المعطي
كلمة (المعطي) في اللغة اسم فاعل من الإعطاء، الذي ينوّل غيره...
العربية
المؤلف | عاصم محمد الخضيري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - الدعوة والاحتساب |
إنّ كُلّ هَذَا الابْتِلاَء الّتي يُصِيبُ أُمَّتَنا الإسلاميَّةَ هُوَ تَخْفِيفٌ عَنْهَا فِي الدَّارِ الآخِرَةِ؛ فَابْتِلاءَاتُ الدُّنْيَا كَفَّارَاتٌ لِلذُّنُوبِ، وقد قال رسول الهدى -عليه الصلاة والسلام-: "أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّة مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا: الْفِتَنُ وَالزَّلَازِلُ وَالْقَتْلُ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
الحمد لله يحكم ما يشاء، ويفعل ما يريد، الحمد لله، إنه هو يبدئ ويعيد، وهو الغفور الودود، ذو العرش المجيد، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لاشريك له ربُّ كل شيء ومليكُه، وما ربك بظلام للعبيد.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، إمام الصابرين، وسلوة المستضعفين:
صلَّى إلهُ الحقِّ في ملكوته | والصالحون عليه والأبرارُ |
أما بعد: كان ملءَ عيني أبيه، كان في رعايته، عاش في حب أبيه، عاش في كنَفٍ حنون مِلْءُ أعشاشه حنانٌ وحبٌّ، عاش عيشة السلام، تحفّه حمائم النعمى وترجيع اليمام، كانت حياته -إذ ذاك- أهنأَ حياةٍ بردا وسلاما، حسنت مستقرا ومقاما، لم يكن ليتمنى، إذ كل شيء حوله مُثَنَّى، في عيشةٍ هَنِيَّة، وحياةٍ رَضِيَّةٍ مَرْضِيَّة.
قدَّر اللهُ عليه وماشاء فعل أن يستخرجه مما هو فيه الحاسدون، الذين هم لعباد الله ولِنعمته ساخطون وناقمون، وقد جرت سنة الله أنَّ كلَّ ذي نعمة محسود، فلم يرضوا أنْ يروا نعم الله عليه تتراً، فلجّوا في كيدهم يعمهون!.
سعوا على أن ينتشلوه من كنف أبيه ليستريحوا، ولتخلو لهم الأجواء، عملوا على تغييب أخيهم عن عيني أبيه، وحسبوا أن الله تخفى عليه حيل ما كانوا يصنعون، عند ذاك المكر الكُبَّار بدأت مهمة الاستضعاف، عنذئذ بدأت وظيفة الاستخلاف عبر بوابة الابتلاء، لتطرق بابه أمارات الاستضعاف، وإرهاصاتُ المعاناة، ليكون لها ما بعدها!.
سعى الحاسدون -بكل ما أوتوا- لأن يوظفوا حسدهم لإزالة ما أنعم الله عليه، تآمروا عليه ذات ليلة، فقال بعضهم لبعض: اقتلوه! ولكن تردَّد بعضهم ليقول للآخر: بل غيبوه، وعن عيني أبيه انتشلوه، وأخرجوه.
لم تكن تلك التآمرات لِتغيب عن عين الله، ولكن الله يفعل ما أراد، وإذا أراد الله شيئا مِن عَلٍ نادى: أيا شيءُ كُنْ؛ فيكون!
يُريدُ العبدُ أنْ يُعْطَى مُناهُ | ويأبى اللهُ إلا ما أرادا |
لم تكن تلك التآمرات لِتغيب عن عين الله، ولكن الله أرادها لتكون بابا يدخل معه المجد السرمدي، والخلود الأبدي؛ لم تكن لتغيب تلك التآمرات عن عين الله، ولكن الله أرادها لتكون طريقا للاصطفاء، وسبيلا للعقبى الحميدة.
إن المعادلة الصحيحة هي: حسدوه، ثم ألقوه، ثم خلدوه!
وإذا أرادَ اللهُ نشر فضيلةٍ | طُوِيَتْ أتاح لها لسانَ حسودِ |
تآمروا عليه فألقوه في الجُبِّ، ولسان قدر الله يهتف بهم: ألقوه في الجب؛ ليتعلق بعدها بأهداب السماء، ألقوه في الجب؛ ليُكتب في الخالدين في سفر الأحياء، ألقوه في الجب؛ لتستقبله بعد ذلك السماء الثالثة!.
