البحث

عبارات مقترحة:

السيد

كلمة (السيد) في اللغة صيغة مبالغة من السيادة أو السُّؤْدَد،...

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

المولى

كلمة (المولى) في اللغة اسم مكان على وزن (مَفْعَل) أي محل الولاية...

الأخوة في الدين والحث على الصدقة في الشيشان

العربية

المؤلف خالد بن عبدالله الشايع
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك
عناصر الخطبة
  1. رابطة الأخوة التي بين المسلمين .
  2. الاهتمام بأحوال المسلمين في العالم .
  3. اضطهاد الروس للمسلمين في الشيشان .
  4. نصرة المستضعفين بالمال والدعاء .
  5. فضل الصدقة .

اقتباس

إن عِرْق الأخوة يجب أن ينبض في كل قطر مسلم، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)، إن الأخوة الإسلامية شعار الإسلام الدائم، إن الأخوة الإسلامية تضم في ثناياها الملايين من غير العرب لكونهم يؤمنون بإله واحد ونبي واحد وشريعة واحدة، وعقيدة واحدة، أخرج أبو داود والنسائي من حديث علي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "المؤمنون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم".

الخطبة الأولى: 

الحمد لله...

أما بعد:

عباد الله: لقد جعل الله تعالى بين عباده رابطة قوية، تجمع شملهم وتلم شعثهم، وتصلح أمرهم، بها يكون قوامهم، وبها تكون عزتهم وشرفهم، كلما تماسكت زاد عزهم ونصرهم وشرفهم، وكلما تفككت طغى ذلهم على عزهم، وزاد ضعفهم على قوتهم، وتكالبت عليهم قوى الشر من كل حدب وصوب، وطمع فيهم عدوهم.

أتعلمون -عباد الله- ما الرابطة التـي جعل الله بين عباده المسلمين؟! إنها رابطة الأخوة الإسلامية، التـي قل في هذا الزمن من يعرف حقوقها، ومعانيها، لما كادت أن تفقد الأخوة الإسلامية بين المؤمنين، أصبح المسلمون أوزاعًا شتى، كل قوم في دنياهم غارقون.

أيها المؤمنون: انظروا إلى حال العالم الإسلامي في هذا الزمان، في كل بقعة من الأرض يذل فيها المسلمون، ويشردون ويطردون من ديارهم، يقتلون وتنتهك أعراضهم، بلا ذنب إلا أنهم مسلمون، لماذا كثير من المسلمين اليوم يظن أن الأخوة الإسلامية هي بينه وبين جاره وأهل بلده؟! ما حال المسلمين في فلسطين؟! وما حالهم في الشيشان؟! ما حالهم في كشمير؟! ما حالهم في الفلبين؟! ما حالهم في العراق؟!

عباد الله: إن عِرْق الأخوة يجب أن ينبض في كل قطر مسلم، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)، إن الأخوة الإسلامية شعار الإسلام الدائم، إن الأخوة الإسلامية تضم في ثناياها الملايين من غير العرب لكونهم يؤمنون بإله واحد ونبي واحد وشريعة واحدة، وعقيدة واحدة، أخرج أبو داود والنسائي من حديث علي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "المؤمنون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم".

إن العالم الإسلامي كالجسد الواحد، فأي ضربةٍ في أي جزء منه يتألم جميع الجسد لها، ويسعى في علاجها، أخرج الإمام أحمد عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، يألم المؤمن لأهل الإيمان، كما يألم الجسد لما في الرأس"، وأخرج الإمام مسلم عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "المؤمنون كرجل واحد، إن اشتكى رأسه اشتكى كله، وإن اشتكى عينه اشتكى كله".

أيها المؤمنون: يجب على المسلم أن يستر عورة أخيه، ويرحم عبرته، ويرد ضالته، ويواليه ولا يعاديه، وينصره على من ظلمه ولا يسلمه ولا يخذله، وأن يحب له ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه.

عبد الله: أيطيب لك قرار وإخوانك مشردون؟! أتقر لك عين بنوم وإخوانك لا ينامون من الخوف والفزع؟! كيف يستسيغ فمك لقمة وإخوانك يبيتون جائعون؟! ألم تسمع إلى قول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". متفق عليه.

إن كثيرًا من الناس في هذا الزمان طغت عليهم المادية والأنانية والطمع، فلا يفكر إلا بنفسه وولده، ليس له بإخوانه المسلمين أية رابطة سوى المسميات.

قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)، وقال -جل ذكره-: (وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ)، ألا تسأل نفسك -عبد الله-: كم من المسلمين في أرض الإسلام يموت جوعًا وعريًا؟! كم منهم من يبكي والناس يضحكون؟! ويألم والناس يستبشرون؟! ألا تتحرك القلوب؟! ألا تذرف الدموع؟!

