المؤمن
كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...
العربية
المؤلف | بهجت بن يحيى العمودي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
لقد حذّر الشرع من إطلاق البصر فيما لا يحل له، وهو بريد الزنا كما قال بعض السلف، وجعل الله تعالى ترك الزنا من أعظم صفات عباد الرحمن بقوله: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ). وهو مراد النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فزنا العينين النظر"، فالنظر هو الخطوة الأولى في إثارة الشهوة وتهييج النفس إلى الحرام والوقيعة في الزنا ..
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- حق التقوى، فاذكروه ولا تنسوه، واشكروه ولا تكفروه، وأطيعوه ولا تعصوه.
صحب شاب قومًا على ظهر سفينة يجوبون بها البلدان طلبًا لرزق الله في أرضه، وكان يبدو عليه سيما الصلاح، وذات مرّة ألقى البحر بالسفينة إلى جزيرة من الجزر، فنزل القوم إليها يستريحون فيها أيامًا من عناء السفر الطويل، ويتجولون في أسواقها، يشترون منها الغريب والعجيب لأهليهم ولأبنائهم، ثم يرجعون إلى سفينتهم ليلاً، وكان من بين القوم رجل سيئ خبيث الطوية يقصد أماكن الفجور والبغاء، وكان ذلك الشاب المصاحب للقوم لا ينزل من السفينة أبدًا، بل يمكث بها يصلح فيها ما يحتاج إلى إصلاح ويشغل وقته بما ينفعه، وبينما هو كذلك إذ يقترب إليه صاحب السوء ويقول له: لم أنت جالس في السفينة لا تفارقها؟! لم لا ترى دنيا غير دنياك؟! لم لا ترى الأعاجيب والغرائب؟! لمَ لمَ... ولا يزال يلحّ عليه حتى تحركت نفس ذلك الشاب شوقًا لما سمع من العجائب والغرائب، فقال الشاب: وهل في هذه الدنيا ما تقول؟! قال صاحب السوء: نعم، وفي هذه الجزيرة، ونزل الشاب المسكين مع صاحب السوء وتجولا في أسواق المدينة وشوارعها حتى دخل به إلى طرق صغيرة ضيقة حتى انتهى إلى بيت صغير، فدخل الرجل البيت وطلب من الشاب أن ينتظره وقال: سآتيك بعد قليل، ولكن إياك أن تقترب من الدار، جلس الشاب بعيدًا عن الباب، وفجأة إذا به يسمع قهقهة عالية، وإذا بالباب يفتح وتجري منه امرأة قد خلعت جلباب الحياء والمروءة.
عجبًا إنه الباب نفسه الذي دخل فيه الرجل! وتحركت نفس الشاب فدنا من الباب وهو يسمع صوت القهقهة، فنظر من شق الباب فرأى ما يهوله، ويتبع النظرة أختها لتتواصل النظرات منه وتتوالى وهو يرى شيئًا منكرًا لم يألفه ولم يره من قبل، وحينما خرج صاحبه استنكر عليه الشاب فعلته ووبخه، ولكن صاحب السوء شتم الشاب وسبه، ثم رجع القوم إلى السفينة ورجع الشاب، ولكن رجع مشغول الفكر والبال فيما رأى، قد استحكم سهم الشيطان من قلبه، وامتلكت النظرة زمام فؤاده.
وبدأ الشيطان -عباد الله- يوسوس للشاب، ويعرض عليه ما رأى، وظل هكذا، فما أن أصبح الصباح حتى كان هو أول النازلين من السفينة، وليس له هم إلا أن ينظر فقط لا شيء غير النظر، وذهب إلى المكان السيئ الذي دله عليه رفيق السوء، فما زال يتبع النظرة الأخرى حتى وقع في الحرام والعياذ بالله، ومكث يومه الأول والثاني حتى افتقده القوم، وسألوا عنه فلم يجبهم أحد، حتى علم قائد السفينة أنه في أماكن البغي والفساد، فأمر بإحضاره، ولم يحضر معهم إلا بالقسر والقوة، قد استحكم على قلبه الهوى فأفسده، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأبحرت السفينة راجعة إلى البلاد، ومضى الجميع في عملهم، وبقي ذلك الشاب في زاوية من السفينة متأوّهًا باكيًا يئن، حتى لتكاد نياط قلبه أن تتقطع من شدة البكاء، ويقدمون له الطعام ولا يأكل.
