الحليم
كلمةُ (الحليم) في اللغة صفةٌ مشبَّهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل)؛...
العربية
المؤلف | عبدالباري بن عواض الثبيتي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
الرِّبحُ والخسارة في ميزان العُقلاء ربحُ الإيمان والفوز بالآخرة، والإنسانُ خاسرٌ أبدًا خسارة عُمره ومآله مهما جمعَ وحوَى، وحازَ واستولَى. ومن صُور الخسارة وأليم الحسرة: إفلاسُ رصيدِ الطاعات بعد أن عمِلَ المُسلمُ أعمالاً كثيرةً في وُجوهِ البِرِّ، وتزدادُ الحسرةُ حين يعجزُ الرَّصيدُ عن القضاء، فيكونُ التسديدُ بتحمُّل سيئات العباد، فيخرُجُ من الدنيا حزينًا على ما قدَّم من إساءةٍ، وهناك لا مجالَ...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، الحمد لله الذي منَّ على المسلمين بعاقبة الخير وحُسن السيادة، أحمده -سبحانه- وأشكرُه على نعمة الأُخُوَّة وأجر الزيارة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في شرعِه طريقُ النجاة وخيرُ التجارة، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه من اتَّبعَ هُداه نجا وفاز، ومن تنكَّبَ الطريقَ فالمآلُ الخسارة، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
تتقلَّبُ الحياةُ بين ربحٍ وخسارة، ويسعى الإنسانُ إلى أن ينأَى بنفسِه عن الخسارة، ويُحقِّق فوزًا في شؤون حياتِه، يفرحُ الإنسانُ للرِّبح ويزهُو، ويحزنُ للخسارة.
ذلك أن الخسارة مُرٌّ مذاقُها، أليمٌ مآلُها، وبعضُ الناس إذا لحِقَت بهم خسارةٌ دنيويَّة شقُّوا الجيوب، ولطَموا الخدود، ودعَوا بدعوى الجاهلية.
لكنّ الخسارة الحقيقية ليست خسارة الدنيا، وليست خسارة المال والمنصِب أو الوظيفة أو التجارة، الخسارة الحقيقية هي خسارة الباقية الآجِلة، ومتاعُ الدنيا ليس مِقياسًا للرِّبح والخسارة؛ فكم من رابحٍ في الدنيا وهو خاسرٌ يوم القيامة؟! قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) [الزمر: 15].
الرِّبحُ والخسارة في ميزان العُقلاء ربحُ الإيمان والفوز بالآخرة، والإنسانُ خاسرٌ أبدًا خسارة عُمره ومآله مهما جمعَ وحوَى، وحازَ واستولَى: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) [العصر: 1، 2]، ثم استثنَى -سبحانه وتعالى-: (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) [العصر: 3]، الذين آمنوا وحقَّقوا إيمانَهم بعمل الصالحات، وتجمَّلوا بالصبر والتزَموا طريقَ الحق هم الفائِزون.
وأعظمُ الخسارة خسارة الدين، كل خسارةٍ في هذه الدنيا تهُون إلا خسارة الدين؛ لأن المُصيبة في الدين تُوجِبُ لصاحبِها الهلاكَ في الآخرة.
خسارةُ الدين بانحِراف شُبهةٍ، أو شهوةٍ، أو بتضييع أركانِه وتمييع أحكامِه، أو يُسخِّرُه لخدمة دُنياه وبُلوغ مصالحِه، ولهذا كان دعاءُ النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ولا تجعل مُصيبتَنا في دينِنا".
ومن ضيَّع العملَ وأهملَ في تحصيلِه خفَّ يوم العرض ميزانُه، ونقصَت أعمالُه، فترجحُ كِفَّةُ السيئات، وتطيشُ كِفَّةُ الحسنات، ويغدُو من الخاسِرين، قال الله تعالى: (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ) [الأعراف: 8، 9].
ولما أُهبِط آدمُ وحواء: (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف: 23]، فمن فقَدَ مغفرةَ الله وعفوَه ورحمتَه وقُربَه فهو من الخاسِرين.
ومن سِمات الخاسِرين: خُلفُ الوعد، ونقضُ العهد، وإبطالُ الميثاق، والإفسادُ في الأرض ببثِّ الشُّبُهات، وإثارة الشهوات ورعايتِها، قال الله تعالى: (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [البقرة: 27].
طاعةُ الكافرين ومُوالاتُهم علامةُ الخسران. والقرآنُ يُحذِّرُنا من سُوء العاقبة والمآل، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) [آل عمران: 149].
ومن سِمات الخاسِرين: أن عبادتَهم تدورُ مع المصلَحة الدُّنيويَّة: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) [الحج: 11].
من الناس من لا يعبُدُ الله ولا يحمدُه إلا في حال الرَّخاء، إذا حلَّت الدنيا بِدارِه عبَدَ ربَّه وأطاعَه، وإذا رحَلَت الدنيا عن حياتِه انقلَبَ على وجهِه. يتمسَّك بالعبادة حالَ النعمة، ويصُدُّ عنها حالَ الضَّرَّاء: (خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ).
قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "كان الرجلُ يقدمُ المدينة فإن ولدَت امرأتُه غلامًا، ونُتِجَت خيلُه قال: هذا دينٌ صالِحٌ، فإن لم تلِد امرأتُه، ولم تُنتَج خيلُه قال: هذا دينُ سوءٍ". رواه البخاري.
ومن الخُسران ما ذكَرَه القرآنُ في مُحكَم التنزيل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [المنافقون: 9]، فمن ألهَتْه أموالُه، وشغلَه أولادُه، وضيَّع بسبب ذلك العبادةَ والطاعةَ ظنًّا منه أن ذلك سبيلُ الرِّبح فهو واهِمٌ مغرورٌ، يُخيَّلُ إليه أن هذا سبيلُ المتاعِ والأمنِ والنعمةِ، وما علِمَ المسكينُ أنه لطريق الخسارة سالِكٌ.
ومن قتلَ أخاه ظُلمًا وعُدوانًا فهو خاسِرٌ، وإن عاشَ مُنعَّمًا مُستمتِعًا بنعيمِ الدنيا، قال الله تعالى: (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [المائدة: 30].
ومن اتَّخذَ الشيطانَ وليًّا يُحكِّمُه في ليله ونهاره، وقولِه وفعلِه، ومالِه ومآلِه فهو خاسِرٌ، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا) [النساء: 119].
والأنبياءُ المُصلِحون يُبصِرون مواطِنَ الخسارة ويحذَرُونَها ويُحذِّرُون منها، وأبرزُها: المعصية التي تُفضِي إلى زيادة تخسيرٍ، قال الله تعالى على لسان هُودٍ -عليه السلام-: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ) [هود: 63].
ومن سِمات الخاسِرين: الأمنُ من مكرِ الله، قال الله تعالى: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) [الأعراف: 99].
ومن صُور الخسارة وأليم الحسرة: إفلاسُ رصيدِ الطاعات بعد أن عمِلَ المُسلمُ أعمالاً كثيرةً في وُجوهِ البِرِّ، وتزدادُ الحسرةُ حين يعجزُ الرَّصيدُ عن القضاء، فيكونُ التسديدُ بتحمُّل سيئات العباد، فيخرُجُ من الدنيا حزينًا على ما قدَّم من إساءةٍ، وهناك لا مجالَ لتعويضِ الخسارة.
وفي هذا يقول الرسولُ -صلى الله عليه وسلم-: "تَدرون ما المُفلِسُ؟!". قالوا: المُفلِسُ فينا من لا دِرهَم له ولا متاع، فقال: "إن المُفلِسَ من أمَّتي يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي وقد شتَمَ هذا، وقذَفَ هذا، وأكَلَ مالَ هذا، وسفَكَ دمَ هذا، وضرَبَ هذا. فيُعطَى هذا من حسناتِه، وهذا من حسناتِه، فإن فنِيَت حسناتُه قبل أن يُقضَى ما عليه أُخِذَ من خطاياهم فطُرِحَت عليه، ثم طُرِح في النار". رواه مسلم.
ومن كذَّبَ بلِقاء الله ولم يعمَل له، وقصَّرَ أملَه في الحياة الدنيا وخدَعَ نفسَه فهو خاسِرٌ، قال الله تعالى: (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ) [الأنعام: 31].
والخسارةُ التي تُبكِي العيونَ، وتُحزِنُ النفوسَ، موتُ القلبِ وقسوتُه، فلا يتأثَّرُ بالقرآن، ولا يخشَعُ لآياتِه، ولا يستجيبُ للمواعِظ: (لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا) [الأعراف: 179].
من الخسارة: هجرُ القُرآن وهجرُ تلاوتِه، قال الله تعالى: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) [الفرقان: 30].
ومن الخسارة: تضييعُ الصلوات وتأخيرُها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الذي تفوتُه صلاةُ كأنَّما وُتِرَ أهلَه ومالَه".
والنومُ عن صلاة الفجر وأداؤُها بعد حرِّ الشمس خسارةٌ وتفويتٌ للفوز العظيم والرِّبح الكبير، وفي ذلك قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "ذاك رجلٌ بالَ الشيطانُ في أُذنَيْه"، أو قال: "في أُذنِه".
وضياعُ الوقت من صُور الخسارة، والوقتُ لا يخلُفُه شيءٌ، وإذا انقضَى لا يرجِعُ ولا يعودُ، والعاقلُ يتأمَّلُ سُرعةَ انقِضاء الأوقات ويعرِف كم ربِحَ فيها وكم خسِر، حتى لا يُفاجَأ بالعُمر يتهاوَى والخسائِر تتوَالَى.
وقد تلحَقُ الخسارةُ الأمَّةَ جمعاء: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا) [الطلاق: 8، 9].
