البحث

عبارات مقترحة:

الوارث

كلمة (الوراث) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَرِثَ يَرِثُ)، وهو من...

الوتر

كلمة (الوِتر) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، ومعناها الفرد،...

الخالق

كلمة (خالق) في اللغة هي اسمُ فاعلٍ من (الخَلْقِ)، وهو يَرجِع إلى...

خيركم خيركم لأهله (2) أولادي أنتم الأولى بخيري

العربية

المؤلف عدنان مصطفى خطاطبة
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. أعلى الناس مرتبة من كان خيرًا لأهله .
  2. رحمة الآباء بالأبناء .
  3. جزاء الآباء المحسنين لأبنائهم .
  4. الرقابة الدينية على الأبناء .
  5. كلمات إلى الآباء .

اقتباس

لا بد أن تفيض على أولادك من عواطفك الرحيمة، لا بد أن تحرص على أن يلمسوا منك الجانب العاطفي: الرحمة والشفقة والحنان والعطف، هذا من أعظم خيرك -أيها الأب- على أولادك، لنشاهد معًا موقفًا فيه إفاضة للعاطفة من آباء، وفيه إمساك وتقتير لها من آباءٍ آخرين ..

 

 

 

 

إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله. 

وبعد:

أيها المؤمن -زوجًا ووالدًا وأخًا وجدًّا-: أصغِ بقلبك واستمع بعقلك لهذا الحديث، وأسأل الله أن يرزقك العمل به؛ يقول نبيّك -صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الصحيح: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي". مَنْ خَيْرُكُمْ؟! قال نبينا -صلى الله عليه وسلم- في الإجابة والبيان: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ"، نعم، فأَعْلى الناس مرتبة وأفضلهم منزلة هو من كان خير الناس لأهله، هو مَنْ كان معظم برّه لأهله، فإذا كنت كذلك فأنت خير الناس وأكرمهم عند الله وفي ميزان النبوة. ولماذا قال لأهله تحديدًا؟! لماذا جاء التعبير النبوي هكذا؟!

الأهل هم زوجتك وأولادك وأقاربك، وهؤلاء الأهل هم الأحق بحسن خلقك وبخيرك وبنفعك؛ لأن الأقربين هم أولى بالمعروف؛ فخير الناس عند الله من كان خيره وبره ونفعه لأهل بيته، ليس في دنياهم فقط بل في دنياهم وفي دينهم على حدّ سواء.

أيها الإخوة المؤمنون: ومن بين أهلك المقصودين في هذا الحديث: أولادك، نعم أولادك، فلذات كبدك، أولادك الذين نزلوا من صلبك، أولادك الذين انتظرتهم دهرًا من الزمان:


"خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ".

ومن خيرك -أيها الأب- لأولادك: أنْ تفيض عليهم من عواطفك، نعم -يا أيها الأب المؤمن الفاضل-، لا بد أن تفيض على أولادك من عواطفك الرحيمة، لا بد أن تحرص على أن يلمسوا منك الجانب العاطفي: الرحمة والشفقة والحنان والعطف، هذا من أعظم خيرك -أيها الأب- على أولادك، لنشاهد معًا موقفًا فيه إفاضة للعاطفة من آباء، وفيه إمساك وتقتير لها من آباءٍ آخرين، ففي الحديث المتفق عليه عن أَبي هريرة -رضي الله عنه- قَالَ: قَبَّلَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الحَسَنَ بْنَ عَليٍّ -رضي الله عنهما-، وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِس، فَقَالَ الأقْرَعُ: إن لِي عَشرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "مَنْ لا يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ".

إذًا في سياق التعامل مع أولادك وأهل بيتك، تذكّر أنّ رحمةً برحمةٍ، وأنّ حجبَ رحمة بحجبِ رحمة، تمعّن وتفكر معي في ردّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على هذا الأب، ماذا قال له؟! قال له: "مَنْ لا يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ"، ولماذا قاله؟! لأنه وجَدَ أبًا يحجب العاطفة عن أولاده، بل إنه يتنكّر لتقبيل الأبناء، فجاء هذا الردّ من النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكيف لو كان الأب يصنع أشياء فوق ذلك مع أولاده، فماذا تتوقع أن يكون الرد؟!