وبقي على حاله البائسة هذه بضعة أيام، وفي ليلة من الليالي ازداد بكاؤه ونحيبه ولم يستطع أحد من أهل السفينة أن ينام، فجاءه قائد السفينة وقال له: يا هذا: اتق الله، ماذا أصابك؟! لقد أقلقنا أنينك فما نستطيع النوم؛ فما الذي بدل حالك؟! ما الذي دهاك؟! فرد عليه الشاب وهو يتحسر: دعني فإنك لا تدري ما الذي أصابني، فقال الربان: وما الذي أصابك؟! عند ذلك كشف الشاب عن عورته وإذا الدود يتساقط من سوأته، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فارتعش القائد مما رأى وهاله الأمر مما رأى، أعوذ بالله من هذا، وقام عنه القائد، وقبيل الفجر قام أهل السفينة على صيحة مدوية أيقظتهم من نومهم، وذهبوا إلى مصدرها فهالهم ما وجدوا ورأوا، وجدوا ذلك الشاب وهو ممسك خشبة السفينة بأسنانه وقد فارقت روحه جسده ليلقى الله على حالته تلك، فاسترجع القوم وسألوا الله حسن الختام، وبقيت هذه القصة عبرة للمعتبرين.
فتأملوا -عباد الله- في عاقبة إطلاق البصر في محارم الله، ولا شك -إخوتي- أن ذلك الشاب كان في قلبه آفة كامنة غير ظاهرة للناس، منها استحكم الشيطان على قلبه، وإن أظهر الصلاح للناس، فإنما الأعمال بالخواتيم.
إخوة الإسلام: لقد حذّر الشرع من إطلاق البصر فيما لا يحل له، وهو بريد الزنا كما قال بعض السلف، وجعل الله تعالى ترك الزنا من أعظم صفات عباد الرحمن بقوله: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ) [الفرقان:68]. وهو مراد النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فزنا العينين النظر"، فالنظر هو الخطوة الأولى في إثارة الشهوة وتهييج النفس إلى الحرام والوقيعة في الزنا، والعياذ بالله.
أخي المسلم والمسلمة: لقد كان العرب قبل الإسلام يعدون غض الطرف أدبًا عظيمًا، بل ويتفاخرون به، ومن ذلك قول عنترة:
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي
كان هذا حالهم وهم مشركون بالله تعالى، فكيف بنا نحن المسلمين وبين أيدينا كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-؟!
قال ابن الجوزي -رحمه الله- محذرًا: "فاحذر -يا أخي وفقك الله- من شر النظر، فكم قد أهلك من عابد، وفسخ عزم زاهد، فاتعظ بذلك وتلمح معنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "النظر سهم مسموم"؛ لأن السم يسري إلى القلب، فيعمل في الباطن قبل أن يُرى عمله في الظاهر، فاحذر من النظر، فإنه سبب الآفات، إلاّ أن علاجه في بدايته قريب، فإذا تكرر تمكّن الشر فصعب علاجه".
وقال: "وكذلك النظرة إذا كثرت في القلب، فإن عجّل الحازم بغضها وحسم المادة من أولها سهل علاجه، وإن كرر النظر نقب عن محاسن الصورة، ونقلها إلى قلب متفرغ فنقشها فيه، فكلما تواصلت النظرات كانت كالمياه تسقى بها الشجرة فلا تزال تنَمَّى، فيفسد القلب ويُعْرِض عن الفكر فيما أُمِرَ به، ويخرج بصاحبه إلى المحن، ويوجب ارتكاب المحظورات ويلقيه في التلف. والسبب في هذا الهلاك أن الناظر أول نظرة التذّ بها فكررها يطلب الالتذاذ بالنظرة مستهينًا بذلك، فأعقبه ما استهان به التلف، ولو أنه غض عند أول نظرة لَسَلِمَ في باقي عمره".
