البحث

عبارات مقترحة:

الرقيب

كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

الأكرم

اسمُ (الأكرم) على وزن (أفعل)، مِن الكَرَم، وهو اسمٌ من أسماء الله...

الوكيل

كلمة (الوكيل) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (مفعول) أي:...

القول البديع من عبر فصل الربيع

العربية

المؤلف الطيب بن أحمد عشاب
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات
عناصر الخطبة
  1. انقسام آيات الله إلى مسطورة ومنظورة .
  2. تجلِّي آيات الله المنظورة في فصل الربيع .
  3. عِبَرُ الربيع ودلالته على البعث .
  4. اهتمام الناس بالربيع وارتباط أعياد وثنية به .
  5. نظرة الإسلام الإيمانية للربيع .
  6. مشروعية الترويح عن النفس في الربيع وضوابطه .

اقتباس

ومن آيات الكون المنظور التي تتطلب التوقف للتأمل والتدبر واستخلاص الدروس والعبر فصلكم هذا. إن فصل الربيع نعمة من نعم الله تعالى، وآية من آياته تتطلب التوقف والتدبر والتأمل، وكل تفكر لأجل الله بكتابه المسطور، أو عجائب كونه المنظور، للوصول إلى حقيقة الإيمان، وسكينة اليقين، والرقي في درجات العبودية، هو...

الخطبة الأولى:

الحمد لله خالق الأرض والسماوات، ومبدع الأكوان والآيات، أحمده سبحانه وتعالى حمدا كثيرا مباركا فيه كما يليق بجلال عزه وعظيم سلطانه.

وأشهد أن لا إلـه إلا الله وحده لا شريك له، أكرمنا بخير نبي أرسل, وخصنا بأفضل كتاب أنزل، وأتم النعمة علينا بأعظم دين شرع: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) [المائدة:3].

وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، أرسله على حين فترة من الرسل بين يدي الساعة بالحق بشيرا ونذيرا، وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً؛ فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين من ربه.

اللهم صل عليه وعلى آله وأزواجه الطيبين الطاهرين، وصحابته الميامين، الغر المحجلين، وتابعيهم وتابعي تابعيهم إلى يوم الدين.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

أما بعد: عباد الله، إننا نتقلب في نعم تترا, وبركات من المولى تتوالى، فبعد غيث الشتاء ورحمة الماء المنزل من السماء, اهتزت الأرض وربت وأخرجت من أصناف النبات، واخضرت وأمدت الخلق بالبركات (مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا) [البقرة:61].

كما ازدادت الأرض بهاء وجمالا, إذ ازدانت بألوان الزهر والورد وتزينت، إننا نعيش الربيع، إننا نعيش في عز ومنتصف فصل الربيع، وفصل الربيع آية من آيات الله تعالى.

واعلموا -عباد الله- أن آيات الله تعالى علامات ودلائل على وجوده وتفرده في الخلق والربوبية، وهي قسمان:

القسم الأول: آيات الكتاب المسطور، وهي آيات الله المتلوة، المقروءة، المكتوبة والمسطورة في كتابه الحكيم.

فالقرآن مجموع آيات... يقول الله جل في علاه: (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) [هود:1].

ويقول عز من قائل: (حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [فصلت:1-3].

القسم الثاني: آيات الكون المنظور، وهي كل ما يستدعي التدبر والتأمل في الكون, كالسماوات والأرض واختلاف ألسنة الناس واختلاف ألوانهم، وتعاقب الليل والنهار، وتعاقب الفصول، والرعد والرياح والمطر.

قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ) [الروم:22].

وقال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [فصلت:37].

آيات الله تعالى هي آيات الكتاب المسطور... وكلها للتدبر والتذكر. يقول الله تبارك وتعالى:

(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) [ص:29].

ومن آيات الكون المنظور التي تتطلب التوقف للتأمل والتدبر واستخلاص الدروس والعبر فصلكم هذا: فصل الربيع.

قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [فصلت:39].

(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً)، خشوعها: قال ابن عاشور: هو التذلل، وَهُوَ مُسْتَعَارٌ لِحَالِ الْأَرْضِ إِذَا كَانَتْ مُقْحِطَةً لَا نَبَاتَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ حَالَهَا فِي تِلْكَ الْخَصَاصَةِ كَحَالِ الْمُتَذَلِّلِ، وَهَذَا مِنْ تَشْبِيهِ الْمَحْسُوسِ بِالْمَعْقُولِ. اهـ.

إن فصل الربيع نعمة من نعم الله تعالى، وآية من آياته تتطلب التوقف والتدبر والتأمل، وكل تفكر لأجل الله بكتابه المسطور، أو عجائب كونه المنظور، للوصول إلى حقيقة الإيمان، وسكينة اليقين، والرقي في درجات العبودية، هو عبادة.

ومن عبر فصل الربيع أن هذا الكون يسير وفق قواعد دقيقة من خالق واحد عليم، على كل شيء قدير.

سأل الْأَصْمَعِيّ أعرابيا: بِمَ عَرَفْتَ رَبَّكَ؟ فَقَالَ: الْبَعْرَةُ تَدُلُّ عَلَى الْبَعِيرِ، وَآثَارُ الْأَقْدَامِ يَدُلُّ عَلَى الْمَسِيرِ، فَسَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ، وَأَرْضٌ ذَاتُ فِجَاجٍ، أَلَا تَدُلُّ عَلَى اللَّطِيفِ الْخَبِيرِ؟.

تَأَمَّلْ فِي نبات الْأَرْضِ وَانْظُرْ  

إِلَى آثَارِ مَا صَنَعَ الْمَلِيـكُ

عُيُونٌ مِنْ لجين شاخصـات  

بأحداق هِيَ الذَّهَبُ السَّبِيكُ

عَلَى قُضُبِ الزَّبَرْجَدِ شَاهِدَاتٌ  

بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ لَــهُ شَرِيكُ

وأنَّ مُحَمَّداً خَيْـرُ البَرَايـا  

إلى الثَّقَلَيْنِ أَرْسَلـَهُ المَلِيـكُ

ومن عبر فصل الربيع أنه يدل على البعث.

البعث من عالم الغيب، ونحن أمرنا أن نؤمن بالغيب، وقد جلّاه الحق جل وعلا بمثال من عالم الشهادة، فالأرض التي ظلت هامدة خاشعة لما أنزل الله عليها ماء من السماء أنبتت من كل زوج بهيج.

عن أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى؟ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ فِي خَلْقِهِ؟ قَالَ: "أَمَا مَرَرْتَ بِوَادٍ لَكَ مَحْلًا ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَزُّ خَضِرًا؟ ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ مَحلًا ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَزُّ خَضِرًا؟" قَالَ: بَلَى. قَالَ: "فَكَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى، وَذَلِكَ آَيَتُهُ فِي خَلْقِهِ" رواه الحاكم في المستدرك.

وفي صحيح مسلم، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: "كُلُّ ابْنِ آدَمَ يَأْكُلُهُ التُّرَابُ، إِلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ، وَفِيهِ يُرَكَّبُ".

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ"، قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قَالَ: أَبَيْتُ، قَالُوا: أَرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قَالَ: أَبَيْتُ، قَالُوا: أَرْبَعُونَ سَنَةً؟ قَالَ: أَبَيْتُ.

"ثُمَّ يُنْزِلُ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ، كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ"، قَالَ: "وَلَيْسَ مِنَ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلَّا يَبْلَى، إِلَّا عَظْمًا وَاحِدًا، وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ، وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" رواه البخاري ومسلم.

بيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدة الفاصلة بين النفختين, النفخة الأولى التي تنتهي بها الحياة على الأرض يوم القيامة، والنفخة الثانية نفخة البعث، كما في قوله تعالى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ) [الزمر:68].

