البحث

عبارات مقترحة:

المجيب

كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...

الواحد

كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...

منكرات الأفراح

العربية

المؤلف معيض محمد آل زرعة
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. أهمية الزواج وفضله .
  2. حكم وليمة العرس .
  3. أقسام منكرات الأعراس .
  4. مخالفات الزينة في الأعراس .
  5. مخالفات حفلة الزفاف .
  6. الواجب تجاه هذه المخالفات .

اقتباس

عباد الله: تُسّر العين، وتأنس الأذن، وينشرح القلب، وتطيب النفس، عندما نسمع ونرى ذلك البناء العظيم، الذي سيبدأ بنيانه، وأهله يعدون العدة لإقامته وإتيانه، وكيف لا يكون عظيماً، والله قد تفضّل به منّةً وإنعاماً، بل حث عليه، ونبيه -صلى الله عليه وسلم- وجّه إليه، صيانة للإنسانية وإكراماً، به يقطع الشر، ويشيع الطهر، ويُحفظ الفرج، ويُغض البصر، علّكم عرفتموه، إنه...

الحمد لله الذي منّ علينا بنعمة الأولاد، وفتح لنا من أسباب الهداية كل باب، ورغب في طرق الصلاح، وحذّر من طرق الفساد، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله وسلم عليه ما ظهرت الغيوم، وما تلألأت النجوم، وعلى آله وأصحابه وسلم وتسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -تعالى-، فلا سعادة ولا صلاح، ولا نجاح ولا فلاح إلا بالتقوى، كما أوصيكم بحمد الله وشكره على آلائه ونعمائه عليكم، فكم خصكم به من نعمة وأزال عنكم من نقمة: (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) [محمد: 38].

عباد الله: تُسّر العين، وتأنس الأذن، وينشرح القلب، وتطيب النفس، عندما نسمع ونرى ذلك البناء العظيم، الذي سيبدأ بنيانه، وأهله يعدون العدة لإقامته وإتيانه، وكيف لا يكون عظيماً، والله قد تفضّل به منّةً وإنعاماً، بل حث عليه، ونبيه -صلى الله عليه وسلم- وجّه إليه، صيانة للإنسانية وإكراماً، به يقطع الشر، ويشيع الطهر، ويُحفظ الفرج، ويُغض البصر، علّكم عرفتموه، إنه الزواج، آية من آيات الله: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)[الروم: 21]

وفي مثل أيام الإجازات تكثر الزيجات، فلله الحمد والمنّة، لكن المقام وحال كثيرٍ من الأنام، في مثل هذه الأيام، يستوجب العظة والذكرى، نصحاً وتذكيراً لأولي الأحلام والنهى، فهناك منكرات وخطيئات تعج بها أفراحنا، وتمحق بركة أعراسنا .

عباد الله: دعونا نتحسس الداء، علنا أن نتوب ونستغفر ونعرف وننكر، علّ الله أن يرحمنا، ويسبغ نعمه علينا، ولا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.

إن وليمة العرس –يا رعاكم الله– سنّةً مؤكدة، حث عليها الإسلام، ورغب فيها، ففي الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعبد الرحمن بن عوف: "أولم ولو بشاة".

ولا خلاف بين أهل العلم في شرعية إجابة الدعوة لها؛ بل بعضهم يرى وجوب إجابتها لأمر الرسول –صلى الله عليه وسلم- بذلك.

والناس في هذا الزمان -ولله الحمد- أولموا ولم يقصروا، وأجاب الكثير ولم يمتنعوا.

ولكن السؤال: كيف وضع هؤلاء عرسهم؟ ماذا حدث فيه؟ وكيف أولئك أجابوا؟ وما صنعوا فيه؟

لقد عمّت في هذا الزمان -والعياذ بالله- منكرات الأفراح وطمّت، وما منشأ ذلك إلا الجهل بدين الله، وقلة الخوف من الله، والأمن من مكر الله، وتقليد الآخرين، والتفاخر والرياء والسمعة، وضعف كثيرٌ من الرجال، وتسليم القيادة والقوامة للنساء.

أما منكرات الأعراس، فهي قسمان:

1-مخالفات في الزينة لها.

2-مخالفات في ليلة الزفاف نفسها.

أما مخالفات الزينة فهي كثيرة، ومن أهمها ما يلي:

أولاً: لبس غير الكاسي من الثياب بالنسبة للنساء، حتى إن الداخل لأسواقنا، ليرى ألبسة عجيبة يستنكرها العقلاء فضلاً عن ذوي الإيمان، ثيابٌ رقيقة وأخرى عارية، وألبسةٌ مخرّمة، وكذا القصيرة والمفتوحة من الجوانب، والضيقة التي تصف حجم الأعضاء، وحدّث ولا حرج عن البناطيل والصدور والنحور المكشوفة ...

والحجة موديل العصر، ونحن أمام النساء، يا سبحان اللهأين هنّ مما جاء في مسلم يقول: "صنفان من أهل النار لم أرهما قط" وذكر: "نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها".

