المؤمن
كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...
العربية
المؤلف | إبراهيم بن محمد الحقيل |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | السيرة النبوية |
وهكذا يجب أن يكون حال المؤمن إذا أحاطت به الابتلاءات، وعظمت في حقه المصائب والنكبات، أن ينظر إلى نعم الله تعالى عليه، ويقارنها بما أصابه؛ حتى يشكر الله تعالى على نعمه، ويصبر على مُصابه، ثم ليبحث عن أسباب هذه المصائب والابتلاءات، فإنه سيجد أنها من عند نفسه بسبب ذنوب أصابها، أو حقوق ضيعها؛ فتكون تلك المصائب والابتلاءات تمحيصاً لذنوبه، وتكفيراً لسيئاته؛ كما قال الله تعالى في سياق الحديث عن ابتلاء المؤمنين ..
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهـد أن لا إله إلا الله وحـده لا شريـك له، وأشهـد أن محمداً عبده ورسـوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن أحسن الحديث كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها المسلمون:لم يجعل الله تعالى الدنيا دار نعيم لأوليائه، ولا مستقراً دائماً لعباده؛ ولكنه أرادها بحكمته دار ابتلاء واختبار وتمحيص، يمحصُ عباده بالبلايا، ويختبرهم بالمحن، ويبتليهم بالضراء؛ ليظهر الصادقُ من الكاذب، ويتمايز الخبيث من الطيب، (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ العَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ المُنَافِقِينَ) [العنكبوت:10-11].
إنها ابتلاءات ومحن ذاق مصيبتها وألمها خير الناس، وأفاضل الخلق من النبيين والمرسلين، وأتباعهم المؤمنين المستضعفين، ولم يسلم من البلاء والمحنة خيارُ هذه الأمة الخاتمة: رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وصحبه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم.
وكان من عظيم ما مرَّ بهم من بلاء، وما أصابهم من مصيبة: ما وقع عليهم في شهر شوال من السنة الثالثة من الهجرة، حينما تسلط كفارُ مكة وحلفاؤهم عليهم، وغزوهم في ديارهم؛ فكانت وقعة أحد التي كانت مصيبتها شديدة، ومحنتها أليمة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وصحبه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم.
سمى الله تعالى ما أصابهم في هذه الغزوة من قتل وجراحات مصيبة، ونسب سبب هذه المصيبة إلى أنفسهم؛ لأن الرماة عصوا أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان ما كان من قدَر الله تعالى الذي قدَّره على عباده المؤمنين.
وكان في هذا الابتلاء من الخير العظيم ما كشف نفاق كثير من المنافقين، قال الله تعالى في شأن هذه المصيبة التي نزلت بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وصحبه الكرام رضي الله عنهم: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيَعْلَمَ المُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا) [آل عمران:165-167].
كانت بوادر المصيبة قبل وقوعها في رؤيا رآها النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل الغزوة، روى ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "رأيت في سيفي ذي الفقار فَلَّاً، فأولته فلاً يكون فيكم -أي انهزاماً-، ورأيت أني مردفٌ كبشاً، فأولته كبش الكتيبة، ورأيت أني في درع حصينة، فأوَّلتُها المدينة، ورأيت بقراً تذبح، فبقر والله خير، فبقر والله خير"، فكان الذي قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. رواه أحمد والترمذي.
وفي حديث أبي موسى -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "رأيت في رؤياي أني هززت سيفاً فانقطع صدره، فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد، ثم هززته أخرى فعاد أحسن ما كان، فإذا هو ما جاء به الله من الفتح، واجتماع المؤمنين، ورأيتُ فيها بقراً والله خير، فإذا هم المؤمنون يوم أحد" رواه الشيخان.
لقد كان من بدايات ابتلاءات غزوة أحد ومصيبتها ما فعله المنافقون من التخذيل والإرجاف، وانخذالهم من الجيش، ورجوعهم عن الغزو في ساعة حرجة عصيبة، يقودهم في إرجافهم وانخذالهم من الجيش عبد الله بن أبي ابن سلول، الذي كان يقول وهو يخذل: ما ندري علام نقتلُ أنفسَنا ههنا أيها الناس؟ فرجع بمن تبعه من قومه من أهـل الرّيـب والنفاق.
فأتبعـهم عبد الله بن عمرو بن حرام يناصحهم وينشدهم الرجوع ويقول: يا قوم، أذكّركم الله ألا تخذلوا قومكم ونبيكم عند من حضر من عدوهم، فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لما أسلمناكم، ولكن لا نرى أنه يكون قتال، قال: فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف قال: أبعدكم الله، أعداء الله! فسيُغني الله عنكم نبيه.
