البحث

عبارات مقترحة:

المعطي

كلمة (المعطي) في اللغة اسم فاعل من الإعطاء، الذي ينوّل غيره...

الأعلى

كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...

قصة التحريم

العربية

المؤلف مسفر بن سعيد بن محمد الزهراني
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات السيرة النبوية
عناصر الخطبة
  1. قصة تحريم الني العسل على نفسه .
  2. قصة زواجه من أم المؤمنين زينب .
  3. قصة المجادلة وكفارة الظهار .

اقتباس

روى البخاري ومسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشرب عسلاً عند زينب بنت جحش ويمكث عندها، فتواطأت أنا وحفصة أن أيتنا دخلت عليها فلتقل له: إني أجد منكم ريح مغافير، أكلت مغافير؟! فدخل على أحدهما فقالت ذلك له فقال: "بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش، فلن أعود له، وقد خلفت لا تخبري بذلك أحدًا" ..

الحمد لله أحلّ لنا الطيبات وحرّم علينا الخبائث، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- وراقبوه وأطيعوه.

عباد الله: يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ[التحريم:2].

روى البخاري ومسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشرب عسلاً عند زينب بنت جحش ويمكث عندها، فتواطأت أنا وحفصة أن أيتنا دخلت عليها فلتقل له: إني أجد منكم ريح مغافير، أكلت مغافير؟! فدخل على أحدهما فقالت ذلك له فقال: "بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش، فلن أعود له، وقد خلفت لا تخبري بذلك أحدًا"، فنزلت الآية.

وروي البخاري أيضًا عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحب الحلواء والعسل، وكان إذا صلى العصر دار على نسائه فيدنو من كل واحدة منهن، فدخل على حفصة بنت عمر فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس، فسألت عن ذلك فقيل لي: أهدت إليها امرأة من قومها عكة عسل، فسقت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منه شربة، فقلت: والله لنحتالن له، فذكرت ذلك لسودة وقالت لها: إذا دخل عليكِ ودنا منك فقولي: والله -يا رسول الله- أكلت مغافير؟! فإنه سيقول لك: لا، فقولي له: وما هذه الريح؟! وكان -صلى الله عليه وسلم- يكره أن يوجد منه الريح الكريهة، فإنه سيقول لك: سقتني حفصة شربة عسل، فقولي له: أكلت نحلة العرفط، حتى صار فيه -أي في العسل- ذلك الريح الكريه، وإذا دخل عليّ فسأقول له ذلك، وقولي أنت يا صفية ذلك، فلما دخل على سودة قالت له مثل ما علمتها عائشة، وأجابها بما تقدم، فلما دخل على صفية قالت له مثل ذلك، فلما دخل على عائشة قالت له ذلك، فلما كان اليوم الآخر ودخل على حفصة قالت له: يا رسول الله: ألا أسقيك منه؟! قال: لا حاجة لي به، قالت: إن سودة تقول: سبحان الله، لقد حرمناه منه، فقلت لها: اسكتي. البخاري.

والمغافير: صمغ حلو، له رائحة كريهة، ينضحه شجر يقال له العُرفط، بضم العين المهملة والفاء.

وبهذه الرواية أن التي شرب عندها العسل حفصة، وفي سابقتها أنها زينب، والاشتباه في الاسم لا يضر بعد ثبوت القصة.

وروى ابن جرير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كانت حفصة وعائشة متحابتين، وكانتا زوجتي النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذهبت حفصة إلى أبيها فتحدثت عنده، فأرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى جاريته فظلت عنده في بيت حفصة، وكان اليوم الذي يأتي فيه عائشة، فرجعت حفصة فوجدتها في بيتها، فجعلت تنتظر خروجها وغارت غيرة شديدة، فأخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جارية، ودخلت حفصة فقال: قد رأيت من كان عندك، والله لقد سؤتني، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "والله لأرضينك، فإني مُسرّ إليك سرًّا فاحفظيه، قالت: ما هو؟! قال: إني أشهدك أن سريتي هذه عليَّ حرام رضًا لك، وكانت حفصة وعائشة تظاهران على نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- فانطلقت حفصة إلى عائشة، فأسرّت إليها أن أبشري، إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد حرّم عليه فتاته، فلما أخبرت بسر النبي -صلى الله عليه وسلم- أظهر الله -عز وجل- النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه، فأنزل عليه الآيات الأولى من سورة التحريم، وقد ذكرنا الآية الأولى والآيات بعدها قوله تعالى: (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ * إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ * عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا[التحريم2 :5]، وللمفسرين في هذا أقوال واسعة، والآيات كما نقرأها بليغة ومعجزة كبقية آيات القرآن الكريم.

وقصة أخرى حدثت للنبي -صلى الله عليه وسلم- في زواجه من أم المؤمنين زينب بنت جحش -رضي الله عنها- قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا * وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً) [الأحزاب36 :37]، نزلت هذه الآية في زيد بن حارثة، قال ابن كثير: كان سيدًا كبير الشأن جليل القدر، حبيبًا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يقال له: الحِب، ويقال لابنه أسامة: الحِب ابن الحِب.

قالت عائشة -رضي الله عنها-: ما بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سرية إلا أمّره عليهم ولو عاش بعده لاستخلفه. أخرجه النسائي.

