البحث

عبارات مقترحة:

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

الحي

كلمة (الحَيِّ) في اللغة صفةٌ مشبَّهة للموصوف بالحياة، وهي ضد...

الجواد

كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...

الإجازة

العربية

المؤلف عبد العزيز بن عبد الله السويدان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك
عناصر الخطبة
  1. السفر عادة اجتماعية .
  2. الإجازة من أعمارنا .
  3. الترويح عن النفس في الإسلام بضوابط .
  4. الترفيه واللهو من الحاجات الفطرية للإنسان .
  5. بعض الممارسات الخاطئة في الإجازة .
  6. العادات الشائعة في الإجازة .
  7. مظاهر يجب الحذر منها .
  8. الصدق في النصيحة وعدم المداهنة .

اقتباس

فإن بعض الناس قد يستثقلون النصيحة إذا حذرت مما ألفوه من عادات محببة، لا يرون فيها أدنى بأس، لاسيما العادات التي يشاركون من حولهم من آلاف البشر. وهنا يظهر صدق النصيحة، فالنصيحة الصادقة هي التي لا تداهن على حساب المصلحة الشرعية، إن لكل مسلم حق في النصح، ولو ...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

يرتبط الصيف في الحياة المعاصرة بالراحة والاستجمام، فلا يأتي الصيف إلا وانطلق به الناس بكسر المعهود والمألوف، وجهزوا أنفسهم للسفر، واستعدوا لذلك بالمال والوقت والجهد.

لقد أصبح السفر في الحياة المعاصرة عادة اجتماعية، ذات قيمة عالية جدا لدى كل عائلة قادرة ماديا، بل حتى بسيط الحال قد يستدين من أجل السفر في العطلة، والعطلة الصيفية في حقيقتها مرحلة زمنية من حياة الإنسان، متكررة عام وراء عام.

العطلة مقدار من الزمن من أعمارنا، لا يمكن تجاوزه بأي حال، ويبقى المأمول في أن يكون المسلم واعيا لأهمية الوقت بشكل عام في حياته، وفي العطلة بشكل خاص.

وقد أوضح ذلك نبينا -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ " والفراغ هو الوقت.

وبالتالي يستثمر وقته الثمين في هذه العطلة ليصبح فعلا نعمة عليه في دنياه وآخرته.

أيها الأخوة الكرام: إن حاجة الإنسان إلى الراحة بعد الكد والتعب، وإلى الهدوء بعد الضجيج والصخب، لهو من الأمور الفطرية، التي لا ينكرها أحد.

يقول صلى الله عليه وسلم بعد أن سمح لبني أرفدة في العيد بالدرق والحراب: "لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، وأني أرسلت بحنيفية سمحة" [أخرجه أحمد].

الإسلام في حقيقته لم يفرض على الناس أن يكون كل كلامهم ذكرا، ولا كل صمتهم فكراً، ولا كل أوقاتهم عبادات محضة.

بل جعل للنفس شيئا من الراحة والترويح، ليجدد نشاطها، ويقويه على تكاليف العبادة، وأجواء الحياة.

ولكن الإسلام لما سمح بذلك لن يترك هذا الترويح واللهو واللعب بلا ضابط شرعي، يحفظ دين الإنسان، ونفسه وعرضه، وعقله وماله، ويحفظ كرمته وطهارته، ووقاره ومروءته، ويحمي ذاته الإسلامية وشخصيته.

ولا يتم هذا إلا بالانضباط بشرعة الله الإسلام؛ كما كان شأن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وصحابته الكرام، فالنبي –صلى الله عليه وسلم- كان يضبط جميع حركاته بضابط الشرع، ولما قال له الصحابة: يا رسول الله إنك تداعبنا؟ -أي تمازحنا- قال: "نعم إني لا أقول إلا حقا" [رواه الترمذي].

