البحث

عبارات مقترحة:

الرءوف

كلمةُ (الرَّؤُوف) في اللغة صيغةُ مبالغة من (الرأفةِ)، وهي أرَقُّ...

الخالق

كلمة (خالق) في اللغة هي اسمُ فاعلٍ من (الخَلْقِ)، وهو يَرجِع إلى...

الأعلى

كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...

يوم عاشوراء والتأريخ الهجري

العربية

المؤلف عبد الله بن محمد البصري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصيام -
عناصر الخطبة
  1. مرور الأشهر والأعوام .
  2. فضل شهر الله المحرم وعاشوراء .
  3. موقف الشيعة من عاشوراء .
  4. التأريخ الهجري .

اقتباس

مَنْ تَفَكَّرَ لأَيِّ مَعْنَىً خُلِق؛ أَيْقَنَ أَنَّه في رِحْلَة، ويَبْدَأُ السَّفَرُ مِنْ ظُهُورِ الآباء، إلى بُطُونِ الأُمَّهَات، ثُمَّ إلى الدُّنيا، ثُمَّ إلى القَبْر، ثُمَّ إلى الحَشْر، ثُمَّ إلى دَارِ الإِقَامَةِ الأَبَدِيَّة؛ فَتَزَوَّدْ لِتِلْكَ الرِّحْلَة...

الخُطْبَةُ الأُوْلَى:

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعمَلُونَ)[الحشر:18].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ: عَامٌ مِن أَعمَارِنَا تَصَرَّمَت أَيَّامُهُ وَمَضَت لَيَالِيهِ، وَصَارَ أَحلامًا وَذِكرَيَاتٍ بِكُلِّ مَا فِيهِ، لِنُدرِكَ بِهَذَا أَنَّ الدُّنيَا لَيسَت بِدَارِ قَرَارٍ، وَأَنَّنَا فِيهَا مُسَافِرُونَ عَابِرُونَ، في ظِلِّ شَجَرَةٍ قَائِلُونَ، وَعَنهَا عَمَّا قَرِيبٍ رَاحِلُونَ.

أَجَل -أَيُّهَا المُسلِمُونَ-، إِنَّ في مُرُورِ الليَالي وَالأَيَّامِ، وَسُرعَةِ انقِضَاءِ الشُّهورِ وَالأَعوَامِ، لَعِبَرًا لِمَن أَرَادَ أَن يَعتَبِرَ وَيَتَذَكَّرَ (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ الليلَ وَالنَّهَارَ خِلفَةً لِمَن أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَو أَرَادَ شُكُورًا)[الفرقان:62]، وَفي البُخَارِيِّ عَنِ ابنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا- قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بِمَنكِبِي فَقَالَ: "كُنْ في الدُّنيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَو عَابِرُ سَبِيلٍ"، وَكَانَ ابنُ عُمَرَ يَقُولُ: "إِذَا أَمسَيتَ فَلا تَنتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصبَحتَ فَلا تَنتَظِرِ المَسَاءَ وَخُذْ مِن صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِن حَيَاتِكَ لِمَوتِكَ".

أَيُّهَا المُسلِمُونَ: بَعدَ أَن مَضَى شَهرُ ذُو الحَجَّةِ وَمَا فِيهِ مِن مَوَاسِمِ الخَيرَاتِ، وَمُنَوَّعِ العِبَادَاتِ وَجَلِيلِ الطَّاعَاتِ وَالقُرُبَاتِ، حَلَّ عَلَينَا شَهرُ اللهِ المُحَرَّمِ، وَهُوَ أَحَدُ أَربَعَةِ أَشهُرٍ عَظِيمةٍ، جَعَلَ اللهُ -تَعَالى- لَهَا مَزِيدَ فَضلٍ وَحُرمَةٍ، قَالَ سُبحَانَهُ: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللهِ اثنَا عَشَرَ شَهرًا في كِتَابِ اللهِ يَومَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ مِنهَا أَربَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ فَلا تَظلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُم)[التوبة: 36]، وَفي الصَّحِيحَينِ عَن أَبي بَكرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ- قَالَ: خَطَبَنَا النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَومَ النَّحرِ قَالَ: "إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ استَدَارَ كَهَيئَتِهِ يَومَ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ، السَّنَةُ اثنَا عَشَرَ شَهرًا مِنهَا أَربَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو القَعدَةِ وَذُو الحِجَّةِ وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَينَ جُمَادَى وَشَعبَانَ".

وَشَهرُ المُحَرَّمِ -أَيُّهَا المُسلِمُونَ- مِنَ الأَشهُرِ الَّتي يُستَحَبُّ صَومُهَا، قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "أَفضَلُ الصِّيَامِ بَعدَ رَمَضَانَ شَهرُ اللهِ المُحَرَّمُ"(رَوَاهُ مُسلِمٌ).

وَأَفضَلُ مَا يُصَامُ في هَذَا الشَّهرِ يَومُ عَاشُورَاءَ ؛ حَيثُ قَالَ النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا سُئِلَ عَن صَومِهِ: "يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ"(رَوَاهُ مُسلِمٌ).