وعلى إثر انسحاب المنافقين كادت أن تنسحب قبيلتان من الأنصار عن القتال؛ ولكن الله تعالى ثبتهم فبقوا. قال جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-: نزلت هذه الآية فينا: (إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا) [آل عمران:122] بني سلمة وبني حارثه، وما أحب أنها لم تنزل والله يقول: (وَاللهُ وَلِيُّهُمَا) [آل عمران:122]. رواه الشيخان.
مضى الجيش بعد انسحاب المنافقين إلى أرض المعركة، ورصَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- الصفوف، وقسم المهمات، ووضع الرماة على الجبل وقال لهم: "إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا من مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم" رواه البخاري وأبو داود واللفظ له وأحمد.
وبدأت المعركة، والتحم الجيشان، وانتصر المسلمون، ولكن الرماة بارحوا أماكنهم، واشتغلوا بجمع الغنائم، فالتفت خيَّالةُ المشركين عليهم من ورائهم، قال الزبير بن العوام -رضي الله عنه-: والله إني لأنظر يومئذ إلى خَدَم النساء مشمرات يسعين حين انهزم القوم، وما أرى دون أخذهن شيئاً، وإنا لنحسبهم قتلى ما يرجع إلينا منهم أحد...
فوالله إنا لكذلك قد علوناهم، وظهرنا عليهم؛ إذ خالفت الرماة عن أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأخذون الأمتعة، فأتتنا الخيلُ فحطمتنا، وكرَّ الناس منهزمين، فصرخ صارخ يرون أنه الشيطان: ألا إن محمداً قد قتل، فأعظم الناس، وركب بعضهم بعضاً، فصاروا أثلاثاً: ثلثاً جريحاً، وثلثاً مقتولاً، وثلثاً منهزماً. أخرجه ابن اسحق وصححه البوصيري وله شاهد في الصحيح.
ونال النبي -صلى الله عليه وسلم- نصيبه من ابتلاءاتها ومصيبتها؛ فجرح -صلى الله عليه وسلم- وكسرت رباعيته، وهشمت البيضة على رأسه، فجعل يسلت الدم عن وجهه ويقول: "كيف يفلح قومٌ شجوا نبيهم، وكسروا رباعيته، وهو يدعوهم إلى الله، فأنزل الله تعالى: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ) [آل عمران:128]" رواه الشيخان.
لقد أصاب المسلمين شدةٌ شديدة، وكربٌ عظيم لما سمعوا بإشاعة مقتل النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورأى منهم من رأى وجهه يدمى، واضطربت صفوفهم، وركبهم المشركون يقتلون ويجرحون، وصار المسلمون يضارب بعضهم بعضاً خطأً من شدة ما نزل بهم من ألم المصيبة، وعظيم البلاء.
روى البخاري من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما كان يوم أحد هُزم المسلمون فصرخ إبليس -لعنة الله عليه-: أي عباد الله، أُخراكم، فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم، فبصر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان، فقال: أي عباد الله، أبي، أبي. قالت: فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه، فقال حذيفة: يغفر الله لكم".
فأراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يَدِيَه فتصدق حذيفة بديته على المسلمين، فزاده ذلك عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيراً.
وبلغ من شدة مصيبة هذه الغزوة، وما لحق المسلمين فيها من ألم أن علياً -رضي الله عنه- ظن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد رفع إلى السماء، قال -رضي الله عنه-: لما انجلى الناس عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد نظرت إلى القتلى فلم أر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيهم، فقلت: والله ما كان ليفر، وما أراه في القتلى، ولكن أرى اللهَ غضب علينا بما صنعنا فرفع نبيه -صلى الله عليه وسلم-، فما فيَّ خير من أن أقاتل حتى أقتل، فكسرت جفن سيفي، ثم حملته على القوم فأفرجوا إلي، فإذا أنا برسول الله -صلى الله عليه وسلم-. رواه أبو يعلى بإسناد حسن.
ومع إصابة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجراحات، ومقتل جمع من أصحابه -رضي الله عنهم- فإنه أصيب أيضاً بمقتل عمه حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه-، روى كعب بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال يوم أحد: "مَن رأى مقتل حمزة؟" فقال رجل أعزل: أنا رأيت مقتله، فقال: "فانطلق وأرناه"، فخرج حتى وقف على حمزة، فرآه قد شُق بطنه، وقد مُـثِّل به، فقال: يا رسول الله، مُـثِّل به والله! فكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينظر إليه، ووقف بين ظهراني القتلى فقال: "أنا شهيد على هؤلاء، كفنوهم في دمائهم، فإنه ليس جرح يجرح في الله إلا جاء يوم القيامة يدمى، لونه لون الدم، وريحه ريح المسك، قدموا أكثرهم قرآناً فاجعلوه في اللحد" أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد والبيهقي.
اللهم ارض عن شهداء أحد، وعن الصحابة أجمعين، وعن شهداء المسلمين في كل زمان ومكان، واحشرنا في زمرتهم يا رب العالمين.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب:23]. بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم...
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واثبتوا -عباد الله- على دينكم، واشكروا في النعماء، واصبروا في البلاء.
أيها الإخوة المؤمنون: لقد كان من ابتلاءات غزوة أحد كثرة القتلى وقلة الثياب، قال أنس رضي الله عنه: أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على حمزة يوم أحد فوقف عليه فرآه قد مُـثِّل به، فقال: "لولا أن تجد صفية في نفسها لتركته حتى تأكله العافية حتى يحشر من بطونها"، قال: ثم دعا بنمرة فكفنه فيها فكانت إذا مُدَّت على رأسه بدت رجلاه، وإذا مُدَّتْ على رجليه بدا رأسه، قال: فكثر القتلى، وقلَّت الثياب، قال: فكُفن الرجل والرجلان والثلاثة في الثوب الواحد، ثم يدفنون في قبر واحد. أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي واللفظ له.
وعن عبدالرحمن بن عوف -رضي الله عنه-: أنه أُتي بطعام، وكان صائماً، فقال: قُتل مصعب بن عمير، وهو خير مني، كفن في بردة، إن غُطي رأسه بدت رجلاه، وإن غُطي رجلاه بدا رأسه، وأراه قال: وقُتل حمزة وهو خير مني، ثم بُسط لنا من الدنيا ما بسط، أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا، وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام. رواه البخاري.
وعن خباب بن الأرت -رضي الله عنه- قال: هاجرنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- نريد وجه الله، فوقع أجرنا على الله، فمنا من مضى لم يأخذ من أجره شيئاً، منهم: مصعب بن عمير قتل يوم أحد، وترك نمرة، فكنا إذا غطينا رأسه بدت رجلاه، وإذا غطينا رجليه بدا رأسه، فأمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نغطي رأسه، ونجعل على رجليه شيئاً من الإذخر، ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها. رواه الشيخان.
وبعد انتهاء المعركة، ورغم ما أصابهم فيها من ألم المصيبة؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه: استووا حتى أثني على ربي، فصاروا خلفه صفوفاً، ووقف طويلاً يثني على الله تعالى بما هو أهل له. أخرجه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني، وأحمد، وغيرهما.
إن ألم المصيبة، والجراحات التي نالته، وشدة الفاجعة بعمه حمزة وبأصحابه -رضي الله عنهم- ما أنسته نعم الله تعالى عليه، وعلى البقية الباقية من المؤمنين، وهي نعم كثيرة ليست هذه المصيبة أو غيرها من المصائب توازيها أو تدانيها. ثم إن ما أصابهم كان بمعصية منهم؛ كما قال سبحانه: (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) [آل عمران:165].
وهكذا يجب أن يكون حال المؤمن إذا أحاطت به الابتلاءات، وعظمت في حقه المصائب والنكبات، أن ينظر إلى نعم الله تعالى عليه، ويقارنها بما أصابه؛ حتى يشكر الله تعالى على نعمه، ويصبر على مُصابه، ثم ليبحث عن أسباب هذه المصائب والابتلاءات، فإنه سيجد أنها من عند نفسه بسبب ذنوب أصابها، أو حقوق ضيعها؛ فتكون تلك المصائب والابتلاءات تمحيصاً لذنوبه، وتكفيراً لسيئاته؛ كما قال الله تعالى في سياق الحديث عن ابتلاء المؤمنين ومصيبتهم في غزوة أحد: (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الكَافِرِينَ) [آل عمران:141].
ألا فاتقوا الله ربكم، واشكروه على نعمه، واصبروا على ابتلاءاته، واعبدوه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون والمنافقون.
وصلوا وسلموا على نبيكم، كما أمركم بذلك ربكم...