المقيت
كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...
العربية
المؤلف | بندر بن محمد الرباح |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التاريخ وتقويم البلدان - الأديان والفرق |
إن ما حدث بين أهل السنة والشيعة في البحرين ليوجب علينا تصحيح المفاهيم، وكلكم قد سمع ما حصل من اعتداء من الشيعة على أهل السنة بالضرب وغيره من وسائل الاعتداء، بل نقلت بعض الوسائل أن أطباءً من الشيعة يرفضون أن يعالجوا الجرحى من أهل السنة.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فأحبتي: إن الأحداث الدائرة قرب هذه المنطقة، وخصوصًا ما يجري بين إخواننا أهل السنة والشيعة في بلد البحرين، ليوجب علينا -أيها الأحبة- أن نتفكر، وأن نصحح ما يدور في أذهاننا من معلومات، لا شك -أحبتي في الله- أن من ينظر إلى تلك الأحداث بعقلانية، وينظر إليها بالأصل الذي انطلقت منه، ألا وهو أصل العقيدة.
أحبتي في الله: إن ما حدث بين أهل السنة والشيعة في البحرين ليوجب علينا تصحيح المفاهيم، وكلكم قد سمع ما حصل من اعتداء من الشيعة على أهل السنة بالضرب وغيره من وسائل الاعتداء، بل نقلت بعض الوسائل أن أطباءً من الشيعة يرفضون أن يعالجوا الجرحى من أهل السنة.
أتساءل -أيها الأحبة-: إذا كنا نرى هذا الموقف من الشيعة، ونرى موقفًا أشد من هذا منهم وهم الرافضة في إيران، كيف فعلوا في أهل السنة؟! وننظر كيف فعلوا في أهل السنة في العراق؟! نتعجب -أيها الأحبة- كيف يكون هذا الميزان ونحن نسمع من إخواننا الذين عملوا في بعض المناطق في هذه الدولة مع بعض الشيعة يتعجبون من أخلاقهم ويثنون على أخلاقهم.
ونتساءل -أيها الأحبة-: ما هو الميزان الذي يزن به الرافضة التعاون مع أهل السنة؟! كيف نجد من يثني على أخلاقهم وهذا حق، يقول: أخلاقهم وأخلاقهم، وهم من أحسن الناس أخلاقًا، بل تسمع من يقول: والله عاملتهم فوجدتهم أفضل من أهل السنة، ثم ننظر فيما يفعلون في إخواننا في كثير من الدول، فنقول: ما هو الفرق؟! هل هؤلاء رافضة وهؤلاء رافضة لكن هؤلاء من طبقة وهؤلاء من طبقة؟! هل هؤلاء لهم مذهب وهؤلاء لهم مذهب أم هم مذهبهم واحد؟!!
لا شك أن من أصول الرافضة -أيها الأحبة- أن التعامل مع أهل السنة على مرحلتين، وانتبهوا -أحبتي في الله- أن التعامل مع أهل السنة على مرحلتين:
المرحلة الأولى: حينما تكون الغلبة لأهل السنة في كل بلد فإن الرافضة من أصولهم أن يعملوا تحت أهل السنة، وأن يجذبوهم بالأخلاق، حتى جاء في بعض النصوص -أيها الأحبة- عند الرافضة أن للرافضي الذي يصلي خلف السني أن له أضعافًا مضاعفة من الأجر، لماذا؟! لأنه صلى وتبع التقية التي هي تسعة أعشار الدين عندهم!! وهي كذب كما تعلمون.
لكن إذا اختلف الأمر، إذا جاء زمن الفتن، أو كانت لهم الغلبة، ظهر ما كان الأصل عندهم، وهو الحقد على أهل السنة المتمثل في حقدهم على أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-، والذي يغرسونه -أيها الأحبة- في قلوب أطفالهم ليس عجيبًا والله.
