البحث

عبارات مقترحة:

المؤخر

كلمة (المؤخِّر) في اللغة اسم فاعل من التأخير، وهو نقيض التقديم،...

الحيي

كلمة (الحيي ّ) في اللغة صفة على وزن (فعيل) وهو من الاستحياء الذي...

المجيب

كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...

مواقف مرعبة من تاريخ الباطنية وعلاقته بأحداث سوريا

العربية

المؤلف عبد الله بن علي الطريف
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التاريخ وتقويم البلدان - الأديان والفرق
عناصر الخطبة
  1. قبائح أبو طاهر الجنابي في الحجيج وفي الكعبة .
  2. خبث القرامطة وفساد عقيدتهم .
  3. طائفة النصيرية أو العلويين وفساد معتقدهم وخبث طويتهم .
  4. سوء أحوال أهل السنة في سوريا .
  5. مجزرة حماة واحدة من أبشع المذابح .
  6. وصف مرعب لأحداث حماة .
  7. واجبنا نحو المستضعفين .

اقتباس

القرمطة طائفة ضالة من الطوائف الباطنية الخبيثة التي ظاهرها الرفض، وباطنها الكفر المحض كما قال أهل العلم، ومن طوائف الباطنية كذلك النصيرية أو ما من يسمى بالعلويين في بلاد الشام الآن، وما يتولى هؤلاء على أهل السنة إلا ويسمونهم سوء العذاب، ولن تنسى الأمة مدى التاريخ مذابح هذه الطائفة التي تسربل مجرموها باسم البعث العربي..

أيها الإخوة: قال ابن كثير -رحمه الله- في البداية والنهاية: في حوادث سنة سبع عشرة وثلاثمائة: خرج ركب العراق إلى الحج وأميرهم منصور الديلمي، فوصلوا إلى مكة سالمين، وتوافت الركوب هناك من كل مكان وجانب وفج، فما شعروا إلا بأبي طاهر سليمان بن أبي سعيد الحسن الجنابي الهجري القرمطي، رئيس القرامطة، قبَّحه الله، قد خرج عليهم في جماعته يوم التروية، فانتهب أموالهم واستباح قتالهم، فقتل في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الكعبة من الحجاج خلقًا كثيرًا، وجلس أميرهم أبو طاهر -لعنه الله- على باب الكعبة، والرجال تُصرع حوله، والسيوف تعمل في الناس في المسجد الحرام في الشهر الحرام في يوم التروية، الذي هو من أشرف الأيام، وهو يقول:

أنا بالله وبالله أَنا أنا

أخلقُ الخلقَ وأفنيهم أنا

فكان الناس يفرون منهم فيتعلقون بأستار الكعبة فلا يجدي ذلك عنهم شيئًا! بل يُقتلون وهم كذلك، ويطوفون فيقتلون في الطواف، فلما قضى القرمطي -لعنه الله- أمره، وفعل ما فعل بالحجيج من الأفاعيل القبيحة، أمر أن تدفن القتلى في بئر زمزم، ودَفَنَ كثيراً منهم في أماكنهم من الحرم، وفي المسجد الحرام.

وهدم قبة زمزم وأمر بقلع باب الكعبة، ونزع كسوتها عنها، وشققها بين أصحابه، وأمر رجلاً أن يصعد إلى ميزاب الكعبة فيقتلعه، فسقط على أمّ رأسه فمات إلى النار.