نعم، "مَنْ لا يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ"، الأب الذي لا يرحم أولاده لن يرحمه الله؛ لأنه أبٌ، والدٌ، وهذه والله معانٍ كبيرة ووصف جليل، هكذا يُنظر إليك، فلا يمكن أن تكون صورتك ذلك الأب القاسي، الصعب، الجاف، الحار، اللّظى، لا يَعْرف منك أولادك الحنان، ولا يجدون فيك رحمة ولا لديك شفقه، ولا يلمسون من جنابك عاطفة، بل يجدون أبًا خشنًا شظفًا ملبّدًا صخرًا، الخير منزوع منك، ومفقودة البركة من نفسك؛ عن عائشة -رضي الله عنها- في الحديث المتفق عليه، قَالَتْ: قَدِمَ نَاسٌ مِنَ الأعْرَابِ عَلَى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: أتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ؟! فَقَالَ: "نَعَمْ"، قالوا: لَكِنَّا والله مَا نُقَبِّلُ! فَقَالَ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أَوَ أَمْلِك إنْ كَانَ اللهُ نَزَعَ مِنْ قُلُوبِكُم الرَّحْمَةَ!!".

فمن لا يرحم ولا يعطف ولا يشفق على أبنائه، على بناته، فمن سيرحم إذًا؟! ولمن يدخر شفقته وعاطفته؟! أليس أولادك أحق بذلك من غيرهم؟!

أيها الإخوة: لقد بلغ من قساوة وغلظة بعض الآباء مع أولادهم -وخاصة البنات- مبلغًا لا تتحمله الإنسانية التي طُبعنا عليها، حيث الإهانة لهم والتسفيه والتحقير، كأنهم ليسوا بشرًا، شكت لي إحدى الفتيات معاملة أبيها القاسية من كلّ أشكالها، وما لفت نظري في شكواها الطويلة والمحزنة، التي بدت لي كأنها تشكو عدوًا لئيمًا، ما لفت نظري أنها قالت لي: إن والدي قلّما -بل ويندر- أن ينادينا بأسمائنا، قلت لها: بم يناديكم إذًا؟! قالت: بأسماء الحيوانات. ثم دمعت عينها وبكت، قالت: إلا مرّة واحدة أذكر أنه ناداني وقال لي يا ابنتي: وأخذت تبكي، قالت: هذه كلمة محرومة منها رغم أني كبرت وأصبحت طالبة جامعية، لكنه مازال يعاملنا بقسوة، وما زال بيتنا يصبح على مشكلة ويمسي على أخرى، قالت: لا بد أن يصنع والدي لنا في البيت مشكلة.

هل هذا الأب وأمثاله يدركون شيئًا من معاني الأبوة، ومن حقوق البنوة، ومن احترام إنسانية أولاده، هل هؤلاء الآباء يدركون ما معني أن هؤلاء أولادي، أبنائي، بناتي؟!

قال الأحنف بن قيس: "أولادنا ثمار قلوبنا، وعماد ظهورنا، ونحن لهم سماء ظليلة، وأرض ذليلة، وبهم نصول على كل جليلة، فإن غضبوا فَأَرْضِهِمْ، وإن سألوا فَأَعْطِهِمْ، وإن لم يسألوا فابتدئهم، ولا تنظر إليهم شذرًا فيملون حياتك، ويتمنون وفاتك".

"خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ".

يا أيها الأب الفاضل: كن خيرًا وبركة لأولادك يكونون لك سُلّمًا إلى رضوان الله، فلن يضيع الله أجرك -أيها الأب المؤمن المحسن إلى أولادك- لن يضيع الله أجر تربيتك وتعليمك لهم، وتعاملك الطيب معهم وخلقك الحسن بينهم، سيجعل الله لك من أولادك ودًّا إليه سبحانه، وسببًا لنيل مرضاته، واستمع معي إلى شيء يسير من جزاء الآباء المحسنين:

فبالإحسان إلى أولادك -أيها الأب المؤمن- تنال رحمة الله تعالى؛ روى البخاري في الأدب المفرد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: جاءتِ امرأةٌ إلى عائشةَ -رضي الله عنها- ومعها صبيَّانِ، فأعطتْها عائشةُ -رضي الله عنها- ثلاثَ تمرات، فأعطتْ كلَّ صبي لها تمرةً، وأمسكتْ لنفسها تمرة، فأكَلَ الصبيَّان التمرتين، ونظرا إلى أمِّهما، فعمدتِ الأمُّ إلى التمرة فشقَّتْها، فأعطتْ كلَّ صبي نصفَ تمرة، فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبرتْه عائشةُ -رضي الله عنها- فقال: "وما يعجبك في ذلك؟! لقد رحمها الله برحمتها صبيَّيْها".

