قال المؤلف حفظه الله: «فهذا بحثٌ عن «اتخاذ القرآن الكريم أساسًا لشؤون الحياة والحكم في المملكة العربية السعودية» كتبتُه بناءً على طلب كريم من اللجنة التحضيرية لندوة «عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم وعلومه»، في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، في المدينة المنورة، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، حاولتُ فيه إبرازَ المعالم الكبرى لمسيرة المملكة الإسلامية، وخصّصتُ منهجَ السلف بمزيد عناية وإبراز، ولا سيما من الناحية التطبيقية والممارسة والتبني. أرجو أن يكون مُحقِّقًا للمقصود وافيًا بالمطلوب، سائلًا اللهَ العلي القدير أن يزيدنا بدينه تمسكًا، وأن يوفقنا لصالح العلم والعمل، إنه سميع مجيب».
التفاصيل
المقدمة مقدمة في فضل القرآن الكريم . حقائق التاريخ وسيرة أمة : الدولة والإسلام وإجمال في الخصائص : تفاصيل لبعض العالم الكبرى القضاء القيام بواجب الدعوة . الشورى في خدمة الحرمين الشريفين . الإعلام التعليم خاتمة الملاحق مختارات من النظام الأساسي للحكم مختارات من مواد السياسة التعليمية : مختارات من مواد السياسة الإعلامية : المراجع اتخاذ القرآن الكريم أساسًا لشؤون الحياة والحكم في المملكة العربية السعوديةإعدادد . صالح بن عبد الله بن حميدخطة البحثـ مقدمة في فضل القرآن الكريم . ـ المملكة رائدة في خدمة كتاب الله. ـ تمهيد .ـ الوحدة والتوحيد .ـ الدولة والإسلام .ـ إجمال في خصائص الدولة .ـ تفاصيل لبعض المعالم الكبرى .** دعوة الشيخ / محمد بن عبد الوهاب ، نموذج لطبيعة منهج أهل السنة والجماعة . ** حقيقة منهج السلف . ** معالم في مسار المملكة في منهج السلف الصالح . ** المنهج ليس شعاراً مجرداً . ** الإعلان بتبني هذا المنهج . ** الحكم بما أنزل الله . ** تربية المجتمع على الدين . ** نشر مذهب السلف . ** التربية على التوحيد وصفاء المعتقد . ** الأمن الفكري .ـ تطبيق الشريعة .ـ القضاء .ـ الدعوة إلى الله .ـ الشـورى .ـ خدمة الحرمين .ـ الإعلام . ـ التعليم .ـ خاتمة في خدمة القرآن الكريم .ـ ملاحق : ـ مختارات من مواد النظام الأساسي للحكم . ـ مختارات من السياسة التعليمية . ـ مختارات من السياسة الإعلامية . بسم الله الرحمن الرحيم المقدمةالحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :ـ فهذا بحث عن :" اتخاذ القرآن الكريم أساساً لشؤون الحياة والحكم في المملكة العربية السعودية ".كتبته بناء على طلب كريم من اللجنة التحضيرية لندوة "عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم وعلومه"، في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، في المدينة المنورة، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، حاولت فيه إبراز المعالم الكبرى لمسيرة المملكة الإسلامية، وخصصت منهج السلف بمزيد عناية وإبراز ولاسيما من الناحية التطبيقية والممارسة والتبني. أرجو أن يكون محققاً للمقصود وافياً بالمطلوب، سائلاً الله العلي القدير أن يزيدنا بدينه تمسكاً، وأن يوفقنا لصالح العلم والعمل إنه سميع مجيب. مقدمة في فضل القرآن الكريم .خلق الله الإنسان في هذه الأرض واستخلفه فيها ليعمرها ولم يتركه هملاً ولم يَدَعْه سدى بل بعث إليه رسلاً يدعونه إلى عبادة الله وحده ويهدونه الصراط المستقيم يبشرون وينذرون لتقوم الحجة وتتضح المحجة رُّسُلٗا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ (النساء:165). وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ (النحل:36). وظلت الإنسانية في مسيرتها وامتداد تاريخها يتعاهدها ربها بما يلائمها ويحل مشكلاتها، وينير طريقها. فلما اكتمل نضجها بعث عبده ونبيه ورسوله محمداً على فترة من الرسل ليُكْمِل بناء إخوانه من النبيين والمرسلين وليختم به الرسالات، فجاءت رسالته شريعةً عامة شاملة، وكانت معجزته هذا الكتاب المحفوظ، قال : " مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلاَّ موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون منه ويقولون لولا هذه اللبنة. فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين "( ). فالقرآن رسالة الله إلى الإنسانية كافة كتب الله له الحفظ والنقل المتواتر دون تحريف أو تبديل أو تغيير قال تعالى : إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ ٩ (الحجر :9).هذا الكتاب العظيم لم يحظ كتاب على مدار التاريخ منذ أن عرف الإنسان القراءة والكتابة، ومنذ أن بدأ يهتم بتراثه وتاريخه، كما حظي القران الكريم، فلقد تركزت العناية به وبسُوَرِه، وترتيبها، وآياتها بألفاظها وحروفها، وقراءاته بوجوهها وأنواعها، وبرسمه الخاص به، ونقطه، وأجزائه وأعشاره وأحزابه وتجويده، وحفظه وتدبره، وطباعته ونشره. كما حبب الله إلى أهل الإسلام تلاوته وحثهم على قراءته وقراءة ما تيسر منه فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ … ) المزمل:20) . كما أمرهم بالإنصات حين تلاوته :وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ.. (الأعراف:204) . في خصائص ومزايا ليست في كتاب غيره على وجه الدنيا.كتاب عظيم ما زال سابقاً للزمان والعصر وسيظل متقدماً على البيئات والمجتمعات، وسيبقى يتحدى كل العقول إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. قال تعالى في وصف كتابه الكريم : وَإِنَّهُۥ لَكِتَٰبٌ عَزِيزٞ ٤١ لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ ٤٢ (فصلت: 41، 42) . وقال تعالى : وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخۡتِلَٰفٗا كَثِيرٗا ٨٢ ( النساء: 82) هو الكتاب المجيد، كلية الشريعة، وعمدة الملة، وينبوع الحكمة ، وآية الرسالة، ونور الأبصار والبصائر. لا طريق إلى الله سواه، ولا نجاة بغيره، ولا تمسك بشيء يخالفه. فلا جرم، لزم من رام الاطلاع على كليات الشريعة الغراء، وطمع في إدراك مقاصدها واللحاق بأهلها النجباء، أن يتخذه سميره وأنيسه، ويجعله على المدى، نظراً وعملاً، جليسه. فيوشك أن يفوز بالبغية، ويظفر بالطلبة، ويجد نفسه من السابقين، وفي الرعيل الأول المهتدين، ويشرق في قلبه نور الإيمان، وتطلع في بصيرته شمس العرفان، ويتبوأ في الدنيا والآخرة مكاناً عليا. ( )كتاب الله المبين، الفارق بين الشك واليقين، الذي أعجزت الفصحاءَ معارضتُه، وأعيت الألباءَ منا قضته، وأخرست البلغاءَ مشاكلتُه، فلا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً. جعل أمثاله عبراً لمن تدبرها، وأوامره هدًى لمن استبصرها، وشرح فيه واجبات الأحكام، وفرق فيه بين الحلال والحرام، كرر فيه المواعظ والقصص للأفهام، ضرب فيه الأمثال، وقص فيه غيب الأخبار، فقال تعالى : مَّا فَرَّطۡنَا فِي ٱلۡكِتَٰبِ مِن شَيۡءٖۚ … (الأنعام: 38) . خاطب فيه أولياءه ففهموا، وبين لهم فيه مراده فعلموا. فقراء القرآن حملة سر الله المكنون، وحفظة علمه المخزون، وخلفاء أنبيائه وأمناؤه، وهم أهله وخاصته وخيرته وأصفياؤه، قال رسول الله : " إن لله أهلين منَّا. قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القرآن أهل الله وخاصته "( ) فما أحقَّ من علم كتاب الله أن يزدجر بنواهيه، ويتذكر ما شُرح له فيه، ويخشى الله ويتقيه، ويراقبه ويستحييه. فإنه قد حُمِّلَ أعباء الرسل، وصار شهيداً في القيامة على من خالف من أهل الملل، قال الله تعالى : وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ … ( البقرة: 143). ألا وإن الحُجَّةَ على من علمه فأغفله، أَوْكَدُ منها على من قصر عنه وجهله. ومن أوتي القرآن فلم ينتفع، وزجرته نواهيه فلم يرتدع، وارتكب من المآثم قبيحاً، ومن الجرائم فضوحاً، كان القرآن حجة عليه، وخصماً لديه، قال رسول الله " القرآن حجة لك أو عليك "( ). فالواجب على من خصه الله بحفظ كتابه أن يتلوه حق تلاوته، ويتدبر حقائق عبارته، ويتفهم عجائبه، ويتبين غرائبه. قال الله تعالى : كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ ( ص: 29). وقال تعالى : أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ ٢٤ (محمد : 24). جعلنا الله ممن يرعاه حق رعايته، ويتدبره حق تدبره، ويقوم بقسطه، ويوفي بشرطه، ولا يلتمس الهدى في غيره، وهدانا لأعلامه الظاهرة وأحكامه القاطعة الباهرة، وجمع لنا به خير الدنيا والآخرة، إنه أهل التقوى وأهل المغفرة( ) القرآن الكريم