فعند ذلك انكف الخبيث عن الميزاب، ثم أمر بأن يقلع الحجر الأسود، فجاءه رجل فضربه بمثقل في يده وقال: أين الطير الأبابيل، أين الحجارة من سجيل؟ ثم قلع الحجر الأسود وأخذوه حين راحوا معهم إلى بلادهم، وردوه سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

ولما رجع القرمطي إلى بلاده ومعه الحجر الأسود، وتبعه أمير مكة هو وأهل بيته وجنده، وسأله وتشفع إليه أن يرد الحجر الأسود ليوضع في مكانه، وبذل له جميع ما عنده من الأموال فلم يلتفت إليه، فقاتله أمير مكة فقتله القرمطي، وقتل من معه، واستمر ذاهبًا إلى بلاده، ومعه الحجر وأموال الحجيج. وقد ألحد هذا اللعين في المسجد الحرام إلحادًا لم يسبقه إليه أحد، ولا يلحقه فيه، وسيجازيه على ذلك الذي لا يعذب عذابه أحد، ولا يوثق وثاقه أحد. وإنما حمل هؤلاء على هذا الصنيع أنهم كفار زنادقة". اهـ ويقال: إن عدد القتلى الذين قتلهم القرمطي بمكة قريبًا من ثلاثين ألفًا.

أيها الأحبة: والقرمطة طائفة ضالة من الطوائف الباطنية الخبيثة التي ظاهرها الرفض وباطنها الكفر المحض كما قال أهل العلم، ومن طوائف الباطنية كذلك النصيرية أو ما من يسمى بالعلويين في بلاد الشام الآن، وما يتولى هؤلاء على أهل السنة إلا ويسمونهم سوء العذاب، ولن تنسى الأمة مدى التاريخ مذابح هذه الطائفة التي تسربل مجرموها باسم البعث العربي.

أيها الإخوة: وما أن استولى الهالك حافظ الأسد على الحكم في سوريا بدعم من أعداء الأمة إلا وأشهر سلاح القتل والتعذيب والقتل الجماعي لأهل السنة الذين يشكّلون الأغلبية الساحقة من الشعب السوري، في عدد من المجازر، ومجزرة حماة واحدة من أبشع المذابح وأكثرها دموية ووحشية في تاريخ بلاد الشام، بدأت فصولها الدموية في اليوم الثاني من شهر فبراير عام 1982م؛ حيث نفذها النصيريون العلويون طواغيت النظام السوري البعثي بقيادة الطاغية الهالك المجرم حافظ الأسد، وشقيقه المجرم السفاح رفعت الأسد.

لقد ارتكب هذا النظام جريمة قتل المسلمين، وتدمير جميع مساجد مدينة حماة وجراحها نازفة حتى الآن، فلا تكاد تجد أسرة حموية إلا وأخذت نصيبها من المجزرة، أما من تم أسرهم قبل المجزرة فلا يزالون قيد الأسر حتى الآن يصبّ عليهم من التعذيب ما لا تطيقه الجبال.

وزادت هذه الفاجعة عن غيرها من المذابح التي ارتُكبت بحق المسلمين، في ضخامة عدد القتلى والمشردين.. فضلاً عن الطريقة المخيفة التي انتهجها قادة المجزرة في قتلهم.. وقد ذكرت لجان حقوق الإنسان أن الإحصائيات الرسمية للقتلى ما بين 30 إلى 40 ألف مسلم تم قتلهم خلال شهر واحد، في حين يتحدث أهالي حماة وكبار شيوخهم عن قتل أكثر من 80 ألف مسلم ما بين طفل وامرأة وشيخ وشاب.

أيها الإخوة: وحماة مدينة تاريخية تحدث عنها القدماء منذ آلاف السنين، ويُعرف عن أهلها الالتزام بالإسلام والعلم منذ أن وصلت إليها دعوة التوحيد.. ومن سمع من الناس بهذه المجزرة لا يعرف تفاصيلها نظراً للتكتم الإعلامي الرهيب الذي فرضه نظام الطاغوت حافظ؛ حيث نُفذت المذبحة في معزل عن أنظار وأسماع العالم.. ومنع دخول الصحفيين ووسائل الإعلام إلى المدينة، وتعجز الأقلام أن تدون تفاصيل المآسي والفظائع التي تقشعر منها الأبدان وتشيب لها الولدان وتتقطع لها الأفئدة وتنفتُّ من هولها الأكباد.. كل هذه الجرائم النصيرية حدثت في شهر واحد فقط، في ذروة البرد القارس والصقيع في فصل الشتاء في بلاد الشام..

دخلت قوات الأمن الخاصة لتقتحم البيوت وتنهب الأموال وتختطف النساء العفيفات وتنتهك أعراضهن أمام أزواجهن وتقتل الأطفال والشباب أمام أهليهم.. شاحنات عملاقة لم تعد تتسع لحمل الأسرى والمعتقلين.. الذين امتلأت بهم السجون.. ومدينة حماة أصبحت مدينة أشباح.. قد سالت الدماء في طرقاتها وأزقتها وبيوتها.. جثث متفحمة.. وقتلى بعشرات الآلاف.. وأصبحت المدينة مقبرة جماعية بأكملها.. وقد حرص المعتدون ألا يخرج من هذه المجزرة جريح واحد.. فقاموا بقتل كل جريح ومصاب ومريض.. وأول من تم قتلهم في الأسبوع الأول المشايخ الدعاة وأئمة المساجد والخطباء والعلماء والأطباء والمهندسين وطلاب المدارس والجامعات، حتى عائلات النصارى في المدينة لم تسلم من البطش النصيري البعثي..

وانتهت المجزرة ولم يعد للمدينة أي أثر على الخريطة الطبيعية، كانت أمطار الشتاء تطفئ بعض النيران التي التهمت المدينة، ومن نجا من هذه المجزرة كان مكتوبًا عليه أن يعيش كي يروي ما حدث للأجيال القادمة.. وأكثر من نجا النساء.. وانسحبت قوات الجيش من المدينة بعد أن وزعت منشورات مكتوب عليها: "يسقط الله ويحيا الأسد"..!! تعالى الله عما يقول المجرمون علواً كبيراً.

يقول الصحفي البريطاني روبرت فيسك عن مجزرة حماة وهو شاهد عيان:

وعلى بعد 12 ميلاً من حماه أصبح من الممكن رؤية دخان متصاعد في الأفق وسحابة داكنة بمساحة أميال مربعة تلف المدينة.. اقتربنا من المدينة.... ونحن نسمع صوت قصف منخفض مستمر.... أصبح من الممكن رؤية أشجار من الخلف تحترق منذ وقت غير قصير، ودخان داكن كثيف يتصاعد من جدران الحارات الضيقة خلف نهر العاصي. كان يقف على ضفاف العاصي رتل من الدبابات وكل دقيقة تقريباً يهتز مدفع منها.. وسرنا صعوداً راجعين من ضفة النهر بينما كانت إحدى الدبابات تقصف.... وكانا نسمع انفجاراً ضخماً في مدينة الأشباح ارتجت منه الأرض. بدأ الدخان يتصاعد من المبنى متدفقاً إلى الشارع كأنه ضباب قاتم. ومسجد بقبة فضية أطلقت عليها قذيفة مدفع حطمت غطاءها الخارجي.... كنت إلى الآن، شاهد العيان الغربي الوحيد لحصار حماة، وهي وإن كانت أسرع زيارة وأقصرها، لكنها كانت كافية لإثبات أن القتال كان لا يزال مشتعلاً على درجة كبيرة، وتشترك فيه عدة ألوية، وأن عدد الضحايا يجب أن يكون ضخمًا، شيء رهيب كان يجري هنالك، الحكومة السورية قد تدعي أن القتلى كانوا بالمئات، وبعض التقديرات جعلت القتلى بحدود 50 ألفًا...