والكاسيات العاريات: هي التي تستر بعض بدنها وتكشف بعضه أو تلبس ثوباً رقيقاً يصف بدنها.

وفي جواب اللجنة الدائمة للإفتاء لمن تلبس ما شاءت من الثياب وتحتج أنها أمام النساء، قالت اللجنة: "وقد دل ظاهر القرآن على أن المرأة لا تبدي للمرأة إلا ما تبديه لمحارمها مما جرت العادة بكشفه في البيت، كانكشاف الرأس واليدين والعنق والقدمين، وأما التوسع في الكشف فعلاوةً على أنه لم يدل دليل على جوازه فهو طريق لفتنة المرأة وتشبّهٌ بالكافرات والبغايا الماجنات في لباسهن، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من تشبه بقومٍ فهم منهم" انتهى كلام اللجنة.

ويقول الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله–: "لابسة البنطلون تدخل في حديث:"صنفان من أهل النار" الآنف الذكر حتى ولو كان واسعاً فضفاضاً" انتهى كلامه.

إن مما عمّت به البلوى –ولا حول ولا قوة إلا بالله– تلك الملابس الفاضحة العارية، التي تلبسها كثير من المسلمات في صالات الأفراح وغيرها، ملابسٌ يُندى لها جبين المؤمن الغيور والمؤمنة الغيورة التقية، كل ذلك بحجة: أننا أمام النساء.

ملابس في غاية العُريّ والسفالة، ولولا الحياء لوصفت لكم بعضا منها، إنها أزياء وموديلات جاءت ووفدت إلى نساءنا من لدن البغايا اللائي خسرن أعراضهن، بعرض أجسادهن عبر هذه الأزياء المتعرية التي شُحِنت بها أسواقنا، وتسابق إلى شراءها نساءنا، ولو علموا مصدرها المتعفن لتباعد عنها الذين فيهم بقيةٌ من حياء.

تقول إحدى النساء: بدأت أكره الذهاب إلى حفلات الزفاف لشيءٌ يُزلزل كياني، وتقول إلى متى تظل فتياتنا شمّاعة يُعلّق عليها أباطرة مصممي الأزياء سخافاتهم، تحت مظلة الموضة والتقدم والتطور، إنني لأغمض عيني خجلاً عندما أرى تلك الأجساد الطاهرة المسلمة وهي عارية مبتذلة. انتهى كلامها.

عباد الله: إن من أعز ما يملكه الإنسان هو الحياء والعفاف والفضيلة، والمرأة عندما تتعرى فماذا بقي لها من العفاف والحياء والفضيلة.

ألا فليتق الله امرؤٌ من أب أو أبن أو أخ أو زوج ونحوهم، ولاّه الله أمر امرأة، أن يتركها تنحرف عن الحشمة والفضيلة والعفاف والستر والأدب، ولتتقي الله الأمهات فإنهن مسؤلات ولبناتهن ملاصقات ولملابسهن مشاهدات وعليهن الحمل الأعظم.

ثانياً: عدم التزام الحجاب الشرعي، ولبس العباءات المطرّزة وأغطية الوجه المخالفة للشرع والنقابات الواسعة، ووضع العباءة على الكتف، ولبس الكاب وغيرها.

ثالثاً: ما تلبسه كثيرٌ من المتزوجات من لبس ثياب بيضاء تسمى التشريعة، وربما كانت طويلة ولا تستطيع المشي بها حتى يحمله معها عدد من النساء، وتلبس معها شُرّاب أبيض وقفازين أبيضين، وهذه من الأعراف الفاسدة الدخيلة على المسلمين، وتُشرى بأغلى الأثمان من أجل أن تلبس مرة واحدة: (وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)[الأنعام: 141].

وكذلك المبالغة في تفصيل الثياب وهي ملابس خيلاء أو شهرة أو ملابس خادشة للحياء، يقول صلى الله عليه وسلم: "من ترك اللباس تواضعا لله -عز وجل- وهو يقدر عليه، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها"[حسنه الألباني].

ويقول صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"[أخرجه مسلم].

والراقية من تلبس الأغلى ونسيت حساب العلي الأعلى.

رابعاً: الذهاب إلى محلات تصفيف الشعر ووضع المساحيق،وهي ما تسمى بالكوافيره، فتدخل المرأة في مكان لا يُؤمن عليها فيه، بل قد تُصّور وهي لا تعلم-والواقع يشهد بهذا-، بل بعضهن تبدي من جسدها ما لا يحل، والحجة التنظيف -والله المستعان.

وفي الأسبوع المنصرم اكتشفوا في محافظة خميس مشيط رجلا يعمل بخفية في هذه المحلات، وله علاقات مع بعض النساء، فضلا عن التصوير، وهتك الأعراض.

خامساً: قص الشعر وتسريحه على وجهٍ يُشبه الكافرات وهذا محرّم، أو تجميع الشعر بطريقة مائلة فوق الرأس فتدخل في وعيد نبيها -صلى الله عليه وسلم-: "رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة".