ومَن غير يوسف -عليه السلام- أهلٌ لتستقبله السماء الثالثة؟ إنا لَيأخذنا العجب ونحن نستلهم قصة يوسف -عليه السلام-، والله يحدثنا أنه قد أُلقي في ظلمات الجب، ثم جاء نفرٌ سيارة فأرسلوا من يَرِد لهم الماء، فأدلى دلوه، ثم يبشر أصحابه بغلام: هذا غلام! ثم أخفوه ليبيعوه، ثم باعوه بدراهمَ معدودةٍ كانوا فيها من الزاهدين!.
إنا لَيأخذنا العجب! واللهُ يسوق لنا قصة ذلك المستضعف، يسوق لنا قصة بيعه، قال -سبحانه-: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسَفَ فِي الْأَرْضِ) [يوسف:21، 56].
أيكون الاستضعاف تمكينا؟ أيكون -يا الله!- إلقاؤه في الجب تمكيناً؟ أيكون بيعه بدراهمَ معدودةٍ تمكينا؟ نعم! إنه التمكين، إنه التمكين، لن يكون هناك مجد لماجد إلا ومجده قد مر على صومعة ابتلاء، لن يكون الخلود لخالد إلا وخلوده قد مر على مقصلة عذاب، وكذلك كان يوسف -عليه السلام-.
لم يكن ذلك لأن رسول الهدى -عليه الصلاة والسلام- حدثنا في الحديث الذي رواه سعد بن أبي وقاصٍ أنه لما سئل النبي -صلى الله عليه وسلم-: أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً يارسول الله؟ قَالَ: "الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ".
ذلك هو شرط بلوغ الأماني والرتب؛ لأن الراحة الكبرى لن تنال إلا على جسر من التعب، ومَن زعم أن لُقيان المعالي رخيصة فقد أعظم الفرية، ومن زعم أن الشهد ليس دونه إِبَر النحل فقد أبعد النجعة!.
يوسف -عليه السلام- كان نبيا رسولا، وكانت رسالته هبة من الله، ليس فيها كسب، ولكنّ في قصته وهو يوهب النبوة أمراً من الابتلاء عجبا! ففي تلك رسالة مِن الله أنْ يا يوسف! إنا جعلناك نبيا رسولا، ولكن لا بد وأنت تُوهَبُها أن تبتلى على قدر ذلك؛ لأنك من الأنبياء، وهم أشد الناس بلاء.
استمر يوسف -عليه السلام- في رحلة الابتلاء، ظل يتجرع في كل حادثة جرعةً من البلاء، يا لَلابتلاء! ابتلى الله يوسف حتى قال في أحد ابتلاءاته: (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ) [يوسف:33].
أيكون ابتلاء أشد من هذا؟ يا للابتلاء! رمته فيه النسوة عن قوس واحدة، هددنه بأن لو لم يفعل ما أَمرنه به لَيُسجننّ وليكونن من الصاغرين، ورغم ذلك يصبر، حتى كانت المحطة الأخيرة لرحلة الابتلاء، وهو سجنه، الذي روى أحد المفسرين أن يوسفَ قد لبث فيه نحوا من أربعين عاما!.
عليك السلامُ نبيَّ الإلــ | ــهِ فهذا اصطبارُك في الخالدينْ |
عليك السلامُ وهذي ابتلاءا | ـتُكَ الحُمْرُ سلوى لِكُلِّ حزين |
فقد روَت الخلـد عنك طيوباً | بألحانها يسمر السامرون |
رحمة الله على كل مستضعف كان له في يوسف أسوة ٌ حسنة، فصَبَرَ صبْرَه حتى أتاه اليقين!.
يا للابتلاء! رحل يوسفُ -عليه السلام- من غيابة الجب إلى عزيزية مصر، ثم ليكون يوسفُ بعدها من الخالدين الممكنين، المخلَصين، ومن المصطَفين الأخيار.
إن رسالة يوسف -عليه السلام- واضحة: عقبى العسر يسر، إن رسالته واضحة: عقبى الصبر التمكين، ومهما كان الصبر مُرَّاً مذاقه فإن عواقبه أحلى من العسل.
مَن كان يظن يوما أن ذاك الرجل المهدد بالسجن، والذي زُجّ فيه، أنْ يمكّن من خزائن الأرض؟ من كان يظن يوما أويحسب حسابا وذاك الملقى في الغياهب الظلماء، أن يكون يوما عزيزَ مصر وكريمها وقائدها؟ إن في ذلك لآيات لأولي العزم من الناس، فالصبر مفتاح كل فرج، وبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، إن في ذلك لآيات لكل صبّار شكور. لو يعلم الإنسان ما بالصبر مِن خير لتجرَّعَ كُلَّ مُرٍّ علقم!.