ينبوع كل خير…ومصدر كل علم …وأصل كل نعمة اختار الله له شهر رمضان ميقاتاً …وكان نزوله فيه فيض رحمة …وبدء رسالة …وشاهد اصطفاء رسول خاتم الأنبياء والرسل …وبداية أمة هي خير أمة أخرجت للناس …فأنار الله به للذين التزموه الطريق، وتداركهم بلطفه من فناء كاد يأخذهم من شتى نواحيهم …ومنحهم به أينما اتجهوا كـل صواب وتوفيق …فلا تكاد كل قضية من قضايا الحياة إلا وضح القرآن غياهبها …وكشف أسرارها. وأبرز غامضها …وأجلى جوانبها …وبين أهدافها …وهو صالح لكل زمان ومكان بقدر ما يعطيه المسلمون من عناية واعتبار …بعد أن أسعد الذين ناجوا ربهم بكلامه …وجعلوا قلوبهم أوعية له …ورطبوا ألسنتهم ما استطاعوا، تلاوته …وأرهفوا أسماعهم لهدايته …فلا ينصرفون عنه لسواه …ولا يرتضون به بديلاً، ولا يبغون عن أوامره ونواهيه حولا. ( ) ويعالج القرآن المشكلات الإنسانية في شتى مرافق الحياة، النفسية والعقلية والبدنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية علاجاً حكيماً، لأنه تنـزيل الحكيم الحميد، يضع لكل مشكلة بلسمها الشافي في أسس عامة، تترسم الإنسانية خطاها، وتبني عليها في كل عصر ما يلائمها، فاكتسب بذلك صلاحيته لكل زمان ومكان، فهو دين الخلود، نظام شامل، يتناول مظاهر الحياة جميعاً، فهو دولة ووطن، وحكومة وأمة، وهو خُلق وقوة، ورحمة وعدالة ،وهو ثقافة ونظام، وعلم وقضاء، وهو مادة وثروة، وكسب وغنى، وهو جهاد ودعوة، كما هو عقيدة صادقة، وعبادة صحيحة.والإنسانية المعذبة اليوم في كثير من أصقاع الدنيا المضطربة في أنظمتها المتداعية في أخلاقها، لا عاصم لها من الهاوية التي تتردى فيها إلاَّ القـــرآن فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشۡقَىٰ ١٢٣ وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَعۡمَىٰ ١٢٤ (طه: 123 ـ 124). المسلمون هم وحدهم الذين يحملون المشعل وسط دياجير النظم والمبادئ الأخرى، فحري بهم أن ينفضوا أيديهم من كل بهرج زائف، وأن يقودوا الإنسانية الحائرة بالقرآن الكريم، حتى يأخذوا بأيديها إلى شاطئ السلام. وكما كانت لهم الدولة بالقرآن في الماضي، فإنها كذلك لن تكون لهم إلا به في الحاضر( ). وإنهم ليعلمون أنه حين نزل به الوحي على رسول الله، اهتدت به القلوب المريضة … واستقام حال الدنيا المعوج، واطمأنت ـ حين صلحت ـ تلك النفوس الضالة المنحرفة عن طريق الحق، ومنار الهدى، هَدَى في كل معضلة، وحلَّ كلَّ مشكلة، ووجه في كل أمر. والقرآن الكريم هو أساس الوحدة وقوام المِلَّة، ولن يستعيد المسلمون مكانتهم إلا بتمسكهم بهذا الكتاب العظيم والسير على هدي محمد ولن تأتي القوة ولن يتحقق التمكين الموعود إلا بالعمل على خدمة كتاب الله العزيز وحفظه ونشره وحسن تدبره وصدق العمل به وحينئذ تظل العالمين راية الإسلام، ويكون الدين كله لله . والمملكة العربية السعودية وهي قائدة العالم الإسلامي، وفيها الأماكن المقدسة، وإليها يكون الترحال والمقصد، قد بذلت مجهودات جبارة في خدمة كتاب الله الكريم فهي ـ قد اتخذت كتاب الله دستوراً، تعتمده في الحياة العامة والخاصة ، فشمل جميع جوانب الحياة، ولقد استمدت المملكة منه قوتها، ورسمت لها منه منهجها . والحديث فيما يأتي فيه بسط لمعالم هذا النهج الذي تنتهجه بلاد الحرمين الشريفين في تحكيم كتاب الله، والسير على نهج السلف الصالح وتطبيق شريعة محمد . حقائق التاريخ وسيرة أمة :التاريخ حقائق، ووقائع، وأرقام، وأعلام، إذا دخلها الخيال فسدت، وإذا لعب بها الهوى ماتت، والخيال والهوى والأوهام غير النقد والفحص والتفسير، فالأُوْلَيَات أكاذيب وتزييف أما الأُخْرَيات فاجتهادات ومحاولات تخطئ وتصيب ما دامت مبنية على الحقائق وتحري الحقائق. في تاريخ البلاد السعودية سيرة أمة تحولت من الركود إلى النشاط، ومن الفرقة إلى الألفة، ومن الفتنة إلى الوئام، ومن نزعات العصبية الجاهلية والفوضى إلى الإيمان والنظام، ومن الفاقة إلى اليسر، ومن النوم والغفلة إلى الأخذ بأسباب الحياة. إمارات تتوحد، وأمة تتكون، ودولة تبنى، وحضارة تشاد، مئات السنين مرت بالجزيرة والحكم فيها لمن غلب، غزو و نهب، لا أمن لضعيف ولا سلامة لأعزل. لقد خضع العَصيُّ، وأَمِنَ الخائف، فكان الاستقرار، وكان الأمن الذي لم يألفه أهل هذه الأقطار.التاريخ حَكَمٌ محايد يحتفظ في صفحاته وطياته بتطورات الأحداث مهما دقت أو عظمت دون مجاملة أو محاباة بهذا الفهم لمغزى دلالات الواقع والحاضر فإن الواقع ينبئ عن المستقبل، والحاضر يعكس الماضي، من هذا وذاك تتكشف الصورة المضيئة لتاريخ هذه البلاد المملكة العربية السعودية الذي هو بفضل الله وتوفيقه ثمرة من ثمار حنكة السلف ويقظته ووعيه للتاريخ وفهمه للأحداث، لقد أجمع المؤرخون عرباً ومسلمين ومستشرقين على أن تصدي الملك عبد العزيز لشتات الدويلات والإمارات الممزقة والمتفرقة، وتوحيدها تحت اسم "المملكة العربية السعودية " هو الإنجاز الوحيد الكبير في هذا العصر، ويؤكد ثقات المؤرخين والمنصفين الذين يسبرون تغيرات الدول وتقلبات الأحداث في هذه الفترة أن ما حققه الملك عبد العزيز في الجزيرة العربية هو أعظم عمل في تاريخ العرب الحديث هدف إلى الوحدة ولمّ الشتات. إنه النموذج في التوجه الإسلامي الوحدوي المتأصل في سياسة الملك عبد العزيز، واستراتيجيته، وفي شعار التوحيد الذي رفع به الراية واللواء ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ). نموذج يرسي دعائم وحدة المسلمين الكبرى، وتضامن العالم الإسلامي كله. نموذج في البناء والتطور. نموذجٌ أَخَذَ البلاد في طريق المعاصرة مع الحفاظ على الأصالة، فهي تسير بخطوات وئيدة ثابتة راسخة راسية. وبأسلوب كفيل ـ بإذن الله ـ بأن يهيئ للبلاد الحفاظ على ثقافتها وتراثها، وهويتها المتميزة، في الوقت الذي تتعرض له كثير من البلدان النامية إلى خطر فقدان الهوية الثقافية في تحولاتها العصرية. يقول المفكر بريبانتي : ـ " إذا ما أريد فرض أي تغيير بصورة مرحلية على أمة من الأمم وجب أن يتم إعداده بكل عناية بحيث يتمشى مع الإطار الثقافي للأمة المتلقية له .. ولابد كشرط سابق من أن تقوم هذه الأمة بتحديد قيمها الخاصة وتحليلها حتى تستطيع التحكم في الآراء الغريبة التي يراد إدخالها والتي من شأنها تغيير هذه القيم فتتحكم فيه سواء من حيث نوعيتها، أو من حيث معدلاتها.ليس في العالم إلا ثلاثة أنظمة سياسية هي التي تبذل جهداً واعياً للتحكم في إدخال قيم مفروضة مرحلياً بهذه الكيفية. والمملكة العربية السعودية واحدة من هذه الأنظمة. ( ) الدولة والإسلام وإجمال في الخصائص :في أي حديث عن المملكة العربية السعودية سواءً أكان حديث بيانات وإحصاءات أم حديث تنمية وإنجازات، أم حديث تاريخ وتأسيس فإن الأمر الذي يستحق التأكيد هو أن الأساس الذي جمع هذا كله، والرابط الذي ربط ذلك كله، بل الخطط التي تخطط ذلك كله هو الإسلام. من المعلوم من طبيعة دين الإسلام أنه ليس مقصوراً على فرائض وشعائر تؤدى في أوقات معينة أو أحوال محددة، ولكنه دين ينظم الحياة كلها وينظم السلوك كله ومن أجل هذا، فإنه لفهم تاريخ المملكة وتطورها السياسي والاقتصادي والاجتماعي يجب أن يدرس ذلك مقروناً بطبيعة دين الإسلام وشموله وسعته. إن الإسلام لا يؤلف إطار السلوك العام والخاص للفرد المسلم فقط ولكنه يتغلغل في عمق نسيج المجتمع وبناء الدولة ومن ثم فإنه يؤثر في كل ناحية من نواحيها. وهذه إشارات وتنبيهات لبعض مظاهر تطبيق الإسلام على الفرد والمجموع، وسيادة سلطان الدين على النفوس والأنظمة. يتلخص المنهج الذي قامت عليه المملكة في الركائز التالية : أولاً : عقيدة التوحيد التي تجعل الناس يخلصون العبادة لله وحده لا شريك له ويعيشون أعزة مكرمين. ثانياً : شريعة الإسلام التي تحفظ الحقوق والدماء وتنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم وتضبط التعامل بين أفراد المجتمع وتصون الأمن العام. ثالثاً : حمل الدعوة الإسلامية ونشرها فالدعوة إلى الله من أعظم وظائف الدولة الإسلامية وأهمها.