وبالإحسان إلى بناتك خاصة -يا أيها الأب المؤمن- يقيك الله عذاب النار: (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ)، قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه: "من ابتلي من هذه البنات بشيءٍ فأحسن إليهن كن له سترًا من النار".

وبالإحسان إلى أبنائك -أيها الأب المؤمن- يدخلك ربك الجنة، في صحيح مسلم، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: جاءتني مسكينةٌ تحمل ابنتين لها، فأطعمتها ثلاث تمراتٍ، فأعطت كل واحدةٍ منهما تمرةً ورفعت إلى فيها تمرةً لتأكلها، فاستطعمتها ابنتيها، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إن الله قد أوجب لها بها الجنة".

"خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ".

فكن -يا أيها الوالد- خيرًا لأبنائك، فهم المدَد لك والوَصْل وقنوات الخير بعد موتك، فقد ينساك الأقارب والأصدقاء وزملاء العمل بعد رحيلك، ولكن أولادك الذين أحسنت إليهم لن ينسوك، وستبقى حبال الخير والود بينك وبينهم وأنت في قبرك، فاحرص على البرّ بهم والإحسان إليهم وبث الخير لهم ليكونوا خير زاد لك في حياتك الآخرة؛ ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَال: "إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ". ولا أظنّ أنّ أبًا كان خيرًا لأهله ورحمة وبركة سيعدم ولدًا صالحًا يدعو له بعد موته ويتصدق عنه ويهديه ثواب الصالحات، ولكنك -يا أيها الأب- إن لم تكن خيرًا لأولادك، بل كنت شؤمًا وشرًّا وظالمًا وظلامًا، فلا أظنك سَتَسْلَم من الدعاء عليك لا لك.

"خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ".

ومن خيرك لأولادك -أيها الوالد المؤمن- أنْ تدعو لهم، لا، بل أنْ تكثر وتكثر من الدعاء لهم في صلاح دنياهم وفي صلاح دينهم، فهذا من معاني الأبوة الراشدة والخَيّرة في ديننا الحنيف، ففي الحديث الحسن قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ثلاث دعواتٍ لا تُرد: دعوة الوالدِ لولدهِ، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر". فادع لهم بخيري الدنيا والآخرة، لا أنْ تدعو عليهم كما يفعل بعض الآباء القساة الغلاظ الذين لا يدركون شيئًا من معاني الأبوة الشرعية غير حبّ الانتقام والانتصار للذات، فتجده كثير الدعاء على أولاده وبأدعية قاحطة وماحقة كأنهم من بني يهود، وكأنهم ما نزلوا من صلبه، وعلى أي شيء على أمور دنيوية زائلة تافهة، فأين هؤلاء الآباء من قوله في الحديث الذي يرويه جابر -رضي الله عنه- كما في صحيح مسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم؛ لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم".

"خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ".

وتكون -أيها الأب- من أهل هذا الحديث، من خير عباد الله، حينما تكون خيرًا لأهلك؛ فتعْدل بين أولادك، ففي الحديث الصحيح، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم".

وكان السلف يستحبون أن يعدلوا بين أولادهم حتى في القُبْلة، وهذا ما جاءت به السنة؛ ففي الحديث الصحيح عن أنس -رضي الله عنه- قال: كان رجل جالسًا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فجاءه ابنٌ له فأخذه فقبّله ثم أجلسه في حجره، وجاءت ابنة له، فأخذها إلى جنبه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ألا عدلت بينهما!!". يعني بين ابنه وبنته في تقبيلهما.

فالأب الذي يعدل بين أولاده هذا خيّر ومن خير الناس؛ لأن عدله وإنصافه كان الأولى به عنده أهله وعياله.

"خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ".

ومن خيرك -أيها الوالد- على أولادك -ذكورًا وإناثًا- أن ترقبهم في دينهم، أن تحرص على هدايتهم ونجاتهم من عذاب الله، أن تعوّدهم على فعل الخيرات وترك المنكرات، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِى الْمَضَاجِعِ"، وفي الحديث الحسن أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الخير عادة، والشر لجاجة"، وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قوله: "حافظوا على أبنائكم في الصلاة، وعوّدوهم الخير فإنّ الخير عادة". وقال الغزالي رحمه الله: "ممّا يحتاج إليه الطفل أشد الاحتياج الاعتناء بأمر خُلُقه، فإنّه ينشأ على ما عوّده المربي في صغره".

"خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ".

والوالد الخَيّر هو الذي يذهب خيره إلى أهل بيته قبل غيرهم، يسعهم خيره وبرّه وبركته، حتى يسع أولاده المتزوجين ذكورًا كانوا أم إناثًا، يواسيهم في أحزانهم ويشاركهم في أفراحهم، ويتفقد أحوالهم ويمدّ لهم يد العون والمساعدة، ويبشّ في وجوه أبناء أبنائه ويتلطف بهم، تأمّل معي هذه المعاني السامية للأبوة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ ففي الصحيحين من حديت أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- أنه قال: أَرسلتْ إحدى بنات الرسول -صلى الله عليه وسلم- تدعوه وتخبره أن صبيًّا لها في الموت، يعني في مقدمات الموت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ارجع إليها وأخبرها أن لله تعالى ما أخذ، وله ما أعطى، وكلُّ شيء عنده بأجل مسمًّى، فَمُرْها فلْتصبرْ ولْتحتسبْ"، فأرسلتْ إليه تُقسم عليه ليأتينَّها، فقام ومعه سعدُ بن عبادة، ومعاذُ بن جبل، وأُبيُّ بن كعب، وزيد بن ثابث، ورجال -رضي الله عنهم-، فرُفع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصبيُّ، فأقعده في حجره ونفسُه تَقَعْقَعُ، -أي: تتحرَّك وتضطرب-، ففاضتْ عينَا رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟! قال: "هذه رحمةٌ جعلها الله تعالى في قلوب عباده، وإنما يرحم اللهُ من عباده الرحماءَ".

إنه -صلى الله عليه وسلم- يواسي ابنته المتزوجة في أحزانها، بل ويحزن لحزنها وعلى مصابها، بل كان -صلى الله عليه وسلم- يزورهن بعد زواجهن في بيوتهن، ويحلّ مشاكلهن، ويساعدهن في تجاوز ظروف الحياة الصعبة، ففي صحيح البخاري عن علي -رضي الله عنه- أنّ فاطمة -عليها السلام- شكت ما تلقى في يدها من الرّحَى، فأتت النبي -صلى الله عليه وسلم- تسأله خادمًا فلم تجده، فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته، قال: فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبت أقوم، فقال: "مكانك"، فجلس بيننا، فقال: "ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟! إذا أويتما إلى فراشكما أو أخذتما مضاجعكما فكبرا ثلاثًا وثلاثين، وسبّحا ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، فهذا خير لكما من خادم".

هذه هي خيريّة الأب المؤمن لأولاده، لا يقطع خيره عن الجميع، سواء المتزوج منهم أم غير المتزوج، فكلهم أولاده، فلا ينظر إليهم -كما هو حال بعض الآباء- على أنهم هَمّ وثقل قد تخلص منه.

ويا أيها الآباء: تأملوا معي كيف كان يستقبل الوالد الوفي والجدّ القدوة سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بناته المتزوجات وأولادهن، حينما كانوا يزورنه في بيته، وكيف بالمقابل كانت تترك هذه المعاملة الرقيقة أثرها في نفس أولاده حينما يزورهم في بيوتهم، ففي سنن البيهقي وغيره عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّهَا قَالَتْ: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ كَلاَمًا وَحَدِيثًا مِنْ فَاطِمَةَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ رَحَّبَ بِهَا، وَقَامَ إِلَيْهَا، فَأَخَذَ بِيَدِهَا فَقَبَّلَهَا، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا رَحَّبَتْ بِهِ، وَقَامَتْ فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ فَقَبَّلَتْهُ، وأجلسته في مجلسها". هذه هي الأبوة التي نريدها، ملؤها الدفء والحنان، ووصلها الود والوفاء.

"خيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ".

فيا أيها الأب الخيّر الطيب الرحيم المؤمن: تذكر أنّ أولادك هم أوْلى الناس بخيرك وإحسانك، ولمَ لا؟! وهم الذين نزلوا من صلبك، وهم من كافحت طوال حياتك لأجلهم ولتراهم حولك، فأولادك هم نعمة الله عليك فارْعَها، قال -صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الصحيح: "إن أولادكم هبة الله لكم: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ)، فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها.

