الحيي
كلمة (الحيي ّ) في اللغة صفة على وزن (فعيل) وهو من الاستحياء الذي...
العربية
المؤلف | عبدالرحمن بن عبدالله آل فريان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
وقد ابتلي كثير من الناس في هذه الأزمان بصرف قسط من أموالهم في الفساد وآلات اللهو والحرام، والسرف بالمال والتبذير، حيث كثرت عليهم الأموال، وزين لهم الشيطان صرفها فيما لا يرضي الرحمن، فيشترون بها آلات الملاهي، كالمزامير والمصورات والطبول والأعواد والفيديو والسينمات والدخان والمخدرات والتلفزيونات والبكمات. وهذا من إضاعة المال؛ لأنها لا تعود على الإنسان إلا بالخسارة والوبال.
الحمد لله الملك العلام القدوس السلام، الذي خلق الخلق فتفضل عليهم بجزيل الإنعام، أحمده سبحانه وهو المستحق للمحامد كلها والإجلال و الإكرام، وأشكره جل وعلا على نعمه الجسام. وقد أكرمنا بهذه الشريعة الكاملة التمام، ونهانا فيها عن إضاعة المال وأكل الحرام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا اعتراض ولا ملام.
وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، أفضل من صلى وصام، وحذر من الرذيلة والحرام، اللّهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد الذي جاهد الكفار والمنافقين وأهل الإجرام، وبشر المؤمنين بجنات وإنعام، وعلى آله وصحبه البررة الكرام.
أما بعد:
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وبادروا إلى طاعة الملك العلام، واحذروا سخطه وعقوبته والآثام، واعلموا أن الشرع المطهر جاء بتحصيل المصالح، ودفع المفاسد العظام، وأمر بحفظ المال وحذر من أكل الحرام، ونهى عن التبذير والإسراف وإضاعة المال.
فقال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف:31].
قال تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأنعام: 141].
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) [النساء: 29].
وقد ابتلي كثير من الناس في هذه الأزمان بصرف قسط من أموالهم في الفساد وآلات اللهو والحرام، والسرف بالمال والتبذير، حيث كثرت عليهم الأموال، وزين لهم الشيطان صرفها فيما لا يرضي الرحمن، فصاروا يخالفون أوامر الإسلام، فيشترون بها آلات الملاهي؛ كالمزامير والمصورات والطبول والأعواد والفيديو والسينمات والدخان والمخدرات والتلفزيونات والبكمات.
وهذا من إضاعة المال، وطاعة الشيطان؛ لأنها لا تعود على الإنسان إلا بالخسارة والوبال، حيث أنهم يستعملونها فيما لا يرضي الرحمن. وقد قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) [لقمان: 6].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أمرت بكسر الطبل والعود والمزمار". وأمر بطمس الصورة، وإراقة الخمرة، وكسر آنيتها، وأمر بإحراق مسجد الضرار.
ولا قيمة لها ولا كرامة، بل هي عقوبة مالية وتعزير لهم تتلف عليهم حتى لا يرجعوا إليها مرة أخرى.
وأحرق علي بن أبي طالب رضي الله عنه القرية التي يعمل أهلها الخمر.
وقال ابن كثير في تفسيره على قوله تعالى: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً ) [النساء: 5]
ينهى سبحانه عن تمكين السفهاء من التصرف في الأموال التي تقوم بها معايش الناس من التجارة وغيرها من الأشياء الضرورية، فيحجر على السفهاء وهم أقسام: فتارة يحجر على الغير لعدم تمييزه، وتارة يحجر على المجنون لعدم وجود عقله، وتارة يكون الحجر لسوء التصرف لنقص العقل والدين، وتارة يكون الحجر للمفلس، إذا ضاقت الديون على مال الرجل وعجز عن وفائها، وطلب الغرماء الحجر عليه من الحاكم".
وقال ابن دقيق العيد: " وأما إضاعة المال فحقيقته المتفق عليها بذله في غير مصلحة، وذلك ممنوع، لأن الله جعل الأموال قياماً لمصالح الناس، وفي تبذيرها تفويت لتلك المصالح، إما في حق مضيعها أو حق غيره".
فيا عباد الله اتقوا الله وراقبوه، وتمشوا على شرعه ولا تعصوه حتى تسعدوا في الدنيا والآخرة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة:188].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.