رابعاً : إيجاد ( بيئة عامة ) صحيحة صالحة سليمة من فشو المنكرات والانحرافات، تعين الناس على الاستقامة والصلاح وهذه المهمة منوطة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. خامساً : تحقيق ( الوحدة الإيمانية ) التي هي أساس الوحدة السياسية والاجتماعية والجغرافية. سادساً : الأخذ بأسباب التقدم وتحقيق النهضة الشاملة التي تيسر حياة الناس ومعاشهم وتراعي مصالحهم في ضوء هدى الإسلام ومقاييسه. سابعاً : الأخذ بمبدأ ( الشورى ) التي أمر الإسلام بها ومدح من أخذ بها وجعلها من صفات أهل الإيمان. ثامناً : التعليم الديني مفروض في كل مراحل التعليم في البلاد ، ونسبة مواده لا تقل عن ثلاثين في المائة من المواد الأخرى هذا بخلاف المعاهد والمدارس والكليات المتخصصة في دراسة الشريعة وتخريج العلماء والقضاة والمفتين والمتخصصين. تاسعاً : خدمة الحرمين الشريفين ليظلا طاهرين مطهرين للطائفين والعاكفين والقائمين والركع السجود، بعيدين عن كل ما يحول دون أداء الحج والعمرة والزيارة والتعبد فيهما على الوجه الصحيح الآمن . عاشراً : الرقابة الشرعية لما يرد من مطبوعات ووسائل نشر وإعلام مقروء ومرئي ومسموع. حادي عشر : يتخذ البعد الإسلامي أهمية كبرى في نظرة الدولة وسياستها فلا يزال ولاة الأمر في هذه البلاد يعمقون هذا البعد الوحدوي ففي المادة الخامسة والعشرين من النظام الأساسي للحكم : " تحرص الدولة على تحقيق آمال الأمة العربية والإسلامية في التضامن وتوحيد الكلمة وعلى تقوية علاقاتها بالدول الصديقة ". هذه أصول ومبادئ كبرى تقوم عليها سياسة المملكة وكيانها. ثم من بعد ذلك تبرز بعض المظاهر التطبيقية ذات الممارسات المتميزة فمن ذلك : ـ ليس في أعلام دول العالم كله من يحمل الشهادتين ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) إلا علم المملكة الذي يرتفع فوق إداراتها ووزاراتها وسفاراتها، وقنصلياتها المختلفة في أرجاء الدنيا. ـ وهي الدولة التي تمنع أن ينكس علمها حين تنكس أعلام الدول، ديناً وتكريما لكلمة التوحيد واعتزازاً بما تحمله هذه الراية من مضامين. ـ ليس في العالم بلد يقيم الحدود ويعلن عن تنفيذها في نشراته الإخبارية الرسمية أمام العالم كله إلا البلاد السعودية، ومن ثم فليس غريباً ولا عجيباً ـ ولله الحمد والمنة ـ أن تكون السعودية أقل دول العالم نسبة في انتشار الجرائم، وأكثرها أمناً واستقراراً. ـ في طول المملكة وعرضها لا يجرؤ صوت أو قلم أن ينال من الإسلام أو شرائعه أو أحكامه أو عباداته أو نبيه أو أهل بيته أو صحابته الكرام. ـ آلاف المساجد أنشئت في مختلف أنحاء العالم ومازالت تنشأ بإنفاق قادة المملكة، وأغنيائها ومحسنيها. ورعايتها الدائمة لها. ـ مئات الجمعيات الخيرية تقوم بإيصال إحسان المحسنين وصدقاتهم داخل المملكة وخارجها. ـ الجامعات والكليات والأقسام الشرعية التي يتخرج فيها علماء الشريعة والدعاة والأساتذة المتخصصون في سائر علوم الشريعة . ـ العناية الخاصة بالقرآن الكريم في طباعته وترجمته في مركز خاص أقيم على مواصفات وتقنيات عالية مما مكن من طباعة ملايين النسخ وإيصالها إلى عشرات الملايين في أنحاء العالم. والعناية كذلك بتحفيظ القرآن الكريم في جمعياته، ومسابقاته المحلية والدولية. ـ حجاب المرأة المسلمة وحفاظها على حشمتها والتزامها بأحكام الشرع في بيتها وسوقها وعملها. ـ منع الخمور والمسكرات وتشديد الرقابة في ذلك . تفاصيل لبعض العالم الكبرىبعد هذا الإجمال لهذه الخصائص هذه وقفات مع تفصيل لبعض هذه المعالم الكبرى، ومن أبرزها هذا المنهج التي التزمته هذه البلاد واختطته وأوضحت معالمه، إنه نهج السلف الصالح وإبراز هذا النهج في معالمه وشواهده. تمهيد في حقيقة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وطبيعتها : دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ نموذج لطبيعة منهج أهل السنة والجماعة في الحفاظ على الأصول والثوابت ومسايرة المتغيرات : الناظر المتأمل في دعوة الشيخ ـ رحمه الله ـ يقف مدهوشاً أمام النتائج السياسية التي أثارتها والتي حققتها في آن واحد، مع أن دعوة الشيخ ـ رحمه الله ـ ومؤلفاته وكتبه ورسائله ليس فيها ما يمكن القول بأنه ذو نهج سياسي أو يشتمل على مطالب سياسية، كما هو معروف في مصطلح لغة العصر، وإنما هي كتب ورسائل تبحث في التوحيد والأحكام، وسنة رسول الله ، ومع هذا فقد تحولت هذه الدعوة إلى أبرز قضية سياسية في العالم الإسلامي. كان جوهر دعوته رحمه الله تصحيح العقيدة والتركيز على التوحيد وإخلاص العبادة له وحده، وتحقيق معنى اتباع رسول الله ولا سيما الموقف من التعلق بالقبور والأضرحة والغلو في حق الأولياء والصالحين، وقد آزره وتبنى دعوته الإمام محمد بن سعود رحمه الله وكانت مكاتباتهم لمن حولهم من الأمراء والولاة والأقطار، ليس فيها قضية سياسية، ولا مطمع توسعي، ومع هذا قامت قيامة الأقطار من حولهم، وثارت ثائرتهم وألصقوا التهم ولفقوا الأكاذيب. وما كانت هذه المكاتبات إلاَّ لبيان معنى لا إله إلا الله والنهي عن التعلق بغير الله. يكتب بذلك للسلاطين والعلماء ، ولكن سرعان ما يذهب العجب حينما نعرف حقيقة ديننا والمنهج الوسط الذي يقوم عليه المتمسكون به. ويمكن توضيح ذلك من وجهين : أولهما : أن من أهم خصائص الإسلام الدين الخاتم للأديان والذي جاء به محمد للناس كافة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. أنه دين ينظم الحياة كلها، فالإسلام دين الدنيا والآخرة، على حد قوله سبحانه : قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٦٢ (الأنعام :162).وقوله : رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ حَسَنَةٗ … (البقرة: 201).وقوله: وَٱبۡتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡيَاۖ (القصص: 77). فهذا دين الله الشامل جمع بين حق الله وحق العبد وبين أمر الدنيا وأمر الآخرة. فالتوحيد حق الله، والعبادة حق الله، وبتحقيقها وتجريدها يتحرر الإنسان من عبودية غير الله ولا سيما عبودية الإنسان للإنسان، ناهيك بعبودية المخلوقات الأخرى والأوهام. ومن ثم فلا يكون المسلم الموحد مستبداً ولا يرضى بالاستبداد فالحكم لله وحده. ومن أجل هذا فإن أهل السنة والجماعة (منهج السلف الصالح بمفهومه الصحيح ) هم الأكثر فهماً لحقيقة دين الله، وينبغي أن تسترجع أسماء بعضهم في تاريخ الإسلام المجيد ممن وقفوا في وجه الظلم، والتعدي على نقاء الإسلام وصفائه بأسلوبه الحكيم، ومنهجه الحق. أمثال الإمام أحمد بن حنبل وشيخ الإسلام ابن تيمية، رحمة الله عليهم أجمعين. الأمر الثاني : عنصر الحركة والحياة التي في الإسلام الحق قال تعالى: أَوَ مَن كَانَ مَيۡتٗا فَأَحۡيَيۡنَٰهُ وَجَعَلۡنَا لَهُۥ نُورٗا يَمۡشِي بِهِۦ فِي ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُۥ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ لَيۡسَ بِخَارِجٖ مِّنۡهَاۚ (الأنعام : 122).يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ (الأنفال:24). فهو حياة وحركة، يتجسد ذلك في مقصود الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، والأمر بالمعروف والنهي عن المُنْكَر والمناصحة لكل الفئات والطبقات، وفي الحديث : " الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامَّتِهم "( ) ، فهذا يخاطب أئمة المسلمين كما يخاطب عامتهم، ويخاطب علماءهم كما يخاطب عوامهم . ( ) ومن أجل هذا فإن الذي يقال وبكل ثقة إن كل عناصر التفوق التي حققتها بلاد الحرمين في خططها التنموية وتطوراتها المتنوعة التي اخفقت فيها دول أخرى ناتج عن التزام المملكة بمنهج السلف الصالح بكل أصالته وحيويته. ويتجلى ذلك في النقاط التالية : ـ ** الإعلان الصريح بتبني هذا المنهج . ** الحكم بما أنزل الله في جميع شؤون الحياة . ** إزالة مظاهر الشرك والبدع والخرافة . ** التربية العقدية ( تربية العامة والخاصة ) . ** تبني نشر منهج السلف عملياً . وهذا تفصيل لبعض هذه النقاط والمعالم : حقيقة منهج السلف : هو المتمثل في قوله عليه الصلاة والسلام : "من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي ". فهو هدي رسول الله وهدي أصحابه علماً وعملاً ومنهجاً وتشريعاً وعقيدة وعبادة . وهو ليس حزباً ولا تحزباً . يتجلى في قوله : " وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة …. " . ومن أبرز معالمه التي تميزه عن غيره . ـ تحقيق التوحيد وتقريره والتحذير من ضده بشكل يتجلى فيه تميز هذا المنهج عن غيره. ـ الولاء والبراء ( دينيٌ محض )، وعلى هذا تذوب حزبيات الفرق والعصبية والإقليمية والطائفية، والمعيار هو الإيمان والتقوى والعمل الصالح. ـ القوة في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحقيقاً للمصالح وتكثيرها