عباد الله: إن من المسلمين من يبخل بوقته عن سماع أخبار إخوانه المسلمين، وإن منهم من يبخل بدعوة صالحة لهم، هؤلاء الذين لا يعرفون من الإخوة إلا اسمها، أخرج أبو داود عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "المؤمن مرآة المؤمن، يكف عليه ضيعته، ويحوطه من ورائه".

يجب عليك -أخي المسلم- أن يجري همّ الإسلام والمسلمين في عروقك ووجدانك، وأن تحب الخير لجميع إخوانك، أخرج الطبراني في الكبير عن ابن عباس قال: "إني لآتي على الآية في كتاب الله فلوددت أن جميع الناس يعلمون ما أعلم، وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح ولعلي لا أقاضي إليه أبدًا، وإني لأسمع بالغيث قد أصاب البلد من بلاد المسلمين فأفرح وما لي به سائمة". هكذا لتكن الأخوة الإسلامية، دين واحد، وهمّ واحد، ورابطة واحدة، وعقيدة واحدة.

أمة الإسلام: إن لكم إخوانًا في العقيدة في أرض الشيشان، يقتلون بالجماعات، وتهتك الأعراض، حتى الأطفال يقتلون، أشلاء تتطاير، وأجسام تمزق، والدماء تسيل، والدمار يعم البلاد، والرعب والهلع قد ملأ السكك، كل ذلك لأنهم مسلمون، إنهم يبادون لأنهم يتمسكون بالعقيدة الصحيحة، إن هذه البلدة أهلها مسلمون حقًّا؛ حتى إنهم ليُدعون في بلاد البلقان بالوهابيين، لو شاؤوا لعلقوا الصليب، وأكلوا الخنزير وعاشوا كما تعيش دول الكفر، ولكنهم متمسكون بعقيدتهم ومن أجل ذلك يقتلون، مئات الألوف يعيشون في العراء، الألوف منهم قد قطعت أيديهم وأرجلهم، وتشوهت أجسامهم من جراء القصف الروسي الغاشم.

إنهم يستنجدون بإخوانهم المسلمين، يطلبون مد يد المساعدة والمعونة، فأين الأخوة الإسلامية؟! أين حقوق العقيدة الإسلامية؟!

إن مما يجب عليكم -يا عباد الله- أن تهبوا لنجدة إخوانكم بالدعاء والمال، لقد أفتى أهل العلم -وعلى رأسهم الشيخ محمد بن عثيمين والشيخ عبد الله بن جبرين- بجواز دفع الصدقات والزكوات إليهم، فإلى متى نرى الإحجام عن مساعدة إخواننا في الشيشان؟! إن لم تتحرك الأخوة الإسلامية في هذا الوقت فمتى تتحرك؟! لقد هبّت لنصرتهم دول التنصير، فهم يطعمون ويعالجون لينصِّروا، قد هبت لنجدتهم دول الرفض، فأين أنتم يا مسلمون؟!

أخرج الإمام أحمد عن جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من امرئ يخذل امرأً مسلمًا في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته، وما من أحدٍ ينصر مسلمًا في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته".

يا قوم: ليكن لكم الدور الفعال في نصرة إخوانكم بالمال والدعاء، ادعوا الله لهم وأنتم موقنون بالإجابة، اللهم فرج عن إخواننا في الشيشان، اللهم احفظ عليهم دينهم، وانصرهم على عدوهم.

الخطبة الثانية:

أما بعد:

عباد الله: إن الصدقة لتتفاضل من أجل زمن إخراجها ومدى احتياج أهلها إليها، وإنك بإخراج زكاة مالك إلى إخوانك في الشيشان لتدفعها إلى صنفين من أصناف الزكاة، المجاهدين والفقراء، قال تعالى: (وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)، وقال: (وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ).

أيها الناس: لقد ضمن الله الأرزاق للخلق، وقسمها بينهم بعدل وحكمة، وأخبر المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أنه ما من مسلم إلا سيسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه!!

أيها المؤمنون: إن هذا المال سببٌ موصل إما إلى الجنة أو إلى النار، فمن استعان به على طاعة الله وأنفقه في سبيل الخيرات، كان سببًا موصلاً إلى رضوان الله والفوز بالجنة، ومن استعان به على معصية الله، وأنفقه في تحصيل شهواته المحرمة، واشتغل به عن طاعة الله، كان سببًا في غضب الله عليه واستحقاقه العقاب الأليم.

أخرج الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا زاد له"، قال ابن مسعود: "حتى رئينا أنه لا حق لأحد منا في فضل". اهـ.

كم من الأموال والأمتعة المتراكمة التـي قد استغنيت عنها وإخوانك محتاجون إليها وقد بخلت بها؟! أما تعلم -يا عبد الله- أن الصدقة تُظل العبد يوم القيامة؟! حين تدنو الشمس من الخلق وتكون على رؤوسهم قدر ميل، أخرج الإمام أحمد وغيره عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضي بين الناس".

واعلم -يا أخي- أن فضل الله عظيم، وأنه يضاعف الأجر والمثوبة إلى أضعاف كثيرة، أخرج الإمام مسلم عن أبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بناقة مخطومة فقال: هذه في سبيل الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة مخطومة"، كما أن المال الذي يتصدق منه صاحبه لا ينقص بل يزداد بما يحصل منه من بركة الإنفاق والعطاء، أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما نقصت صدقة من مال"، ليس هذا فحسب، بل إن الصدقة لترفع عن نفسك الأخلاق الساقطة، كالشح والبخل والأثرة وغيرها، إن الصدقة لطهارة وزكاة للمسلم، قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا).

أيها المؤمنون: إنما يحسن البكاء والأسف على فوات الدرجات العلا والنعيم المقيم، إن المسلم لتسمو نفسه شوقًا إلى ما عند الله، إذا سمع أخبار الصالحين؛ لما سمع الصحابة -رضوان الله عليهم- قول الله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ)، فهموا من ذلك أنه ينبغي لكل مسلم أن يجتهد لنفسه في طلب ذلك حتى يكون هو السابق لغيره إلى هذه الكرامة والمسارع إلى تلك الفضيلة، فكان أحدهم إذا رأى من يعمل للآخرة أكثر منه نافسه وحاول اللحاق به بل ومجاوزته، فكان تنافسهم في درجات الآخرة واشتياقهم إليها أعظم من تسابقنا في أمور دنيانا، لما نزلت: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)، تسابق الصحابة في إخراج المحبب إليهم، فهذا أبو طلحة يتصدق بسكن له هو أحب مكان إليه، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "بخ بخ؛ ذاك مالٌ رابح". متفق عليه.

قال نافع: كان ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا اشتد عجبه بالشيء من ماله قربه لربه -عز وجل-، ولما حثّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على الصدقة لتجهيز جيش العسرة، تصدق عثمان بثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "ما على عثمان ما فعل بعد هذه"، بل أعظم من ذلك يا مسلمون، فلربما تصدق أحدهم بماله كله في سبيل الله، وقال: أبقي لهم الله ورسوله، أخرج الترمذي عن أسلم مولى عمر قال: سمعت عمر يقول: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نتصدق، ووافق ذلك عندي مالاً فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يومًا، قال: فجئت بنصف مالي فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما أبقيت لأهلك؟! قلت: مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده!! فقال: يا أبا بكر: ما أبقيت لأهلك؟! فقال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسبقه إلى شيء أبدًا".

أيها المسلمون: كم بيننا وبين هؤلاء القوم، لقد آثروا الآخرة على الدنيا، آثروا ما يبقى على ما يفنى، أيها المؤمنون: أين التنافس إلى الطاعات؟! أين التسابق إلى الخيرات؟! أين بذل الصدقات والزكوات؟! أين أصحاب الهمم العاليات؟! إن لكم إخوانًا هم في أمس الحاجة لمد يد المعونة، فهم عراة، وحفاة، ومساكين مستضعفون، أخي المسلم: إن لم تنفق الآن فمتى تكون النفقة؟!

أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أي الصدقة أعظم أجرًا؟! قال: "أن تصدق وأنت شحيح صحيح، تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا، ألا وقد كان لفلان".

عباد الله: (هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)، اللهم أعط منفقًا خلفًا، اللهم تقبل منا الصيام والقيام والدعاء، اللهم اجعلنا من حزبك المفلحين، اللهم انصر إخواننا المستضعفين في الشيشان، اللهم أمدهم بنصر من عندك، اللهم احفظ عليهم دينهم، اللهم بارك لهم في أموالهم وجهودهم، اللهم سخّر لهم جندًا من جندك، يا سميع الدعاء، اللهم عليك بالروس الحاقدين، اللهم أحصهم عددًا واقتلهم بددًا، ولا تغادر منهم أحدًا، اللهم زلزل الأرض من تحتهم، اللهم سلّط عليهم الأمراض المعدية، وفرّق شملهم وجعل كيدهم في نحورهم، واجعل تدبيرهم تدميرًا عليهم، اللهم آمنا في دورنا، وأيد بالحق ولي أمرنا، الله أعز به دينك واجعله سلمًا لأوليائك حربًا على أعدائك، اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم، واصرف عنهم شرارهم.