الواحد
كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...
العربية
المؤلف | مسفر بن سعيد بن محمد الزهراني |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | القرآن الكريم وعلومه - التاريخ وتقويم البلدان |
ونبَّهَت إلى اغترار بعض الناس بأموالهم التي جمعوها، وثرواتهم التي كدسوها، وهي لا تنفعهم في القيامة شيئاً، وذكَّرَتْهُم بحكمة الله في توضيحه لعباده طريق الهداية وطريق الضلالة، كما حذرت أهل مكة من عذاب الله وانتقامه ممن كذب بآياته ورسوله، وأنذرتهم من نار حامية تتوهج من شدة حَرِّها، لا يدخلها ولا يذوق سعيرها إلا الكافر الشقي المعرض عن هداية الله ..
الحمدُ للهِ مُقَلِّبِ الليلِ والنهار، خَلَقَ السماوات والأرض بالحقِّ تعالى عمَّا يشركون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صَلَّى اللهُ وسلَّمَ عليه وعلى آله وصحبه ومَن تبِعَهُم وسار على نهجهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها المسلمون: أُوصيكم ونفسي بتقوى الله في السِّرِّ والعلَن، وسنتحدث عن ثلاث سور من كتاب الله الكريم بمشيئة الله تعالى في هذا اليوم الفضيل: الشمس والليل والضحى.
فسورة الشمس مكية، تناولت موضوعين مهمين:
أحدهما: النفس الإنسانية، وما جبَلَهَا الله عليه من الخير والشر، والهدى والضلال.
والثاني: الطغيان، ممثلاً في (ثمود) الذين عقروا الناقة فأهلكهم الله ودمرهم.
وسورة الشمس هي الحادية والتسعون في ترتيب المصحف الشريف، وآياتها خمس عشرة آية، أخرج أحمد وغيره، عن بريدة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في صلاة العشاء: والشمس وضحاها، وأشباهها من السور.
وفي الصحيح من حديث جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لمعاذ: "هلَّا صلَّيْتَ بِـ: سبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى".
وقد أقسم الله سبحانه بأمور من مخلوقاته في هذه السورة أولها الشمس، (وَالشَّمْسِ)، هذه الآية العظيمة من آيات الله، (وَضُحَاهَا) [الشمس:1]، ضحاها: ضوؤها وإشراقها، وأضاف الضحى إلى الشمس لأنه إنما يكون عند ارتفاعها.
(وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا) [2]، أي: تبِعها، وذلك بأن طلع بعد غروبها، وقوله (وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا) [3]، أي: جلَّى الشمس، وذلك أن الشمس عند انبساط النهار تتجلى تمام الانجلاء، فكأنه جلاها، مع أنها التي تبسطه، وقوله: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا) [4]، أي: يغشى الشمس فيذهب بضوئها، فتغيب وتظلم الآفاق.
(وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا) [5]، أي: والسماء وبنيناها بلا عَمَد، (وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا) [6]، أي: بسَطَها، (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا) [7]، أي: خلَقَها وأنشأها وسوى أعضاءها، قال عطاء: يريد جميع ما خلَق من الجن والإنس، (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) [8]، أي: عرفها وأفهمها حالها من الحسَن والقبيح، قال مجاهد: عرَّفَها طريق الفجور والتقوى والطاعة والمعصية.
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) [9]، جواب القسم على الراجح، أي: فاز مَن زكَّى نفسه، وأنماها بالتقوى، فنال كل مطلوب، وظفِر بكل محبوب، وأصل الزكاة: النمو والزيادة. وقوله: (وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) [10]، أي: خسِر مَن أضَلَّها وأغواها، فمعنى دَسَّاها في الآيةِ: أخفاها، ولم يُشْهِرْها بالطاعة والعمل الصالح، وكانت أجواد العرب تنزل بالأمكنة المترفِّعة ليشتهر مكانها عند الوافدين.
