البحث

عبارات مقترحة:

القابض

كلمة (القابض) في اللغة اسم فاعل من القَبْض، وهو أخذ الشيء، وهو ضد...

القدوس

كلمة (قُدُّوس) في اللغة صيغة مبالغة من القداسة، ومعناها في...

الرفيق

كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...

أسباب دخول النار

العربية

المؤلف سليمان بن عبد الرحمن الهديب
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الزهد -
عناصر الخطبة
  1. وصف ابن الجوزي للنار .
  2. الأسباب المكفرة لدخول النار .
  3. الأسباب المفسقة لدخول النار   .
  4. صوم النبي في شعبان .
  5. بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان .
اهداف الخطبة
  1. تذكير المؤمنين بأسباب دخول النار
  2. التحذير من الوقوع في منكرات تدخل النار
  3. بيان حال النبي وهديه في شعبان
  4. بيان الحكم الشرعي للاحتفال بالنصف من شعبان

اقتباس

اعلموا أن لدخول النار أسبابا بينها الله في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -ليحذر الناس منها ويجتنبوها, وهذه الأسباب على نوعين: النوع الأول: أسباب مكفرة تخرج فاعلها من الإيمان إلى الكفر وتوجب له الخلود في النار. النوع الثاني: أسباب مفسِّقة تخرج فاعلها من العدالة إلى الفسق ويستحق بها دخول النار دون الخلود فيها...

الخطبة الأولى:

الحمد لله..

معاشر المسلمين: تقدم في الجمعة الماضية الكلام عن النار أعاذنا الله منها.

عباد الله: قال ابن الجوزي -رحمه الله- في وصف النار:"دار قد خُصَّ أهلها بالبعاد وحرموا لذة المُنى والإسعاد, بُدِّلت وضاءة وجوههم بالسواد وضربوا بمقامع من أقوى الأطواد, عليها ملائكة غلاظ شداد, لو رأيتهم في الحميم يسرحون وعلى الزمهرير يُطرحون, فحزنهم دائم فما يفرحون, مقامهم محتوم فما يبرحون أبد الآباد, عليها ملائكة غلاظ شداد, توبيخهم أعظم من العذاب تأسُّفهم أقوى من المصاب, يبكون على تضييع أو قات الشباب, وكلما جاد البكاء زاد عليها ملائكة غلاظ شداد, يا حسرتهم لغضب الخالق, يا محنتهم لعظم البوائق, يا فضيحتهم بين الخلائق على رؤوس الأشهاد, أين كسبهم للحطام؟ أين سعيهم في الآثام؟ كأنه كان أضغاث أحلام ثم أحرقت تلك الأجسام, وكلما أُحرقت تعاد عليها ملائكة غلاظ شداد؟".

معاشر المسلمين: اعلموا أن لدخول النار أسبابا بينها الله في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -ليحذر الناس منها ويجتنبوها, وهذه الأسباب على نوعين:

النوع الأول: أسباب مكفرة تخرج فاعلها من الإيمان إلى الكفر وتوجب له الخلود في النار.

النوع الثاني: أسباب مفسِّقة تخرج فاعلها من العدالة إلى الفسق ويستحق بها دخول النار دون الخلود فيها.

فأما النوع الأول فنذكر منه أسبابا:

السبب الأول: الشرك بالله بأن يجعل لله شريكا في الربوبية أو الألوهية أو الصفات, فمن اعتقد أن مع الله خالقا أو مشاركا أو منفردا, أو اعتقد أن مع الله إلها يستحق أن يعبد أو عبد مع الله غيره فصرف شيئا من أنواع العبادة إليه, أو اعتقد أن لأحد من العلم والقدرة والعظمة ونحوها مثل ما لله عز وجل, فقد أشرك بالله شركا أكبر واستحق الخلود في النار قال عز وجل: (إنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) [المائدة: 72].

السبب الثاني: الكفر بالله - عز وجل - أو بملائكته أو كتبه أو رسله أو اليوم الآخر أو قضاء الله وقدره, فمن أنكر شيئا من ذلك تكذيبا أو جحد أو شك فيه فهو كافر مخلد في النار, قال - الله تعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا) [النساء: 150، 151]. وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ) [الأحزاب: 64 - 68].

السبب الثالث: إنكار فرض شيء من أركان الإسلام الخمسة, فمن أنكر فرضية توحيد الله أو الشهادة لرسوله بالرسالة أو فرضية الصلاة أو الزكاة أو الصوم أو الحج, فهو كافر لأنه مكذب لله ورسوله وإجماع المسلمين.

السبب الرابع: الاستهزاء بالله - سبحانه - أو بدينه أو رسوله - صلى الله عليه وسلم -قال تعالى: (ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) [التوبة: 65، 66], والاستهزاء هو السخرية وهو من أعظم الاستهانة بالله ودينه ورسوله وأعظم الاحتقار والازدراء تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا.