ذكر -يا إخوان- عدد من المتخصصين في الدراسات عن الرافضة قال: إن الرافضة يؤصلون في أطفالهم كره الصحابة؛ حتى إن الطفل الصغير يعطى لعبة، فإذا فقد اللعبة يقول له أهله: يمكن أَخَذَهُ بوكير أو عمير! تعرفون من يقصدون ببوكير أو عمير، يعنون أبا بكر أو عمر -رضي الله عنهما-؛ حتى ينشأ هذا الطفل الصغير وهو يكره أبا بكر وعمر.
هذه الصورة التي ترونها -أيها الأحبة- في يوم عاشوراء بالدماء ما المقصود منها؟! كثير منا يغفل ويقول: هؤلاء سذج فقط، لا -يا إخوان- هم سذج نعم، العامة منهم، لكن كبارهم ما الذي يريدون؟! ما أرادوا أن يذبحوا أتباعهم، إنما يريدون أن يؤصلوا في الأطفال رؤية الدم التي تعني وتغرس في القلب الحقد، فهي تغرس في قلب كل شخص الحقد، هذا الطفل ينشأ وهو في كل سنة يرى الدم يسيل، لماذا؟! لأن الدم يؤصل فيه -أيها الأحبة- حقده على أهل السنة، فينشأ وهو طفل وهو يحقد على أهل السنة، خصوصًا إذا كان يسمع تلك الخطب الرنانة التي يلقيها أسيادهم، وهم ليسوا كأهل السنة، فهم يستطيعون أن يؤججوا المشاعر، لكن أهل السنة عندهم ميزان، لا يستطيعون أن يؤججوا المشاعر إلا بالحق.
الرافضة يصعد إمامهم المنبر ثم يقول لك: انظر ماذا فعل أبو بكر بفاطمة، ثم يأتي بقصص، ثم هذه القصص ما الذي يفعل بها، يسندها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وليس عندهم إشكال في الكذب، فهم مفتوح مباح؛ لذلك يسندون إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما شاؤوا، فاسمع للخطب التي يخطبونها، ستجد أن كلاً منهم يأتي بقصص، ماذا فعلوا بفاطمة؟! وماذا فعلوا بعلي؟! وقبل عليّ ماذا فعل أبو بكر؟! ماذا فعل عمر؟! ماذا فعل عثمان؟! ماذا فعل معاوية؟! ويأتونك بقصص، وكل شخص يأتي بقصص تختلف عن الآخر، بل لو رجعت إليه وقلت: هات هذه القصة من كتاب من كتب الرافضة، أو من كتب الشيعة عندكم، لم يجد لها أصلاً!! لأنه اختلقها على المنبر.
لكن أهل السنة -يا إخوان- لا يجاملون أحدًا، لو صعد أعلم أهل السنة على المنبر وأتى بحديث لم يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لقال له عموم أهل السنة: هذا الحديث لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
نعم، يأتي في الخطبة فيقول: ينبغي أن نقتدي بأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو من أهل السنة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم". فيقوم رجل ويقول له: هذا الحديث لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيرجع عن هذا الحديث.
أيها الأحبة: عند أهل السنة الصدق، ولذلك أقف -يا إخوان- مع الميزان الذي ذكرته لكم مع الشيعة والرافضة كيف يعاملون أهل السنة، انظر كيف عاملوهما في إيران، وانظر كيف عاملوهما في العراق، انظر الآن في البحرين.
أحبتي في الله: لا تقولوا: يختلف الرافضة عندنا في المنطقة الشرقية أو في غيرها، هم -يا إخوان- واحد.
لا أريد أن أتكلم، وعياذًا بالله أن أثير الفتن، بل -يا إخوان- ينبغي أن ندحر الفتنة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- حذّر من السعي في الفتنة، وأرشد أن أفضل الناس هو المتأخر عن الفتنة وقال: "إنها تكون فتن". انتبه، "إنها تكون فتن، الماشي فيها خير من الساعي، والواقف خير من الماشي، والقاعد خير من الماشي، والقاعد خير من الواقف." النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من سمع بها فَلْيَنْءَ عنها".