إلى كل مستضعف في الأرض: إن موسى -عليه السلام- لم يكن من أولي العزم من الرسل إلا لما مَرَّ به على مشانق المؤامرات، مؤامرة تتلوها مؤامرة، حتى أتى اليومُ الذي غرق فيه المتآمرون، وصدئت فيه مشانقهم, ونجا موسى -عليه السلام- ومن معه.
استُضعف موسى -عليه السلام- وقومه، حتى قال الله عنهم: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) [القصص:5]، وحتى بشرهم الله بتلك البشارة العظيمة، (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) [القصص:6].
إلى كل مستضعَف في الأرض: إن رسلَ الله أسوة لكل مستضعف حزين، إنَّ نبي الهدى -عليه الصلاة والسلام-، لم تمر جيوشه سابحة بكل مكان، شرقا ومغربا، إلا لما مرت عليه عشرُ سنين شداد، استُضعف فيها وأوذي، وعُذب أصحابه وقتلوا.
إن نبي الهدى -عليه الصلاة والسلام-لم تحلِّق دعوته فوق رأس قيصر وكسرى إلا لما مرت دعوته بكل استضعاف، وحتى بلغ من عذاب أصحابه أنْ وُضعوا فوق الثرى المحمي، وقد صهرتهم الشمس ورمضاء الزمان، فما كان من أحدهم إلا أن أنشد لحن الاستضعاف الخالد: أحَدٌ أَحدٌ!.
إن في ذلك لآية للمستضعفين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران:200]، إن في ذلك لآية لهم؛ لعل الله أن يمُنَّ عليهم في الأرض، ويُمَكّن لهم، ويُرى أعين أعدائه منهم ماكانوا يحذرون.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل خطيئة فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد ألا إله إلا الله إله الأولين والآخرين، واشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
إنَّ كُلُّ ابْتِلاءٍ واستضعاف وَتَعْذِيبٍ وَقَتْلٍ وَصَلْبٍ وَحَرْقٍ وَتَمْزِيقٍ لِلْأَجْسَادِ أَصَابَ نَفَرًا مِنَ الأُمَمِ السَّابِقَةِ، فَإِنَّهُ أَصَابَ أَضْعَافَهُمْ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَكُلّ كَيْدٍ أُصِيبَتْ بِهِ الأُمَمُ السَّابِقَةُ عَلَى أَيْدِي الكَافِرِينَ نَالَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً مِمَّا نَالَ السَّابِقِينَ، وَزَادَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ عَلَى الأُمَمِ السَّابِقَةِ بِمَكْرٍ كَبِيرٍ مِنَ المُنَافِقِينَ لَمْ يُوجَدْ فِي أُمَّةٍ خَلَتْ قَبْلَهَا.
إنّ كُلّ هَذَا الابْتِلاَء الَّذِي يُصِيبُ أُمتنا الإسلاميَّة هُوَ تَخْفِيفٌ عَنْهَا فِي الدَّارِ الآخِرَةِ؛ فَابْتِلاءَاتُ الدُّنْيَا كَفَّارَاتٌ لِلذُّنُوبِ، وقد قال رسول الهدى -عليه الصلاة والسلام-: "أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّة مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا: الْفِتَنُ وَالزَّلَازِلُ وَالْقَتْلُ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ذَكَرَ المُؤَرِّخُ ابْنُ الأَثِيرِ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- بَعْضَ أَفْعَالِ التَّتَرِ فِيمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَأَفْعَالِ الصَّلِيبِيِّينَ فِي الشَّامِ وَدُمْيَاطَ، ثُمَّ قَالَ وَهُوَ يُدَوِّنُ ذَلِكَ: وَتَاللَّهِ! لَا شَكَّ أَنَّ مَنْ يَجِيءُ بَعْدَنَا، إِذَا بَعُدَ الْعَهْدُ، وَيَرَى هَذِهِ الْحَادِثَةَ مَسْطُورَةً يُنْكِرُهَا، وَيَسْتَبْعِدُهَا، وَالْحَقُّ بِيَدِهِ، فَمَتَى اسْتَبْعَدَ ذَلِكَ فَلْيَنْظُرْ أَنَّنَا سَطَّرْنَا نَحْنُ، وَكُلُّ مَنْ جَمَعَ التَّارِيخَ فِي أَزَمَانِنَا هَذِهِ فِي وَقْتٍ كُلُّ مَنْ فِيهِ يَعْلَمُ هَذِهِ الْحَادِثَةَ، اسْتَوَى فِي مَعْرِفَتِهَا الْعَالِمُ وَالْجَاهِلُ لِشُهْرَتِهَا.