الأمةُ التي تنحرِفُ عن منهج الله، وتُخالِفُ أمرَه، وتستفحِلُ فيها الذنوبُ والمعاصِي، وتتمرَّدُ على هديِ الله ورُسُله تكونُ عاقبةُ أمرِها ندمًا ومِحَنًا وفقرًا وجَورًا وحياةً مُفزِعةً لا أمنَ فيها ولا استِقرار، وتلك سُنَّةُ الله، قال الله تعالى: (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) [الأحزاب: 62].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتِنانِه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنِه، وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبِه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70، 71].
وهنا يتساءَلُ العاقلُ -عباد الله-: كيف أحمِي نفسي من الخسارة؟! وأين هي التجارةُ الرَّابِحة؟! بيَّن القرآنُ الكريمُ معالِمَ التجارة الرَّابِحة المُثمِرة التي لا يلحَقُها حسرةٌ ولا نَدامةٌ، تجارةٌ مأمونةُ الخسائر، إنها التجارةُ مع الله -تبارك وتعالى-، قال -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الصف: 10، 11]، وقال -سبحانه-: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ) [فاطر: 29].
والذين يُفرِّطون في هذه التجارة فسوف تتقطَّعُ قلوبُهم حسرات، وتذوبُ أفئِدتُهم ندمًا على ضياع الفُرصةِ التي لا تُعوَّض، قال الله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ) [الأنعام: 31].
اللهم صلِّ على محمدٍ وأزواجه وذرِّيَّته كما صلَّيتَ على آل إبراهيم، وبارِك اللهم على محمدٍ وأزواجه وذرِّيَّته كما بارَكتَ على آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشِدين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن الآل والصَّحبِ الكِرام، وعنَّا معهُم بعفوِك وكرمِك وإحسانِك يا أرحمَ الراحِمِين.
اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمُسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمُسلمين، وأذِلَّ الكفرَ والكافِرين، ودمِّر اللهم أعداءَك أعداءَ الدين، واجعل اللهم هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا وسائرَ بلاد المُسلِمين.
اللهم إنا نسألُك يا الله يا قوي يا عزيز يا جبار يا مُنتقِم، نسألُك يا الله بأسمائِك الحُسنى وصفاتِك العُلى، اللهم نسألُك باسمِك الأعظم الذي إذا دُعيتَ به أجبتَ، وإذا سُئِلتَ به أعطيتَ، اللهم إنا نسألُك يا الله بأنك أنت الأحدُ الصمدُ الذي لم يلِد ولم يُولَد ولم يكُن له كُفوًا أحد، اللهم إنا نسألُك يا الله أن تحفظَ إخوانَنا وتنصُرهم في سُوريا، اللهم احفَظهم بحفظِك، واكلأهم برعايتِك، اللهم كُن لهم مُؤيِّدًا ونصيرًا وظهيرًا يا رب العالمين.
اللهم إنهم حُفاةٌ فاحمِلهم، وعُراةٌ فاكسُهم، ومظلومون فانتصِر لهم، ومظلومون فانتصِر لهم، ومظلومون فانتصِر لهم، اللهم انتصِر لهم يا قوي يا عزيز.
اللهم عليك بطاغية الشام وأعوانِه، اللهم فرِّق جمعَهم، وشتِّت شملَهم، واجعَل الدائِرَة عليهم، اللهم أرِنا فيهم عجائِبَ قُدرتِك يا رب العالمين عاجلاً غيرَ آجلٍ، اللهم إنهم طغَوا وبغَوا وأسرَفوا في طُغيانِهم، اللهم زلزِل الأرضَ من تحت أقدامِهم، وصُبَّ العذابَ عليهم من فوقِهم.
اللهم مُنزِل الكتاب، مُجرِي السحاب، هازِم الأحزاب، اهزِمهم وانصُر المُسلمين عليهم يا ذوي يا متين، يا عزيز يا جبار، إنك على كل شيء قدير.
اللهم إنا نسألُك الجنةَ وما قرَّبَ إليها من قولٍ وعملٍ، ونعوذُ بك من النار وما قرَّبَ إليها من قولٍ وعملٍ.
اللهم أصلِح لنا دينَنا الذي هو عصمةُ أمرِنا، وأصلِح لنا دُنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلِح لنا آخرتَنا التي إليها معادُنا، واجعل الحياةَ زيادةً لنا في كل خيرٍ، والموتَ راحةً لنا من كل شرٍّ يا رب العالمين.
اللهم أعِنَّا ولا تُعِن علينا، وانصُرنا ولا تنصُر علينا، وامكُر لنا ولا تمكُر علينا، واهدِنا ويسِّر الهُدى لنا، وانصُرنا على من بغَى علينا.
اللهم اجعَلنا لك شاكِرين، لك ذاكِرين، لك مُخبِتين، لك أوَّاهِين مُنيبين.
اللهم تقبَّل توبتَنا، واغسِل حوبَتَنا، وثبِّت حُجَّتَنا، وسدِّد ألسِنَتنا، واسلُل سخيمَةَ قُلوبِنا.
اللهم اشفِ مرضانا، واغفِر لموتانا، وفرِّج هُمومَنا، وفُكَّ أسرانا يا رب العالمين.