لا تكن مفتاحًا للفتن، لكن ينبغي -يا إخوان- تصحيح العقول، لا نغفل عن هذا، من كان يذهب من إخواننا من هذه البلاد إلى البحرين كان يقول: إذا واجهنا الشيعية وجدنا تعاملهم أحسن من السنة، لماذا؟! يتعجب!! الآن ما الذي ظهر يا إخوان؟! ما الذي تغير فيهم؟!
لا شك أن هذا هو الأصل عندهم؛ ولذلك ينبغي أن لا نغفل، وأنا أقول هذا دحرًا للفتن وليس تأييدًا لها؛ لأن الرافضة حتى في هذا البلد خرجت دعوات لهم يدعون فيها لتظاهرات سلمية في الشرقية أو غيرها، يدعون إليها بتواريخ معينة فحاذروا -يا إخوان- أن ينساق أحد خلف الرافضة.
لماذا -يا إخوان- في البحرين؟! تسمعون في الأخبار كانوا يقولون: إنها تظاهرة خرجت مطالِبة بحقوق، اكتشفوا أن الرافضة لا يطالبون بالحقوق، ليست مسألة حقوق، المسألة مسألة طائفية، يريدون أن يحكموا البلد بمذهبهم.
لذلك ينبغي -أيها الأحبة- أن ننتبه لهذا الأمر، وأن للرافضة مع أهل السنة ميزانين، ولذلك إذا عاملك الرافضي بمعاملة طيبة لا أقول: عامله معاملة سيئة، بل عامله بأحسن، لكن لا تكن ساذجًا وتظن أن هذه أخلاق الروافض على الدوام، كلا فهم إن كانوا مغلوبين فهذا هو تعاملهم، هذا هو الميزان، ولعلي في الخطبة الثانية أذكر شاهدًا على هذا إن شاء الله.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفره يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد:
أحبتي في الله: فكما قلت لكم: إن الرافضة، أو من يقال عنهم: الشيعة، والأصل أن الرافضة فرقة من فرق الشيعة، لكن هي الغالبة اليوم، ولذلك يقال لهم كلهم في هذا الزمن: الرافضة، فهم لهم ميزانان مع أهل السنة، ذكرت لكم الميزان الأول حينما تكون الغلبة لأهل السنة. والميزان الآخر حينما تكون الفتن أو تكون لهم الغلبة.
ففي هذا الحين لا يكتفون بإثارة القلاقل، بل لا يطمئنون حتى يقتلوا السنة قتلاً، ولو لم يكن لهم مصلحة في ذلك إلا قتل السنة، لماذا؟! لأنهم يُغَذَّوْنَ على ذلك وهم أطفال، الأجر العظيم في قتل السني! والرافضي -يا إخوان- له أجر عظيم عندهم إذا قتل السني، ولذلك هم يتقربون إلى الله بهذا، هم جهلة نعم، لكنهم يتبعون أسيادهم.
قد يتعجب بعضكم، فقد يكون منهم أطباء ومفكرون، كيف تعمى عقول هؤلاء؟! نقول: هذا الذي أنشأهم عليه المذهب الرافضي، فهو ينشئ أتباعه وهم صغار حتى يبلغوا، ينشئونهم على أن كل شيء تُعمِل فيه عقلك، إلا هذا الجانب لا تعمل فيه عقلك.
ولذلك أُصِّل فيه وهو صغير هذا الدم الذي يجري وقضية قتل الحسين، والقصص التي يؤججون بها المشاعر، فهم أُصِّلوا بذلك، ولذلك كان يعمل عقله. هذا الجانب الأول.
الجانب الثاني: يؤثر عليهم تلك الخطب الحماسية التي يوردون فيها قصصًا تُبْكِي، ولو رويت لكم قصة ما فعل الرافضة في عمر -رضي الله تعالى- عنه، دخلوا عليه وفعلوا وفعلوا، أو ما فعل الرافضة مثلاً في عثمان، وأنهم حاصروه وأنهم قاتِلوه وفعلوا وفعلوا، ثم جلست أبكي وأنتم تبكون، لأججنا المشاعر! لكن هذا كذب، ما تُدخِل الرافضة لا في عمر ولا في أبي بكر ولا في عثمان، وهم أقل وأحقر من ذلك، لكن ما نريد أن نكذب، وحذار -أيها الأحبة- أن يذهب أحد منكم ليستمع إلى خطبهم، فقد يتأثر بما يقولون؛ لأن الإنسان إذا لم يكن لديه علم قوي يا إخوان في هذا المذهب ضل، فإنّه من أخبث المذاهب، ولأصحابه مكر ودهاء، وليس السر أن تجد المذهب الرافضي ينتشر في كثير من البلدان؛ لأن لهم طرقًا خبيثة يؤججون بها المشاعر، وهذا يؤثر في الناس كلهم، ولذلك انتبه.
فحذار من ذلك -أخي في الله-؛ فقد تنجرّ وأنت لا تعلم إلى مثل ذلك، وهم يعلمون أن بعض السنة يستمعون إليهم، وابن القيم -رحمه الله- حينما تكلم في قضية متقدمة عن أهل الكلام وحذّر منهم خشي أن يقول بعض الناس: إنك بالغت في التحذير منهم، فقال: يا من يظن بأننا قد حفنا عليهم: اقرأ كتبهم. كما نقول لك: اسمع وشاهد قنواتهم لترى، ثم تذكّر الخطر العظيم عليك -أخي في الله- من مشاهدة هذه القنوات، فحذار من ذلك، قال:
فانظر ترى لكن نرى لك تـركها
إلى آخر ما قال -رحمه الله-.
أختم -يا إخوان- بأن أذكر لكم أن الرافضة يتعاملون مع أهل السنة وأعدائهم بميزانين، فكيف يتعامل أهل السنة مع أعدائهم؟!
أحبتي في الله: إنهم يتعاملون بميزان واحد، لما يكون أهل السنة مضطهدين لا شك أنهم يتعاملون بالميزان الحسن، لكن لما يكونون منتصرين فلدينا المثل الأول للخليفة الأول أبي بكر -رضي الله تعالى عنه-، اسمع وهو منتصر يعلّم الجيش: "لا تقتلوا وليدًا، لا تقتلوا طفلاً ولا امرأة ولا شيخًا كبيرًا". بل ونهاهم أن يقتلوا العابد في صومعته.. الله أكبر، فهل يقول الرافضة -أيها الأحبة- مثل هذا؟! بل والله -يا إخوان- في كل بلد ينتصرون فيه تجد أول ما يبدؤون يقتلون الأطفال.
ولا شك أن أبا بكر -رضي الله تعالى عنه- أخذ هذا الميزان من رسولنا -صلى الله عليه وسلم-، الذي أعطى الأمة كلها ميزان أعدائه في مكة، وتعرفون المثل في فتح مكة، فقد فعل فيه أعداؤه ما فعلوا، وإذا به ينتصر عليهم -عليه الصلاة والسلام-، فلما انتصر عليهم هل أوقع فيهم القتلى وانتصر لنفسه؟! كلا، بل قال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء". الله أكبر. ميزان -والله- لن تجدوه إلا عند أهل الإسلام الحق، الذين ساروا على ما سار عليه محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وهم أهل السنة، ولم يَسِر الرافضة على هذا المنوال وهم يقبِّحون في الأصل أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-.
أسأل الله -جل وعلا- أن يجنبنا كيد الفجار، وأسأله -جل وعلا- أن يديم على هذه البلاد أمنها وإيمانها. اللهم أدم علينا أمننا وإيماننا.