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا) [11]، أي: كذَّبَتْ ثمودُ بطغيانها الذي حملهم على التكذيب، والطغيان: مجاوزة الحد في المعاصي، (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا) [12]، أي حين قام أشقى ثمود، وهو قدار بن سالف، فعقر الناقة، ومعنى انبعث: انتدب لعقر الناقة.
(فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا) [13]، يعني: قال لهم رسول الله إليهم صالح -عليه السلام-: ذَرُوا ناقةَ اللهِ وشُرْبَها من الماء! فلا تعقروها، أي: ذروا شربها من النهر فلا تعرضوا لها يوم شربها، فكذبوا بتحذيره إياهم، حيث كان لهم شرب ولها شرب يوم آخر، وهذا معنى: (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا)، أي: عَقَرَهَا الأَشْقَى، وإنما أسند العَقْر إلى الجميع لأنهم رضوا بما فعله، وقال قتادة: إنه لم يعقرها حتى تابعه صغيرهم وكبيرهم، وذكَرهم وأنثاهم.
(فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا) [14]، أي: أهلكهم الله وأطبق عليهم العذاب، وحقيقة الدمدمة تضعيف العذاب وترديده، وعمهم الله بالعذاب فاستوى على صغيرهم وكبيرهم، وقيل: سوَّى الأرض عليهم فجعلهم تحت التراب.
(وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا) [15]، أي: فعَل الله بهم ذلك غير خائف من عاقبة ولا تبِعَة، فالله سبحانه قادر على كل شيء، وقد أقسم الله سبحانه في هذه السورة بسبعة أشياء: بالشمس وضوئها الساطع، وبالقمر إذا أعقبها وهو طالع، ثم بالنهار إذا جلَّى ظلمة الليل بضيائه، وبالليل إذا غطى الكائنات بظلامه، ثم بالقادر الذي أحكم بناء السماء بلا عَمَد، وبالأرض التي بسطها على ماء جمد، وبالنفس البشرية التي كمَّلها الله وزينها بالفضائل والكمالات، أقسم بهذه الأمور على فلاح الإنسان ونجاحه إذا اتقى الله، وعلى شقاوته وخسرانه إذا طغى وتمرد.
أما سورة الليل: فهي السورة الثانية والتسعون في ترتيب المصحف الشريف، وهي إحدى وعشرون آية، وهي مكية عند جمهور المفسرين، وتتحدث عن سعي الإنسان وعمله، وعن كفاحه ونضاله في هذه الحياة، ثم نهايته إلى النعيم أو إلى الجحيم في الآخرة، ووضحت سبيل السعادة والنجاة، وسبيل الشقاء والهلاك.
ونبَّهَت إلى اغترار بعض الناس بأموالهم التي جمعوها، وثرواتهم التي كدسوها، وهي لا تنفعهم في القيامة شيئاً، وذكَّرَتْهُم بحكمة الله في توضيحه لعباده طريق الهداية وطريق الضلالة، كما حذرت أهل مكة من عذاب الله وانتقامه ممن كذب بآياته ورسوله، وأنذرتهم من نار حامية تتوهج من شدة حَرِّها، لا يدخلها ولا يذوق سعيرها إلا الكافر الشقي المعرض عن هداية الله.
وختمت السورة بذكر نموذج المؤمن الصالح الذي ينفق ماله في وجوه الخير ليزكي نفسه، ويصونها من عذاب الله، وضربت المثل بأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- حين اشترى بلالا وأعتقه في سبيل الله.
وبدأت بقسم الله سبحانه: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى) [الليل:1]، أي: يُغَطِّي بظلمته ما كان مضيئاً، (وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى) [2]، أي: ظهَرَ وانكشف ووضح؛ لزوال الظلمة التي كانت في الليل، وذلك بطلوع الشمس، (وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى) [3]، أي: والذي خلق صنف الذكر والأنثى، ويدل على العموم.
(إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) [4]، هذا جواب القَسَم، أي: إن عملكم لَمُخْتَلِفٌ فمنه عمل لِلْجَنَّةِ، ومنه عمل للنار. قال جمهور المـُفَسِّرِين: السعي: العمل، فساعٍ في فكاك نفسه، وساع في عطبها، وشتى: جمع شتيت، وقيل للمختلف: شتَّى؛ لتباعد ما بيه بعضه وبعض.
(فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى) [5]، أي: بذل ماله في وجوه الخير، واتقى محارم الله التي نهى عنها، (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى) [6]، أي: بالخلف من الله، وقيل: الحسنى لا إله إلا الله، (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى) [7]، أي: فسنهيئه للخصلة الحسنى، وهي عمل الخير. والمعنى: فَسَنُيَسِّرُ له الإنفاق في سبيل الخير، والعمل بطاعة الله.
(وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى) [8]، أي: بخل بماله فلم يبذله في سبيل الخير، وزهد في الأجر والثواب، أو استغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الآخرة، (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى) [9]، أي: كذَّب بالخلف من الله -عز وجل-، أو بالْجَنَّة، (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى) [10]، أي: فسنُهَيِّئُه للخَصْلةِ العُسرى، ونسهلها له، حتى تتعسر عليه أسباب الخير والصلاح، ويضعف عن فعلها، فيؤدي ذلك به إلى النار.
(وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى) [11]، أي: لا يغني عنه شيئاً مالُه الذي بخِل به، أو أي شيء يغني عنه إذا هلك. (إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى) [12]، أي: إن علينا البيان بتبيين طريق الهدى من طريق الضلالة، (وَإِنَّ لَنَا لَلْآَخِرَةَ وَالْأُولَى) [13]، أي: إن لنا كل ما في الآخرة وكل ما في الدنيا، ونتصرف به كيف نشاء، فمن أرادهما أو أحدهما فلْيَطْلُبْ ذلك من الله -عز وجل-.
(فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى) [14]، أي: حذَّرْتُكُم وخوَّفْتُكُم ناراً تتَوقَّد وتتوهَّج، (لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى) [15]، أي: لا يصلاها صليا لازما على جهة الخلود إلا الأشقى، وهو الكافر، وإن صَلِيَها غيره من العصاة، فليس صليه كصليه. والمراد بقوله يصلاها: يدخلها، أو يجد صلاها، وهو حَرُّها.
ثم وصف الأشقى فقال: (الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) [16]، أي: كذَّب بالحق الذي جاءت به الرسل، وأعرض عن الطاعة والإيمان، (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) [17]، أي: سيُباعَد عن النار المتَّقِي للكفر اتِّقَاءً بالغاً، (الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى) [18]، أي: يصرف ماله في وجوه الخير، يطلب أن يكون عند الله زكياً، لا يطلب رياء ولا سمعة.
(وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى) [19]، أي: ليس ممن يتصدق بماله ليجازِي بصدقةٍ نعمةً لأحد من الناس عنده، ويكافؤه عليها، وإنما يبتغي بصدقته وجه الله تعال.ى ومعنى الآية: إنه ليس لأحَدٍ من الناس عنده نعمة من شأنها أن يجازيه عليها حتى يقصد بإيتاء ما يؤتي من ماله مجازاتها.
(إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى) [20]، أي: ليس له غاية إلا مرضاة الله، (وَلَسَوْفَ يَرْضَى) [21]، أي: وتالله! سوف يرضى بما يعطيه الله سبحانه من الكرامة والجزاء العظيم!.
عباد الله: هذه لمحة عن معاني سورة الشمس وسورة الليل، أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن نعمل بما نتعلم، وأن ينفعنا الله بهدي كتابه الكريم، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله مُنزل القرآن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، اللهم صَلِّ وَسَلِّمْ عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومَن تبِعَهُم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد: عباد الله، سورة الضحى هي السورة الثالثة والتسعون في ترتيب المصحف الشريف، وهي إحدى عشرة آية، وهي مكية بلا خلاف.
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن جندب البجلي قال: اشتكى النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يقم ليلتين أو ثلاثاً، فأنزل الله: (وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) [الضحى:1-3].
كما أخرج الطبراني عن جندب قال: احتبس جبريل -عليه السلام- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال بعض بنات عمه: ما أرى صاحبَك إلا قد قلاك. فنزلت (وَالضُّحَى).
وقد أقسم الله بـ (الضحى)، وأراد به النهار كله، (وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى)، أي: إذا سكن الليل وغطى بالظلمة، (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى)، هذا جواب القسم، أي: ما قطعك الله قطْع المودِّع، والقِلَي: البغض، أي: وما يُبْغِضُكَ رَبُّك.
(وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى) [4]، أي: الجنة خير لك من الدنيا، مع أنه -صلى الله عليه وسلم- قد أوتي من شرف النبوة ما يصغر عنده كل شرف، ويتضاءل بالنسبة إليه كل مكرمة في الدنيا، ولكن، لما كانت الدنيا بأسرها مشوبة بالأكدار، منغصة بالعوارض البشرية، وكانت الحياة فيها كأحلام نائم، أو ظل زائل، لم تكن بالنسبة إلى الآخرة شيئاً، ولما كانت الدنيا طريقاً إلى الآخرة، وسبباً لنيل ما أعده الله لعباده الصالحين من الخير العظيم بما يفعلونه فيها من الأفعال الموجبة للفوز بالجنة؛ كان فيها خير من هذه الحيثية.
(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) [5]، أي: ولسوف يعطيك ربك الفتح في الدنيا، والثواب في الآخرة، فترضى.
ثم شرع الله في تعداد ما مَنَّ به عليه من النعم فقال: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى) [6]، أي: وجدك يتيماً لا أب لك، فجعل لك مأوىً تأوي إليه، (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى) [7]، الضلال هنا بمعنى الغفلة، أي: وجدك غافلاً عما يُراد بك من أمر النبوة، (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى) [8]، أي: وجدك فقيراً لا مال عندك فأغناك.
ثم أوصاه الله سبحانه بعد ذلك باليتامى والفقراء فقال: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ) [9]، أي: لا تقهر اليتيم الذي لا أب له بأي وجه من وجوه القهر، كائنا مَن كان، ولا تحقره، ولا تتسلط عليه بالظلم.
(وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ) [10]، أي: إذا سألك فقير فلا تنهره، ولا تزجره، ولا تغلظ عليه، ولا تجفوه، (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) [11]، أمر الله سبحانه رسوله -صلى الله عليه وسلم- بالتحدث بنعم الله عليه، وإظهارها للناس، وإشهارها بينهم.
فقد أنعم الله عليه بالنبوة، ونزول القرآن، ونعم كثيرة أخرى؛ وأنعم الله علينا برسالته، وبدينه الحق الذي جاء به، دين الإسلام، فيجب أن نتحدث عن هذه النعم التي أنعم الله بها علينا.
فسورة الضحى في مجملها تناولت شخصية النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما حباه الله به من الفضل والإنعام في الدنيا والآخرة؛ ليشكر الله على تلك النعم الجليلة.
بدأت بأن أقسم الله سبحانه بأنه لم يهجره ولم يبغضه كما زعم المشركون، بل هو عند الله عظيم الشأن والمكانة، ثم بشرته بالعطاء الجزيل في الآخرة، وما أعده الله تعالى له من أنواع الكرامات، ومنها الشفاعة العظمى.
ثم ذكرته -صلى الله عليه وسلم- بما كان عليه في الصغر من اليتم، والفقر والفاقة، وعدم الاهتداء إلى الدين، فآواه ربه وأغناه، وأحاطه بعنايته.
ثم أوصاه الله سبحانه بوصايا ثلاث: العطف على اليتيم، وأن يرحم المحتاج ويمسح دمعة البائس المسكين، ويتحدث بنعم الله عليه.
عباد الله: تحدثوا بنعم الله عليكم حيث من عليكم بنعم كثيرة منها ما ذكرنا ومنها ما لم نذكر وأسأل الله أن يرزقنا شكرها وأن يديمها علينا، إنه سميع قريب مجيب الدعاء.
وصلُّوا وسلِّموا -عباد الله- على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.