رحمة الله عليك يابن الأثير! ليس استدراكا عليك، ولكنا رأينا مارأينا مما لم تره عينك، إنّ أمّتنا رأت ما رأت، رَأت أَفْغَانِسْتَانَ يَحْتَلُّهَا الشُّيُوعِيُّونَ فَيَقْتُلُونَ فِيهَا مِلْيُونَيْ مُسْلِمٍ، وَرَأَيْنَاهَا تُحْتَلُّ بَعْد ذَلِكَ مِنْ عُبَّادِ الصَّلِيبِ فَيَقْتُلُونَ وَيُفْسِدُونَ.
وَرَأَيْنَا دُوَلَ البَلْقَانَ يَفْتَرِسُهَا الصِّرْبُ وَالكُرْوَاتُ فَيَسْتَبِيحُونَ حَرِيمَ المُسْلِمِينَ وَأَطْفَالَهُمْ، وَيُبِيدُونَ رِجَالَهُمْ، وَرَأَيْنَا العِرَاقَ وَقَدْ دَكَّتْهُ قُوَّاتُ الظُّلْمِ وَالطُّغْيَانِ فَأَرْجَعَتْهُ إِلَى الوَرَاءِ مِئَاتِ السِّنِينَ، ثُمَّ سَلَّمَتْهُ لِلْبَاطِنِيِّينَ، وَرَأَيْنَا اليَهُودَ يَعِيثُونَ فِي فِلَسْطِينَ فَيَقْتُلُونَ وَيُدَمِّرُونَ.
وَرَأَيْنَا الهِنْدُوسَ فِي الهِنْدِ يَهْدِمُونَ مَسَاجِدَ المُسْلِمِينَ، وَيَبْنُونَ عَلَى أَنْقَاضِهَا مَعَابِدَهُمْ، وَيَسْتَبِيحُونَ دِمَاءَهُمْ وَأَعْرَاضَهُمْ، وَرَأْينَا الْبُوذِيِّينَ يُرْهِبُونَ الْمُسْلِمِينَ فِي تُرْكِسْتَانَ، وَيُضَيِّقُونَ عَلَيْهِمْ فِي دِينِهِمْ، وَيُهَجِّرُونَهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ.
وَرَأَيْنَا إِخْوَانَهُمْ هذه الساعة فِي مَانِيمَارِ يُعَذِّبُونَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَرَاكَانَ، وَيُقَطِّعُونَ أَجْسَادَهُمْ، وَيَحْرِقُونَ أَطْفَالَهُمْ، وَيَهْدِمُونَ مَنَازِلَهُمْ، وَيَبُثُّونَ الرُّعْبَ فِيهِمْ؛ لِيُهَجِّرُوهُمْ عَنْ دِيَارِهِمْ، وَلَا زَالُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ إِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ.
وَرَأَيْنَا النُّصَيْرِيَّةَ قَدِ اسْتَبَاحوا بِلَادَ الشَّامِ، فَمَزَّقُوا الْأَطْفَالَ، وَاغْتَصَبُوا النِّسَاءَ، وَعَذَّبُوا الرِّجَالَ، وَفَعَلُوا الْأَفَاعِيلَ بِأَهْلِ السُّنَّةِ، كَمَا يَفْعَلُ إِخْوَانُهُمْ مِنَ الْإِمَامِيَّةِ الْبَاطِنِيَّةِ بِأَهْلِ الْعِرَاقِ وَالْأَحْوَازِ! فهل رأيت يا ابنَ الأثير مارأينا؟!.
إنا -رغم ذلك- نقول ملء قلوبنا:
يا أمة الإسلام!
قَسَمَاً بمَنْ سَكَبَ الغمامَ على رُبَاكِ.. فأزهرَتْ بالياسَمينْ
قَسَمَاً بِمَنْ نَشَرَ الضياءَ على جبينِكِ رغم آلافِ السِّنين
وقد ازْدَهَى كالبدرِ.. كالشوْقِ المنوِّرِ في العُيُون
قَسَمَاً بِرَبِّ العَرْشِ..
قد أقسَمْتُ أنَّكِ تظهرين..
فستظهرين.. وستُشرِقين.. وتضحكين.. وترجعين
فرغم كل ذلك فإننا نقول: إن الله مُعْلٍ كلمته ولو كره الكافرون، وإن الله ناصرٌ شرعتَه ولو كره المنافقون، وإن الله سيستخلف أمة الإسلام في الأرض ولو كره الفُلوليون!.