البحث

عبارات مقترحة:

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

الملك

كلمة (المَلِك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعِل) وهي مشتقة من...

الباسط

كلمة (الباسط) في اللغة اسم فاعل من البسط، وهو النشر والمدّ، وهو...

صلاة الفجر

العربية

المؤلف عبد الله بن ناصر الزاحم
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصلاة
عناصر الخطبة
  1. أهمية الصلاة وفضلها .
  2. فضائل المحافظة على صلاة الفجر .
  3. حرص السلف على صلاة الفجر .
  4. مفاسد ترك صلاة الفجر .

اقتباس

أيها الأحباب: لقد بلغ اهتمام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصلاة الفجر أنه يحافظ على راتبتها القبلية دون سائر الرواتب حضراً وسفراً، فلم يُنقل عنه -صلى الله عليه وسلم- في السفر أنه صلى سنةً راتبةً غيرها، بل وصفها صلى الله عليه وسلم بأنها خير من الدنيا وما فيها، فقَالَ: "رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"، فإذا كانت هذه منزلة النافلة فكيف بالفريضة؟

الخطبة الأولى

أمّا بعد:

عباد الله: فاتَّقوا الله -تعالى- حق التقوى، فإنّها أفضلُ ما اكتَسَب العباد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

معاشر المسلمين: إنّ من أجلِّ نعمِ الله علينا نعمةَ الإسلام، ومن أظهرِ معالمِ هذا الدين وأعظمِ شعائره الصلاة، فهي ركنُه الثاني، وهي آكَدُ فرائضهِ وأعظمُها، من حفِظها فقد حفِظ دينَه، ومن ضيَّعها فهو لما سواها أضيَع، يقول نبينا -صلى الله عليه وسلم-: "رأسُ الأمرِ الإسلام، وعمودُه الصلاة".

جعلها الله قرّةً للعيون، ومفزعًا للمحزون، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- إذا حزَبه أمرٌ فَزَعَ إليها، وينشدُ الراحةَ فيها، حيث كان ينادي: "يا بلالُ أرِحنا بالصلاة".

وهي سرورُه وهناءُ قلبه وسعادةُ فؤادِه، قال عليه الصلاة والسلام: "وجُعِلت قرّةُ عيني في الصلاة".

ثم اعلموا عباد الله: أن من أعظم الصلوات صلاة الفجر، سماها الله قرآن الفجر، فقال: (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) [الإسراء: 78].

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم فيقول: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم يصلون وأتيناهم يصلون".

وعن أبي أمامة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من توضأ ثم أتى المسجد فصلى ركعتين قبل الفجر، ثم جلس حتى يصلي الفجر كتبت صلاته يومئذ في صلاة الأبرار وكتب في وفد الرحمن".

وعن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله".

وروى مالك بسند صحيح أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "لأن أشهد صلاة الصبح في جماعة أحب إلي من أن أقوم ليلة".

وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أنه حين حضرته الوفاة، قال: أحدثكم حديثاً سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "… ومن استطاع منكم أن يشهد الصلاتين: العشاء والصبح ولو حبواً فليفعل".

ووعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الساعين إليها بالنور يوم القيامة، فعن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة".

وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من مشى في ظلمة الليل إلى المساجد لقي الله عز وجل بنور يوم القيامة".

ومن صلاها فهو في حفظ الله، عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ، فَلَا يَطْلُبَنَّكُمْ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ مَنْ يَطْلُبْهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ يُدْرِكْهُ ثُمَّ يَكُبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ".

بل إن صلاة الفجر باب من أبواب الجنة وستر من النار، عن أبي موسى -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من صلى البردين دخل الجنة".

والبردان: هما الصبح والعصر.

وعن أبي زهير عمارة بن رويبة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لن يلج النارَ أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها" يعني الفجر والعصر.

أيها الأحباب: إن التفريط في صلاة الفجر إثم عظيم وجرمٌ كبير، ومما يؤسِفُ أنَّ كثيراً من المسلمين قد تساهلوا في أمرها، وتخلفوا عن أدائها مع جماعة المسلمين، مع ما يلاحظ من اهتمامهم البالغ على المحافظة على أوقات الدوام والمدارس، فنعوذ بالله من الضلال بعد الهدى، والعمى بعد البصيرة.

معاشر المؤمنين: لقد كان الصحابة، والسلف الصالح من بعدهم -رضوان الله عليهم أجمعين- إذا فقدوا الرجل في الفجر والعشاء أساؤا به الظن.

 روى أُبي بن كعب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بهم يوماً الصبح فقال: "أشاهد فلان؟" قالوا: لا. قال: "أشاهد فلان؟" قالوا: لا. قال: "إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموها ولو حبوا على الركب".

لذا كانت قلوب السلف متعلقة بهذه الصلاة، لِمَا علموا من جليل فضلها وسوء عاقبة التخلف عنها، حتى قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يتهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف".

بل يرون فوات صلاة الفجر خطباً جللاً يستحق العزاء.

قال حاتم الأصم: فاتتني صلاة الجماعة، فعزاني أبو إسحاق البخاري وحده، ولو مات لي ولد لعزاني أكثر من عشرة آلاف؛ لأن مصيبة الدين أهون عند الناس من مصيبة الدنيا!.

أسأل الله جل وعلا أن يجعل الصلاة قرة عيوننا، وأن يجعلنا ممن قال عنهم: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)[المؤمنون: 9-11].

اللهم طهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، وألسنتنا من الكذب، وأعيننا من الخيانة، إنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم ....

الخطبة الثانية

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا) [الطلاق: 5].

أيها الأحباب: لقد بلغ اهتمام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصلاة الفجر أنه يحافظ على راتبتها القبلية دون سائر الرواتب حضراً وسفراً، فلم يُنقل عنه -صلى الله عليه وسلم- في السفر أنه صلى سنةً راتبةً غيرها، بل وصفها -صلى الله عليه وسلم- بأنها خير من الدنيا وما فيها، فقَالَ: "رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"، فإذا كانت هذه منزلة النافلة فكيف بالفريضة؟

عباد الله: كيف يرضى المسلم أن تكون أذناه مرحاضا للشيطان يبول فيهما؟

فقد ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ نَامَ لَيْلَهُ حَتَّى أَصْبَحَ، قَالَ: "ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ أَوْ قَالَ فِي أُذُنِهِ".

وقد رأى جمع من أهل العلم أن من ترك صلاةً واحدةً عمداً حتى يخرج وقتُها فقد كفر.

عن مصعب بن سعد عن سعد قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قوله: (الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) [الماعون: 5] قال: "هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها".

سئل الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن من يضبط المنبه على وقت العمل فإذا استيقظ صلى الفجر، فقال: "من يتعمد تركيب الساعة إلى ما بعد طلوع الشمس حتى لا يصلي فريضة الفجر في وقتها، هذا قد تعمد تركها، وهو كافر بهذا عند جمعٍ من أهل العلم؛ لتعمده ترك الصلاة".

وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: "صلاته هذه غير مقبولة ولا تبرأ بها ذمته، وسوف يحاسب عنها".

فاتقوا الله عباد الله واستشعروا أهمية هذه الصلاة، واعرفوا قيمتها، واقدروا لها قدرها، فإن من فاتته فقد فاته خير كثير.

هذا وصلوا وسلموا على محمد بن عبدالله، فقد أمركم ربكم بذلك، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].