سادساً: حلق ما يحرم حلقه من الشعر ومنها الحواجب، وهذا هو النمص وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لعن النامصة والمتنمصة".

سابعاً: خروج النساء من بيوتهن متعطرات ومرورهن أمام الرجال، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- المرأة إذا مسّت بخوراً أن تأتي إلى المسجد، فكيف بالله إذا خرجت لغيره.

ثامناً: وهذا للرجال، حلقة اللحية وإسبال الإزار بحجة الجمال.

وهل عرفت الدنيا أجمل من محمد -صلى الله عليه وسلم-: "جزوا الشوارب وأرخوا اللحى".

وكذلك صبغ اللحية بالسواد، أما سمعوا أولئك قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "يكون قومٌ يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة".

وقد أفتت اللجنة الدائمة برئاسة ابن باز عليه –رحمه الله- بحرمة ذلك العمل.

حفظ الله أعراضنا وأعراضكم، ووقانا وإياكم الشر وأسبابه، والحرام وبابه، إنه قريبٌ سميع الإجابة.

أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم وللمسلمين من كل ذنب فاستغفروه.

الخطبة الثانية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

وبعد:

عباد الله: أما مخالفات حفلة الزفاف نفسها ففي جعبتها الكثير، وإليكم بعضاً منها:

أولاً: الإسراف في حفلات الزفاف، ابتداءً من كروت وبطاقات الدعوة ومروراً بالمكالمات وانتهاءً بقصور الأفراح، وكذلك الإسراف في المطاعم والمشارب وخصوصاً في جانب النساء - من العصيرات والمعجّنات والحلويات- فضلا عن وجبات العشاء التي تقدم لهن.

والنتيجة رؤية رؤوس المواشي في الحاويات والبخار يتصاعد منها، فرحماك رحماك يا ربنا، أممٌ تتباهى بالأطعمة كماً ونوعاً وإخوانها في العقيدة والدين في مشارق الأرض ومغاربها يبحثون عن فتات الخبر، ألم تروا تلك النساء المسلمات في تشاد وهن يبحثن في بيوت النمل عن حبوب القمح.

وكذلك إخواننا في سوريا وغيرها من بلاد المسلمين، فبماذا سنجيب الله عنهم؟ والله يقول: (وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ)[غافر: 43].

ثانياً: التصوير وما أدراك ما التصوير، وهذا حرام بلا شك، ولا يرضى عاقل أن تُلتقط صورةً لمحارمه ونسائه فضلاً عن ذي إيمان ومروءة، والأمر يزيد قبحاً وخطورةً عندما تُصوّر لقاءات النساء ورقصهن بكاميرات الفيديو والجوالات الحديثة، فالعار العار والشنار الشنار.

ثالثاً: دخول بعض المراهقين إلى صالات النساء، والحجة في ذلك لصغر أعمارهم، وهذا خطأ لا يرضاه عاقل.

رابعاً: إحياء حفلة الزفاف زعموا بالغناء الماجن المصاحب لآلات العزف المحرّمة، كلماتٌ ماجنة وعباراتٌ ساقطة، ودعوات مبطنة للرذيلة، وربما استعملوا أشرطة بعض المغنين وسموها أشرطة إسلامية، وهذا –والله- بهتان عظيم.

ومن المعلوم أن الأغاني حرام ولا يجوز سماعها بنص الكتاب والسنة، فالغناء يورث النفاق، وهو بريد الزنا.

والواجب على الإيمان والغيرة إنكار هذه المنكرات.

والعجيب من أولئك الشباب كيف يستفتحون حياتهم بمعصية الله فيرضون الشيطان ويغضبون الرحمن الرحيم.

فيا مسلمون: احذروا هذه المنكرات، واتقوا الله في سركم وعلانيتكم.

عباد الله: وأخيراً: لدي رسالتان:

الأولى: للآباء وأولياء أمور النساء أن يتقوا الله في رعاياهم، فرُبّ بنيّاتٍ وأولادٍ ونساءٍ جرّوا أباهم إلى النار.

ثانياً: إلى كل مؤمن ومؤمنة وإلى أهل الغيرة على محارم الله قوموا بواجب الأمر بالمعروف بمعروف والنهي عن المنكر بلا منكر.

نسأل الله أن يجعل أعراسنا أفراحاً ولا يجعلها أتراحاً.

اللهم احفظ نساءنا وبناتنا ونساء المسلمين من التبرج والسفور.

اللهم ردهم إليك رداً جميلاً، واحفظهم من الفتن ما ظهر منا وما بطن.

بقية الدعاء..

عباد الله: صلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه، فقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56)].

اللهم أصلح شبابنا وشباب المسلمين، واحفظهم من الفتن.

اللهم وارزقهم التوفيق والنجاح والصلاح في الدنيا والآخرة.

اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين 

آمين