وَمُخَالَفةً لِليَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ، فَقَد أَخَذَ رَسُولُنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- عَلَى نَفسِهِ العَهدَ أَن يُخَالِفَهُم بِصِيَامِ التَّاسِعِ مَعَهُ؛ فَفِي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَن ابنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ- قَالَ: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَومَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يَومٌ يُعَظِّمُهُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لَئِن بَقِيتُ إِلى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ".

أَيُّهَا المُسلِمُونَ: يَومُ عَاشُورَاءَ يَومُ شُكرٍ للهِ عَلَى نَصرِهِ دِينَهُ وَأَولِيَاءَهُ، وَمِن هُنَا جَاءَ الحَثُّ عَلَى صَومِهِ شُكرًا للهِ، لَكِنَّ الرَّافِضَةَ أَخزَاهُمُ اللهُ أَخرَجُوهُ عَن كُونِهِ يَومَ شُكرٍ للهِ عَلَى نَجَاةِ نَبِيِّهِ مُوسَى -عَلَيهِ السَّلامُ-، إِلى يَومِ نُوَاحٍ وَصُرَاخٍ، وَبُكَاءٍ وَعَوِيلٍ وَلَطمِ خُدُودٍ، وَجَرحِ أَجسَادٍ وَإِسَالَةِ دِمَاءٍ، زَاعِمِينَ أَنَّهُم يَفعَلُونَ ذَلِكَ حُزنًا عَلَى مَقتَلِ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا-، وَهَذَا كَذِبٌ مِنهُم وَافتِراءٌ وَادِّعَاءٌ، وَلَو كَانُوا صَادِقِينَ مَا جَعَلُوا هَذَا اليَومَ العَظِيمَ يَومًا يَلعَنُونَ فِيهِ أَكثَرَ الصَّحَابَةِ وَيَسَبُّونَهُم، كَيفَ وَقَد حَذَّرَ الرَّسُولَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- مِن ذَلِكَ فَقَالَ: "لا تَسُبُّوا أَصحَابي، لا تَسُبُّوا أَصحَابي، فَوَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَنَّ أَحَدَكُم أَنفَقَ مِثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا أَدرَكَ مُدَّ أَحَدِهِم وَلا نَصِيفَهُ"(رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ).

وَإِنَّهُ لَولا أَنَّ أَعمَالَ أُولَئِكَ الرَّافِضَةِ قَد تَجَاوَزَت حُسَينِيَّاتِهِم، وَجَعَلُوا يَبُثُّونَهَا وَيَنشُرُونَهَا عَبرَ وَسَائِلِ الإِعلامِ وَالتَّوَاصُلِ، لَكَانَ حَقُّهَا أَن تُنسَى وَتُطوَى وَلا تُروَى، لَكِنَّهُم تَجَاوَزُوا وَتَعَدَّوا بِإِظهَارِ بِدَعِهِم، عَدَا مَا ظَهَرَ مِن جَرَائِمِهِم في حَقِّ أَهلِ السُّنَّةِ في بِلادِ الشَّامِ وَالعِرَاقِ وَاليَمَنِ، وَالَّتي يَقصِدُونَ مِن وَرَائِهَا بِلادَ الحَرَمَينِ الشَّرِيفَينِ وَأَهلَهَا، فَكَانَ عَلَى أَهلِ السُّنَّةِ أَن يَحذَرُوا مِنهُم وَيُحَذِّرُوا، وَأَن يَتُوبُوا إِلى رَبِّهِم وَيَرجِعُوا، وَأَن يَستَكثِرُوا مِن أَعمَالِ الخَيرِ وَيَغتَنِمُوا مَوَاسِمَ الطَّاعَةِ وَالبِرِّ ؛ لِيَحفَظَهُمُ اللهُ وَيَنصُرَهُم عَلَى عَدُوِّهِم (وَمَا النَّصرُ إِلاَّ مِن عِندِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[الأنفال:10].

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ -أَيُّهَا المُسلِمُونَ-، وَلْنَعمُرْ أَوقَاتَنَا بِمَا يُقَرِّبُنَا إِلى رَبِّنَا، وَلْنَحرِصْ عَلَى صِيَامِ يَومِ عَاشُورَاءَ، فَإِنَّهَا نِعمَةٌ مِنَ اللهِ وَأَيُّ نِعمَةٍ، وَفَضلٌ مِنهُ تَعَالى وَأَيُّ فَضلٍ، أَن يَكُونَ صِيَامُ يَومٍ وَاحِدٍ، مُكَفِّرًا مَا اقتَرَفَهُ العَبدُ في سَنَةٍ مِن مَعَاصٍ وَسَيِّئَاتٍ، وَخَاصَّةً الصَّغَائِرَ مِنهَا وَالمُحَقَّرَاتِ، وَإِنَّهُ وَاللهِ لا يُفَرِّطُ في هَذَا الأَجرِ العَظِيمِ وَيَتَغَافَلُ عَن ذَاكَ الفَضلِ الكَبِيرِ إِلاَّ مَحرُومٌ، مُؤثِرٌ لِلدُّنيَا عَلَى الآخِرَةِ، مُقَدِّمٌ لِلفَانِيَةِ عَلَى البَاقِيَةِ.