وختم كلامه بقوله: وحقيقة عندما زرنا حماه عام 1983م كانت المدينة القديمة وأسوارها وشوارعها الضيقة، ومتحف قصر العظم قد اختفت كلها، والمشاهد الأثرية القديمة دُكت وسُوِّيت، بالأرض، وأصبحت موقفًا للسيارات.. ولشهرة النظام السوري بمثل هذه الوحشية، فإن أي خلاف بين دمشق ومسحي لبنان، لا بد أن تكون له نتائج عالمية، بعكس ما يحصل بين النظام السوري وبين الإخوان المسلمين، الذين يريدون تحكيم الإسلام، فهؤلاء لن يكونوا أصدقاء لأمريكا والأوربيين، فيما لو وصلوا إلى السلطة، لذلك فإن موقف الغرب بما يحصل لهم (الإخوان) من تنكيل ومذابح لا يتجاوز التعبير عن القلق. أما المسيحيون في لبنان فشيء آخر. جزء من كلام قاله في كتاب طبع 1990م وجاء في مجلة المجتمع الكويتية عدد 1558/5/7/2003م:

كل ما قيل وما كتب حتى الآن حول المأساة، لا يمثل إلا جزءًا بسيطًا من الحقيقة المذهلة، الحقيقة الكاملة حملها إلى القبور أولئك الذين قضوا نحبهم تحت أنقاض منازلهم، السر الكبير يرقد هناك في المقابر الجماعية... هل سمعتم بالطفل يذبح أمام والديه، ويلقى به في حديقة المنزل وهو يستغيث ويتخبط بدمه... هل أخبركم أحد عن ذلك الأعمى الذي ظل يصرخ بعد أن ذبحوا سكان حيه، وتركوه وحده يحترق في منزله ورجع صداه ألسنة اللهب... شيء فوق الوصف... وفوق طاقة التعبير!!... اللهم رحماك رحماك بإخواننا وإنا لله وإنا إليه راجعون...

الخطبة الثانية:

أما بعد: ويتكرر الموقف ويعود الحقد الباطني بكل تفصيلاته.. فما وقع قبل أكثر ألف ومائة عام، وقع قبل ثلاثين سنة وهاهو يعود بنفس الأسلوب والوحشية لم يتغير منه شيء قتل وتشريد وتطاول على الله تعالى وقدرته وقوته..

أيها الإخوة: لقد وفق ولاة الأمر للأمر بالقنوت شهراً لإخواننا في سوريا، وحق علينا أن نجتهد بالدعاء الصادق لهم ولا نمل فإن الله تعالى يحب من عبده التضرع بين يديه ويحب الملحين بالدعاء فألحوا.. اقنتوا في كل وقت في الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، وأخلصوا الدعاء للنازلة وهي سؤال الله أن ينجي المستضعفين وينصرهم ويهلك الظالمين وينتقم منهم.

عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ قال: «قَنَتَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم شَهْرًا مُتَتَابِعًا فِي الظّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصّبْحِ، فِي دُبُرِ كُلّ صَلَاةٍ إذَا قَالَ سَمِعَ اللّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مِنْ الرّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ يَدْعُو عَلَى حَيّ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيّةَ وَيُؤَمّنُ مَنْ خَلْفَهُ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

وفي الصحيحين: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَنَتَ فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ شَهْرًا يَقُولُ فِي قُنُوتِهِ: «اللّهُمّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللّهُمّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ اللّهُمَ، أَنْجِ عَيّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللّهُمّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، اللّهُمّ اُشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللّهُمّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَأَصْبَحَ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمْ يَدْعُ لَهُمْ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: «أَوَ مَا تَرَاهُمْ»؟!

والقنوت له مقاصد عظيمة كثيرة غير الدعاء لهم في السجود أو الخطب أو غيرها، فهو مشاركة معنوية للمنكوبين، وحفز للهمم والاهتمام بالمسلمين، وإظهار التعاطف والتعاون، ويتقوى بذلك المجاهدون ويفرحون بدعاء إخوانهم، قال ابن حجر رحمه الله تعالى: "إن المطلوب من قنوت النازلة أن يشارك المأمومُ الإمام في الدعاء ولو بالتأمين".