كما بيّن للصحابيّ الجليل أبي رزين العقيلي الذي كانت أغلب رواياته مساءلات أن الله تعالى سيحيي الموتى كما يحيي الأرض بعد موتها، وفي ذلك يقول المولى سبحانه وتعالى: (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ * وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ) [ق:7-11].

ويقول: (وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ) [الزخرف:11].

ويقول: (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ) [الروم:19].

عباد الله: لقد اهتم الناس بالربيع، فأحدثت له من قبلنا من الأمم أعيادا، واهتم به من يعاصرنا فجعلوا له عطلا.

العطل الربيعية، أبناؤكم في الأيام الأخيرة منها، كما يحتفل قسم من العالم بأعياد ترتبط بالربيع، وهي أعياد وثنية أول من أقامها الفراعنة في مصر ثم نقلها عنهم بنو إسرائيل بعد خروجهم، وسموها: "عيد الفصح"، ثم نقلها المسيحيون وسموها: "عيد القيامة".

إخواننا من المقيمين في ديار الغرب يرون هذه الأعياد في بلجيكا وفرنسا وألمانيا... وأهم ما يميزها التوقف عن العمل، وإحياؤها بتلوين البَيْض، بَيْض الدجاج، باللون الأحمر، وزخرفته، كما كان الفراعنة يكتبون التعاويذ والأدعية على البيض ويعلقونه على الأشجار.

أما الإسلام العظيم فينظر إلى الربيع على أنه بستان آخر للطاعة عن طريق التدبر والتأمل والتفكر في حقيقة البعث، وتوحيد الخالق اللطيف العليم الخبير.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الشتاء ربيع المؤمن" رواه أحمد. وإذا كان الشتاء ربيع المؤمن؛ لكون ليله طويلا للقيام ونهاره قصيرا للصيام، فالربيع محراب المؤمن لعبادة الله بالتدبر والتأمل والشكر.

اللهم اجعلنا من الذين حولوا شتاءهم إلى بساتين الطاعات وميادين العبادات، ومن الذين حولوا ربيعهم إلى محراب التذكر والشكر.

اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، وذهاب همنا وغمنا، وتولنا برحمتك يا مولانا.

توبوا إلى ربكم واستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية:

الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على خير خلقه، سيدنا محمد بن عبد الله، رسول رب العالمين إلى كل العالمين.

قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "إذا دخلت البساتين فأطل تأملها، فإن فيها جلاء للبصر، وارتياحا للهمّ والفكرة، وتكرمة للطبائع، وتسكينا للصداع".

في هذا الكلام الحث على الترويح عن النفس، والتمتع بالنظر، والتأمل في البساتين وما تخرجه الأرض من ألوان النبات.

وإن الترويح عن النفس في الإسلام أمر مشروع، ومما يؤكده حديث حنظلة الأسيدي، قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْي عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا.

فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- :"وَمَا ذَاكَ؟"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَكُونُ عِنْدَكَ، تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْي عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، نَسِينَا كَثِيرًا.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! إِنْكم لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي، وَفِي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. رواه مسلم.

وفي الأثر قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: "أَجِمُّوا هَذِهِ الْقُلُوبَ، وَاطْلُبُوا لَهَا طُرَفَ الْحِكْمَةِ؛ فَإِنَّهَا تَمَلُّ كَمَا تَمَلُّ الْأَبْدَانُ".

إن الترويح في الإسلام له ضوابط وشروط، وهو وسيلة وليس غاية.

ومن أهم ضوابطه وشروطه ألّا يشتمل على مخالفة شرعية، كالاجتماع على محرم من الأكل والشرب والقول...

وألّا يكون فيه ضرر للبيئة والخلق؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- :"لا ضرر ولا ضرار".

وألا يشتمل على اختلاط: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الأحزاب:59].

وصل اللهم وسلم على الرحمة المهداة للعالمين...