عباد الله: لقد أمر الله ورسوله الأمة بغض أبصارهم عما لا يحل لها، فقال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النور:30].
قال ابن كثير -رحمه الله-: "وهذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه، وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم، فإن اتفق أن وقع البصر على محرم من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعًا". أسمعت يا عبد الله؟! وقال ابن الجوزي -رحمه الله-: "ولما كان إطلاق البصر سببًا لوقوع الهوى في القلب أمرك الشرع بغض البصر عما يخاف عواقبه".
وبعد ذلك -يا عباد الله- ما هي الثمرة لغض البصر؟! استمع إلى قوله تعالى: (ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ) أي: أطهر لقلوبهم وأنقى لدينهم، كما قيل: من حفظ بصره أورثه الله نورًا في بصيرته، وقيل: نورًا في قلبه، ذكره ابن كثير في تفسيره.
ويتأكد -إخوة الإسلام- دخول النساء في الأمر بغض البصر في الآية السابقة، ولكن لأهمية الأمر وعظيم خطره خصّ الله النساء بقوله: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) [النور:31]، قال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "هذا أمر من الله تعالى للنساء المؤمنات، وغَيْرَهٌ منه لأزواجهن عبادِه المؤمنين، وتمييز لهن عن صفة نساء الجاهلية وفعال المشركات".
الله أكبر يا عباد الله، إن الله يغار على نساء المؤمنين، ويرفعهن إلى منزلة الإسلام الخالدة التي كرمهن بها، ولكن أين هذا من نساء الأسواق اللاتي يطفن بالمحلات التجارية، تنظر إلى الرجال بكل عين جريئة آثمة، وتجادل وتحادث بحجة البيع والشراء، وقد فتنت الرجال بزينتها وبهرجها وتبرجها أمام الناس؟!
والله -يا عباد الله- لقد ذهبت الغَيْرة من قلوب كثير من الرجال إلا من رحم الله، وذهب الحياء من قلوب كثير من الرجال والنساء إلا من رحم الله، وقليل ما هم، فاحرص -يا عبد الله- على حفظ زوجتك وبناتك وأخواتك من النزول إلى الأسواق بغير حاجة وبغير محرم لها، فإن البلاء قد كثر، والفتن قد انتشرت، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
عباد الله: أما السنة المطهرة فالأحاديث في ذلك كثيرة، جاءت محذرة من نظرة العين التي تفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري. وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه وفيه قال: "يا علي: لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة". ويقصد بأن له النظرة الأولى، أي: نظرة الفجأة غير المتعمدة، أما أن يطلق نظره فيمن يمر من النساء بحجة النظرة الأولى فإن هذا تلبيس من الشيطان فاحذر.
ومن حق الطريق على الجالسين فيه ما رواه أبو سعيد وفيه قال: قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟! قال: "غض البصر...". الحديث. وعن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اضمنوا لي ستًا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم". حديث حسن.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك كله ويكذبه". رواه مسلم.
قال الشنقيطي -رحمه الله-: "محل الشاهد منه -أي: الحديث السابق- قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فزنا العين النظر"، فإطلاق اسم الزنا على نظر العين إلى ما لا يحل دليل واضح على تحريمه والتحذير منه".
وقد يدخل الشيطان -عباد الله- على أقوام بحجة أن النساء هن السبب في النظر إليهن بسبب كشفهن عن وجوههن وتبرجهن، ويجعل ذلك مبررًا للنظر إليهن، فقد قال سعيد بن أبي الحسن للحسن -رحمه الله-: "إن نساء العجم يكشفن صدورهن ورؤوسهن! قال: اصرف بصرك عنهن، يقول الله -عز وجل-: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) [النور:30]. قال قتادة: "عما لا يحل لهم".
وقال الشنقيطي -رحمه الله-: "وبه تعلم أن قوله تعالى: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ) [غافر:19] فيه الوعيد لمن يخون بعينه بالنظر إلى ما لا يحل له، وهذا الذي دلت عليه الآيتان من الزجر عن النظر إلى ما لا يحل جاء موضحًا في أحاديث كثيرة".
