البحث

عبارات مقترحة:

القدير

كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...

الوتر

كلمة (الوِتر) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، ومعناها الفرد،...

الحفيظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...

مقومات الحياة الزوجية

العربية

المؤلف عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. أسس بناء العلاقة الزوجية في الإسلام .
  2. مقومات استقامة الحياة الزوجية .
  3. حق الزوج على زوجته .
  4. حق المرأة على زوجها .
  5. الحلول عند نزاع الزوجين .
  6. نداء للأزواج والزوجات .
  7. نصيحة للآباء والقضاة وأصدقاء الزوجين .

اقتباس

حرص الإسلام على بناء العلاقة الزوجية على أسس من الرحمة والمودة والعدل والإحسان، ومعرفة كل من الزوجين بالحق الذي له وبالحق الذي عليه نحو الآخر، وإذا تحققت هذه الأشياء في الأسرة المسلمة فإن أفرادها يعيشون سعادةً وخيراً... وقد وضع الإسلام مقومات لاستقامة الحياة الزوجية ..

إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ؛ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل؛ فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين.

أمَّا بعد:

فيا أيُّها الناسَ: اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى.

عباد الله: حرص الإسلام على بناء العلاقة الزوجية على أسس من الرحمة والمودة والعدل والإحسان، ومعرفة كل من الزوجين بالحق الذي له وبالحق الذي عليه نحو الآخر، وإذا تحققت هذه الأشياء في الأسرة المسلمة فإن أفرادها يعيشون سعادةً وخيراً.

وقد وضع الإسلام مقومات لاستقامة الحياة الزوجية، فـأول ذلك: اختيار المرأة الصالحة فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن تفاوت الناس في المرأة وفي موصفات المرأة فقال: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا، وَلجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»، ثم وضع مقوم آخر وهو أن جعل على الزوج حقًّا نحو امرأته، وعلى الزوجة حقًّا نحو زوجها، وذلك لانتظام الحياة الزوجية؛ فإن هذه الحقوق إذا قام كل من الزوجين صارت الحياة الزوجية حياة سعادة وهناء، ولذا قال الله جلَّ وعلا مبيناً هذه الحقوق بأجود آية: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة: 228].

فهناك حقوق للزوج على المرأة، وهناك حقوق للمرأة على الزوج.. فمن حق الزوج على امرأته أن تطيعه فيما أمرها في المعروف قال جلَّ وعلا: (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) [النساء: 34].

وهذه الطاعة في المعروف كما قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ»، ومن حقيه عليها إجابته للاستمتاع المشروع كما قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى الفِرَاشِ فَلَمْ تُجَب، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ»، ومن حقيه عليها صيانة عرضه وفراشه يقول الله جلَّ وعلا: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) [النساء: 34] ويقول صلى الله عليه وسلم: «خَيْرَ مَا يَكْنِزه الْمَرْءُ: الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ؛ إِن نَظَرَ إِلَيْهَا أسَرَّتْهُ، وَإِن أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِن غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ في نفسها وماله».

ومن حقه عليها أن لا تأذن لدخول بيت زوجها لأحد إلا بإذنه، ومن علمت كراهيته لأحد فلا تأذن له؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال: «وَلاَ يَأْذَنَّ لبُيُوتِكُن من تَكْرَهُ»، ومن حقيه عليها حفظ ماله ولا تنفق منه إلا بإذنه؛ لأنها مؤتمنة على هذا المال فلا تنفقه منه إلا بإذنه.

ومن حقه عليها تربية الأولاد من بنين وبنات، والإشراف على البيت فإنه صلى الله عليه وسلم قال: «الْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا»، ومن حق الزوج على امرأته أيضا بقاءها في المنزل وعدم الخروج إلا بإذنه فينبغي لها الانقياد والسمع والطاعة لذلك، ومن حقه عليها أن لا تصوم تتطوعاً إلا بإذنه إن كان حاضرًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: "نهى أن تصوم المرأة وزوجها شاهد إلا بإذنه".

ومن حقه عليها أيضاً حفظ أسرار الزوجية يقول صلى الله عليه وسلم: «تجدون أشر الناس يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة، والمرأة تفضي إلى الرجل، ثم يصبح ينشر سرها ويفضحها» وهذا كله من الخطأ، ومن حقه عليها أن لا تستطيل عليه بلسانه سباباً وشتاماً وانتقاصا جاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا آذت المْرَأَةٌ زَوْجَهَا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ قَاتَلَكِ اللَّهُ لاَ تُؤْذِيهِ، إِنَّمَا هُوَ دَخِيلٌ عِنْدَكِ يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا».

أما المرأة المسلمة فلها على الزوج حقوق يجب عليه أن يقوم بها فأول ذلك: استيفاء الصداق كاملا: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) [النساء: 4]، وثانيا: الإنفاق عليها بالمعروف على قدر استطاعته وإمكانيته، يقول الله جلَّ وعلا: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا) [الطلاق: 7].

وبيَّن صلى الله عليه وسلم أن النفقة على المرأة أفضل النفقات فقال: «دِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ أَعْظَمُهَا أَجْرًا ما أَنْفَقْتَ عَلَى أَهْلِكِ»، وقال لسعد بن أبي وقاص: «إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى اللَّقْمَةَ تضعها فِي فِي امْرَأَتِكَ».

وحذر صلى الله عليه وسلم من التقتير في الإنفاق على المرأة، فقال: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يعول»، ومن حق المرأة أيضاً على زوجها أن يوجهها ويسعى في إصلاحها وتحذيرها من كل أمر يخالف شرع الله فهو أمانة في عنقه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً) [التحريم: 6].

ومن حقها عليه أن يكون ذا غيرةٍ عليها غيرة أمينة بأن يحذرها من أماكن السوء والريبة، ويرشدها بترك ما قد يتعلق الفساق والأراذل من أقوال أو نظرات سيئة مشبوهة، فإن غيرته عليها تقتضي حمايتها وإرشادها لكل خير وإبعادها عن أماكن السوء والريبة حفظ الله الجميع بحفظه، ومن حقه عليها العدل بين الزوجات عند التعدد يقول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ يَمِيلُ لإِحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وشِقَّه مَائِلٌ»، ومن حقه عليها أن لا يستغل قوامته وآليته فيظلمها فإن الظلم حرام: «اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

أيها المسلم: وقد أرشد الإسلام الزوجين للتعامل بالمعروف والرحمة والمودة من كليهما للآخر قال جلَّ وعلا: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21].

ومن مقومات الحياة الزوجية المداراة من الرجل للمرأة والصبر عليها يقول صلى الله عليه وسلم: «الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ أعوج لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَكَسْرُهَا طَلاَقُهَا»، فالصبر على ما يصدر منها من طيش أو غضب مطلوب من الزوج.

ولقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم أعظم الناس صبراً وتحملاً على ما يصدر من نسائه عليه صلوات الله وسلامه عليه، كانت الواحد منهم ربما هاجرته يوماً كاملا وإذا قال كلامًا ناقشته في كلمة، فيصبر عليها، ويحتسب يقول لعائشة: «إني لأعلم اليوم الذي أنت عني فيه راضية واليوم الذي ليس كذلك»، قالت: وما ذاك؟ قال: «إن كنت راضيةً قلت: ورب محمد، وإن كنت غير راضية قلت: ورب إبراهيم»، قالت: والذي بعثك بالحق لا أهجر إلا اسمك رضي الله عنها وأرضاها. فالصبر على المرأة في الحدود المعقولة مطلوب من الزوج فإن العتاب على كل دقائق الأمور لا يمكن أن تستقيم معه الحال.

وقد أرشد الله الأمة عند نزاع الزوجين إلى الاستعمال الأمور التالية: موعظة الزوجة وتذكيرها بالله وتخويفها من عقوبته (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ) [النساء: 34]، ثانيًا: هجرها في الفراش لعلها أن ترتدع، ثالثًا: الأدب الذي يكون به الردع من غير ضرر، هكذا جاء الإسلام بهذه النصائح القيمة: (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) [النساء: 34].

أيُّها المسلم: إن العلاقة بين الزوجين لا يمكن أن تستقيم إلا إذا عرف كل من الزوجين الحق الذي له، والحق الذي عليه، وأداء كلّ لواجبه المشروع، فإن هذا عنوان استقامة الحياة الزوجية، وإنما نسمع من كثرة الطلاق والتفرق إنما نتيجة للاستعجال والطيش والغضب وعدم تحمل بعض الرجال إلى بعض الأشياء اليسيرة، وتدخل الأهالي الزوجين أحيانًا في تأجيج الفتنة والتفرقة بين الزوجين وعدم المبالاة وعدم المراعاة النتائج ومآلات الأمور، فلنتق الله في أنفسنا ولنتعامل مع زوجاتنا المعاملة الشرعية التي تكمل الحياة الزوجية المطمئنة التي يعيش الأولاد في ظلها بالتئام وتعاون وتساعد.

أسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، والله يقول: (وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [النساء: 128].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقولٌ قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفورٌ الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.

أما بعدُ: فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى، أيها الزوج الكريم، أيتها الزوجة الكريمة، اتقوا الله في أنفسكم في أسرتكم، فاحذروا النزاع والشقاق لا تهدموا الأسرة، ولا تشتتوا شملها، ولا تفرقوا أفرادها، ولا تحرصوا على تأصيل الخلاف والنزاع، عالجوا القضايا فيما بينكم قبل أن يتدخل أحد من أهل الرجل أو أهل المرأة بالنزاع، اجعلوا الخلاف إن حصل خلافاً محدوداً غير متطور ضيق الأفق؛ حتى تستطيع أن تحيى حياةً سعيدة، ليقوم كل بواجبه نحو صاحبه، وليتغاضى بعضكم عن بعض في الأمور التي لا تخل بالشرف والدين، فإن ذلك خير وأولا.

أيها الأب، أيها الأم، أيها الآباء والأمهات لكلا الزوجين، اتقوا الله في أنفسكم، واسعوا في تحقيق الحياة الزوجية لأبنائكم وبناتكم واستمرارها بأن تبذلوا الجهود في تضييق شُقة الخلاف والتقريب بين الزوجين، وعدم السماع النقد من كلهما، لا تصغوا إلى الأقوال الذي ينقلها بعض الناس، احرصا على أن توفرا للأبناء والبنات الحياة الزوجية، ولا تكونا مصدر خلاف ومشاكل كونوا مصدر رحمة وتقارب وإصلاح: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [النساء: 128]، (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) [الأنفال: 1].

أيها الأب، أيتها الأم، احرصا جميعاً على تضييق شقة النزاع، ولا تفرضا آرائكم الشخصية في حياتهم الخاصة إنما هي اجتهاد وآراء ليكون حرصك الأب والأم على إصلاح الأحوال، عندما تشتكي الفتاة من زوجها فإن أباها وأمها ينبغي أن لا يصغيا لهذه الشكوى، وأن يحرصا على تقليلها ومناقشتها وحمل المرأة على الصبر ما دام الصبر ممكنًا، وما دام الأمر لا يخل بشرف ودين، ثم الزوج ينبغي أيضًا أن يرشده ويحثُه على الصبر والتحمل ومناقشة القضية قبل الترافع للمحاكم فإن ترافعها للقضاء قد يوصل للخلاف ويوسع شقة النزاع وهذا أمر أن تدركه قبل ذلك كان الأفضل والأولى.

أيها القاضي المسلم: عند ترافع الزوجين فإن المطلوب الإصلاح قدر الاستطاعة وتضييق شقة النزاع والبحث عن أصول هذا الخلاف، فلو بحثت عن أصول هذا الخلاف أحيانًا لوجدت أمور وترهات لا حقائق لها، ولكن حماقة بعض الرجال وسوء تربية بعض الفتيات ربما يؤصل هذا الشر، فلنحرص على تضيق شقة النزاع ولا نفرح بالطلاق والتفرق نفرح بجمع الأسرة وتوحيدها، نفرح باجتماع الزوجين ليعيش الأولاد في ظل الأب والأم في آمان ورخاء.

احذر أيها الزوج المسلم أن تثير مشاكلك مع امرأتك أمام الأطفال من بنين وبنات، احذر أن تثير النزاع بينك وبين امرأتك أو تناقشها علنًا عند أولادها، فيتأصل في نفوسهم إما بغض لأمهم واحتقار لها أو كراهية لك واستخفاف بأمرك، احرص على أن تكون المشاكل ومناقشة المشاكل فيما بينك وبينها بعيدًا عن سماع الأبناء والبنات لهذه المشاكل والنزاعات.

احرص أيها الزوج على عفة لسانك فإن الكلام البذيء لا خير فيه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تُقَبِّحْ وَلاَ تَضْرِبِ الوَجْهَ»، نهى عن الكلام السيئ، فبعض الرجل يطلق على المرأة كلاما سيئاً قبيحاً ينقدها فيه أو يسب أباها أو أمها أو أسرتها أو يقول أقوالاً مفترةً كذب أو أموراً يحمله عليه الشكوك والوساوس والأوهام عند بعض الرجال، فالشكوك عند بعضهم والوساوس السيئة يحمله على أن يتلفظ بألفاظ سيئة قبيحة جارحة تبغض هذا الزوج والحياة معه لسوء مقالاته السيئة التي لا خير فيها، أمسك لسانك وتأدب في ألفاظك، وإياك أن تطغى بك لسانك فتقول أقولاً بذيئة سيئة.

وأنت أيتها الفتاة المسلمة: اتقي الله أيضاً ولاحظي الأمور وإياك وأماكن الغيبة والأمور الذي تخل بالعرض والدين تأدبي بآداب الإسلام وأطيعي الزوج في حدود الشرع، فالزوجان عليهما واجب أن يقوم كل بما يوجب عليه، فالزوج يتقي الله ويعاملها بالمعروف، ويبتعد عن الكلام البذيء، والسهرات الطويلة التي لا خير فيها والحياة مع بعض الشلل والزملاء التي يمضي معظم الليل وهو بعيد عن امرأته وعن أمرها وعن بيتها يعيش مع زملائه وشلته في ضحك وانبساط والمرأة لا يدري عن حاجاتها ولا ما تريد ولا ما تبتغيه هذا كله خطأ، فالبيت أمانة في عنق الرجل والأولاد أمانة في عنقه فليتقي الله في ذلك، على الجميع تقوى الله، وعلى الجميع الإصلاح، وإمساك اللسان عن الكلمات البذيئة الجارحة التي لا خير فيها: «فمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ»، وعلى المجتمع المسلم التعاون فيما بين الجميع والسعي في الإصلاح والتوفيق، نسأل الله أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ويستر عوراتنا ويمح زلاتنا ويلف بين قلوبنا ويجعنا ممن: (يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) [الزمر: 18].

واعلموا رحمكم اللهُ أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار.

وصَلُّوا رحمكم الله على محمد صلى الله عليه وسلم امتثالاً لأمر ربكم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56] اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمة المهدين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التَّابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك، وإحسانك يا أرحمَ الراحمين.

اللَّهمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمَّر أعداء الدين، وجمع كلمة المسلمين على الحق والتقوى إنك على كل شيء قدير، وولي عليهم خيارهم وكفهم شر أعداءهم إنك على كل شيء قدير، اللَّهمَّ أمنا في أوطاننا وأصلح وولاة أمرنا، وفقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبد الله بنَ عبدِ العزيزِ لكلِّ خير، اللَّهمّ سدده في أقواله وأعماله، ومنحه الصحة والسلامة والعافية، وجعله بركة على نفسه وعلى المجتمع المسلم إنك على كل شيء قدير، اللَّهمَّ وفق ولي عهده نايف بن عبد العزيز لكل خير وسدده في أقواله وأعماله، وأعنه على مسئوليته إنك على كل شيء قدير.

(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، اللَّهمّ أنت اللهُ لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنَّزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك، وبلاغاً إلى حين، اللَّهمّ أنت اللهُ لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنَّزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك، وبلاغاً إلى حين، اللَّهمَّ أغثنا، اللّهمَّ أغثنا، اللَّهمَّ أغثتنا، اللَّهمَّ سقي رحمة لا سقي بلاء ولا هدم ولا غرق، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).

عبادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.