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: (فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الكُبرَى * يَومَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى * وَبُرِّزَتِ الجحِيمُ لِمَن يَرَى * فَأَمَّا مَن طَغَى * وَآثَرَ الحَيَاةَ الدُّنيَا * فَإِنَّ الجَحِيمَ هِيَ المَأوَى * وَأَمَّا مَن خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفسَ عَنِ الهَوَى * فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأوَى * يَسأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرسَاهَا * فِيمَ أَنتَ مِن ذِكرَاهَا * إِلى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا * إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخشَاهَا * كَأَنَّهُم يَومَ يَرَونَهَا لم يَلبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَو ضُحَاهَا) [النازعات:34-46].

الخطبة الثانية:

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ: في بِدَايَةِ كُلِّ عَامٍ هِجرِيٍّ جَدِيدٍ، يَتَذَكَّرُ المُسلِمُ ذَلِكُمُ اليَومَ العَظِيمَ المُبَارَكَ، الَّذِي وَطِئَت فِيهِ قَدَمُ المُصطَفَى -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- أَرضَ طَيبَةَ مُهَاجِرًا، حَيثُ بَدَأَ بِذَلِكَ اليَومِ تَأرِيخٌ لِلمُسلِمِينَ مُشرِقٌ، وَاستَمَرَّت لَهُم حَضَارَةٌ عَرِيقَةٌ مُمتَدَّةٌ.

وَبَينَمَا تُؤَرِّخُ الأُمَمُ لأَنفُسِهَا بِمِيلادِ عَظِيمٍ مِن عُظَمَائِهَا أَو بِوَفَاتِهِ، أَو بِتَوَلِّيهِ المُلكَ أَوِ انتِصَارِهِ عَلَى عَدُوٍّ، فَإِنَّ أُمَّةَ الإِسلامِ لَهَا أَعظَمُ تَأرِيخٍ، لَهَا التَّأرِيخُ الهِجرِيُّ الإِسلامِيُّ، الَّذِي هُوَ حُكمُ اللهِ الكَونيُّ مُنذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ، وَجَعَلَ عِدَّةَ الشُّهُورِ اثنَي عَشَرَ شَهرًا، قَالَ جَلَّ وَعَلا: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللهِ اثنَا عَشَرَ شَهرًا في كِتَابِ اللهِ يَومَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ)[التوبة:36]، وَقَالَ -جَلَّ وَعَلا-: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمسَ ضِيَاءً وَالقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالحِسَابَ مَا خَلَقَ اللهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَومٍ يَعلَمُونَ)[يونس:5]، وَقَالَ سُبحَانَهُ: (يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالحَجِّ)[البقرة:189].

وَقَدِ اتَّفَقَتِ الأُمَّةُ عَلَى العَمَلِ بِالتَّأرِيخِ الهِجرِيِّ مُنذُ عَهدِ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنهُم أَجمَعِينَ-، حَيثُ جَمَعَهُم عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ في خِلافَتِهِ، وَاستَشَارَهُم في تَأرِيخٍ يَعرِفُونَ بِهِ عِبَادَاتِهِم، وَيَضبِطُونَ مُعَامَلاتِهِم وَمُكَاتَبَاتِهِم؛ فَاتَّفَقُوا على التَّأرِيخِ بالِهجرَةِ لِظُهُورِهِ وَاشتِهَارِهِ، وَلأَنَّ اللهَ -تعَالى- قَد فَرَّقَ بِهَا بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، وَبِهَا انتَقَلَ الإِسلامُ مِن عَهدِ الضَّعفِ وَالإِسرَارِ إِلى عَهدِ القُوَّةِ وَالإِشهَارِ، وَلِهَذَا كَانَ الوَاجِبُ عَلَى المُسلِمِينَ في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، أَن يَعتَبِرُوا بِالأَهِلَّةِ وَالأَشهُرِ الهِجرِيَّةِ القَمَرِيَّةِ في عِبَادَاتِهِم وَزَكَوَاتِهِم، وَفي بُيُوعِهِم وَدُيُونِهِم وَسَائِرِ أَحكَامِهِم وَمُعَامَلاتِهِم، وَأَلاَّ يُقَدِّمُوا عَلَى تَأرِيخِهِم أَيَّ تَأرِيخٍ آخَرَ مَهمَا حَاوَلَ أَعدَاؤُهُم أَن يصرِفُوهُم، فَإِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ ابتِدَاعٌ وَمُخَالَفَةٌ لِلسُّنَّةِ، وَقَد قَالَ نَبِيُّنَا -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: "وَإِنَّهُ مَن يَعِشْ مِنكُم فَسَيَرَى اختِلافًا كَثِيرًا، فَعَلَيكُم بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُم وَمُحدَثَاتِ الأُمُورِ ؛ فَإِنَّ كُلَّ بِدعَةٍ ضَلالَةٌ"(رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ).