البحث

عبارات مقترحة:

المجيد

كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

العدل (2)

العربية

المؤلف عبد العزيز بن عبد الله السويدان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - المنجيات
عناصر الخطبة
  1. مجيء الشريعة بغاية العدل .
  2. صورتان للظلم: التعميم والربا .
  3. وجوب الاهتمام الجاد المتواصل بالعدل .
  4. حرب المخدرات. .

اقتباس

يجب أن نولي للعدل أكبر أهمية في حياتنا، وإن كان ذلك شاقا أحيانا في المتابعة؛ لأن العدل مسؤول عنه الجميع في كل نشاطات الحياة، العدل ليس فريضة بعينها يؤديها المسلم كالصلاة مثلا أو صوم رمضان ثم تنتهي، لا! العدل عقيدة وسلوك وميزان يضفيه المسلم على كل موقف يتخذه أن يكون موقفه موقفا عادلا، ويضفيه على كل حركة قام بها، وكل كلمة تلفظ بها قدر استطاعته طوال حياته ..

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

عدل الإسلام، كيف كان يوما ما سببا من أسباب هداية الناس؟ العدل له أثره، له قيمته، في مسند الإمام بسند صحيح، عن عبد الله بن عباس قال: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِفِنَاءِ بَيْتِهِ بِمَكَّةَ جَالِسًا، إِذْ مَرَّ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فَكَشَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لَهُ: "أَلَا تَجْلِسُ؟"، فَقَالَ: بَلَى، فَجَلَسَ إِلَيْهِ مُسْتَقْبِلَهُ.

فَبَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّثُهُ إِذْ شَخَصَ بَصَرُهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَنَظَرَ سَاعَةً وَأَخَذَ يَضَعُ بَصَرَهُ حَتَّى وَضَعَ عَلَى يَمِينِهِ فِي الأَرْضِ، ثُمَّ تَحَرَّفَ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ جَلِيسِهِ عُثْمَانَ إِلَى حَيْثُ وَضَعَ بَصَرَهُ، فَأَخَذَ يُنْغِضُ رَأْسَهُ كَأَنَّهُ يَسْتَفْقِهُ مَا يُقَالُ لَهُ -يحرك رأسه إلى فوق وإلى أسفل منصتا يحاول الفهم وابن مظعون ينظر- ثُمَّ شَخَصَ بَصَرُهُ إِلَى السَّمَاءِ كَمَا شَخَصَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَأَتْبَعَهُ بَصَرَهُ حَتَّى تَوَارَى فِي السَّمَاءِ.

وَأَقْبَلَ عَلَى عُثْمَانَ كَجَلْسَتِهِ الأُولَى -التفت إلى عثمان من جديد- فَقَالَ عثمان: يَا مُحَمَّدُ، فِيمَا كُنْتُ أُجَالِسُكُ وَآتِيكَ مَا رَأَيْتُكَ تَفْعَلَ فَعْلَتَكَ الْغَدَاةِ! قَالَ: "وَمَا رَأَيْتَنِي فَعَلْتُ؟" قَالَ: رَأَيْتُكَ شَخَصَ بَصَرُكَ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ وَضَعْتُهُ حَتَّى وَضَعْتَهُ عَلَى يَمِينِكَ، فَتَحَرَّفْتَ إِلَيْهِ وَتَرَكْتَنِي، فَأَخَذْتَ تَنْغِضُ رَأْسَكَ كَأَنَّكَ تَسْتَفْقِه شَيْئًا يُقَالُ لَكَ.

قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "أَوَفَطِنْتَ إِلَى ذَلِكَ؟" قَالَ عُثْمَانَ: نَعَمْ، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَسَلَّمَ آنِفًا وَأَنْتَ جَالِسٌ... قَالَ: فَمَاذَا قَالَ لَكَ؟ قَالَ: "قَالَ لِي: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النحل:9]".

في مكة يأمر الله -عز وجل- رسوله بالعدل، وينزل عليه آيات في العدل، إن الله يأمر أولا بالعدل، قال عثمان: فذلك حين استقر الإيمان في قلبي وأحببت محمدا صلى الله عليه وسلم-، إن الله يأمر بالعدل، وبالعدل ينتشر الإسلام.

وقف ربعي بن عامر شامخا وقال: الله ابتعتنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمَن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبي قاتلناه حتى نفضي إلى موعود الله، قالوا: وما وموعود الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي.

فعدالة الإسلام عدالة ربانية محكمة لا تخضع لأهواء البشر، ولا تمالي أحدا، يقول ابن القيم -رحمه الله-: "ومَن له ذوق في الشريعة واطلاع على كمالاتها وتضمنها لغاية مصالح العباد في المعاش والمعاد، ومجيئها بغاية العدل الذي يفصل بين الخلائق؛ تبين له أن السياسة العادلة جزء من أجزائها".

الشريعة؛ السياسة العادلة جزء من أجزائها، وفرع من فروعها، ومَن له معرفة بمقاصدها ووضْعها وحسُن فهمُه فيها لم يحتج معها إلى سياسة غيرها البتة؛ فإن السياسة نوعان: سياسة ظالمة, والشريعة تحرمها، وسياسة عادلة تخرج الحق من الظالم الفاجر، فهي من الشريعة، علمها من علمها وجهلها من جهلها.

فإذا مكنك الله من رياسة أو استخدام لضعيف إيمان أو لأحد من غير المسلمين، عامل، سائق، فاحتسب الإنصاف، وادعُ إلى الله بالعدل، واعلم أن عدلك معه في التعامل أو في الوفاء بأجرته أو بأي حق من حقوقه هو في الحقيقة دعوة له للإسلام، أو زيادة لإيمانه إن كان محسنا.

أيها الإخوة: إن العدل يتخذ صوراً أخرى غير مُنتبَهٍ إليها، فإن من العادات السيئة التي تشيع بين الناس ما يسمى بالتعميم، فما إن يُتهم -مثَلا- متدينٌ في أمانته -بصرف النظر عن مدى صدق تدينه- إلا وشاع التعميم: كُلُّ متدينٍ محتال! وإنما يتظاهر بالتدين لتحقيق أغراضه، فيأخذون الجميع بجريرة واحد أو اثنين أو قلة قليلة فوق ذلك.

وقد صرح القرآن بأهمية العدل في هذا بقوله: (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [الأنعام:164]، وقل مثل ذلك لو أخطأ رجل من جنسية معينة، ترى الذين يعممون فيجعلون من هذه الجنسية بالذات علامة ثابت لمثل ذلك الخطأ، فكل عراقي كذا... وكل مصري كذا... وكل فلسطيني كذا... فالتعميم ظاهرة ظالمة مخالفة للعدل.

استمعوا إلى القرآن كيف يعلمنا الإنصاف والعدل حتى مع ألد أعدائنا، قال تعالى في اليهود: (وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الأعراف:162].

ما كلهم دون ذلك، منهم الصالحون ومنهم دون ذلك، أي من أولئك اليهود من آمن بالرسول -صلى الله عليه وسلم- ومنهم من بقي على كفره، فليس كل اليهود شيئا واحدًا.

وقال تعالى: (لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) [آل عمران:113-114].

ليسوا سواءً! لا تعميم، يريد الله إنصافهم، فمِن اليهود مَن كانوا موحِّدين قبل بعثة عيسى -عليه السلام-.

وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في دعائه في القنوت: "اللهم اللعن كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، ويقاتلون أولياءك"، فقيد الدعاء بمن كانت تلك أفعالهم من الكفار، "يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، ويقاتلون أوليائك"، فانتفى الدعاء عن غيرهم. فالتعميم الخطأ وجعْل الناس شيئا واحدا المخطئ منهم والمصيب ليس من العدل.

معاشر المسلمين: إن من الظلم والبخس المعلن "الربا"، الربا سبب المحق، الربا سبب الكراهية والحقد، والربا سبب رئيس من أسباب الانهيار الذي يعاني منه الاقتصاد العالمي اليوم، لماذا؟ لأن الربا لا يقوم على العدل، وأي شيء لا يقوم على العدل فمآله المــَحْق والخسران، ولو بعد حين.

يقول الله تعالى مبينا ظلم الربا، وعلاج ذلك الظلم: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [البقرة:278]، ثم قال تعالى في الآية التي بعدها: (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) [البقرة:279]. كُفَّ عن الظلم سواء كان منك أو إليك، لك رأس المال فقط أما الربح فليس لك.

إذاً؛ فالعدل مقصد من مقاصد الإسلام في كل شأن، ومع كل مخلوق، يقول الله تعالى آمراً رسوله أن يبلغ الناس: (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) [الشورى:15]، هذا أمر من الله تعالى؛ (وأُمرت)، أي: أمرني الله -عز وجل- لأنْ أعدل بينكم.

أيها الأخوة: يجب أن نولي للعدل أكبر أهمية في حياتنا، وإن كان ذلك شاقا أحيانا في المتابعة؛ لأن العدل مسؤول عنه الجميع في كل نشاطات الحياة، العدل ليس فريضة بعينها يؤديها المسلم كالصلاة مثلا أو صوم رمضان ثم تنتهي، لا! العدل عقيدة وسلوك وميزان يضفيه المسلم على كل موقف يتخذه أن يكون موقفه موقفا عادلا، ويضفيه على كل حركة قام بها، وكل كلمة تلفظ بها قدر استطاعته طوال حياته.

ومَن اعتنى بذلك بارك الله في حياته، ووفقه لأحسن حال؛ ولذا وفَّقَ اللهُ أصحمةَ نجاشيَّ الحبشةِ للإسلام، فعدلُهُ أنقذه من الشرك؛ أسأل الله تعالى أن ييسر لقصته موعدا...

الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد: فيقول الله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) [الإسراء:7].

إن من تكريم الله لابن أدم امتيازه عن غيره بالعقل، فالعقل جوهرة ثمينة يحوطها العقلاء بالرعاية والحماية، وإذا ما فقد الإنسان عقله لم يفرق بينه وبين سائر الحيوانات والجمادات؛ بل ربما فاقه الحيوان بعلة الانتفاع، ومن فقد عقله لا نفع فيه ولا ينتفع به؛ بل هو عالة على أهله ومجتمعه.

هذا العقل السليم الذي هو مناط التكليف يوجد في الناس من لا يعتني بأمره ولا يحفظه ولا يحميه، بل هناك من يضعه تحت قدميه من أجل شهوته، كل هذا يبدو ظاهرا جليلا في مثل كأس خمر، أو جرعة مخدر، أو استنشاق مسكر يفقد الإنسان عقله فينسلخ من عالم الإنسانية والكرامة ليتقمص شخصية السفاهة والخبل، وأحيانا شخصية الإجرام والفاحشة؛ فالسكران ينسى ربه، ويظلم نفسه، ويفقد مروءته وكرامته، ويهيم على وجهه، وقد يجني على أهله إذا فقد عقله.

إن أمّة لا تحافظ على عقول أبنائها لَأمّة ضائعة، فماذا فعل السُكر -أيها الإخوة- بأهل الجاهلية؟ هل أعاد لهم مجدا تليدا، أو وطنا سليبا؟.

يقول -صلى الله عليه وسلم- في رحلة المعراج: "وأُتيت بإناءين أحدهما لبن والآخر خمر، فقيل لي: خذ أيهما شئت، فأخذت اللبن فشربتُه، فقيل لي: هُدِيتَ للفطرة -أو أصبت الفطرة- لو أنك أخذت الخمر لغوت امتك"، الله أكبر!.

إن قول جبريل -عليه السلام- يؤكد أن الأمة المسلمة الحقة لا يمكن أن تتبع شارب الخمر حتى ولو كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحاشاه عن ذلك! بأبي هو وأمي صلوات الله وسلمه عليه.

أيها المسلمون: لا ينفك أعداء الدين من دعاة الشر ومروجي الرذيلة لا ينفكون يطرقون إلى الفتنة كل باب، ويسلكون إلى الإفساد كل طريق، همُّهم تجريد الأمة من دينها، وإضعاف العقيدة في قلوب أبنائها، إنهم يسعون لإفساد سلوك أبنائها وتحطيم أخلاقهم وجعل المجتمع الإسلامي مسخا مشوها لا يكاد يمت لدينه الحنيف بصلة.

وبين فينة وأخرى نسمع بأنباء عن ضبط الأجهزة الأمنية لمهربين، والإيقاع بشبكة مروجين مفسدين كانوا يعدون عدتهم لدخول هذه البلاد بشر ما يجدون من أنواع المخدرات والمسكرات.

لقد أضحت حرب المخدرات من أخطر أنواع الحروب المعاصرة، يدرك ذلك من وقف في الميدان واقترب في المعترك، سواء من رجال الأمن ومكافحة المخدرات أو من العاملين في جمعيات المكافحة الخيرية وأطباء المستشفيات.

بل ويشعر بضراوة تلك الحرب وشراستها كل من يسمع بالكميات الهائلة والأنواع الكثيرة التي تحبط عمليات إدخالها إلى بلادنا، فضلا عن تلك التي تروج وتنتشر ويقع ضحية لها فئات من المجتمع.

وإنه، ومع ما سنَّتْهُ هذه البلاد من عقوبات رادعة، وجزاءات زاجرة، فإن هذا الطوفان المدمر ليسرع في زحفه إلى البيوت، ويقتحم المدارس والجامعات، وتشكو آثاره المصانع والمعامل، بل ولم تسلم منه حتى بعض الدوائر الحكومية والأجهزة الرسمية، مما يستدعي منا مواطنين ومسؤولين وأولياء ومربين أن نكون على وعي بحقائق الأمور، وإدراك لحجم هذا الخطر.

لابد من تنمية الرقابة الذاتية في قلوب الناس عامة، وغرسها في أفئدة الناشئة والشباب خاصة، وتسليحهم بالإيمان، الإيمان بالله والخوف منه -سبحانه-، وتقريرهم بنعمه ليحمدوه ويشكروه، لابد من تكثيف التوعية بخطر المسكرات والمخدرات على الدين والأخلاق، ونشر الوعي بأضرارها على العقول، وشدة فتكها بالأجساد.

لابد من ملء أوقات الشباب بما ينفعهم وينفع مجتمعهم؛ فإنه لا أفسد للعقول من الفراغ! والنفوس لابد أن تشغل بالحق، وإلا سد أهل الشر فراغها بباطلهم.
كيف تنام أعين بعض الآباء وترتاح قلوبهم وأبنائهم يقضون معظم أوقاتهم خارج البيوت بعيداً عن رقابتهم، ولا هم حتى يسألون ولا هم يراقبون؟!.

أيها الأخوة: إن أمانة التربية ثقيلة، وإن واجب الأبوة كبير، وإن الله سائل كلا عن أمانته ومحاسبه عن واجبه.

أسأل الله تعالى أن يحفظنا ويحفظ أبناءنا وبناتنا.

اللهم آمنا في أوطننا، وأصْلِحْ أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.