ولما تحدث القرآن الكريم عن صفات عباد الله الصالحين ذكر أن من دعائهم لربهم سبحانه، أن يهبهم الله الولد الصالح، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْواجِنَا وَذُرّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) [الفرقان:74]، هذه هي نظرة الوالد المؤمن صاحب العقيدة الصحيحة إلى الأولاد، لا كأصحاب النظرة الجاهلية والمادية إلى الأولاد، ينظرون إليهم على أنهم هَمٌّ ومشاكل وتعب وشقاء، وإهدار للمال، ومشغلة عن لذائذ الحياة، ومقتلة للوقت، وغير ذلك من المعاني الجاهلية التي تسعى الفضائيات والمذاهب الفاسدة إلى غرسها في عقول ونفوس أبناء المسلمين، بل نظرتنا مختلفة تمامًا عن كل ذلك، فهم رحمة من رحمات الله وضعها بين أيدينا، ورغم ما قد نلاقيه من عناء في تربيتهم ومن جهد ومن نصب، فإننا نخلص النية لله في تحمل أعباء ذلك كله، ونبتغي وجه الله في ذلك كله، ونردد دائمًا قوله تعالى: (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً)، ونستذكر ونستصحب دائمًا قول حبيبنا وقدوتنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِى".

ويا أيها الوالد المؤمن، يا أيها الأب المؤمن: لي معك وقفة صادقة، وعندي لك كلمات مؤثرة أنثرها بين يديك وأوجهها إلى قلبك، وأخاطب بها عقلك، ومكامن الرحمة فيك:

يا أيها الوالد: لا تلم إلا نفسك، لا تلم إلا نفسك إذا رأيت بناتك وأبناءك ينْفرون عنك، ولا يحبّونك، ويتمنّون خروجك من المنزل، لا تلم إلا نفسك، لماذا؟! لأنّ الله تعالى خاطب سيد البشرية -صلى الله عليه وسلم- فقال له: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران: 159].

نعم، إنك إن كنت قاسيًا في معاملتك لأولادك، فظّ اللسان غليظ القلب، فإن أولادك مِن حولك سينفضّون عنك، فالناس جبلت على حبّ من يحسن إليهم، وعلى إلْفِ اللَّين الرحيم.

فيا أيها الأب: بالله عليك لا تدعْ ابنك أو ابنتك يَتَسَوّلُون العطف والحنان من الآخرين، ويستجدون الرفق واللين من الأباعد، لا تحرمهم حتى من أبسط معاني الإنسانية، ويكون نتاجها بعد ذلك إما ابنًا يتسوّل المشاعر لدى أصدقائه أو بنتًا تبحث عن العطف من أجانب وتحن إلى الملاطفة من الجيران ومن الأقارب.

يا أيها الأب: حذارِ حذار أن تدّعي أنْ لا وقت لديك لأهلك، لأولادك، أن تدّعي أنك مشغول ومشغول، حتى لو كانت عندك فعلاً مشاغل كثيرة، حتى لو كان وقتك مستهلكًا بالعلم وبالدعوة إلى الله، فهذا كله ليس عذرًا لأنْ تهْمل أبناءك وبناتك، تراهم كما يراهم الغريب، ويجالسونك كما يجالسون البعيد، ليس هذا عذرًا؛ لأنك مهما كنت مشغولاً فلن تكون كحال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهو بين دعوة وجهاد وبناء دولة، وتوجيه أمة، ولكن مع هذا كله كان الأب الرؤوف اللصيق اللطيف، القريب من أهل بيته، يعطيهم ما يستحقون من وقت ومجالسة، فكان -صلى الله عليه وسلم- يخصف النعل، ويحلب الشاة، ويقُمُّ البيت، ويكون في خدمة أهله، وكان -صلوات الله وسلامه عليه- إذا صلى العشاء يدخل منزله يَسْمُر مع أهله قليلاً قبل أن ينام، يُؤانسهم بذلك.

نعم، فمن يشتغل بالحق وبالمشروع وبخدمة الدين لا يحل له إهمال أهله وأولاد، فبالله عليكم كيف بذلك الوالد الذي هو مشغول عن بناته وعن أبنائه بماذا؟! وبمن؟! إنه مشغول عنهم بسهرة مع أصدقائه، بجلسات على الأرصفة وعلى طاولات المقاهي، مشغول عنهم بالسمر، وبالتَمَسْمُر أمام بالفضائيات والإنترنت وفي النوادي، فماذا يُقال لمثل هذا الأب؟! إنّ جرمه كبير وذنبه مضاعف، وقلبه قاسٍ ونفسه صليدة، فهو أهمل الحق لانشغاله بالباطل، فأثم في حق نفسه وربه، وأذنب بحق أهله وقصر مع أولاده وضيع الأمانة.

يا أيا الأب المؤمن: ارع أبناءك وبناتك وأحسن إليهم، وكن قريبًا منهم لطيفًا معهم، وكن خدومًا معينًا لهم، افعل ذلك كله وغيره، افعله ابتغاء وجه الله تعالى، افعله تقربًا إليه سبحانه وابتغاء مرضاته، فإنك إنْ فعلت ذلك أُجِرْت، وكتب لك الخير وبورك لك بأهلك بيتك، وعش حياتك أنت وأهل بيتك بما يرضي ربك سبحانه، عش زمانك وَدَعْ أهل بيتك يعيشون حياتهم التي خلقوا لأجلها، دعهم يفرحون، دعهم يعملون، دعهم يشعرون بإنسانيتهم، دعهم يرونك الأب الحاني والوالد اللّين، ابتغِ -أيها الوالد- ما عند الله بمعاملتك لأولادك، ذكورًا وإناثًا.

ويا أيها الأب: احذر من النفاق السلوكي، نعم، بعض الآباء خيرهُ ذاهبٌ بغزارة إلى خارج بيته، ولكنه داخله يرشح رشحًا على أهل بيته، نعم، بعض الآباء خارج بيته تجده ضحوكًا، ومزّاحًا، وليّنًا، ولطيفًا، وجمّ الأدب، وصاحب ذوق رفيع، ولكنه داخل البيت ثقيل عبوس شرطي، حادّ المزاج نكد الطباع، كأنه إنسان آخر، تحار في وصف حاله أهو منافق اجتماعي، أم عنده انفصام بالشخصية، أم هي قلّة الدين وضعف العقيدة، أم أنه لا عقل له يميز به بين مَنْ أحق الناس بصحبته وملاطفته أهل بيته أم الغرباء، أم أنه لا يريد أن يأخذ بوصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا يريد أن يكون من أخير الناس؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حكم فقال: "خيركم خيركم لأهله"، ولم يقل: خيركم خيركم للناس، وأسوؤكم مع أهل بيته، ودينك يريد منك -أيها الوالد- أن تكون خيرًا لأولادك وخيرًا أيضًا مع الناس، ديننا العظيم وشرعنا الحكيم لا يريد والدًا مستبدًا، ولا يريد كذلك والدًا مهملاً، بل يريدك والدًا تعطي كل ذي حق حقه.

أقول قولي هذا وأستغفر الله.

 

 

الخطبة الثانية:

  
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسولنا الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد:

أيها الإخوة المؤمنون، أيها الآباء المسلمون: دعونا نختتم هذه الخطبة، نختم بمشاهد صادقة وصافية نَصِفُ بها تصرفات الرسول في بيته، لعل الله يجعل لنا فيها القدوة، لعل الله يزيح الغمامة عن قلوب بعض الآباء المؤمنين، فتشرق بنور النبوة، وبهدي خير البرية -صلى الله عليه وسلم-، فهو نبيّ نعم، ولكنه في بيته والد ودود رؤوف رحيم معطاء كريم، صلى الله عليه وسلم.

فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- كما في الحديث الصحيح، قَالَ: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُسْتَرْضِعًا لَهُ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَنْطَلِقُ وَنَحْنُ مَعَهُ، فَيَدْخُلُ الْبَيْتَ، فَيَأْخُذُهُ فَيُقَبِّلُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ". يا الله، ما نملك أن نقول أمام وصف أنس هذا؟! استمعوا جيدا له أيها الآباء، أيها المؤمنون: يقول أنس: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"، أيّ قلب رحيم هذا؟! وأيّ نفس تلك الراقية الرائقة، وأي إنسان ذلك، لم تشغله صوارف الدين والدنيا والقيام بأمر الله في الأرض عن عياله، ولم تسبب له قساوة في القلب وضيقًا في الصدر، بل كان -صلى الله عليه وسلم- أرحم الناس بالعيال، فهو كما كان يقول: "وأنا خيركم لأهلي"، فلم يكن شعارًا يرفعه وإنما كان هديًا وخلقًا يقوم به، فلا يجد أهله من هو أحسن عليهم منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فهلاّ تابعناه على ذلك واقتدينا به في رحمة عيالنا وأهل بيتنا؟! فهذه من أعظم مجالات الاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وليس فقط الاقتداء به بجانب الشعائر التعبدية فقط.

