البحث

عبارات مقترحة:

الرحمن

هذا تعريف باسم الله (الرحمن)، وفيه معناه في اللغة والاصطلاح،...

المقدم

كلمة (المقدِّم) في اللغة اسم فاعل من التقديم، وهو جعل الشيء...

الباطن

هو اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (الباطنيَّةِ)؛ أي إنه...

المرأة عندما كرمها الإسلام

العربية

المؤلف حسان أحمد العماري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. تكريم الإسلام للمرأة .
  2. بعض حقوق المرأة في الإسلام .
  3. شهادة التاريخ على دور المرأة في الإسلام .
  4. محاولات التغريبيين لتحطيم المجتمع بالمرأة بدعوى الحرية .
  5. فشل النموذج الغربي في شأن المرأة .
  6. صورٌ لظلم المرأة مخالف للإسلام في مجتمعنا .
  7. وجوب إزالة تلك المظالم لتقوم المرأة بدورها .

اقتباس

لم تعرف البشريةُ دينًا ولا حضارةً عُنيت بالمرأة أجملَ عناية وأتمَّ رعايةٍ وأكملَ اهتمام كالإسلام، فقد تحدَّث عن المرأة، وأكّد على مكانتها وعِظم منزلتها؛ جعلها مرفوعةَ الرأس، عاليةَ المكانة، مرموقةَ القدْر، لها في الإسلام الاعتبارُ الأسمى، والمقامُ الأعلى، تتمتّع بشخصيةٍ محترمة، وحقوقٍ مقرّرة، وواجبات معتبرة.

الحمد لله العظيم الشأن، الكبير السلطان، خلق آدمَ من طين ثم قال له كن فكان، أحسن كل شيء خَلقه وأبدع الإحسان والإتقان.

أحمده سبحانه وحمدُه واجبٌ على كل إنسان، وأشكره على ما أسداه من الإنعام والتوفيق للإيمان، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه؛ أكرم مسؤول، وأعظم مأمول، عالم الغيوب، مفرّج الكروب، مجيب دعوة المضطر المكروب.

 سَهِرَتْ أعيُنٌ ونامتْ عُيُـونُ

في شؤونٍ تكونُ أو لا تكونُ

 فاطْرَحِ الْهَـمَّ مـا استَطَعْتَ عن النَّفــ

ــــسِ فحمـلانُكَ الهمـوم جنـونُ

 إنَّ ربَّاً كفاك ما كان بالأمـــ

ـــس سيكفيـك فـي غدٍ ما يكونُ

       

 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كثير الخير دائم السلطان، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صاحب الآيات والبرهان، اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه حملة العلم والقرآن، وسلم تسليما كثيراً.

أمَّا بَعْـد: عبــاد الله: لم تعرف البشريةُ دينًا ولا حضارةً عُنيت بالمرأة أجملَ عناية وأتمَّ رعايةٍ وأكملَ اهتمام كالإسلام، فقد تحدَّث عن المرأة، وأكّد على مكانتها وعِظم منزلتها؛ جعلها مرفوعةَ الرأس، عاليةَ المكانة، مرموقةَ القدْر، لها في الإسلام الاعتبارُ الأسمى، والمقامُ الأعلى، تتمتّع بشخصيةٍ محترمة، وحقوقٍ مقرّرة، وواجبات معتبرة.

نظر إليها على أنها شقيقةُ الرجل، خُلِقاَ من أصل واحد، ليسعدَ كلٌّ بالآخر ويأنس به في هذه الحياة، في محيط خيرٍ وصلاح وسعادة، قال تعالى: (يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً) [النساء:1].

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إنما النساء شقائق الرجال" صححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

لقد جاء الإسلام ليكرم المرأة وليرفع من شأنها بعد أن عاشت حياة العبودية والذل والمهانة، بل والتصفية والإقصاء ليس من مركز اجتماعي أو مكانة سياسية؛ بل من الحياة!.

بل لم تجد المرأة الراحة والسعادة والكرامة في أعظم حضارات الدنيا، فلم تجدها عند الفرس ولا الرومان واليهود ولا في حضارة الصين والهند ولا في غيرها من أمم الأرض، فقد كانت سلعة تباع أو تورث أو جسداً يمتهن حتى جاء الإسلام فأنقذها من هذا الوضع وكرمها، وضمن لها حقوقها، وجعلها مساوية للرجل في كثير من الواجبات الدينية، قال -تعالى-: (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّلِحَـاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) [النساء:124].

وكفل لها الإسلام حياة كريمة، حياةً مِلؤها الحفاوةُ والتكريم من أوَّل يوم تقدُم فيه إلى هذه الحياة، ومُرورًا بكل حال من أحوال حياتها.

فرعى حقَّها طفلةً، وحثَّ على الإحسان إليها، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَن عال جاريتين حتى تبلُغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين" وضمّ أصابعه. رواه مسلم.

وقال -عليه الصلاة والسلام-: "مَن كان له ثلاث بناتٍ، وصبر عليهن، وكساهن من جدته؛ كُن له حجابا من النار" صححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

عبـاد الله: أي دين أعظم من هذا الدين؟ وأي تكريم أعلى وأجل من هذا التكريم؟ فقد جعل الإسلام الجنة ومرافقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيها مقابل قيام الرجل بتربيتها ورعايتها وحسن التعامل معها.

بل رعى الإسلام حقَّ المرأة أُمًّا، فدعا إلى إكرامها إكرامًا خاصًّا، وحثَّ على العناية بها، (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّـااهُ وَبِلْولِدَيْنِ إِحْسَـانًا) [الإسراء:23].

بل جعل [حقَّ] الأمّ في البرّ آكَدَ من حقِّ الوالد، جاء رجل إلى نبينا -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، من أبرّ؟ قال: "أمّك"، قال: ثم من؟ قال: "أمّك"، قال: ثم من؟ قال: "أمّك"، قال: ثم من؟ قال: "أبوك" رواه البخاري في الأدب المفرد.

ورعى الإسلامُ حقَّ المرأة زوجةً، وجعل لها حقوقًا عظيمة على زوجها، من المعاشرة بالمعروف والإحسان والرفق بها والإكرام، قال -صلى الله عليه وسلم-: "ألا واستوصوا بالنساء خيرًا؛ فإنهن عوان عندكم" رواه مسلم.

وفي حديثٍ آخر أنه قال: "أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلُقًا، وخيارُكم خياركم لنسائه" صححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

ورعى الإسلامُ حقَّ المرأة أختًا وعمَّةً وخالةً، قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يكون لأحد ثلاثُ بنات أو أخوات فيُحسن إليهن إلا دخل الجنة" حسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد.

وفي حال كونِها أجنبيةً فقد حثَّ على عونها ومساعدتها ورعايتها، ففي الصحيح قال -عليه الصلاة والسلام-: "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو كالقائم الذي لا يفتُر، أو كالصائم الذي لا يفطِر" رواه مسلم.

وأثبت الإسلام للمرأة ذِمَّة ماليَّة مستقلَّة تمامًا كالرجل؛ فلها أن تبيع وتشتري، وتستأجر وتؤجِّر، وتوكل وتهب، ولا حجْر عليها في ذلك ما دامت عاقلة رشيدة.

وكفل لها الإسلام حق التعبير عن الرأي في الزواج وغيره، وحق التعليم والتفقه في الدين بضوابط الشرع وآدابه، فقد قالت النساء للنبي -صلى الله عليه وسلم-: غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً. قال العيني: "أي: عيِّنْ لنا يوماً من الأيام نسمع العلم ونتعلم أمور الدين" عمدة القاري شرح صحيح البخاري.

أيها المؤمنون: عبــاد الله: لقد أراد الإسلام من تشريع هذه الحقوق وغيرها وتأكيدها في حق المرأة تكريماً لها وصيانةً لحقوقها ودفعاً للقيام بواجبها في هذه الحياة، فواجبها عظيم ودورها كبير، فيكفي أنها نصف المجتمع، وأنها المربية للنصف الآخر، إلى جانب دورها تجاه دينها ومجتمعها وبيتها وأسرتها.

ومن ينظر في تاريخ الإسلام يجد دورها وأثرها وتضحياتها، فأول مَن آمن برسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- في هذا الكون امرأة هي خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، وأول شهيدة كانت سمية أم عمار، وتتابع بذل المرأة وعطاؤها.

وظهر جلياً في أهم مواقف الإسلام ومراحله، فهذه نسيبة بنت كعب أم عمارة -رضي الله عنها وأرضاها-، أسلمت في بيعة العقبة الثانية، وبايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وابنها حبيب بن زيد ما زال صغيراً بجانبها، فقدمت للدين وللرسول أعظم الحب والوفاء والتضحية.

خرجت يوم أحد مع جيش المسلمين لتسقي الجرحى وتضمد جراحهم، فلما رأت النبي -صلى الله عليه وسلم- في أرض المعركة قد تكالب عليه الأعداء عن يمينه وشماله وقد كسرت رباعيته والدماء تنزف منه رمت القرب التي كانت تسقي بها جرحى المسلمين، وأخذت سيفاً تدافع عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

فلما رأى منها هذه البطولة وهذه الشجاعة قال لها -صلى الله عليه وسلم- في أرض المعركة: "مَن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟! سليني يا أم عمارة"، قالت: أسألك مرافقتك في الجنة يا رسول الله، قال: "أنتم رفقائي في الجنة".

ولم تكتفي بذلك، فقد قدمت ابنها حبيب شهيداً في سبيل الله، فقد أرسله -صلى الله عليه وسلم- بكتاب إلى مسيلمة الكذاب، فقال له مسيلمة: يا حبيب، أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: أشهد أن محمدا رسول الله. قال مسيلمة: وتشهد أني رسول الله؟ قال: لا أسمع! إن في أذني صمماً.

فأمر جلاده فضرب حبيب بالسيف، فما زال يسأله ويضربه بالسيف حتى فاضت روحه إلى الله.

ولما وصل الخبر لأمه قالت: أنا لهذا اليوم أعددته، ولقد بايع رسول الله في بيعة العقبة الثانية وها هو يوفي ببيعته. ثم قالت: اللهم قرّ عيني بقتل مسيلمة!.

فخرجت يوم اليمامة مع جيش المسلمين تبحث عن مسيلمة فوجدته بين القتلى فحمدت الله على ذلك.

وأراد الإسلام من تشريع هذه الحقوق وغيرها وتأكيدها في حق المرأة لتكون مثالاً للطهر والعفاف؛ فتكون زوجة صالحة، وأما واعية لدورها وواجبها.

هذه أم سفيان الثوري: كانت امرأة صالحة فقيهة عابدة، تفهم معاني الحياة وأسباب النجاح، تقدر العلم والعلماء، تربى على يديها أحد كبار التابعين، سفيان الثوري، وهذه إحدى وصاياها لولدها وهي تعده لمهمة العلم والأخذ بملكاته.

قالت له ذات يوم: يا بني، اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي. وقالت له: يا بني، إذا كتبت عشرة أحرف فانظر هل ترى من نفسك زيادة في مشيك وحلمك ووقارك، فإن لم يزدك فاعلم أنه لا يضرك ولا ينفعك.

أيها المؤمنون عباد الله: لقد أراد الإسلام وهو يقرر حقوق المرأة قبل أربعة عشر قرناً من الزمان أن يجعل منها شخصية ذات قيمة في المجتمع وذات هدف وذات غاية نبيلة.

فلم يرد منها في يومٍ من الأيام أن تكون وسيلة رخيصة لنشر الرذيلة ومحاربة الفضيلة كما أراد لها الغرب وبعض منافقي هذه الأمة الذين أخرجوها من بيتها وزينوا لها الحرية بالتفسخ والانحلال الخلقي ومحاربة الحجاب والدعوة إلى الاختلاط مع الرجل في كل ميادين الحياة دون ضوابط أو حدود، واستخدموها كسلعة تجارية لكسب المال، وهدموا بذلك الأسرة والسكينة في كثير من المجتمعات، وصدروا هذه الحياة البئيسة إلى بلاد المسلمين باسم حقوق المرأة وحريتها.

وتبناها رويبضة القوم وضعاف النفوس ومرضى القلوب، فقد وحدّوا جهودهم وشحذوا ألسنتَهم وبَرَوا أقلامهم، وعقدُوا المؤتمرات والندوات وسطَّروا المقالات، وامتطوا صهوات الهيئات لتحقيق مآربهم، وصدق الله إذ يقول (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) [النساء:27].

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

الخطــبة الثانية: 

عبـــاد الله: إن لنا أن نتساءل في ظل هذا الضجيج الإعلامي حول المرأة وحقوقها المزعومة من قبل الحداثيين والمستغربين والمتعلمنين ومنظمات الجندرة وغيرها، نقول: هل استطاعت هذه الحضارة المادية أن تجلب للمرأة الراحة والسعادة؟ وهل استطاعت أن تأخذ حقوقها التي تكفل لها الحياة الإنسانية الكاملة؟.

كلا! فقد زادت تعاستها وزاد شقاؤها، وأخرجت من الصباح الباكر تزاحم الرجال في محطات القطارات ومصانع الحديد الصلب وورش الحدادة والنجارة.

بل تطرد البنت من المنزل بعد سن الثامنة عشرة لكي تبدأ في العمل لنيل لقمة العيش، وإذا ما رغبت في البقاء في المنزل فإنها تدفع لوالديها إيجار غرفتها وثمن طعامها وغسيل ملابسها!   ["عودة الحجاب" (2/47 56)].

وفي الإسلام؛ الأب والأخ والابن والخال والعم والجد والأرحام كلهم مسخرون لخدمتها ولتوفير طلباتها.

لقد دعت مديرة كلية (تشلنهام) البريطانية أولياء الأمور لإلحاق بناتهم بمدارس غير مختلطة، وطالبت (الحركة النسائية في ألمانيا) بعودة التعليم غير المختلط، كما دعت عالمة النفس الغربية (جاتا بولي) لعودة المرأة الغربية لبيتها، وتقول إن المرأة التي تعمل طول الوقت مع الرجال تفقد أنوثتها وأمومتها ومن ثم سعادتها! وصدق الله إذ يقول: (وقَرنَ فِي بُيُوتِكُن وَلاَ تَبَرَّجنَ تَبَرجَ الجاَهِلِيةِ الأولَى) [الأحزاب:33] [(العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية) للدكتور/فؤاد العبد الكريم].

وفي لقاء مع الكاتبة الفرنسية (فرانسواز) وعند سؤالها عن سبب سخريتها في كتابتها من حركة تحرير المرأة؛ أجابت فرانسواز ساجان: من خلال نظرتي لتجارب الغالبية العظمى من النساء أقول: إن حركة تحرير المرأة أكذوبة كبيرة اخترعها الرجل ليضحك على المرأة!.

عبــاد الله: وإن كان هناك من ظلم للمرأة في مجتمعاتنا وتعدٍّ على حقوقها فإنه يتمثل في عدم تربيتها وتعليمها أمور حياتها ودينها وفق ضوابط الدين وآداب الشرع دون اختلاط أو تبرج أو سفور، فالعلم فريضة على كل مسلم ومسلمة.

ومن هذا الظلم الذي يمارس على المرأة عدم أخذ رأيها واستشارتها في أهم شيء في حياتها وهو الزواج، فتتعرض للظلم والتعسف، وولي أمرها لا يهمه إلا ما سيحصد من مال وراء ذلك.

لقد جاءت امرأة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- تقول: يا رسول الله، إن أبي يريد أن يزوجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، فجعل النبي -عليه الصلاة والسلام- الأمر إليها، فقالت: أجزْتُ ما فعل أبي، ولكن أردت أن تعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء. رواه أحمد وأبو داود.

ومن ذلك أخْذ صداقها، معرضين عن أمر الله  -تعالى-: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) [النساء:4]، وهذا أمر بالأداء، ونهْيٌ عن الاستيلاء، فالصداق  المهر  من حقوقهن الخاصة ليس لأحد فيه حق إلا بطيب نفس منها، قال  تعالى : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) [النساء:4].

ومن هذا الظلم حرمانها من ميراثها الذي تكفل الله به من فوق سبع سماوات، فتحرم منه وهي في أمس الحاجة إليه.

ومن هذا الظلم عدم العدل بينها وبين ضرتها، فما إن يتزوج كثير من الرجال بأخرى حتى يبدأ الظلم والحيف والإهمال، ومن هذا الظلم والتعدي على الحقوق تعرضها للعنف، كالضرب وغيره من قبل بعض الأزواج، والهجر دون وجه حق، والله -عز وجل- لم يأمر بذلك؛ بل أمر بالإمساك بالمعروف أو التسريح بإحسان.

وإن من أعظم صور ظلم المرأة أن يُلبَّس عليها الحق بالباطل ويستبدل الحسن بالقبيح, وتصور لها الحياة والعفة بالرجعية والتطرف على حين يصور لها السفور والاختلاط بالمدنية والانفتاح والتحضر.

فليقم الآباء والأزواج وليقم المجتمع بحق المرأة كما أمر الله ورسوله؛ حتى تكون أداة بناء وتطوير لهذا المجتمع، وهي مدرسة عظيمة إذا أحسن إعدادها وتربيتها وقامت بواجبها وأدركت مسؤوليتها.

الأم مدرسةٌ إذا أَعْدَدتَّها

أَعْدَدتَّ شَعْبَاً طَيِّبَ الْأَعْراقِ

هذا وصلوا وسلِّموا على من أُمرتم بالصلاة عليه، إمام المتقين، وقائد الغُرِّ المُحجلين، وعلى آلهِ وصحابته أجمعين، وارض اللهُمَّ عن الخلفاءِ الراشدين: أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي، وعن الصحابة أجمعين، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين.

والحمد لله رب العالمين...