البحث

عبارات مقترحة:

الإله

(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...

القوي

كلمة (قوي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من القرب، وهو خلاف...

الخالق

كلمة (خالق) في اللغة هي اسمُ فاعلٍ من (الخَلْقِ)، وهو يَرجِع إلى...

يا أبناء أرض الرباط: كونوا أنصار الله

العربية

المؤلف محمد سليم
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - فقه النوازل
عناصر الخطبة
  1. تحية للعشائر الفلسطينية المناصرة للأقصى والمسرى .
  2. الدعوة للرباط في الأقصى ونصرته .
  3. نصائح وتوجيهات للعشائر الفلسطينية .
  4. رفض واستهجان إقامة الحفلات الراقصة بمدينة القدس الشريف .
  5. خيرات وبركات الاجتماع على الحق .
  6. تساؤلات للحفاظ على القدس وأهلها .

اقتباس

وحين اجتمعت العشائرُ في عهد الصحابة تحت راية الإسلام وحدَه، فُتحت الشام وفارس، وهُدمت معاقل الشرك والكفر، ونحن نُوجِّه النداءَ لمشايخ ومخاتير ورؤساء العشائر الفلسطينية المسلمة، أن يجتمعوا في مجلس واحد يمثلهم جميعًا؛ ليأخذوا دورَهم العمليَّ والفاعلَ في مقارَعة الظَّلَمة وأعوانِهم...

الخطبة الأولى:

الحمد لله، خلَقَنا عشائرَ، للتعارف لا للتنافر، وللتآلُف لا للتناحُر، فقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)[الْحُجُرَاتِ: 13]، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ، وحدَه لا شريكَ له، جعَل الإيمانَ والتقوى الميزانَ الوحيدَ الذي به تبرم وتلزم الأفراد والعشائر، فقال عز وجل: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)[الْحُجُرَاتِ: 13].

فيا أيتها العشائر الفلسطينية: التقوى هي الْمُرَاعى عندَ اللهِ وعندَ رسولِه دونَ الحَسَب والنَّسَب، يضع الله أنسابَكم يومَ القيامة، ويرفع نسبَه ويقول: "أين المتَّقُون؟ أين المتَّقُون؟".

وأشهد أن سيدنا محمدًا، عبدُ اللهِ ورسولُه، دعا العشائرَ من حوله لنصرته ولحمايته، حتى يُبلِّغ رسالةَ ربِّه، وليحملوا الإسلامَ معه إلى الناس، وكان له ما أراد، من العشائر التي آمنَتْ به، فحملت الدينَ، وبذلتِ الغاليَ والنفيسَ في سبيل الله، فأولئك أكرمُ الناس، كما قال القائل وصدق:

ما يصنع العبدُ بعِزِّ الغنى

والعزُّ كلُّ العز للمُتَّقِي

مَنْ عرَف اللهَ فلم تُغنِه

معرفةُ اللهِ فذاكَ الشَّقِي

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ على الحبيب المفدَّى محمد، وعلى آله الطاهرينَ، وعلى أصحابه الغُرّ الميامين، وعلى التابعين، وعلى مَنْ تَبِعَهم بإحسان، وصلِّ اللهم على العشائر الفلسطينية المسلمة، التي تدعم رابطة العشيرة لنُصرة الدينِ، ولمقارَعة الظلم والظالمين.

أما بعدُ: نتوجَّه بالتحية والاحترام والتقدير للعشائر المقدسِيَّة التي تعمل على خَرْق السفينة؛ حتى لا يُؤخَذ أقصاها ومسرى رسولها غصبًا، فهذه العشائر المقدسيَّة تعمل على استكمال رباطها للصلاة في الأقصى شيئًا فشيئًا، ففي الأسابيع الماضية رابَطَت العشائرُ بالأقصى، في صلوات الليل؛ الفجرِ والمغربِ والعِشاءِ، وهذا جزءٌ من الرِّباط في الأقصى والمسرى، وليس هو الرباطَ كلَّه؛ لأن الرباطَ التامَّ والكاملَ لا يقتصر على صلواتِ الفجرِ والمغربِ والعِشاءِ، بل يشمل صلاتَي النهار؛ وهُما صلاتَا الظهر والعصر، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وإسباغُ الوضوءِ على المكارهِ، وكثرةُ الخطى إلى المساجدِ، وانتظارُ الصلاةِ بعدَ الصلاة، فذلكم الرباطُ، فذلكم الرباطُ، فذلكم الرباطُ".

فيا عشائرَنا المرابطةَ: صحِّحِي المسارَ وأتمِّي الرباطَ في أُولى القبلتينِ، فهذا هو الرباط الكامل الذي أوصاكم اللهُ به حين قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 200].