وقد أنعم الله -عز وجل- عليه بالإسلام، وأنعم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليه بالعتق والحرية والاصطفاء بالولاية والمحبة، وتزويجه بنت عمه زينب بنت جحش، وحدث بينهما خلاف، فأمره الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن لا يطلقها، وأن يخشى الله في أمرها، فإن الطلاق يشينها، وقد يؤذي قلبها، وأن يراعي حق الله في نفسه أيضًا، فربما لا يجد بعدها خيرًا منها، وكانت تتعاظم عليه بشرفها وتؤذيه بلسانها، فأرادوا تطليقها متعللاً بتكبرها وأذاها، فوعظه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأرشده إلى الصبر والتقوى، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخفي ويضمر في نفسه ما الله مبديه من الحكم الذي شرعه، أي تقول له أن لا يطلقها، وأنت تعلم أن الطلاق لابد منه، فلابد من امتثال أمر الله لتكون أسوة لمن معك ولمن يأتي من بعدك، وإنما غلبك في ذلك الحياء وخشية أن يقول الناس: تزوج محمد مطلقة متبناه، والله أحق أن تخشاه وتخافه، وبيّن الله -عزّ وجل- له بأنه لما تزوجها زيد وطلقها زوجناكها لكي لا يكون في ذلك حرج عليك ولا على المؤمنين في نكاح زوجات أدعيائهم -أي من تبناه- ولم يكن له ولد، فإنه يجوز زواج الرجل من زوجة متبناه بعد الموت أو الطلاق أو فسخ نكاح، فلما طلقها زيد وانقضت عدتها تزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوحي من الله -عز وجل-.

روى البخاري عن أنس -رضي الله عنه- قال: إن زينب كانت تفخر على أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- فتقول: "زوجكن أهاليكن، وزوجني الله تعالى من فوق سبع سموات".

قال تعالى: (مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا * الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا * مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) [الأحزاب38 :40] .

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وسنة خاتم رسله، أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. ونكمل في الخطبة الثانية -إن شاء الله-.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

عباد الله: روى الإمام أحمد عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول، فأنزل الله -عز وجل-: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ[المجادلة:1]، رواه البخاري معلقًا.

والمجادلة هي خولة بنت ثعلبة، جاءت تشتكي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتقول: يا رسول الله: أكل شبابي ونثرت له بطني، حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي ظاهر مني، إني أشكو إليك، قالت -أي عائشة رواية الحديث-: فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الآية.

والظهار من أمر الجاهلية؛ فقد كان الرجل في الجاهلية إذا تكلم به لم يرجع إلى امرأته، فهو أشد من الطلاق؛ حيث يقول الرجل لزوجته: أنت عليّ كظهر أمي، وكأنه طلاق لا رجعة فيه، ولم يبت النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الأمر حتى نزل عليه الوحي، فقال الله تعالى: (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ[المجادلة:2]، أي أن الرجل إذا قال لامرأته: أنت عليّ محرمة كظهر أمي فإنهن بهذا القول لا يصرن كأمهاتهم في التحريم الأبدي، فأم الرجل هي من ولدته، ولكن هذا القول ينكره العقلاء وتتجافاه الكرماء، وباطل لا حقيقة له؛ لأنه يتضمن إلحاقها بالأم المنافي لمقتضى الزوجية، وأن الله يغفر ذنوب عباده إذا تابوا منها وأنابوا، فلا يعاقبهم عليها بعد التوبة، ثم أنزل الله كفارة المظاهرة فقال تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ[المجادلة3 :4] .

فكفارة المظاهر عتق رقبة من قبل أن يقرب الرجل زوجته، فإن لم يستطيع فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يقرب الرجل زوجته، وإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا، وهذه الآيات نزلت في خولة أو خويلة بنت ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت، وقالت كما روى الإمام مما قالت: كنت عنده وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقه وضجر فدخل عليّ فراجعته بشيء فغضب فقال: أنت عليّ كظهر أمي، قالت: ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة ثم دخل عليّ فإذا هو يريدني على نفسي، قالت: قلت: والذي نفس خويلة بيده، لا تخلص إليّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكم، قالت: فواثبني فامتنعت منه، فغلبته بما تغلب المرأة الشيخ الضعيف فألقيته عني، قالت: ثم خرجت إلى بعض جاراتي، فاستعرت منها ثيابها ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه، وجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه، قالت: فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "يا خويلة: ابن عمك شيخ كبير، فاتقي الله فيه"، قالت: فوالله ما برحت حتى نزل فيّ القرآن، فتغشى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما كان يتغشاه، ثم سُري لي عنه، فقالت لي: "يا خويلة: قد أنزل الله فيك وفي صاحبك"، ثم قرأ الآيات وقالت له: إن ما عنده ما يعتق، وإنه شيخ كبير ما به من صيام، ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فليطعم ستين مسكينًا وسقًا من تمر"، قالت: فقلت: يا رسول الله: ما ذاك عنده، قالت: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فإنا سنعينه بفرقٍ من تمر"، قالت: قلت: يا رسول الله: وأنا سأعينه بفرق آخر، قال: "قد أصبت وأحسنت، فاذهبي فتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيرًا". قالت: ففعلت.

عباد الله: هذه القصص تجعلنا نزداد إدراكًا، إن القرآن الكريم منزل من عند الله -عز وجل-. نسأل الله أن نكون ممن يفهم ويتدبر ويعمل، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ * يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ[المجادلة:5].

وصلوا -عباد الله- وسلموا على خاتم رسل الله نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.