحِ والمَسَاءِ، فَاتَّقُوا اللهَ فِي الْبَهَائِمِ، اِذْبَحُوهَا بِرِفْقٍ، وَأَحِدُّوا السِّكِينَ، وَلا تُحِدُّوهَا وَهِيَ تَنْظُرُ، وَلا تَذْبَحُوهَا وَأُخْتُهَا تَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَأَمِرُّوا السِّكِّينَ بِقُوَّةٍ وَسُرْعَةٍ، وَلا تَكْسِرُوا رَقَبَتَهَا أَوْ تَبْدَأُوا بِسَلْخِهَا قَبْلَ تَمَامِ مَوْتِهَا.

أَلَا وَإِنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَذْبَحَ الْمُضَحِّي أُضْحِيتَهُ بنَفْسِهِ، وَمَنْ كَانَ لا يُحْسِنُ الذَّبْحَ فَالسنةُ أن َيْحَضُرَ ذَبْحَهَا، وَيُسَمِّي الْمُضَحِّي أُضْحِيَتِهِ فَيَقُولُ إِذَا أَضْجَعَهَا لِلذَّبْحِ عَلَى جَنْبِهَا الأَيْسَرِ مُتَّجِهَةً إِلَى الْقِبْلَةِ: بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ، وَكُلُوا مِنَ الأَضَاحِي وَاهْدُوا وَتَصَدَّقُوا، وَأَخْلِصُوا النِيَّةَ فِيْهَا: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ)[الحج:37].

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْد.

يَا أَهْلَ العِيْدِ: ضَحُّوا تَقَبَّلَ اللهُ ضَحَايَاكُمْ، وَكُلُوا مِنْهَا، وَتَصَدَّقُوا، وَتَهَادُوا، وَأْحيُوا سُنَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيهِ السَّلَامُ-: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ)[الحج:32].

ضَحُّوا فَإِنَّ لُحُومَهَا وَدِمَاءَهَا

سَيَنَالُهَا التَّقْوَى بِلَا نُقْصَانِ

العِيدُ أَضْحَى فَالدِّمَاءُ رَخِيصَةٌ

مُهْرَاقَةً لِلْوَاحِدِ الدَيَّانِ

هِيَ سُنَّةٌ بَعْدَ الذَبِيحِ وَإِنَّهَا

مِنْ خَيْرِ مَا يُهْدَى مِنَ القُرْبَانِ

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.

أسْأَلُ اللهَ -تَعَالَى- أَنْ يَقْبَلَ مِنَّا وَمِنَ الْحُجَّاجِ، وأن يُعينَهُم على أَداءِ نُسُكِهِم بِسَلامَةٍ وقَبول، وَأَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاهُمْ وَوَالِدِينَا وَالْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ مِنْ عُتَقَائِهِ مِنَ النَّارِ، وَأَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِصَلَاحِ الْقُلُوبِ وَالْأَعْمَالِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

اللَّهُمَّ آَمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَاِجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِي مَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاِتَّبَعَ رِضَاكَ.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالمُشْرِكِينَ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ.

عِبَادَ اللهِ: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُم تَذَكَّرُونَ، فَاِذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ، وَاِشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.