أيها المؤمنون: المسجدُ الأقصى اليومَ على مسافةِ (صفر) من الخطر، فحوزوا شرفَ الرباط، ولا تُقصِّروا أو تُفرِّطوا فيه، فأنتُم اليومَ تنوبون عن الأمة المسلمة، في حيازة هذا الشرف، فحكامكم بين متخاذِل ومتآمِر ومستنكِر على استحياء لِمَا يجري من اعتداء ظالم وسافِر ضد أقصانا ومسرانا، وذلك من خلال القرارات والأحكام والإجراءات الجائرة المتسارعة، والتي كان آخرها السماح لليهود بالصلاة الصامتة في الأقصى، وهذا القرار الباطل الذي يتزامن مع ذكرى مجزرة الأقصى، التي مرَّ عليها واحد وثلاثون عامًا، هو قرار من أخطر القرارات، الذي يجب على الاحتلال التراجع عنه فورًا، وأن يتحمَّل عواقبَه الوخيمةَ عليه، وعلى الحكومات العربية والإسلامية إن كانت لا تزال على قيد الحياة وتسمعنا أن تتحمَّل عواقبَ الاعتداءات السافرة، على مسرى رسولها وقِبلتها الأُولى، وأن تتحمَّل عواقب تطبيعها السَّمِج مع الظالمينَ، ولقد رأينا بالأمس من أبناء الأمة مَنْ يتجوَّل في شوارع القدس، وعند حائط البراق، بقفاه العريض، وبوجهه الأسود القبيح، مجاهِرًا بتطبيعه وخزيه وصَغاره وذُلِّه، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ ممَّا أدرَك الناسُ من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحي فاصنَعْ ما شئتَ".

يا عشائرَنا المرابطةَ: لا تُخطئوا الطريق؛ طريق الرباط للصلاة، وحتى تظل كلمتكم واحدة، وصفكم واحدا، لا ترفعوا الرايات أثناء رباطكم باسم كل عشيرة، بل ارفعوها تحت شعار: "رباط العشائر المقدسية"؛ ليكون هذا الشعار موحَّدًا لعشائركم، كما كان يفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد جمَع العشائرَ الوافدةَ إلى المدينة المنورة، من قريش وغيرها، تحت راية واحدة، بِاسْم المهاجرينَ، وجمَع العشائرَ من الأوس والخزرج تحت راية واحدة، سمَّاها الأنصار، ثم آخَى بينَهم، ووضَع لهم ميثاقًا يجمعهم، وهذا ما ينبغي فعلُه من العشائر المرابِطة، في كافَّة المحافظات الفلسطينية.

أيتها العشائر في مدينة خليل الرحمن: قلوبنا وعقولنا معكم، ونُطالِب كافَّة العشائر في كافة المحافظات أن تحذوا حذوكم في مقارعة الظلم، وفي رباطكم على طاعة الله وطاعة رسوله، فأنتم ترفضون أن يمسَّ ديننا بأذى، أو أن يُعتدى على تشريعاته، وترفضون أن تُشرِّع القوانينُ المنتهكةُ للأعراض والشرف، والمنتقِصة من أحكام الدِّين، والتي تؤدي إلى الردة والكفر، ونحن في هذا المقام، نبرق التحيةَ لعشائر مدينة الخليل الذين يتصدَّون لاتفاقية "سيداو" ومُخرَجاتها العَفِنة، ونسأل الله لهم الثبات على نصرة الحق والدِّين، ونذكِّرهم بالرباط للصلوات الخمس في المسجد الإبراهيمي، وأن يُلقوا بالعصبية القبلية وراء ظهورهم، وأن يُنهوا ظاهرة السلاح واستخدامه، والمباهاة والمفاخَرة في ترويع المسلمين وإيذائهم، فاجمعوا كلمتكم كما أمرنا الله فقال: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)[آلِ عِمْرَانَ: 103]، ونطالب كافة العشائر الفلسطينية أن تحذو حذو عشائر مدينة الخليل، ونطالبها أن تلتفَّ حول دينها إيمانًا والتزامًا واتباعًا، حتى يقف الله معنا، وينصرنا على الظالمين، ونستهجن من بعض الناس، كيف يسمحون لبناتهم أن يشاركنَ في مهرجان الرقص، المسمَّى: "مهرجان حكايات الزهراء"؟ والذي أقيم في القسطل مؤخَّرًا، ونستهجن ونُنكر إقامة الحفلات الغنائية الراقصة، والخارجة عن أحكام ديننا وقيمنا، مع العلم أن الموسيقى حرام، والغناء الفاحش حرام، والرقص بالبنات في مثل هذه المهرجانات حرام عليهن، ودياثة لأوليائهن، ثم هل هذه الحفلات الماجنة من الرباط، وهل هي من أخلاق العشائر المرابطة؟ وهل مهرجانات الرقص والغناء تعزز من رباطنا في المسجد الأقصى، أم تُسخِط اللهَ وتُغضِبه علينا؟ يقول ربنا -تعالى ذِكرُه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 70-71].

يا عشائرَ بيت المقدس وأكنافه: وحدتُكم على الحق والدِّين تعتبر قوة مانعة رادعة، لكل ظالم مَهين، ولكل منافق عليم، ورباطكم في الأقصى للصلاة وحدَه لا يكفي، حتى تُرابطوا على الطاعات، وتُرابطوا على محارَبة المنكرات، وتُرابطوا على الذَّود عن الأعراض والحرمات، فأنتم موطن القوة والغلبة والمنعة، والعشائر بيدها التغيير والتأثير، وهذا ما علَّمه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فتوجَّه إليها، طالبًا نصرتها؛ لحمايته لتبليغ الإسلام، ولتحمِل معه الإسلامَ للناس.

فيا أيتها العشائر المسلمة: ديننا ومقدساتنا تُحارَب من الظلمة وأعوانهم، فخُذي مكانَكِ لنصرة دين الله، ولحمل الإسلام وتقديمه بدلَ أن تشتغلي بنصر عصبة أو الغضب لها ظلمًا وعدوانًا، يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قاتَل تحتَ راية عمِّية، يغضب لعصبية، أو يدعو إلى عصبية، أو ينصر عصبية فقتل فقتلة جاهلية".

أيها المؤمنون: لقد استجابت بعض العشائر لنصرة النبي ونصرة الدين، وكان في مقدمتها الأوس والخزرج، فقدمتَا للرسول -صلى الله عليه وسلم- أرضها وأموالها وأبناءها وأبدانها، ثم كان العام التاسع من الهجرة، وهو عام الوفود؛ حيث وفدت العشائر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأعطته ولاءها ونصرتها، ونزل القرآن محذِّرًا بعضها من أن تتخذ رابطة العشيرة من أجل أن تتخذ مصالح دنيوية، فقال سبحانه: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[الْحُجُرَاتِ: 14].

فيا عباد الله: ها نحن نرى عتيد العشائر الفلسطينية تتخذ رابطة العشيرة من أجل مصالح دنيوية، والمفاخَرة والرياء والسمعة، وإثبات الذات على المسلمين، والتطاول عليهم بالنزاعات والشجارات، وهذا كله منافٍ للإيمان، فيا عشائرَنا: استجيبوا لربكم الذي يخاطبكم قائلا: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)[الْحُجُرَاتِ: 15].

أيها المؤمنون: وحينَ اجتمعت العشائر في عهد الصحابة تحت راية الإسلام وحدَه، فُتحت الشام وفارس، وهدمت معاقل الشرك والكفر، ونحن نوجه النداء لمشايخ ومخاتير ورؤساء العشائر الفلسطينية المسلمة، أن يجتمعوا في مجلس واحد يمثلهم جميعًا؛ ليأخذوا دورهم العملي والفاعل في مقارعة الظَّلَمة وأعوانهم، افعلوا كأنصار العشائر من الأوس والخزرج، بايَعوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة، وعلى الأمر بالمعروف، وعلى النهي عن المنكر، فاسمعوا أوامرَ الله ورسوله، واعملوا بها، واسمعوا نواهيهما فاجتنِبوها.

يا عشائرَنا المسلمة: تستطيعون أن تفعلوا ما لم تفعله القوى من حولكم، ودينكم على هذه الأرض ينتظر أفعالكم، وقضيتكم تنتظر مواقفكم، وأسراكم ومسرى رسولكم ينتظر رباطكم الكامل، فرحم الله كل عشيرة منكم نصرت دينها، وصدقت قضيتها، ورابطت في مسرى رسولها -صلى الله عليه وسلم-، فخذوا هذا كله، واعملوا به كله، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لبعض العشائر، حين طلب منها نصرته: "إن دين الله لا ينصره إلا مَنْ أحاطَه من جميع جوانبه"، واعلموا أن الرباط يكون بالأبدان وبالأنفُس، وأن خير المسلمين هم الذين يرابطون، جاء في الحديث الشريف، حين سألَتْ ميمونةُ عن بيت المقدس، قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أرض المحشر والمنشر، ائتوه فصلُّوا فيه؛ فإن صلاة فيه كأَلْف صلاة فيما سواه".

اللهم اجعلنا من الآمِرين بالمعروف والناهِين عن المنكر، واجعلنا ممَّن ينصرون الله ورسوله، ودينه.

عبادَ اللهِ: استغفِروا الله وتوبوا إليه، فإنه -سبحانه- غفور تواب رحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله قاسم المتكبرين، ومُهلك الظالمين، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وليُّ الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبد الله ورسوله، وصفِيُّه من خَلقه وخليله، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه والتابعين، وعلى مَنْ تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعدُ: مَنْ هم الأسرى؟ مَنْ هم الجرحى؟ مَنْ هم الشهداء؟ أليسوا من أبناء العشائر؟ فماذا فعلتِ العشائر لنصرتهم؟ مَنْ هنَّ النساء اللواتي يعملنَ في المصانع والوِرش الإسرائيلية فيتعرضن للهوان والإذلال؟ ألسنَ من بنات العشائر؟ فماذا فعلتُم لنصرتهن؟ مَنْ هم الذين يُسرِّبون العقارات؟ أليسوا من أبناء العشائر؟ ماذا فعلتُم لردعهم؟ مَنْ هم الشباب الذين يملؤون المجتمع فسادا؟ أليسوا من أبناء العشائر؟ فماذا فعلتم لهدايتهم؟ من هن النساء والفتيات اللواتي يخرجن متبرجات فاسدات مفسدات؟ ألسن من بنات ونساء العشائر؟ فماذا فعلتم لإنهاء هذه الدياثة؟ مَنْ هم الذين يحملون السلاح في مجتمعنا؟ ويروعون المسلمين ويقتلون الناس بغير حق؟ أليسوا من أبناء العشائر؟ فماذا فعلتم لكفهم عن إجرامهم؟ هذه الأسئلة وغيرها الكثير نذكِّر بها كبار رجال العشائر ومسئوليها الذين لهم السلطة والتأثير على أبناء العشيرة؛ ليقوموا بواجبهم لإنهاء كل مظاهر الظلم والفساد والإفساد، وليس أمامنا على هذه الأرض إلا أن يتحمل كل منا مسئوليته التي أناطها الله به؛ فالرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير راعٍ، والرجل راعٍ على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته".

أيها المسلمون، أيها المرابطون: نعم، إن حكام العرب والمسلمين يتحمَّلون وزر ما نحن فيه من ظلم وبغي وعدوان، ونحن أيضا نتحمَّل معهم هذا الوزر إن سكَتْنا ورضينا ولم نُنكر، ولقد اطلعتُ على وثيقة تعاهَدت وتواثقَت عليها عشائر لواء القدس، وعشائر لواء رام الله، وعشائر لواء بيت لحم، وعشائر قضاء اللد والرحمة؛ وذلك على حرب ما سمَّته الوثيقةُ بالدجال في حينه، وذلك سنةَ (1799م)، وكان التوقيع عليها في القبة النحوية في المسجد الأقصى المبارك، وهذا ما دعاني إلى إلقاء هذه الخطبة باسم هذا الموضوع، فهذه وثيقة العشائر الفلسطينية في ذلك الزمان، قبل ثلاثمائة عام تقريبا، أو أقل، فهل نشهد عما قريب وثيقة جامعة مانعة مثلها، تقف لكل دجال تفضح دجله، وتوقفه عند حده، فنحن أهل الحق كابرا عن كابر، قلنا مرارًا، ونقول تكرارًا، ونؤكد ونقول: الأقصى أقصانا، والمسرى مسرانا، والله ربُّنا ومولانا، (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)[يُوسُفَ: 21]، وهو -سبحانه- حسبُنا ونعم الوكيل.

اللهم إن الأقصى بيتُكَ، وإن المرابطينَ فيه عبادُكَ، وإن الظالمين لنا لا يُعجزونكَ، فتولَّ أمرَنا وأمرَ أقصانا، وأنزِل عذابَكَ وسخطَكَ وغضبَكَ على مَنْ يتآمر على الأقصى، وعلى مَنْ يتآمر على شعبنا، وعلى مَنْ يتآمر على قضيتنا، فخُذه أخذَ عزيز مقتدر، عاجِلًا غير آجِل، يا غالبُ يا ناصرُ يا مقتدرُ، يا الله.

اللهم هذا دعاؤنا في هذه الساعة المباركة ولا حول ولا قوة إلا بك، يا ذا القوة المتين، آمين.

وأنتَ يا مقيمَ الصلاة أَقِمِ الصلاةَ؛ (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 45].