السبب الخامس: سب  الله - تعالى - أو دينه أو رسوله, وهو القدح والعيب وذكرهم بما يقضي الاستخفاف والانتقاص كاللعن والتقبيح ونحو ذلك.

السبب السادس: الحكم بغير ما أنزل الله معتقداً أنه أقرب إلى الحق وأصلح للخلق أو أنه يجوز الحكم به.

السبب السابع: النفاق وهو أن يكون كافراً بقلبه ويظهر للناس أنه مسلم إما بقوله أو فعله.

معاشر المسلمين: أما الأسباب التي يستحق فاعلها دخول النار دون الخلود فيها:

السبب الأول: عقوق الوالدين وعقوقهما أن يقطع ما يجب لهما من بر وصلة أو يسيء إليهما بالقول أو الفعل.

السبب الثاني: قطيعة الرحم وهي أن يقاطع الرجل قرابته فيمنع ما يجب لهم من حقوق بدنية أو مالية.

السبب الثالث: أكل الربا قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران: 130].

السبب الرابع: أكل مال اليتامى والتلاعب به, قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) [النساء: 10].

السبب الخامس: شهادة الزور أن يشهد بما يعلم أن الواقع خلافه.

السبب السادس: الرشوة فعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: "الراشي والمرتشي في النار" رواه الطبراني.

السبب السابع: اليمين الغموس وسميت غموساً لأنها تغمس الحالف بها في الإثم ثم تغمسه في النار.

السبب الثامن: القضاء بين الناس بغير علم.

السبب التاسع: الغش للرعية وعدم النصح لهم قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما من عبد يسترعيه الله على رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة" متفق عليه, وهذا يعم رعاية الرجل في أهله والسلطان في سلطانه.

السبب العاشر: تصوير ما فيه روح من إنسان أو حيوان فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول: " كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفسا فتعذبه في جهنم" رواه مسلم . وفي رواية للبخاري: "من صور صورة فإن معذّبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبداً".

السبب الحادي عشر: ما ثبت عن حارثة بن وهب أن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: "ألا أخبركم بأهل النار؟  كل عتل جواظ مستكبر" فالعتل الشديد الغليظ الذي لا يلين للحق ولا للخلق, والجواظ الشحيح البخيل فهو جمَّاع منَّاع, والمستكبر هو الذي يرد به الحق ولا يتواضع للخلق فهو يرى نفسه أعلى من الناس.

السبب الثاني عشر: استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل والشرب للرجال والنساء قال - صلى الله عليه وسلم -: "الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرر في بطنه نار جهنم" رواه مسلم .

الخطبة الثانية:

الحمد لله

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يصوم حتى نقول لا يفطر, ويفطر حتى نقول لا يصوم, وما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -استكمل صيام شهر إلا رمضان, وما رأيت أكثر صياما منه في شعبان" متفق عليه

.

وفي هذا الشهر بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان ويعتقدون أن قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [الدخان: 3، 4] أنها ليلة النصف من شعبان, والصحيح أنها ليلة القدر وهذا قول جمهور العلماء.

معاشر المسلمين: ومن يعتقد فضل هذه الليلة يستحب إحياءها بالصلاة والدعاء ويخصها من بين الليالي, والراجح أن إحياء ليلة النصف من شعبان بدعة حيث لم يثبت دليل على فضل هذه الليلة, ولم يثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أنه أحياها ولا عن أحد من الصحابة, قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: "وقد ورد في فضل ليلة النصف من شعبان أحاديث ضعيفة لا يجوز الاحتجاج بها والاعتماد عليها, وأما ما ورد في فضل الصلاة فيها فكله موضوع كما نبه على ذلك كثير من أهل العلم".

وقد يحتج أحد بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن". رواه ابن ماجه.

فالجواب عليه أن الحديث ليس فيه دليل على تخصيص ليلة النصف من شعبان بفضل دون الليالي الأخرى, لأنه ثبت في الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر, يقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه, من يستغفرني فأغفر له ". رواه البخاري ومسلم, فاطلاعه سبحانه وتعالى على خلقه وغفرانه ليس متوقف على ليلة معينة في السنة أو ليالي معدودة.

ومن البدع في هذه الليلة الصلاة الألفية, وهذه الصلاة المبتدعة تسمى بالألفية لقراءة سورة الإخلاص فيها ألف مرة, لأنها مائة ركعة يقرأ في كل ركعة سورة الإخلاص عشر مرات, وقد ذكرها ابن الجوزي في الموضوعات ثم قال هذا حديث لا نشك أنه موضوع, واتفق جمهور العلماء على أن هذه الصلاة ليلة النصف من شعبان بدعة. لم يفعلها النبي - صلى الله عليه وسلم -ولا أحد من أصحابه ولا استحبها أحد من الأئمة الأعلام كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والثوري والأوزاعي, فإن الحديث الوارد فيها موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث.