البحث

عبارات مقترحة:

النصير

كلمة (النصير) في اللغة (فعيل) بمعنى (فاعل) أي الناصر، ومعناه العون...

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

القاهر

كلمة (القاهر) في اللغة اسم فاعل من القهر، ومعناه الإجبار،...

رمضان ومغفرة الذنوب

العربية

المؤلف هلال الهاجري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - الصيام
عناصر الخطبة
  1. غُنمُ تحصيل المغفرة في رمضان وغرم تفويتها .
  2. عبادات رمضانية مكفرة للذنوب .
  3. أعمال وأذكار جالبةٌ لمغفرة الرحمن .
  4. كيفية تحقُّق التقوى غاية الصوم .

اقتباس

إن المغفرةَ في رمضانَ في متناوَلِ الجميعِ، كلُكم يستطيعُ أن يُدركَ هذا الفضلَ العظيمَ، فتُغفرُ له ذنوبُ العُمُرِ بأعمالٍ يسيرةٍ وكثيرةٍ، فينالُها كلُ حريصٍ على الخيرِ مُجتهدٌ، ويَخسرُها كلُّ محرومٍ من الخيرِ مُبتعِدٌ. وهناك ليلةٌ في رمضانَ من قامَها إيماناً باللهِ -تعالى- وبفضلِها واحتساباً لأجرِها يبتغي بذلك وجهَ اللهِ -تعالى-، فله بذلك مغفرةُ سنينِه المديدةِ، وتُفتحُ له صفحةٌ جديدةٌ: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

 

 

 

 

إِنَّ اَلْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيئَاتِ أعْمَالنَا، مَنْ يَهْدِهِ اَللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلل فَلا هَادِيَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُه.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70].

أما بعد: ارْتَقَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: "آمِينَ"، ثُمَّ ارْتَقَى ثَانِيَةً، فَقَالَ: "آمِينَ"، ثُمَّ اسْتَوَى عَلَيْهِ فَقَالَ: "آمِينَ".

فَقَالَ أَصْحَابُهُ: عَلَى مَا أَمَّنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! فَقَالَ: "أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يُدْخِلاهُ الْجَنَّةَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَقُلْتُ: آمِينَ".

"رغِمَ أنفُ عبْدٍ" أي: التصقَ بالرَّغامِ، أي: التُرابِ؛ وذلك لخيبتِه وخسارتِه، فأنتم تلاحظُونَ أن من خَسِرَ يطأطئُ رأسَه قليلاً؛ ولكن أن يصلَ الأمرُ إلى أن يلتصقَ أنفُه بترابِ الأرضِ فهذه واللهِ خيبةٌ عظيمةٌ. 

فلماذا هذه الدعوةُ من جبريلَ -عليه السلام- والتأمينُ من النبيِ -صلى الله عليه وسلم- على خسارةِ وخيبةِ من أدركَ شهرَ رمضانَ ثم لم يُغفرْ له؟.

يا أهلَ الإيمانِ: إن المغفرةَ في رمضانَ في متناوَلِ الجميعِ، كلُكم يستطيعُ أن يُدركَ هذا الفضلَ العظيمَ، فتُغفرُ له ذنوبُ العُمُرِ بأعمالٍ يسيرةٍ وكثيرةٍ، فينالُها كلُ حريصٍ على الخيرِ مُجتهدٌ، ويَخسرُها كلُّ محرومٍ من الخيرِ مُبتعِدٌ.

فيا عبدَ اللهِ: لا شكَ أنك صائمٌ في رمضانَ، امتثالاً للأمرِ، وأداءً للفرضِ، فليكن -مع ذلك- إيماناً باللهِ -تعالى- وما أخبرَ به من فرضِ الصومِ وفضلِه، واحتساباً للثوابِ والأجرِ مخلصاً فيه للهِ -تعالى-، فيكونُ لك في ذلك ما أخبرَ به النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

أيعجزُ أحدُنا أن يُحسنَ الوُضوءَ في بيتِه ثم يخرجَ من بيتِه للمسجدِ لصلاةِ الجماعةِ، فهذا فيه خيرٌ كبيرٌ، وأجرٌ من اللهِ -تعالى- على ذلك العملِ اليسيرِ، تَوَضَّأَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ -رضي الله عنه- يَوْمًا وُضُوءًا حَسَنًا، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ: "مَنْ تَوَضَّأَ هَكَذَا ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يَنْهَزُهُ -أي: لا يُخرجُه- إِلَّا الصَّلَاةُ؛ غُفِرَ لَهُ مَا خَلَا مِنْ ذَنْبِهِ".

فإن دخلَ المسجدَ ثم صلى ركعتينِ خاشعتينِ، فلعلَه ينالُ بذلك ما جاءَ في الحديثِ: "مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يَسْهُو فِيهِمَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

ثم لا يزالُ في خيرٍ وفي صلاةٍ ما انتظرَ الصلاةَ، وتدعو له الملائكةُ بالمغفرةِ، قالَ -صلى الله عليه وسلم-: "لا يَزَالُ الْعَبْدُ فِي صَلاةٍ مَا كَانَ فِي مُصَلاهُ يَنْتَظِرُ الصَّلاةَ، وَتَقُولُ الْمَلائِكَةُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ! اللهُمَّ ارْحَمْهُ! حَتَّى يَنْصَرِفَ، أَوْ يُحْدِثَ".

وأما القيامُ في رمضانَ فلا يتجاوزُ ساعةً مع الإمامِ، تمتلئُ المساجدُ بالمصلينَ فينشطُ الجميعُ في طاعةِ اللهِ -تعالى-، فمن قامَ رمضانَ إيماناً باللهِ -تعالى- وفضلِ القيامِ، واحتساباً للأجرِ والمغفرةِ، مع الإخلاصِ، فليبشرْ بقولِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

بل يُكتبُ له أنه في صلاةٍ حتى الفجرِ، كما قالَ -عليه الصلاةُ والسلامُ-: "مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَام حتَّى يَنْصَرِفْ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَة"، فيأكلُ ويشربُ وينامُ وقد كُتبَ له أجرُ القائمينَ الراكعينَ الساجدينَ! فهل رأيتُم أحسنَ مِن هذا؟!.

وهناك ليلةٌ في رمضانَ من قامَها إيماناً باللهِ -تعالى- وبفضلِها واحتساباً لأجرِها يبتغي بذلك وجهَ اللهِ -تعالى-، فله بذلك مغفرةُ سنينِه المديدةِ، وتُفتحُ له صفحةٌ جديدةٌ: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

وفي كثرةِ ركعاتِ القيامِ مع الإمامِ قد يُوافقُ تأمينُك -أي: قولُ آمين- تأمينَ الملائكةِ فتفوزَ فوزاً عظيماً وأنت لا تشعرُ، قال -عليه الصلاةُ والسلامُ-: "إذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا, فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

ولا تنسى الأذكارَ بعدَ كلِ صلاةٍ، ألفاظٌ معدودةٌ، لها أثرٌ عجيبٌ ومغفرةٌ لا محدودةٌ: "مَنْ سَبَّحَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثَاً وَثَلاثِينَ، وَحَمدَ اللهَ ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وَكَبَّرَ اللهَ ثَلاثَاً وَثَلاثِينَ، فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، ثُمَّ قَالَ تَمَامَ المائَةِ: لا إِله إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وُلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ لَهُ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ".

كثيرٌ منا في رمضانَ يستمعُ للأذانِ للإمساكِ والفطورِ، فلا يفوتُنا أن نقولَ بعدَ تشهدِ المؤذنِ هذا الدعاءَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا؛ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ".

فإذا أفطرَ الصائمُ، حمِدَ اللهَ -تعالى- على نِعمِه الجليلةِ، أكلٌ وشربٌ وحمدٌ؛ ثم ماذا؟ "مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

واسمع إلى هذا الحديثِ يا من فطّرتَ صائماً، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "غُفِرَ لِامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِيٍّ -أي: بئرٍ- يَلْهَثُ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا فَنَزَعَتْ لَهُ مِنَ الْمَاءِ، فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ"، فإذا كانَ قد غُفرَ لمومسةٍ بكلبٍ سقتُه ماءً، فكيفَ بمن فطّرَ إنساناً مسلماً على عطشِ وجوعِ هذه العبادة العظيمة؟.

أبعدَ هذا كلَه، ومع ما يعرفُه كلُ مسلمٍ عن مغفرةِ اللهِ -تعالى- ورحمتِه التي وسعت كلَ شيء، نستغربُ ذلك الدعاءَ على من أدركَ رمضانَ فلم يُغفرُ له؟.

فاستعن باللهِ ولا تعجزْ، لعلها تُدركُك مغفرةٌ من الغفورِ الرحيمِ، فتصير من عُتقاءِ رمضانَ من نارِ الجحيمِ.

اللهم لا تحرمنا فضلَك، واغفر لنا في هذا الشهرِ المباركِ ولجميعِ المسلمينَ ما تقدمَ من ذنوبِنا؛ إنك أنت الغفورُ الرحيمُ.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ غافرِ الذنبِ وقابلِ التوبِ شديدِ العقابِ، ذي الطولِ لا إلهَ إلا هو إليه المصيرُ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له خالقُ الخلقِ مدبرُ الأمرِ، له الفضلُ الكبيرُ، وأشهدُ أن سيدَنا ونبيَنا محمداً عبدُه ورسولُه، الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير، صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِه وسلمَ تسليماً كثيراً.

أما بعدُ: يقولُ اللهُ -عزَ وجلَ-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:183].

إذاً؛ الحكمةُ العظيمةُ -يا عبادَ اللهِ- من الصيامِ هي التقوى، فكيفَ يكونُ ذلك؟.

إذا تأملَ العبدُ في صيامِه عن المباحاتِ طِيلةِ النهارِ طاعةً للطيفِ الخبيرِ، وأنه لا يمنعُه من الأكلِ والشربِ والشهوةِ إلا مراقبةُ السميعِ البصيرِ، فلا بُد بعد ذلك أن يرجعَ إلى نفسِه ويقول لها: ويحَكِ يا نفسُ أين تذهبينَ؟! مالكِ كيفَ تحكمينَ؟! أتطيعينَ اللهَ -تعالى- في ترك المباحاتِ، وتعصينَه في تركِ المحرماتِ؟!.

(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [البقرة:85].

فيجاهدُ بعد ذلك نفسَه على فعلِ الطاعاتِ، وتركِ المنكراتِ، وهذه هي التقوى، أن تجعلَ بينك وبينَ عذابِ اللهِ وقايةً بفعلِ الأوامرِ وتركِ النواهي، فينتهي رمضانُ وقد استفادَ أعظمَ درسٍ، وتغيّرتْ حياتُه، وتبدّلتْ أعمالُه، ويكونُ ممن فازَ فوزاً عظيماً لا خسارةَ بعدَه.

قَالَ خُلَيْدٌ الْعَصْرِيُّ: كُلُّنَا قَدْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ وَمَا نَرَى لَهُ مُسْتَعِدًّا، وَكُلُّنَا قَدْ أَيْقَنَ بِالْجَنَّةِ وَمَا نَرَى لَهَا عَامِلا، وَكُلُّنَا قَدْ أَيْقَنَ بِالنَّارِ وَمَا نَرَى لَهَا خَائِفًا، فَعَلامَ تَفْرَحُونَ؟ وَمَا عَسَيْتُمْ تَنْتَظِرُونَ؟ الْمَوْت فَهُوَ أَوَّلُ وَارِدٍ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ بِخَيْرٍ أَوْ بشرٍ، فَيَا إِخْوَتَاهُ! سِيرُوا إِلَى رَبِّكُمْ سَيْرًا جَمِيلاً.

إِذَا أَنْتَ لَمْ تَزْرَعْ وَأَبْصَرْتَ حَاصِدًا

نَدِمْتَ عَلَى التَّفْرِيطِ فِي زَمَنِ الْبَذْرِ

(رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) [البقرة:286].

(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيْمَانِ) [الحشر:10]، (رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلّ شَيءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَاب الجَحِيمِ) [غافر:7].