البحث

عبارات مقترحة:

الحفيظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...

القدوس

كلمة (قُدُّوس) في اللغة صيغة مبالغة من القداسة، ومعناها في...

السلام

كلمة (السلام) في اللغة مصدر من الفعل (سَلِمَ يَسْلَمُ) وهي...

عظمة الله تعالى

العربية

المؤلف إبراهيم بن محمد الحقيل
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التاريخ وتقويم البلدان
عناصر الخطبة
  1. صفة العظمة واسم العظيم .
  2. تعظيم الملائكة لله .
  3. بين عظمة الله وعظمة ملوك الدنيا .
  4. تعظيم الرسل لله تعالى .
  5. دلائل الوجود على عظمة الله تعالى .
  6. من صور عظمة الله .
  7. آية الكرسي وعظمة الله .
  8. من ثمار الإيمان بعظمة الله . .
اهداف الخطبة
  1. إحياء تعظيم الله في النفوس
  2. بيان صور تعظيم الله وثمراته .

اقتباس

وكان عليه الصلاة والسلام يكثر من تعظيم ربه عز وجل وتسبيحه في ركوعه وسجوده ، وفي كل أحيانه ويقول :(سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)
وبين عليه الصلاة والسلام شيئا من عظمة ربه فيما خلق فقال صلى الله عليه وسلم:(أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام)رواه أبو داود من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه
فإذا كانت صفحة عنق هذا الملك الكريم بهذا الحجم فما حجمه كاملا ، وهو خلق واحد من خلق الله العلي العظيم ، فكيف إذا بمخلوقاته الأخرى ،فسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.

 

 

 

 

الحمد لله العظيم ؛ تعاظم في ذاته عن الإحاطة والتكييف وجل في صفاته عن النقائص والتشبيه، وتعالى في ملكه ومجده فهو العلي العظيم ، نحمده كما ينبغي له أن يحمد ، ونشكره فهو أحق أن يشكر ، ونستغفره فهو الذي يستغفر..

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ ذلت لعظمته جميع الموجودات ، وتلاشت عظمة المخلوقات ، فكل الكائنات مفتقرة إليه وهو غني عنها (يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [النمل:25-26] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ؛كان يقول عند الكرب: "لا إله إلا الله العليم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم"  صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فأوصيكم -أيها الناس-ونفسي بتقوى الله عز وجل فاتقوه حق التقوى ، اتقوا من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه ، واتقوا من رفع السموات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ، وبث فيها من كل دابة ، اتقوا من (يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) [فاطر: من الآية41] أيها الناس: من أسماء الله تعالى الحسنى :اسم العظيم ، ومن صفاته العلى :صفة العظمة ؛ فهو العظيم الذي خضع كل شيء لأمره ، ودان لحكمه ، والكل تحت سلطانه وقهره ، وهو ذو العظمة الذي كل شيء دونه فلا شيء أعظم منه (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) [البقرة: من الآية255] وكرسيه الذي وسع السموات والأرض ما السماوات السبع فيه إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة ، وعظمة العرش بالنسبة للكرسي كعظمة تلك الفلاة على تلك الحلقة ، والله تعالى مستو على عرشه.

علم ملائكته المقربون عظمته فخافوه وأذعنوا وعظموه وسبحوا ، ولم يستنكفوا عن عبادته ولم يستكبروا (وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ) [الأنبياء:20] وهم عليهم السلام ماضون في تنفيذ أمره ، ومع ذلك فهم وجلون مشفقون (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) بالأنبياء:27-28] إن عظماء الدنيا مهما علو وبلغوا فإنهم لا يعلمون إلا ما يشاهدون أو ينقل إليهم ؛ ولذلك احتاجوا إلى خدمة رعاياهم، وما يخفى عليهم من أمور ممالكهم أكثر مما يظهر لهم وقد يخدعهم بعض المقربين إليهم ، ولا تخافهم رعيتهم في السر ولو أظهروا الخضوع لهم في العلن ، والرب جل جلاله كلف الملائكة وهو غني عنهم ، ولا يخفى عليه شيء من أحوال خلقه ولو لم ينقل إليه ؛ بل إن الملائكة يخبرونه الخبر وهو عز وجل أعلم منهم بما أخبروا ، وهذا من عظمته جل في علاه.

والخلق يفرون من عظماء الخلق فيطلبونهم ولا يجدونهم ، ويسخرون ما يملكون فيعجزون في طلبهم ، وأما ذو العظمة فلا فرار للخلق منه إلا إليه ، ولا معاذ منه إلا به (حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ) [التوبة: من الآية118]. قال الإمام أبو القاسم الأصبهاني رحمه الله تعالى: "العظمة صفة من صفات الله تعالى ، لا يقوم لها خلق ، والله تعالى خلق بين الخلق عظمة يعظم بها بعضهم بعضا ، فمن الناس من يعظم لمال ، ومنهم من يعظم لفضل ، ومنهم من يعظم لعلم ، ومنهم من يعظم لسلطان ، ومنهم من يعظم لجاه، وكل واحد من الخلق إنما يعظم بمعنى دون معنى ، والله عز وجل يعظم في الأحوال كلها ؛ فينبغي لمن عرف حق عظمة الله تعالى أن لا يتكلم بكلمة يكرهها الله عز وجل ، ولا يرتكب معصية لا يرضاها الله عز وجل؛ إذ هو القائم على كل نفس بما كسبت"
علمت الرسل عليهم السلام عظمة العظيم؛ فنصبوا في عبادته ودعوا أقوامهم إلى خشيته، وخوفوهم من نقمته، فأولهم نوح عليه السلام قال لقومه (مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً) [نوح:13-14].
أي :ما لكم لا ترون لله تعالى عظمة.

وخاتمهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم خاطبه ربه عز وجل فقال : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) [الواقعة:74]. فقال لأصحابه رضي الله عنهم: " اجعلوها في ركوعكم ".

وكان عليه الصلاة والسلام يكثر من تعظيم ربه عز وجل وتسبيحه في ركوعه وسجوده ، وفي كل أحيانه ويقول : "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي" .

وبين عليه الصلاة والسلام شيئا من عظمة ربه فيما خلق فقال صلى الله عليه وسلم: "أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام" رواه أبو داود من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه .

فإذا كانت صفحة عنق هذا الملك الكريم بهذا الحجم فما حجمه كاملا ، وهو خلق واحد من خلق الله العلي العظيم ، فكيف إذا بمخلوقاته الأخرى ،فسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.

وروى أبو هريرة رضي الله عنه فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أذن لي أن أحدث عن ملك قد مرقت رجلاه الأرض السابعة ، والعرش على منكبه وهو يقول: سبحانك أين كنت وأين تكون" رواه أبو يعلى
وروى أبو الشيخ ومحمد بن نصر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن لله ملائكة ترعد فرائصهم من خيفته ما منهم ملك يقطر دمعه من عينه إلا وقعت ملكا قائما يصلي وإن منهم ملائكة سجودا منذ خلق الله السموات والأرض لم يرفعوا رؤسهم لا يرفعونها إلى يوم القيامة وإن منهم ركوعا لم يرفعوا رؤسهم منذ خلق الله السموات والأرض فلا يرفعونها إلى يوم القيامة فإذا رفعوا رؤسهم ونظروا إلى وجه الله قالوا: سبحانك ما عبدناك كما ينبغي لك".

وسئل بعض السلف عن عظمة الله تعالى فقال للسائل:" ما تقول فيمن له عبد واحد يسمى جبريل له ست مئة جناح ، لو نشر منها جناحين لستر الخافقين"  فسبحان الله وبحمده عدد كل شيء.

والمؤمنون بربهم ، المتفكرون في خلقه ؛ يدركون عظمته ، فيقرون بربوبيته ، ويخضعون لألوهيته ، ويخلصون في عبادته ، ولا يشركون معه غيره ، لا في محبة ولا رجاء ولا خوف ، يتأملون آياته ، ويتفكرون في مخلوقاته ، فتخشع قلوبهم ، وتقشعر أجسادهم ، وتفيض بالدمع أعينهم ؛ إجلالا لله تعالى وتعظيما وإخلاصا ، وتلهج ألسنتهم بذكره عز وجل وتسبيحه وتكبيره وحمده قائلين (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران: من الآية191].

لقد دلت دلائل الوجود على عظمة ربنا جل في علاه ، وخضعت له المخلوقات ، وبهذا الخضوع انتظم العالم ، وصلحت أحوال الخلق ، فقنوت الكل له عز وجل دليل على عظمته (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [البقرة:116-117] وفي الآية الأخرى: (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) [آل عمران: من الآية83] ولما أشرك بعض عباده به، وادعوا له الولد ؛ فزعت الموجودات من هذا الإفك العظيم ، وأوشك الكون أن يضطرب ويختلط ؛ تعظيما لله تعالى وفرقا منه أن يشرك به بعض خلقه ، لولا أن الله تعالى قدر له أن يسكن وينتظم (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) [مريم:90-92]  ومن عظمته عز وجل: أنه لا قيام للموجودات إلا به تبارك وتعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ) [الروم:25-26] وما يجري في القيامة من أهوال وأحوال ، وأوصاف الجنة والنار، كل ذلك من دلائل عظمة الكبير المتعال ،ومن ذلك ما روى سلمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يوضع الميزان يوم القيامة فلو وزن فيه السماوات والأرض لوسعت ، فتقول الملائكة: يا رب لمن يزن هذا ؟ فيقول الله تعالى: لمن شئت من خلقي ، فتقول الملائكة: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ، ويوضع الصراط مثل حد الموسى فتقول الملائكة: من تجيز على هذا ؟ فيقول عز وجل: من شئت من خلقي، فيقول الملائكة: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك" رواه الحاكم وقال : صحيح على شرط مسلم .

فهو جل جلاله عظيم في ربوبيته ، عظيم في ألوهيته ، عظيم في أسمائه وصفاته ، عظيم في ملكه وخلقه ، عظيم في حكمته ورحمته ، عظيم في افتقار خلقه إليه وغناه هو عنهم ، عظيم في تدبيره شؤون خلقه ، عظيم في الفصل بين عباده ، وكل عظمة في الوجود فهي دليل على عظمة خالقها ومدبرها ؛ جل في علاه ، وتعاظم في مجده.

ومن تأمل أعظم آية في القرآن وهي آية الكرسي علم أنها قد جمعت أوجه العظمة للخالق سبحانه فاستحقت أن تكون أعظم آية في كلامه عز وجل كما استحقت الفاتحة أن تكون أعظم سورة ؛ لأنها دلت المؤمنين على عظمة العلي العظيم ..

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) بالفاتحة:2-7] (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) [البقرة:255].

آمنا بالله العلي العظيم ، وعليه توكلنا ، وإليه أنبنا وإليه المصير،

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.
 

الخطبة الثانية

الحمد الله حمدا يليق بجلال ربنا وعظيم سلطانه ؛ أحمده حمدا كثيرا، وأشكره شكرا مزيدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين..
أما بعد:

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71].

أيها المسلمون:عظمة الخالق العظيم ، يقر بها كل مسلم ، ولا يماري فيها إلا زنديق أو ملحد ، وقدماء أهل الشرك في البشر كانوا يقرون بعظمته ، ولكنهم لا يخلصون له الدين بل يشركون معه آلهة أخرى.

والإيمان بعظمة الله تعالى له ثمار يجنيها المؤمن بالله عز وجل ، وله آثار تدل على أن العبد معظم لله تعالى,
ومن أعظم ثمار الإيمان بعظمة الكبير المتعال وتعظيمه عز وجل:فرح القلب وسروره وطمأنينته ؛ لأنه صرف التعظيم لمن يستحق التعظيم ، وتلك هي جنة الدنيا التي من دخلها دخل جنة الآخرة.

ومن عظم الله عز وجل وصفه بما يستحق من الأوصاف ، وأقر بأفعاله ، ونسب النعم إليه دون سواه (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) [النحل: من الآية53].

ومن عظم الله تعالى ؛ خضع لهيبته ، ورضي بقسمته ، ولم يرض بدونه عوضا ، ولم ينازع له اختيارا ، ولم يرد عليه حقا... وتحمل في طاعته كل مقدور ، وبذل في مرضاته كل ميسور.

وكلما قوي تعظيم الله تعالى في قلب العبد استصغر العبد نفسه ، واستقل عمله ؛ لأن الله عز وجل إذا تجلى لشيء خشع له.

إن من عظم الله تعالى عظم شريعته ، وأجل أهلها وحملتها والعاملين بها ؛ إذ إن إجلالهم من إجلال الله تعالى وتعظيمه .

ومن عظم الله تعالى وقف عند حدوده ، وامتثل أوامره ، واجتنب نواهيه ، وعظم شعائره (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) [الحج: من الآية30] (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) [الحج:32].

ومن عظم الله تعالى قدم محبة الله تعالى، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومحبة ما يحبه الله ورسوله على محبة نفسه وشهواته وأهله وولده وماله وكل محبوب؛ لأن ما قام في قلبه من تعظيم الله تعالى قضى على كل المحبوبات سواه عز وجل، فإذا دعته نفسه الأمارة بالسوء لمعصية الله تعالى من أجل محبوب يحبه ، وشيء يطلبه ، ردعه تعظيمه لله تعالى عن ذلك.

ومن عظم الله تعالى أكثر من ذكره ؛ فإن البشر لا يزالون يمدحون من يعظمون ، فكيف يزعم زاعم أنه معظم لله تعالى وذكره لا يجري على لسانه إلا لمما.

ومن عظم الله تعالى توكل عليه ، واعتصم به ، ولم يخف عظماء الخلق ؛ فما في قلبه من تعظيم الله عز وجل أقوى وأمكن من المخلوقين مهما بلغت قوتهم وكثرتهم.

ومن عظم الله تعالى لم يقدم على كلامه أي كلام ، بل هو مستديم النظر في كتابه العظيم ، تلاوة وحفظا وتدبرا وعملا ، يتأمل بقراءته صفات العلي العظيم ، ويستخرج حكمه من أحكامه ، ورحمته وعدله في أفعاله ، فلا يهجر كتاب ربه تبارك وتعالى ، ولا يغمض له جفن في يومه وليلته حتى يقرأ ورده ، ويرتل جزءه ، واضعا نصب عينيه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الحجرات:1] ومهما عمل الخلق من تعظيم لله تعالى ، فإنهم عاجزون عن قدر الله تعالى حق قدره ، وتعظيمه كما ينبغي له أن يعظم ؛ فحقه عز وجل أعظم ، وقدره أكبر ، ولكن المؤمنين يسعون في ذلك جهدهم ، ويبذلون وسعهم ؛ والعظيم لا يخيب سعيهم ، ولا يضيع عملهم ، ويجزيهم على قليل سعيهم أعظم الجزاء ، وأجزل المثوبه ، وهو الجواد الكريم (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الزمر:67]..

وصلوا وسلموا