البحث

عبارات مقترحة:

المهيمن

كلمة (المهيمن) في اللغة اسم فاعل، واختلف في الفعل الذي اشتقَّ...

العليم

كلمة (عليم) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...

سورة المجادلة

العربية

المؤلف مسفر بن سعيد بن محمد الزهراني
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات القرآن الكريم وعلومه - المعاملات
عناصر الخطبة
  1. تعريف بسورة المجادلة .
  2. أحكام الظهار .
  3. آداب المجالس والتناجي .
  4. الولاء والبراء .
  5. سبب نزول بعض الآيات .

اقتباس

فسورة المجادلة تناولت أحكاماً تشريعية كأحكام الظهار والكفارة التي تجب على المظاهر، وحكم التناجي، وآداب المجالس، وتقديم الصدقة عند مناجاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعدم مُوادَّةِ أعداء الله، وغيرها ..

الحمد لله رب الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ولا يعجز بقدرته عن شيء وهو العزيز الحكيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا أيها الناس، أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فقدرة الله لا تماثلها قدرة، ومن ذلك ما جاء في سورة المجادلة، السورة الثامنة والخمسين في ترتيب المصحف الشريف، وهي مدنية، آياتها اثنتان وعشرون آية، بدأت بقوله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [1]، أي: سمع الله قول التي تراجعك الكلام في شأن زوجها.

والمجادلة هذه الكائنة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان كلما قال لها: "قد حرُمْتِ عليه"، قالت: والله ما ذكر طلاقاً! ثم تقول أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي، وأن لي صبية صغاراً إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إليَّ جاعوا، وجعلت ترفع رأسها وتقول: اللهم إني أشكو إليك.

قال المفسرون: نزلت هذه الآية في خولة بنت ثعلبة وزوجها أوس ابن الصامت -رضي الله عنه-، حيث كان به لمم فاشتد به لممه ذات يوم فظاهَرَ منها، أي: قال لها: أنتِ عليَّ كظهر أمي. ثم ندم على ذلك، وكان الظهار في الجاهلية، فسمع الله هذه المجادلة، وهو سبحانه يسمع كل مسموع، ويُبْصِر كل مبصر.

ثم بين سبحانه شأن الظهار في نفسه، وذكر حكمه، فقال: (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) [2]، فأنكر الله سبحانه بأن يقول الرجل لامرأته: أنتِ عليَّ كظهر أمي، وأن أم الإنسان هي مَن تلده، وأن هذا القول منكراً، أي: قولا فظيعاً ينكره الشرع وكذباً.

ثم بيَّن سبحانه أن من يظاهر امرأته ثم يتدارك ويعود عن قوله فإن عليه تحرير رقبة من قبل الجماع، (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا)، أي: مِن قبل الجماع، (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا)، لكل مسكين مدان، وهما نصف صاع، وقيل غيره، وأن هذه من أحكام الله فلا يجوز تجاوزها، ومن تجاوزها فقد أعد الله عقابه في الدنيا والآخرة، وكان هذا في الآيات من (1 إلى 5) من السورة الكريمة.

ثم ذكر الله سبحانه عقوبة من يحادّ الله ورسوله، والمحادة: هي المشاقة والمعاداة والمخالفة، بأن له الذل والخزي في الدنيا، وعذاب مهين في الآخرة، فقال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ) [5]، وأن ذلك يوم القيامة يوم البعث والنشور، حيث يخبرهم الله بما عملوا في الدنيا من الأعمال القبيحة، وأنه مطلع على كل شيء لا يخفى عليه خافية، والكبت هو القهر والإذلال والخزي.

ثم أكد سبحانه أنه يعلم بكل شيء، وأن علمه يحيط بكل شيء في السماوات والأرض، ومن ذلك علمه بالنجوى، وهي المسارة أو الإسرار بين ثلاثة من الناس أو أكثر أو أقل، وأنه معهم أينما كانوا، ثم يخبرهم بما علموا يوم القيامة، حيث قال: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [7].

ثم ذكر الله سبحانه حال الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه، وما يتناجون به، وماذا يقولون في تحيتهم للرسول -صلى الله عليه وسلم-، وماذا يقولون في أنفسهم بعد ذلك، فقال: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ...) [8].

قيل: إن المراد به أن اليهود كانوا يأتون النبي -صلى الله عليه وسلم- فيقولون السام عليك، يريدون بذلك السلام ظاهراً وهم يعنون الموت باطناً فيقول النبي -صلى الله عليه وسلم- عليكم أو وعليكم (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ) أي فيما بينهم (لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [8]، أي: المرجع اخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة عليكم السام واللعنة فقال يا عائشة إن الله لا يحب الفحش ولا المتفحش، قالت : ألا تسمعهم يقولون السام ؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أو ما سمعتي أقول وعليكم ،فأنزل الله هذه الآية ولما فرغ الله سبحانه من نهي اليهود والمنافقين عن النجوى أرشد المؤمنين إذا تناجوا فيما بينهم ألا يتناجوا بما فيه إثم وعدوان ومعصية لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما يفعله اليهود والمنافقين.

ثم بين لهم ما يتناجون به في أنديتهم وخلواتهم فقال: (وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى)، أي: بالطاعة وترك المعصية، ثم خوَّفَهم سبحانه بأنه سيجازيهم بأعمالهم.

ثم بيَّن سبحانه أن ما يفعله اليهود والمنافقون من التناجي هو من جهة الشيطان ومن تزيينه وتسويله، ليوقع الذين آمنوا في الحزن بما يحصل لهم من التوهم أنها في مكيدة يكادون بها.

ونفى الله أن يكون للشيطان أو التناجي الذي يزينه أي ضرر على المؤمنين إلا بمشيئة الله تعالى، والذي يتوكل عليه المؤمنون، ويفوضونه في جميع شئونهم، ويستعيذون بالله من الشيطان، ولا يبالون بما يزينه من النجوى.

ثم أمر الله سبحانه عباده المؤمنين بحسن الأدب مع بعضهم البعض بالتوسعة في المجلس وعدم التضايق، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ) [11]، أي: فوسِّعوا يوسع الله لكم في الجنة، أو في كل ما تريدون التفسُّحَ فيه من المكان والرزق وغيرها، (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا)، أي: إذا قيل لكم انهضوا فانهضوا.

قال جمهور المفسرون: انهضوا إلى الصلاة والجهاد وعمل الخير، (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) [11]، أي درجات عالية من الكرامة في الدنيا والثواب في الآخرة.

ثم حث على حسن الأدب مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند مسارَّته، وذلك بأن يقدموا بين يدي مسارتهم له صدقة، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) [12].

قيل: نزلت بسبب أن قوماً من المسلمين كانوا يستخلون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يناجونه، فظن بهم قوم من المسلمين أنهم ينتقصونهم في النجوى، فشق عليهم ذلك، فأمرهم الله بالصدقة عند النجوى؛ لتقطعهم عند استخلائه.

والمراد بالصدقة على الفقراء، وتبين أن ذلك خير لهم وأطهر لنفوسهم، ومَن لم يجد تلك الصدقة المأمور بها فلا حرج عليه من النجوى بدون صدقة.

ثم قال: (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ)؟ أي: أخفتم الفقر والعيلة بأن تقدموا ذلك؟ وقيل: أبخلتم؟ (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [13]، أي: إن لم تفعلوا ما أمرتم به من الصدقة، ورخص الله لكم بالترك إذ تاب الله عليكم، فاثبتوا على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله فيما تؤمرون به وتنهون عنه، فهو لا يخفى عليه شيء من أعمالكم فيجازيكم بها.

ثم عاد سبحانه إلى ذكر المنافقين الذي تولوا اليهود فقال: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ) [14]، أي تولوا اليهود المغضوب عليهم، فإن هذه صفة المنافقين، (وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [14]، أي: يحلفون أنهم مسلمون، أو يحلفون أنهم ما نقلوا الأخبار إلى اليهود، (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) بطلان ما حلفوا عليه.

ثم ذكر أن إيمانهم وقاية وسترة دون دمائهم، ومنعوا الناس من الإسلام بسبب ما يصدر منهم من التثبيط، وتهوين أمر المسلمين، وتضعيف شوكتهم، وأن جزاءهم أن يهينهم الله ويخزيهم.

ثم قال: (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [17]، أي: لا يخرجون منها، (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا)، أي: يوم القيامة، (فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ) [18]، وهذا من شدة شقاوتهم، ومزيد الطبع على قلوبهم، ويحسبون أنهم بأيمانهم الكاذبة في الآخرة على شيء مما يجلب نفعاً أو يدفع ضراً كما كانوا يحسبون ذلك في الدنيا.

عباد الله: هذه بعض معاني سورة المجادلة وسنكمل الحديث عنها في الخطبة الثانية إن شاء الله، نفعني الله وإياكم بها وبهدي كتابه الكريم، وبسنة خاتم المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه واستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه أجمعين.

عباد الله: استكمالا للحديث عن سورة المجادلة فإن الله ذكر أن من صفات المنافقين أنهم استحوذ الشيطان عليهم وغلبته لهم، واستعلائه عليهم، فقال: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ)، أي: أوامره والعمل بطاعته، (أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ)، أي: جنوده وأتباعه ورهطه، (أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [19]، أي: الكاملون في الخُسران، حتى كان خسران غيرهم بالنسبة إلى خسرانهم ليس بخسران؛ لأنهم باعوا الجنة بالنار، والهدى بالضلالة! وكذبوا على الله، وعلى نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وحلفوا الأيمان الفاجرة في الدنيا والآخرة.

ثم قال (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) [20]، أي: إن الذي يشاقُّون الله ورسوله هم من جملة من أذل الله من الأمم السابقة واللاحقة، (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [21]، أي: قضى الله في سابق علمه لأغلِبَنَّ أنا ورسُلي بالحجة والسيف، فهو القوي على نصر أوليائه، غالب لأعدائه، لا يغلبه أحد.

ثم عاد سبحانه لمخاطبة رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- في ختام السورة فقال: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)، أي: يحبون ويوالون من عادى الله ورسوله وشاقَّهما، (وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ)، أي: ولو كان المحادون لله ورسوله آباء الموادِّين أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم، (أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [22]، أي: إن الله ثبت في قلوبهم الإيمان، وقواهم بنصر منه على عدوهم في الدنيا.

وسمى نصره لهم روحاً؛ لأنه به يحيي أمرهم ويدخلهم الجنات خالدين فيها على الأبد، وقد رضي الله عنهم بقبول أعمالهم، وأفاض عليهم آثار رحمته العاجلة والآجلة، (وَرَضُوا عَنْهُ)، أي: فرِحوا بما أعطاهم، فهم جنده الفائزون بسعادة الدنيا والآخرة، الكاملون في الفلاح، الذين صار فلاحهم هو الفلاح الكامل، حتى كان كل فلاح لغيرهم بالنسبة إلى فلاحهم كلا فلاح.

فسورة المجادلة تناولت أحكاماً تشريعية كأحكام الظهار والكفارة التي تجب على المظاهر، وحكم التناجي، وآداب المجالس، وتقديم الصدقة عند مناجاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعدم موادة أعداء الله، وغيرها.

عباد الله: هذه بعض معاني سورة المجادلة الإجمالية، ومن أراد الاستزادة ففي كتب التفسير إيضاح وتفسير واسع، فينبغي الرجوع إليها، وأسأل الله أن ينفعنا بما نقول ونسمع، وبما جاء في كتابه الكريم، إنه سميع قريب مجيب الدعاء.

وصلوا وسلموا عباد الله على خاتم رسله نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.