وفي الحديث الصحيح الذي رواه النسائي والحاكم عن بعض الصحابة -رضي الله عنهم- أنه قال: خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إحدى صلاتيْ العشي الظهر أو العصر وهو حاملٌ حسنًا أو حسينًا، فتقدم النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فوضعه عند قدمه اليمنى، ثم كبَّر للصلاة، فصلى فسجد بين ظهراني صلاته سجدةً أطالها، فرفعتُ رأسي من بين الناس، فإذا الصبي على الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو ساجد، فرجعتُ إلى السجود، فلما قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصلاةَ، قال الناس: يا رسول الله: إنك سجدتَ بين ظهراني صلاتك سجدةً أطلتَها، حتى ظننا أنه قد حدث أمرٌ، وأنه قد يوحى إليك، قال: "كلُّ ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني -أي: اتَّخذني راحلةً بالركوب على ظهري- فكرهتُ أن أعجله حتى يقضي حاجته".

واستمع -أيها الوالد- إلى شأن النبي -صلى الله عليه وسلم- في مباسطة الصغار ومداعبتهم، ففي الحديث الصحيح عن أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ –قَالَ: أَحْسِبُهُ فَطِيمًا- وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ: "يَا أَبَا عُمَيْرٍ: مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟!". نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ، فَرُبَّمَا حَضَرَ الصَّلاَةَ وَهُوَ فِي بَيْتِنَا، فَيَأْمُرُ بِالْبِسَاطِ الَّذِي تَحْتَهُ فَيُكْنَسُ وَيُنْضَحُ، ثُمَّ يَقُومُ وَنَقُومُ خَلْفَهُ فَيُصَلِّى بِنَا.

فاسمع -يا من تضيق ذرعًا بابنك المسكين إذا أراد أن يلعب لعبة بسيطة داخل البيت، فتضيق به ذرعًا وتشتد عليه وتتحول اللعبة إلى ميتم- أين يذهب؟! أهذا لعب مقارنة مع غيره من أولاد الأثرياء والمترفين، الذي تجده يلعب في أحسن الأندية وعلى أجمل الشواطئ، وينفق عليه والد من المال ربما قدر راتبك، وأنت هنا تلاحق أولادك على تسلية بسيطة، ولربما ما هي بتسلية، فاجعل قدوتك هو نبيك -صلى الله عليه وسلم-، وكن -أيها الوالد- من "خيركم خيركم لأهله"، وقل: إن أولادي هم أولى الناس بخيري في أمور الدين والدنيا معًا.

وتذكّر -أيها الوالد الكريم- أن الإحسان إلى أهل بيتك جميعًا، هو واجب شرعي عليك، ليس منّة ولا تطوّعًا من جنابك، فإن فعلت ذلك، فإن الله سيوفي لك الجزاء الأوفى، وإلا فسيحاسبك الله وسيسألك عن إهمالك وتقصيرك بحق أهل بيتك، وتذكر -أيها الوالد الكريم، أيها الزوج المبارك- أنّ الغلظة والقسوة، وأنّ الإهمال والتقصير والاستبداد والدكتاتورية مع أسرتك وفي تعاملك مع أهل بيتك ومع أولادك، تذكّر واذكر جيدًا أنّ الخاسر من وراء ذلك هو أنتم جميعًا، نعم، الأسرة كلها هي الخاسرة، زوجتك وابنك وابنتك، وأنت قبلهم جميعًا، تخسرون الكثير الكثير، فحرام عليك والله أن تكون أنت السبب في كل ذلك، فما يضيرك لو أحسنت إلى أهل بيتك وإلى أولادك، وما ينقصك لو قدمت الخير والإحسان لهم فخيركم خيركم لأهل بيته؟! وكما في صحيح مسلم، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرَمِ الْخَيْرَ".

نعم، خيركم خيركم لأهله، ويا أولادي: أنتم الأوْلى بخيري.

اللهم اجعل أعمالنا صالحة، واجعلها لوجهك خالصة، ولا تجعل لأحد فيها شيئًا يا رب العالمين.