الخطبة الثانية:
الحمد لله عالم السر وأخفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله النبي المجتبى، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أئمة الهدى، ومن سار على نهجه واقتفى، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى، فإن من اتقى الله يجعل له فرقانًا يفرق به بين الحق والباطل، وليس ذلك إلا للمتقين، فكونوا منهم -رحمكم الله-.
إخوة الإسلام: قال ابن القيم -رحمه الله-: "وأمر الله تعالى نبيه أن يأمر المؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم، وأن يعلمهم أنه مشاهد لأعمالهم مطلع عليها: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُور) [غافر:19]، ولما كان مبدأ ذلك من قبل البصر جعل الأمر بغضه مقدمًا على حفظ الفرج، فإن الحوادث مبدؤها من البصر، كما أن معظم النار من مستصغر الشرر، تكون نظرة، ثم خطرة، ثم خطوة، ثم خطيئة، ولهذا قيل: من حفظ هذه الأربعة أحرز دينه: اللحظات والخطرات واللقطات والخطوات".
وقال أيضًا -رحمه الله تعالى-: "وقد جعل الله سبحانه العين مرآة القلب، فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته وإرادته، وإذا أطلق بصره أطلق القلب شهوته".
ومن ثمرات غض البصر -أخي الحبيب- النجاة من ألم الحسرة التي تصيب الناظر إلى الحرام، وأنه يورث الفراسة، ويفتح أبواب العلم النافع وطرقه، ويورث القلب قوة وثباتًا وشجاعة في الحق، ويورثه فرحًا وسرورًا، ويسد عنه بابًا من أبواب جهنم، ويقوي العقل، ويخلص القلب من سكر الشهوة ورقدة الغفلة، وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "الشيطان من الرجل في ثلاثة: في بصره وقلبه وذكره، وهو من المرأة في ثلاثة: في بصرها وقلبها وعجزها".
أخي الكريم، أختي الكريمة: لقد ثبت بالدراسة والبحث العلمي أن تكرار النظر بشدة إلى الجنس الآخر يصل بالشخص إلى إصابة جهازه التناسلي بأمراض احتقان غدة البروستات والضعف الجنسي، وبالتحليل النفسي لهذا الإنسان وُجِد أنه يتعرض لأزمات نفسية واكتئاب وتغيير في سلوكه وشخصيته، ويشير الباحث إلى أن حاسة النظر تعتبر أقوى وأخطر من ناحية الإثارة الجنسية.
وفي الختام أوصيكم ونفسي -إخواني في الله- بمجاهدة النفس ساعة بعد ساعة: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت:69]، وتذكر قول نبيك -صلى الله عليه وسلم-: "حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره".
واعلم -أخي- أنما بصرك نعمة من الله عليك، فلا تعصه بنعمته، وعامله بغضه عن الحرام تربح.
أخي الحبيب: إن إطلاق بصرك إلى ما حرم الله إنما هو إيذان منك وإعلام للآخرين بإطلاق بصرهم إلى محارمك، ولا شك أنك لا ترضى بهذا مطلقًا، فإذا كنت كذلك فكيف ترضاه لغيرك من محارم الله؟! وتذكر -أخي- أن الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان، قال الشافعي -رحمه الله-:
عفّوا تعف نساؤكم في المحرم
أخي المسلم: تذكر أن ما تشاهده وتسمعه اليوم من حولنا من جرائم أخلاقية وجنسية لا مثيل لها، وظهور أمراض فتاكة كالإيدز والهربز والسيلان وغيرها، كان سببها الأول هي تلك النظرة المحرمة التي يتبعها الفعل والمواقعة، واحذر -أخي- مثيرات الشهوة من المجلات الفاتنة والصور الخليعة الفاضحة في التلفاز والفيديو والبث المباشر، فإنها تحمل في طياتها صورًا سافرة عارية، وإن هذا لمؤذن بخطر ومصائب قد تحل بالمجتمع فتهلكه، عافانا الله وإياكم من كل بلاء، وحفظنا وإياكم من كل سوء ومكروه.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) [آل عمران: 165].