ودرءاً للمفاسد وتقليلها. ـ المفهوم الشمولي المتكامل لدين الإسلام عقيدة وعبادة وسياسة واقتصاداً وتعليماً في كل جوانب الحياة على حد قوله سبحانه: قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٦٢لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ (الأنعام: 162-163). ويتجلى وضوح هذا المنهج في ممارسة المملكة وتطبيقاتها فهي لم تستسلم للواقع بمخلفات عصور الجمود أمام الثورة الحضارية الغازية، ولم ترفض تراث أمتها أو نظرت إليه باحتقار وانهزام. منهج السلف في مسار المملكة ومعالم تطبيقه : اتخذت المملكة موقف الريادة الناجح، فاعتمدت المنهج السلفي منطلقاً، به حاكمت تاريخها السابق، وبه أيضاً تفاعلت مع حاضرها الخاص، والحاضر من حولها بكل معطياته، وبه كذلك تحركت خطواتها نحو مستقبل واثق. وهذه بعض معالم تطبيق هذا المنهج : ـ 1 ـ منهج السلف ليس شعارا مجرداً : المنهج السلفي في حس ولاة أمور هذه البلاد وأهلها ليس شعاراً مجرداً يعلنه سياسي لكسب الجماهير، وليس دعوة ينجرف معها أناس بعواطفهم دون استيعاب لمحتوياتها كما هو الشأن في كثير من الدعوات المعاصرة، أما هنا فإن المنهج واضح ومدرك بوعي في حس قادة البلاد، وعامة أفراده، وخطبهم وكلماتهم واضحة في ذلك، فهي تؤكد على أن هذا المنهج هو حقيقة الدين الذي رضيه الله لعباده، وأن تماسك المجتمع السعودي الحاضر وأفضليته إنما تكمن بحمل هذا المنهج وتبنيه والدعوة إليه وهاهي مقتطفات موجزة تكشف الوضوح في هذا المنهج :ـ يقول الملك عبد العزيز رحمه الله ( هذه عقيدة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ الذي أظهر الله به الدين بعدما وهنت أركانه بين العالمين، في مراسلاته، ومناصحاته ودعوته الخلق إلى دين الله ورسوله ). ويقول موضحاً شيئاً من مضمون هذا المنهج أمام الحجاج عام 1363 م : ( أما العبادة فلا تصرف إلا لله وحده لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل، ولا تخفى عليكم الآية الكريمة : وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ ٥٦ (الذاريات: 56). ومعنى يعبدون يوحِّدون ، فالتوحيد خاص بالله تعالى ،والعبادة لا تصرف إلا لله ، والرجاء والخوف والأمل كله بالله ، ولله ، وما بعث محمد ولا أرسل الرسل ، ولا جاهد المجاهدون إلا لتوحيد الله تعالى ) . ويقول أيضاً : " يسموننا بالوهابيين ويسمون مذهبنا الوهابي باعتبار أنه مذهب خاص. وهذا خطأ فاحش، نشأ عن الدعايات الكاذبة التي كان يبثها أهل الأغراض. نحن لسنا أصحاب مذهب جديد أو عقيدة جديدة. ولم يأت محمد بن عبد الوهاب بالجديد. فعقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله، وما كان عليه السلف الصالح … هي عقيدة مبنية على توحيد الله عز وجل خالصة من كل شائبة منزهة من كل بدعة فعقيدة التوحيد هي التي ندعو إليها، وهي التي تنجينا مما نحن فيه من محن وأوصاب … إننا لا نبتغي التجديد الذي يفقدنا ديننا وعقيدتنا، إننا نبغي مرضاة الله عز وجل. ومن عمل ابتغاء مرضاة الله فهو حسبه وهو ناصره. فالمسلمون لا يعوزهم التجديد، وإنما يعوزهم العودة إلى ما كان عليه السلف الصالح، ولقد ابتعدوا عن العمل بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله، فانغمسوا في حمأة الشرور والآثام فخذلهم الله جل شأنه ووصلوا إلى ما هم عليه من ذل وهوان، ولو كانوا متمسكين بكتاب الله وسنة رسوله. لما أصابهم ما أصابهم من محن وآثام ولما أضاعوا عزهم وفخارهم … "2 ـ الإعلان الصريح بهذا المنهج : ـ كان من آثار الانبهار الذي صاحب الغزو الفكري الغربي على الأمم الأخرى ـ ومنها المسلمون ـ بنظمه وقيمه ونظرياته، وأيضاً من آثار جهل كثير من المسلمين بحقيقة دينهم، شعور انهزامي يجعل هذا المسلم يتخلى عما شوهه الأعداء من دينه، ويعتذر عنه أو على الأقل يتخفى به ويخجل من الظهور به. لكنا نجد الأمر خلاف هذا لدى الذين وعوا دينهم، وعرفوا قيمته، وربطوا وجودهم به ربطاً سببياً، إذ يعلنون منهجهم وينادون به، ويؤكدون التزامهم لمقتضياته. يقول الملك عبد العزيز : " وأنا داعية إلى عقيدة السلف الصالح ". ويتجلى هذا الإعلان في إعلاء شعار هذا المنهج في راية المملكة المرفوعة في كل بقاع العالم، وهو " لا إله إلا الله " ورفضه تنكيسه، لأنه يحمل هذا الشعار الأعلى دائماً، كما سبقت الإشارة إلى ذلك .3 ـ الحكم بما أنزل الله : ـ الحكم بما أنزل الله هو البرهان الأكبر على فهم المنهج السلفي والتزامه لأن اعتقاد شمولية الدين لكل شؤون الحياة لا يتحقق إلا بالحكم بشريعة الله في كل هذه الشؤون، ولهذا فشلت تجارب لتطبيق الشريعة في بعض الدول، بل وأصبحت مجال شماتة الأعداء، لأنها لم تقم على إيمان واع ملتزم بهذا المنهج السلفي بوعي وإيمان. 4 ـ تربية المجتمع على الدين : ـ إن تطبيق الشريعة وإسلامية الحياة يتحقق باحتكام الدولة بأنظمتها العامة وممارستها القضائية للشرع وغرس العقيدة الصحيحة الحية في نفوس الناس، وقد بادر الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ إلى إنجاز هذه المهمة من خلال عدة سبل منها. ـ الدروس العلمية التي يقوم بها العلماء في مختلف العلوم الشرعية ولقد أدرك الملك عبد العزيز ومعه العلماء أهمية هذه الدروس ـ وبخاصة أن التعليم النظامي لم يكن قد انتشر بعد ـ لهذا اهتم بإحيائها، واتخاذ ما يحقق إنتاجيتها المنشودة. وانتشرت الدروس العلمية في المساجد، وبخاصة في المدن بالمساجد الكبرى التي كان العلماء يجلسون للتدريس فيها مثل الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ، والشيخ سعد بن عتيق وغيرهما. وما تزال الدروس العلمية قائمة في المملكة وفي الحرمين، وفي المساجد، وفي المدن والقرى، وأحياناً في بيوت المشايخ تؤدي دورها البنائي للعقيدة وعلوم الشريعة. ـ ومن أوسع سبل التربية العقدية في المملكة " التعليم " ولا سيما المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية. فهو تعليم عقدي يزرع في عقل الناشئ العقيدة الصحيحة وفق منهج السلف الصالح في مختلف الجوانب، وبخاصة مادة التوحيد، مع نفي كل شائبة شرك أو إلحاد يمكن أن تندس إلى بعض المناهج المستحدثة. ـ ومن سبل البناء العقدي : حماية المجتمع من الانحراف العقدي وإيصاد الأبواب عن التسربات الشركية والبدعية من خلال التأثير الثقافي، وفي هذا المجال وضعت أنظمة للجمارك والإعلام لمنع الكتب والنشرات المخلة بالعقيدة، المصادمة للإسلام، فضلاً عن متابعة من يمارسون عملية التثقيف في المجتمع، سواء كانوا من المدرسين المتعاقدين، أو من الوعاظ في المساجد وأمثالهم، لئلا يصادموا عقيدة المجتمع، ويبثوا شيئاً من الضلال الشائع في مجتمعاتهم التي قدموا منها. 5 ـ التربية على التوحيد وصفاء المعتقد : غرست الثقافة الإسلامية في المملكة توحيد الله بأنواعه الثلاثة بوضوح تام، وتستطيع أن تدرك قيمة هذا الوضوح بالمقارنة بآخرين من أبناء المسلمين فهو يلم شتاتاً من المعارف المنوعة ولكن قضيته الكبرى " التوحيد " غائبة في ذهنه أو باهتة في تصوره، يعلن إيمانه ولكنه قد يقع فيما يناقضه، أما الشركيات والبدع فإن كثيراً منهم يتصورها من الدين تبعاً لما هو رائج في بيئته، بسبب فقدان التربية التي تغرس التوحيد والإيمان الصحيح. إننا ندرك ثمرة التربية الإسلامية في نفس المسلم إذا قارنَّاها بما يقابلها من النظرة الوثنية التي سادت الفكر والتعليم في أوروبا، ومنها انتقلت إلى المسلمين وأثرت في مناهجهم التعليمية ، إنها نظرة كما يقول أغروس وستانسيو : ( تخلق قطيعة بين العلوم والفنون وتولد خصومة بين العلم والدين وتضع خبرة العلوم المتخصصة والخبرة العامة على طرفي نقيض ولا ترى استمرارية بين العلم الحديث، والفكر والقيم، وهي تقوض في النهاية أسس العلم ذاته وهي بهذا المعنى لا تتفق مع نفسها ومن العسير تصور افتقار إلى الوحدة يفوق هذا الافتقار ". إن التربية الإسلامية وفق منهج السلف الصالح تغرس المعنى الصحيح للعبادة بصفته غاية الوجود. وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ ٥٦ … (الذاريات: 56). ويتجلى أثر هذه التربية في : ـ الحرص على الوفاء بالعبادات واستكمال شروطها واتقاء مبطلاتها بالسؤال والتحري. ـ الاهتمام بالفرائض والمبادرة إليها وتعظيمها وتقديمها على ما سواها، والشعور بضياع من يهملها ويتكاسل عنها وفساده، والاسترابة والرثاء لأولئك الذين يستهينون بالفرائض والعبادات. ـ تجنب البدع والمحدثات في مجال العبادات والتدين، والتزام السنة، واليقين بأن كل بدعة ضلالة، ومحاولة التزام السنة في الهدي والعمل. ـ الحرص على صلاة الجماعة. ـ الرغبة في نوافل العبادات والتطوعات صلاة وزكاة وصوماً، والحرص على الأذكار والأدعية وقراءة القرآن. ـ الارتباط بالله والشعور بمعيته، وسرعة الأوبة إليه لمن حصل منه شرود وغفلة. وتمثل هذه الصور بعمومها سمة للمجتمع. 6ـ نشر مذهب السلف : من خلال ثلاث طرق : أ ) دعوة المسلمين لهذا المنهج عن طريق الإعلام المباشر. ب ) بعث العلماء والدعاة لنشر هذه الدعوة، والتعاون مع علماء الأقطار ممن يحملون المنهج نفسه، ودعمهم مادياً ومعنوياً. ج ) بعث التراث الإسلامي السلفي بطبع كتبه ونشرها، وما تزال صور هذا النشاط بعثاً للعلماء والمدرسين والدعاة، ونشراً للكتب العلمية السلفية، وإقامة للدورات الشرعية التي يسهم فيها المجتمع السعودي شعبياً ورسمياً في مختلف أرجاء المعمورة. 7 ـ الإصرار الواثق على التأكيد من خلال التجربة الحية على إمكان استيعاب التقدم المدني مع التزام منهج السلف الصالح. وخلاف ما يعتقده بعض أبناء هذه الأمة من أنه لتحقيق التقدم المادي في المجتمع المسلم لا بد من تغيير عقائده نحو عقائد مادية وعلمانية. الأمن الفكري : هو القاعدة التي ترتكز عليها جوانب الأمن الاجتماعي الأخرى معيشية واقتصادية سياسية، وغيرها، فإذا اخترقت هذه القاعدة، وأصاب مجال الفكر اضطراب وخلل، عند هذا لا رجاء في نهوض اجتماعي لهذا المجتمع، وحالة أغلب مجتمعات المسلمين اليوم دليل واضح على هذا. وميزة المجتمعات المسلمة أن أمنها الفكري مرتبط بالتزامها بالإسلام بصفته الركيزة التي تقوم عليها وتنطلق منها هذه المجتمعات، فإذا حاربت الإسلام أو أهملته وتبنت ركائز أخرى لنهضتها فإنها تكون بهذا التبني قد جلبت لنفسها الشقاء ابتداء بالجانب الفكري الذي يتمزق فيه المسلم بين عقيدته الراسخة في أعماق عقله وقلبه وبين المنهج المستورد الذي يطلب منه أن يمنحه ولاءه، وأن يتمثله فكرياً ليأخذ به عملياً. إما إذا التزم المجتمع بالإسلام منهجاً يعتمده في حياته ورسالة يحملها في المعترك الحضاري فإنه يحمي نفسه ضد الكوارث التي تتجه إلى أفكاره لضربها، ويحقق الانسجام بين مبادئه الفطرية والإنسانية وحقائقه الدينية، وخططه وتنظيماته الحضارية، مما يكسبه أمنا فكرياً ينشر آثاره في جوانب حياته كلها. ومما ينبغي وعيه أن الأمن الفكري هو قاعدة الوجود الصحيح للفرد والمجتمع المسلم سلامة في العقيدة، وزكاء وسمواً للسلوك، وإنسانية للعلاقة الاجتماعية. وهذه بعض النقاط التي تجلي شيئاً من صورة الأمن الفكري في المملكة بسبب تطبيقها للشريعة الإسلامية. ـ التزام السياسة التعليمية بالإسلام، ومقتضى هذا الالتزام قيام مناهج التعليم بغرس العقيدة الصافية في نفوس الناشئة بكل تفصيلاتها، واستبعاد كل النظريات الإلحادية المستهزئة بالغيبيات، وتطهير المناهج من المزالق اللفظية التي قد ترد في بعض مقررات العلوم التجريبية كالفيزياء والأحياء والكيمياء. إن الأمن الفكري لا يتحقق إلا بعقيدة صافية تتبلور في العقل، وتتركز في النفس، وتتضح جوانبها كلها للفكر وهنا : ـ ـ يتحقق السلام بين المبادئ الفطرية الراسخة في كيان الإنسان وبين هذه العقيدة التي لا تكون صحيحة إلا إذا جاءت مطابقة لتلك المبادئ. ـ كما يتحقق السلام بين هذه العقيدة وحركة الإنسان في الحياة لأن هذه العقيدة إذا رسخت في شخصيته وجهت حياته وفق مقتضاها فحصل الانسجام. إن كثيراً من الذين يعيشون التذبذب العقدي ضحايا مناهج تعليم زرعت في نفوسهم عناصر سامة، فلم تستطع نفوسهم أن تطرد هذه العناصر وتلفظها، ولم تستطع هذه السموم أن تقضي على كل بذور الفطرة، ومن ثم ظلوا ضحايا صراع نفسي وفكري شديد. ـ اقتضى تطبيق المملكة للشريعة الإسلامية عدم السماح لأهل الكفر والضلال بإقامة أوكارهم التي من خلالها يبثون سمومهم، كما فعلوا في البلاد الأخرى التي سمحت لهم بإنشاء محافلهم الماسونية، وحركات التنصير ومدارس التغريب. إن خلو المملكة من هذه المنظمات والحركات من أبلغ المؤثرات التي حفظت لها أمنها الفكري وسلامتها من الزيغ عن الولاء للدين. وبعد هذه الجولة مع المعلم الكبير البارز المتميز والذي ترجع إليه كل المعالم في المسيرة الإسلامية. لهذه الدولة المباركة.هذه وقفات سريعة مع بعض المعالم الخاصة والتي تتميز بها هذه الدولة وتتجلى فيها صور الدولة الإسلامية وذلك في ميادين. ** القضاء . ** الدعوة . ** التعليم . ** الإعلام . القضاء ترعى الدولة الإسلامية إقامة الدين وسياسة الدنيا، ويعد القضاء من أهم المعالم البارزة للدولة إن لم يكن أهمها، ويعد أحد السلطات الثلاث في الأنظمة المعاصرة، وهو الذي به بإذن الله يُحفظُ الأمن وتُحمى الأنفس والأموال والأعراض، ويناط به تطبيق الأنظمة والأحكام التي تقوم عليها الدولة، ويتولى حفظ الحقوق ومنع الاعتداء، ويكون به إلزام الناس بالقيام بواجباتهم التي تنص عليها الشرائع والأنظمة. وذلك ضمن نظام محدد وضوابط مقررة وقواعد خاصة يبينها نظام القضاء من خلال درجات المحاكم وأساليب التقاضي، وتنظيم سائر الأعمال القضائية. والمملكة وفقها الله بالتزامها بالإسلام ديناً وبالقرآن دستوراً وبالشريعة تنظيماً وتشريعاً، اتجهت إلى تنظيم القضاء. بمنهاج الشرع بوصفه من أجلى صور تطبيق الإسلام والالتزام به. وفي تنظيمها للقضاء واكبت التطور والتوسع الذي يتسم به هذا العصر في حاجاته ومتغيراته، وتوسع أعمال الدولة وكثرة المنازعات وتنوعها فأصدرت عدة نظم ترسم للقضاة منهجهم على ضوء الشريعة المطهرة .. أما الحكم فهو للشرع المطهر وليس هناك إلزام بمذهب معين من المذاهب الفقهية، ولقد قال الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ : "وأما المذهب الذي تقضي به المحكمة الشرعية فليس مقيداً بمذهب مخصوص بل تقضي حسبما تظهر لها من المذاهب فإنه لا فرق بين مذهب وآخر "( )وقال أيضاً : " لا نتقيد بمذهب من المذاهب الأربعة دون آخر ومتى وجدنا الدليل في أي مذهب من المذاهب الأربعة رجعنا إليه وتمسكنا به، وأما إذا لم نجد دليلاً قوياً أخذنا بقول الإمام أحمد .. ( ) وفي المادة ( 46 ) من النظام الأساسي للحكم : " القضاء سلطة مستقلة، ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية ". وفي المادة الأولى من نظام القضاء : " القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية. وليس لأحد التدخل في القضاء " . ( ) القيام بواجب الدعوة .في العصر الحاضر تغيرت أحوال العالم وتقاربت المجتمعات وعظم التفاعل الثقافي بين الأمم، كل مجتمع له معتقداته ودياناته، يسعى لإبرازها بل لتفوقها مما أذكى الصراع الثقافي، وتحفز كل مجتمع للحفاظ على ثقافته وهويته، وتحصين أبنائه وأمته من الغزو الفكري والسلوكي. ووسائل هذا التفاعل أو الصراع أو الغزو لم تكن مواعظ فردية أو حتى قوة عسكرية فقط، لقد استثمر العالم وسائل الإعلام والاتصال والمنظمات والتبادلات الثقافية والمناهج التربوية والتعليمية. وبرزت صورة التأثر والتأثير بصورة أعتى وأنفذ وأوسع، والمملكة تدرك ذلك كله. ومن ثم جعلت الدعوة إلى الله من أهم مهماتها ونصت على ذلك في نظامها الأساسي للحكم وأعدَّت له أجهزته ومؤسساته الخاصة. وقبل ذلك كان للدعوة الإصلاحية أثر ظاهر في كل المناطق التي بلغتها فقد عملت على تعليم الأعداد الكثيرة من الناس، وانتشر الوعاظ والمرشدون في الحاضرة والبادية والمدن والقرى، وكان لهؤلاء أثر كبير في إصلاح الناس، وتثقيفهم بل وتمدينهم، ونشر مبادئ الشريعة الإسلامية، والسير على هداها، وبرز للمسجد دور كبير في توجيه الناس والتزامهم بآداب الشرع والالتزام بإقامة الصلوات الخمس في أوقاتها في المساجد. إنَّ هذه الدعوة الإصلاحية السلفية المباركة أحدثت وعياً دينياً في كل المناطق التي وصلت إليها فأحيت الشريعة وأنارت العقول، وقضت على الخرافات والبدع والتعلق بالقبور والأضرحة، والتعلق بغير الله سبحانه وتعالى ومما لاشك فيه أنها استطاعت أن تجعل الرابطة الدينية تحل محل الرابطة القبلية. ومن أبرز المؤسسات الدعوية : ** المجلس الأعلى للدعوة الإسلامية. ** وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد. ** الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء. ** الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ** رابطة العالم الإسلامي. ** الندوة العالمية للشباب الإسلامي. ** الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. ** جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. فلو وقفنا مثلاً عند جهاز الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(1)، لوجدنا أن الوجود الفعلي لولاية الحسبة في الحكم عند المسلمين قد تضاءل وانحسر في كثير من الديار إن لم يكن في جميع الديار، أما هذه البلاد فإن إسلاميتها جعلت من الطبيعي أن تقوم فيها هذه الولاية وأن تأخذ موقعها المتفرد الفاعل في حركة المجتمع، وصيانة حركة النهوض من العثرات. وقد حظيت هيئات الأمر بالمعروف في المملكة خلال مسيرتها الطويلة بمقام اجتماعي ورسمي متميز، وصار لها هيبة في نفوس أهل الشر والفساد، وحب وتأييد من الولاة وصالحي المؤمنين. الشورىللشورى أهمية كبرى في أي تنظيم كان وترتكز عليه كل دولة راقية تنشد لرعاياها الأمن والاستقرار، والفلاح والنجاح، والسداد والرأي الصائب والقرار الحكيم، ذلك لأنها الطريق السليم الذي يتوصل به إلى أجود الآراء وأنجع الحلول، لتحقيق مصلحة الفرد والمجتمع والدولة. ويكفي الإشارة إلى أن امتداح الشورى وأهلها كان منذ العهد المكي فهي من أظهر مظاهر الاستجابة لله ومن أخص خصائص مقيمي الصلاة والمنفقين في سبيل الله والذين استجابوا لربهم… والشورى مدرسة تربوية للأمة تظهر من خلالها شخصيتها، وتحقق ذاتها. والشورى في حقيقتها توزيع للمسؤولية، ومشاركة في القرار فلا تقع نتيجتها مهما كانت على واحد بعينه بل يتقاسمها الجميع، يتحمل نتائجها العامة. ومما ورد في نظام مجلس الشورى مما يجسد التزام هذه الدولة حفظها الله بشريعة الله منهاجاً ودستوراً : المادة الأولى : عملاً بقوله تعالى: فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِينَ ١٥٩ (آل عمران: 159). وقوله سبحانه : وَٱلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِرَبِّهِمۡ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَيۡنَهُمۡ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ٣٨ ( الشورى : 38). واقتداءً برسول الله في مشاورة أصحابه وحث الأمة على التشاور . ينشأ مجلس الشورى ويمارس المهام المنوطة به وفقاً لهذا النظام والنظام الأساسي للحكم ملتزماً بكتاب الله وسنة رسوله ، ومحافظاً على روابط الأخوة والتعاون على البر والتقوى . المادة الثانية : يقوم مجلس الشورى على الاعتصام بحبل الله والالتزام بمصادر التشريع الإسلامي .. ومما جاء في نظام المناطق : المادة الأولى : يهدف هذا النظام إلى رفع مستوى العمل الإداري والتنمية في مناطق المملكة ، كما يهدف إلى المحافظة على الأمن والنظام، وكفالة حقوق المواطنين وحرياتهم في إطار الشريعة الإسلامية . في خدمة الحرمين الشريفين .تقول المادة الرابعة والعشرون من النظام الأساسي للحكم : " تقوم الدولة بإعمار الحرمين الشريفين وخدمتهما، وتوفر الأمن والرعاية لقاصديهما بما يمكن من أداء الحج والعمرة والزيارة بيسر وطمأنينة . " ومن المدون من مقولات خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله في هذا الصدد : " نحمد رب العزة والجلال، ونشكر الله العلي الكبير المتعال الذي جعل فينا محمداً نبياً .. ووهبنا من لدنه نعمة الحياة والجوار في كنف البيت الأمين، والحرم الآمن، وجعل خدمة الحرمين الشريفين وخدمة الحجاج والزوار من أعظم مسؤولياتنا، وأسماها شرفاً " . ويقول : " إننا نشعر بمسؤوليات عديدة وكبيرة تجاه عقيدتنا وشريعتنا، وبلادنا، وأمتنا الإسلامية وأن من أعظم هذه المسؤوليات قيامنا على خدمة الحرمين الشريفين، والسهر على أمن الحجاج وراحتهم "(1). يتجلى مما سبق من الدستور وكلام ولاة الأمر أن البعد الإسلامي يتخذ أهمية قصوى في كل خطوة من خطوات برامج التنمية ومشروعات البناء والتحديث وينعكس هذا التوجه الإسلامي بوضوح في الاهتمام المتعاظم الذي توليه الدولة للمدينتين المقدستين ( مكة المكرمة ، والمدينة المنورة ). ومن غير المبالغ فيه القول أن المسلمين قد ألفوا التجديد المستمر الذي تحدثه المملكة كل عام في عمارة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وخدمة ضيوف الرحمن . وحين يكون الحديث عن زيادة الطاقة الاستيعابية للمعتمرين والحجاج والزوار، وما رافق ذلك من دعم وتسهيلات لمواجهة الاحتياجات، فإنه يمكن النظر في جانبين : أحدهما : مساحة المسجدين الشريفين ومراحل توسعتهما، ونسب التزايد في مساحتهما لكل مرحلة، وهذا ما رأيت تأجيل الحديث عنه لأنه متوفر ومبذول ولعله إن تتاح مناسبات تتم الاستفاضة فيه. وثانيهما : مساحة المدينتين المقدستين ونسبة النمو المساحي فيهما، وهذا ما رأيت أن أعطي بعض الحديث المقتضب والموجز لقلة من تناوله، فيما اطلعت عليه. في مكة المكرمة ظلت مساحتها محدودة على مدى ألف ومائتين وثلاث وسبعين سنة أي من عام 169 إلى عام 1342 هـ لم تزد مساحتها خلال هذه القرون سوى 98 هكتاراً (1). أي أن نسبة الزيادة لم تتجاوز طوال هذه القرون عما بين 0.003 % ـ 11 % متوسطاً سنوياً، في الوقت الذي قفزت فيه في أوائل العهد السعودي من 138 هكتاراً عام 1342هـ إلى 690 هكتاراً عام 1377هـ أي أن مساحتها زادت خلال خمسة عشر عاماً ( 552 ) هكتاراً، وهو اتساع يدل على تحول إيجابي ظاهر من الناحية الاقتصادية والعمرانية. وفي عهد خادم الحرمين الشريفين دخلت المدينتان المقدستان في سباق مع الزمن فالمدينة المنورة اتسعت مساحتها إلى 89 كيلو متراَ مربعاَ بعد أن كانت في بداية العهد السعودي لا تتجاوز 5 كيلو متراً مربعاً . ومكة المكرمة زادت مساحتها في الفترة من 1402 ـ 1415هـ بنسبة 83.5 % ، فقد كانت عام 1402 هـ ( 5044 هكتاراً ) تقريباً ووصلت عام 1415هـ إلى 9256 هكتاراً تقريباً. هي دلالة على تنامي القدرة الاستيعابية. ولا شك أن توسعة المدينتين الكريمتين وما صاحب ذلك من إزالة وتطوير لمنطقة المسجدين أدى إلى إعادة توزيع انتشار التجمعات السكنية والحضرية في إطار تنظيمي متطور. وما جرى من تعويضات هائلة للملاك زاد معدل الاستثمار، وتغير البنية الاقتصادية والتجارية، والعمرانية. ولقد تجلى ذلك في تأليف مجموعات اقتصادية وتجارية وصناعية استثمرت مليارات الريالات في أنشطة تجارية، وصناعية، وتأتي شركتا مكة وطيبة، أنموذجاً شاهداً لهذا التشكل، بهذا يكون الحرمان الشريفان قد هيئا وتهيَّآ ليكون العام كله موسماً، وليستقبل الحجاج والعمار والزوار طوال العام. وبعد فإن هذه الإنجازات الضخمة للحرمين الشريفين والتي يقف التاريخ بأيامه شاهدا عليها لم تكن صارفاً للقيادة الموفقة عن الاهتمام ببيوت الله الأخرى في المدينتين المقدستين، وفي أرجاء المملكة الواسعة بل في العالم كله، في أكثريات المسلمين وأقلياتهم بل لم تكن هاتان التوسعتان الجليلتان على حساب نهضة المملكة في شتى المجالات وأهمها الاهتمام بالإنسان السعودي في تعليمه ورعايته في صحته، ومعيشته ليتكون ويبني هذا النسيج القوي المتماسك الذي يجمع أطراف المملكة ويوثق أجزاءها بوحدة عزيزة وحياة كريمة، زادنا الله جميعاً قادة وشعباً إحساناً وتوفيقاً، وأعزنا بطاعته، وحفظ علينا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وآخرتنا التي إليها معادنا، وجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجارنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة إنه سميع مجيب (1) . الإعلامتنتهج المملكة العربية السعودية في سياستها الإعلامية، منهجاً ينسجم في مضمونه مع السياسة العامة للدولة. فعلى المستوى الداخلي يستهدف الإعلام تأصيل مبادئ شريعة الإسلام السمحة في نفوس الناس، وترسيخ التقاليد والعادات العربية الكريمة، وتوثيق روابط الحب والتآزر، وتنمية روح التكافل الاجتماعي بين المواطنين كما يعنى بالنهوض بالمستوى الفكري والحضاري والوجداني للمواطنين من خلال اهتمامه بوضع الأسرة ووضع الشباب، وتلبية احتياجاتهم ودعم النهضة العلمية والثقافية، ومكافحة الأمية، وإبراز أهمية التراث وإحيائه ونشره. وذلك من خلال قنوات الاتصال الإعلامي المختلفة والقائمة على التثقيف والتوجيه والأخبار، والمعتمدة في تحقيق ذلك على الموضوعية في عرض الحقائق والبعد عن المبالغات . وعلى المستوى الخارجي يستهدف الإعلام الدعوة إلى التضامن العربي والإسلامي والدفاع عن قضايا العرب والمسلمين والاتجاه في صلاته الخارجية وجهة تقوم على احترام حقوق الشعوب والأفراد والوقوف بجانب الحق والعدل والسلام ومناهضة الظلم والتفرقة العنصرية ... كما يعمل على مناهضة التيارات والاتجاهات الهدامة من خلال إبراز مخاطرها على الأفراد والمجتمعات، والتصدي للتحديات الإعلامية المعادية. وذلك في إطار السياسة العامة للدولة في علاقتها الدولية القائمة على الاحترام المتبادل وحسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى. والسياسات الإعلامية تطلق على المبادئ والأهداف التي يرتكز عليها الإعلام في المملكة ويتطلبها. وتنبثق هذه السياسة من الإسلام الذي تدين به الأمة عقيدةً وشريعةً. وتهدف إلى ترسيخ الإيمان بالله عز وجل في نفوس الناس والنهوض بالمستوى الفكري والحضاري والوجداني للمواطنين، وإلى معالجة المشكلات الاجتماعي) وغيرها، وإلى تعميق فكرة الطاعة لله ولرسوله ولأولي الأمر والحض على احترام النظام وتنفيذه عن قناعة. وتشمل الخطوط العريضة التي يلتزم بها الإعلام السعودي لتحقيق هذه الأهداف من خلال التثقيف والتوجيه والأخبار. وتعد هذه السياسة جزءاً من السياسة العامة للدولة.معالم بارزة في السياسة الإعلامية : أ ) نص التمهيد لهذه السياسة على أنها " تنبثق من الإسلام الذي تدين به الأمة عقيدة وشريعة ". وتهدف إلى ترسيخ الإيمان بالله عز وجل في نفوس الناس والنهوض بالمستوى الفكري والحضاري والوجداني للمواطنين، وإلى معالجة المشكلات الاجتماعية وغيرها. وإلى تعميق مفهوم الطاعة لله ولرسوله ولأولي الأمر. والحض على احترام النظام وتنفيذه عن قناعة. ب ) تنص المادة الأولى ـ من السياسة الإعلامية ـ على أن " يلتزم الإعلام السعودي بالإسلام في كل ما يصدر عنه، ويحافظ على عقيدة سلف هذه الأمة، ويستبعد من وسائله جميعها ما يناقض شريعة الله التي شرعها للناس". ج ) وتنص المادة الثانية والعشرون على أن " يؤكد الإعلام السعودي على أن الدعوة إلى الله بين المسلمين وغيرهم قائمة دائمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولذلك فهو يقوم بنصيبه في أداء هذا الواجب الجليل سالكاً في دعوته إلى الله سبيل الحكمة والموعظة الحسنة، معتمداً على مخاطبة الفكر، ومبتعداً عن كل ما من شأنه أن يثير حفائظ الآخرين ". التعليمبرز التعليم في العصر الحاضر بنمو سياساته ومستوياته، ومراحله معلماً من أبرز المعالم في هذا العصر. والمملكة تتجه إلى التطوير ومواكبة المستجدات بما لا يعارض الشرع فقد أولت التعليم جل اهتمامها، وخير ما يستند إليه الباحث في ذلك سياسة التعليم التي تنتهجها هذه البلاد، وهذه إشارة إلى أهم المعالم البارزة فيها، كما سوف نجد في الملاحق مختارات من مواد هذه السياسة. من المعالم البارزة في سياسة التعليم : أ ) ينص التمهيد ـ لهذه السياسة ـ على أن " السياسة التعليمية هي الخطوط العامة التي تقوم عليها عملية التربية والتعليم أداء للواجب في تعريف الفرد بربه ودينه وإقامة سلوكه على شرعه، وتلبية لحاجات المجتمع، وتحقيقاً لأهداف الأمة، وهي تشمل حقول التعليم ومراحله المختلفة، والخطط والمناهج، والوسائل التربوية والنظم الإدارية والأجهزة القائمة على التعليم وسائر مايتصل به. والسياسة التعليمية في المملكة تنبثق من الإسلام، الذي تدين به الأمة : عقيدةً وعبادة وخلقاً وشريعة وحكماً، ونظاماً متكاملاً للحياة، وهي جزء أساسي من السياسة العامة للدولة ". ب ) وهذه بعض أسس السياسة التعليمية : ـ الإيمان بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً. ـ التصور الإسلامي الكامل للكون والإنسان والحياة، وأن الوجود كله خاضع لما سنه الله تعالى، ليقوم كل مخلوق بوظيفته من دون خلل أو اضطراب. ـ الحياة الدنيا مرحلة إنتاج وعمل، يستثمر فيها المسلم طاقاته عن إيمان وهدى للحياة الأبدية الخالدة في الدار الآخرة، فاليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل . ـ الرسالة الإسلامية هي النهج الأقوَم للحياة الفاضلة التي تحقق السعادة لبني الإنسان، وتنقذ البشرية مما تردت فيه من فساد وشقاء. ـ طلب العلم فرض على كل مسلم، ونشره وتيسيره في مختلف المراحل واجب على الدولة بقدر وسعها وإمكاناتها. ـ العلوم الدينية أساسية في جميع سنوات التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي بفروعه، والثقافة الإسلامية مادة أساسية في جميع سنوات التعليم العالي. ـ الثقة الكاملة بمقومات الأمة الإسلامية، وأنها خير أمة أخرجت للناس، والإيمان بوحدتها على اختلاف أجناسها وألوانه، وتباين ديارها : إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ ٩٢ (الأنبياء: 92) . ـ التضامن الإسلامي في سبيل جمع كلمة المسلمين وتعاونهم ودرء الأخطار عنهم. ـ شخصية المملكة العربية السعودية متميزة بما خصها الله به من حراسة مقدسات الإسلام، وحفاظها على مهبط الوحي، واتخاذها الإسلام عقيدة وعبادة وشريعة ودستور حياة، واستشعار مسؤوليتها العظيمة في قيادة البشرية، وهدايتها إلى الخير. ـ الدعوة إلى الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها بالحكمة والموعظة الحسنة من واجبات الدولة والأفراد، وذلك هداية للعالمين، وإخراجاً لهم من الظلمات إلى النور، وارتفاعاً بالبشر في مجال العقيدة إلى مستوى الفكر الإسلامي. ج ) غاية التعليم : فهم الإسلام فهماً صحيحاً متكاملاً، وغرس العقيدة الإسلامية، ونشرها وتزويد الطالب بالقيم والتعاليم الإسلامية، وبالمثل العليا، وإكسابه المعارف والمهارات المختلفة، وتنمية الاتجاهات السلوكية البناءة، وتطوير المجتمع اقتصاديا، واجتماعياً وثقافياً، وتهيئة الفرد، ليكون عضواً نافعاً في بناء مجتمعه. د ) أهداف التعليم : وهذه بعض أهداف التعليم : ـ ـ تنمية روح الولاء لشريعة الإسلام، وذلك بالبراءة من كل نظام أو مبدأ يخالف هذه الشريعة، واستقامة الأعمال والتصرفات وفق أحكامها العامة الشاملة. ـ النصيحة لكتاب الله وسنة رسوله بصيانتهما ورعاية حفظهما، وتعهد علومهما، والعمل بما جاء فيهما. ـ تحقيق الخلق القرآني في المسلم ،والتأكيد على الضوابط الخلقية لاستعمال المعرفة : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ". ـ تنمية روح البحث والتفكير العلميين تشجيعها، وتقوية القدرة على المشاهدة والتأمل، وتبصير الطلاب بآيات الله في الكون وما فيه، وإدراك حكمة الله في خلقه، لتمكين الفرد من أداء رسالته في بناء الحياة الاجتماعية، وتوجيهها توجيهاً سليماً. خاتمة وبما كان البدء يكون الختام، فلقد كان الافتتاح حديثاً مبسوطا عن كتاب الله وفضله وحفظه، ولعل من المناسب الختام بالإشارة إلى عناية هذه الدولة حفظها الله بهذا الكتاب العظيم. فلقد حرص مؤسس المملكة وموحدها جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله على تجسيد مفهوم التمسك بكتاب الله، فعمل جاهداً على نشره، وحفظه وتلاوته، ونشر التعليم في البلاد وإقامة المدارس ... حتى أصبحت المناهج بحمد الله تنهل من المنهل العذب الكريم. ولقد سار أبناؤه قادة البلاد وحكامها على هذا المنوال الكريم الذي جسده والدهم، عبد العزيز، فهم يحكمون كتاب الله، ويشجعون على حفظه وتلاوته، ويساعدون حفاظه وقراءه وحملته وعلماءه لأنه نبراس المجد وضياء الأمة. ولقد انتشرت مدارس تحفيظ القرآن الكريم في أنحاء المملكة كما انتشرت الجمعيات الأهلية الخيرية لتحفيظ القرآن، حتى ينتشر القرآن، ويظل موجوداً في الصدور، وفي القراءة، في التلاوة والمدارسة، وجوده ككتاب الله وكمنهج للحياة والحكم. ويأتي مشروع الملك فهد في خدمة كتاب الله والمتمثل في بناء كامل متكامل الجوانب، وهو " مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة"، يأتي دليلاً واضحاً، وشاهدا على الجهود التي تسعى إلى تحقيقها المملكة بقيادة قادتها ورجالها، لخدمة الإسلام، وكتاب الله عز وجل. كما أن المسابقات الدولية لتلاوة القرآن الكريم، وتجويده وتفسيره التي تعقد في مكة المكرمة عاماً وراء عام، معدودة من الأعمال الجليلة التي تعتز بها المملكة، لخدمة القرآن الكريم وتشجيع حفظه ونشره وتلاوته، وإذكاء روح المنافسة بين أهله، وناشئته، حتى تظل جذوة الإيمان مشتعلة وراية الإسلام مرفوعة خفاقة. هذا ما تيسر تدوينه والحمد لله أولاً وأخراً، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.صالح بن عبد الله بن حميدمكة المكرمة الملاحقـ مختارات من النظام الأساسي للحكم .ـ مختارات من مواد السياسة التعليمية .ـ مختارات من مواد السياسة الإعلامية . مختارات من النظام الأساسي للحكمالمادة السابعة : استمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة. المادة الثامنة : يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية. المادة التاسعة : الأسرة هي نواة المجتمع السعودي ويربى أفرادها على أساس العقيدة الإسلامية وما تقتضيه من الولاء والطاعة لله ولرسوله ولولي الأمر واحترام النظام وتنفيذه، وحب الوطن والاعتزاز به، وبتاريخه المجيد. المادة الحادية عشر : يقوم المجتمع السعودي على أساس من اعتصام أفراده بحبل الله وتعاونهم على البر والتقوى والتكافل فيما بينهم وعدم تفرقهم . المادة الثالثة عشر : يهدف التعليم إلى غرس العقيدة الإسلامية في نفوس النشء، وإكسابهم المهارات، وتهيئتهم ليكونوا أعضاء نافعين في بناء مجتمعهم، محبين لوطنهم معتزين بتاريخه. المادة الحادية والعشرون : تجبى الزكاة وتنفق في مصارفها الشرعية. المادة الثالثة والعشرون : تحمي الدولة عقيدة الإسلام وتطبق شريعته وتأمر بالمعرف وتنهى عن المنكر، وتقوم بواجب الدعوة إلى الله. المادة الرابعة والعشرون : تقوم الدولة بإعمار الحرمين الشريفين وخدمتهما، وتوفر الأمن والرعاية لقاصديهما بما يمكنهم من أداء الحج والعمرة والزيارة بيسر وطمأنينة. المادة الرابعة والثلاثون : الدفاع عن العقيدة الإسلامية والمجتمع والوطن واجب على كل مواطن ... المادة الخامسة والأربعون : مصدر الإفتاء في المملكة العربية السعودية كتاب الله وسنة رسوله. المادة الخامسة والخمسون. يقوم الملك بسياسة العامة سياسة شرعية طبقاً لأحكام الإسلام، ويشرف على تطبيق الشريعة الإسلامية . .. .. مختارات من مواد السياسة التعليمية :المادة الأولى : السياسة التعليمية هي الخطوط التي تقوم عليها عملية التربية والتعليم، أداءً للواجب في تعريف الفرد بربه ودينه وإقامة سلوكه على شرعه، وتلبيته لحاجات المجتمع، وتحقيقه لأهداف الأمة وهي تشمل حقول التعليم ومراحله المختلفة، والخطط والمناهج والوسائل التربوية والنظم الإدارية والأجهزة القائمة على التعليم وسائر ما يتصل به. والسياسة التعليمية في المملكة تنبثق من الإسلام الذي تدين به الأمة عقيدةً وعبادةً وخلقاً وشريعةً وحكماً ونظاماً متكاملاً للحياة، وهي جزء أساس من السياسة العامة للدولة. المادة الثانية : الإيمان بالله رباً والإسلام ديناً وبمحمد نبياً ورسولاً. المادة الثالثة : التصور الإسلامي الكامل للكون والإنسان والحياة وأن الوجود كله خاضع لما سنه الله تعالى ليقوم كل مخلوق بوظيفته، دون خلل أو اضطراب. المادة الرابعة : الحياة الدنيا مرحلة إنتاج وعمل يستثمر فيها . المادة الخامسة : الرسالة الإسلامية هي المنهج الأقوم للحياة الفاضلة، التي تحقق السعادة لبني الإنسان وتنقذ البشرية مما تردت فيه من فساد وشقاء. المادة السادسة : الـمُثل العليا التي جاء بها الإسلام لقيام حضارة إنسانية رشيدة بناءة تهتدي برسالة محمد لتحقيق العزة في الدنيا والسعادة في الدار الآخرة. المادة السابعة : الإيمان بالكرامة الإنسانية التي قررها القرآن الكريم وأناط بها القيام بأمانة الله في الأرض ۞وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِيلٗا ٧٠ (الإسراء: 70). المادة الثامنة : طلب العلم فرض على كل فرد بحكم الإسلام، نشره وتيسيره في المراحل المختلفة واجب على الدولة بقدر وسعها وإمكاناتها. المادة التاسعة : العلوم الدينية أساسية في جميع سنوات التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي بفروعه، والثقافة الإسلامية مادة أساسية في جميع سنوات التعليم العالي. المادة العاشرة : توجيه العلوم والمعارف بمختلف أنواعها وموادها. المادة العشرون : احترام الحقوق العامة التي كفلها الإسلام وشرع حمايتها حفاظاً على الأمن وتحقيقاً لاستقرار المجتمع المسلم في الدين والنفس، والنسل، والعرض، والعقل، والمال. المادة الثالثة والعشرون : شخصية المملكة العربية السعودية متميزة بما خصها الله به من حراسة مقدسات الإسلام وحفاظها على مهبط الوحي واتخاذها الإسلام عقيدةً وعبادةً وشريعةً ودستور حياة، واستشعار مسؤولياتها العظيمة في قيادة البشرية بالإسلام وهدايتها إلى الخير. المادة الخامسة والعشرون : الدعوة إلى الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها بالحكمة والموعظة الحسنة، من واجبات الدولة والأفراد، وذلك هداية للعالمين وإخراجاً لهم من الظلمات إلى النور، وارتفاعاً بالبشر في مجال العقيدة إلى مستوى الفكر الإسلامي. المادة السادسة والعشرون: الجهاد في سبيل الله فريضة محكمة وسنة متبعة وضرورة قائمة وهو ماضٍ إلى يوم القيامة. المادة التاسعة والعشرون : تنمية روح الولاء لشريعة الإسلام وذلك بالبراءة من كل نظام أو مبدأ يخالف هذه الشريعة واستقامة المسلم طاقته عن إيمان وهدى، استعداداً للحياة الأبدية الخالدة في الدار الآخرة، فاليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل. المادة الثلاثون : النصيحة لكتاب الله وسنة رسوله بصيانتهما ورعاية حفظهما وتعهد علومهما والعمل بما جاء فيهما. المادة الواحدة والثلاثون : تزويد الفرد بالأفكار والمشاعر والقدرات اللازمة لحمل رسالة الإسلام. المادة الثانية والثلاثون : تحقيق الخلق القرآني في المسلم والتأكيد على الضوابط الخلقية لاستعمال المعرفة "إنما بعثت لأتمّ مكارم الأخلاق ". المادة الثالثة والثلاثون : تربية المواطن المؤمن ليكون لبنة صالحة في بناء أمته، وليشعر بمسئوليته في خدمة بلاده ،والدفاع عنها. المادة الثامنة والثلاثون : بيان الانسجام التام بين العلم والدين في شريعة الإسلام، فإن الإسلام دين ودنيا والفكر الإسلامي يفي بمطالب الحياة البشرية في أرقى صورها في كل عصر. المادة التاسعة والثلاثون : تكوين الفكر الإسلامي المنهجي لدى الأفراد، ليصدروا عن تصور إسلامي موحد فيما يتعلق بالكون والإنسان والحياة، وما يتفرع عنها من تفصيلات. المادة الستون : إيقاظ روح الجهاد الإسلامي لمقاومة أعدائنا واسترداد حقوقنا، واستعادة أمجادنا والقيام بواجب رسالة الإسلام. المادة الواحدة والستون : إقامة الصلات الوثيقة التي تربط بين أبناء الإسلام وتبرز وحدة أمته. مختارات من مواد السياسة الإعلامية :المادة الأولى : يلتزم الإعلام السعودي بالإسلام في كل ما يصدر عنه، ويحافظ على عقيدة سلف هذه الأمة ويستبعد من وسائله جميعها كل ما يناقض شريعة الله التي شرعها للناس. المادة الثانية : يعمل الإعلام السعودي على مناهضة التيارات الهدامة، والاتجاهات الإلحادية والفلسفات المعادية ومحاولات صرف المسلمين عن عقيدتهم. ويكشف زيفها ويبرز خطرها على الأفراد والمجتمعات والتصدي للتحديات الإعلامية المعادية بما يتفق مع السياسة العامة للدولة. المادة الثالثة : تدأب وسائل الإعلام على خدمة المجتمع وذلك عن طريق تأصيل قيمه الإسلامية الثمينة، وترسيخ تقاليده العربية الكريمة والحفاظ على عاداته الخيرة الموروثة، ومقاومة كل ما من شأنه أن يفسد نقاءه وصفاءه. وتعنى في دفع التنمية والتعاون مع المؤسسات المختلفة في هذا المجال. المادة الرابعة : تعمل وسائل الإعلام على خدمة سياسة المملكة القائمة على صيانة المصالح العليا للمواطنين خاصة، والعرب والمسلمين عامة، وذلك بتبني هذه السياسة وعرضها عرضاً موضوعياً مدعماً بالوثائق مؤيداً بالمواقف والحقائق. المراجعـ الأصالة والمعاصرة / المعادلة السعودية. د . فؤاد الفارسي . ـ التنظيم القضائي في المملكة العربية السعودية. د. سعود بن دريب .ـ التنظيم القضائي في المملكة العربية السعودية. د . محمد مصطفى الزحيلي ـ الجامع لأحكام القرآن . الإمام القرطبي . ـ جريدة أم القرى عدد 484 . ـ دولة في قائمة الشرف العالمي . ـ السياسة التعليمية . ـ السياسة الإعلامية .ـ السعوديون والحل الإسلامي . جلال كشك . ـ سلطان نجد والحجاز . عبد المحسن اليوسف .ـ القرآن الكريم معجزة التشريع . عبد الكريم نيازي . ـ قصة التوسعة الكبرى . حامد عباس . ـ مباحث في علوم القرآن . مناع القطان ـ محاسن التأويل . د . محمد جمال الدين القاسمي . ـ منهج الملك عبد العزيز . د . عبد الله التركي . ـ النظام السياسي في الإسلام . د. محمد عبدالقادر أبو فارس . ـ نظام مجلس الشورى . ـ نور من القرآن في طريق الدعوة والدعاة . د . محمد الحسين الوسم .