أي نعم، أمازحكم ولكن لا أقول إلا حقا، ولذلك قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "خالط الناس -أي امزح معهم وتبسط لهم-، ودينك لا تكلمنه" أي لا تجرح دينك، لا يحملك المزاح والتودد للناس على الرضا بالمنكر، أو فعل المنكر، أو قول المنكر، فالإنسان لا شك في حاجة إلى الترويح.

وقد ذكر ابن عبد البر: أن عليا -رضي الله عنه- قال: "أجموا هذه القلوب -يعني من الاستجمام أريحوا هذه القلوب- بشيء من اللهو المباح، حتى تقوى على الجد، قال: والتمسوا لها طرائف الحكمة، فإنها تمل كما تمل الأبدان".

فالترفيه واللهو من الحاجات الفطرية للإنسان، لكن كونها من فطرة الإنسان، لا يعني أن تستحوذ على حياته، وتملأ عليه جميع أوقاته، بل الجد والحزم هو الأولى في حياة المسلم، وما الترفيه واللعب إلا واحات يستريح فيها، وهو في طريقه إلى ربه: (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ) [الانشقاق: 6].

وعلى كل حال يبقى السؤال، السؤال الذي يجب التأمل فيه بعد ما تقدم من كلام، كيف يكون قضاء العطلة؟

أيكون في اللهو المحض أم في الجد المحض؟ أيكون في حتما في السفر ؟ أو يكون في سهر الليل ونوم النهار؟ أم يكون في متابعة ما تبثه الفضائيات أو التصفح بالانترنت؟

إنه سؤال ملح ينتظر إجابة مقنعة!.

أيها الأخوة الكرام: إن مثل هذه العطل فرص تقتنص، ومغانم تستثمر، للإفادة منها في إطار الحلال، تستجم النفس، وتتسع المدارك، ويصح البدن، وتتقارب القلوب، كل ذلك في جو نقي خالي من شوائب المعصية، يصبح المؤمن بعدها نشيطا متجددا ًسعيدا بدينه السمح، قانعا بما أتاح الله له من طيبات الحياة الدنيا.

لم يخسر هذه الفرصة من عمره القصير، فيما يضر دينه، ودين أهله وعياله، وفي نفس الوقت لم يخالف فطرته، فيحرمها من مرح واستجمام ضروري بين حين وآخر، لاستعادة نشاط نفسه وحيويتها.

إن من المؤشرات التي تعرف بها المجتمعات الواعية، مقدار اهتمامها بأفرادها، ومدى استثمارها للطاقات الكبيرة في صفوف شبابها وفتياتها.

وواقع العطل وأوقات الأجازات خير دليل على قياس هذا المؤشر، ولو أردنا أن نستعرض النشاطات الصيفية بكثير من المجتمعات لطال بنا المقام، غير أن ما لا يدرك جله لا يدرك كله.

ولأجل هذا فإن من المستحسن أن نبدي شيئا من الوضوح والصراحة حول ما تمتاز به هذه العطل، من قلة انضباط شرعي وصحي.

الممارسات الخاطئة في العطل كثيرة، لدى نسبة كبيرة من الرجال، شبابا وكهولا وشيبا، السفر المحرم مثلا بقصد الفاحشة -نسأل الله العفو والعافية، أجلكم الله-.

أو الخمور أو كلاهما، نعم تقدم إلي أكثر من شخص يبينون تفشي هذه الكبائر بين أعداد من الناس في بيئتنا المحافظة، حتى ممن يشهدوا الصلوات في المساجد مع الأسف الشديد، وهو ابتلاء مخيف -نسأل الله العفو والعافية-.

والنفس إذا لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية، قال تعالى محذرا: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ   ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا)[الفرقان: 68].

ويقول سبحانه: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً) [الإسراء: 32].

يقول جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).

والمؤمن يدرك أنه يبعث على ما مات عليه، فكيف لو مات وهو في طريقه إلى تلك الكبائر؟ بل كيف لو مات وهو يعاقرها -أسأل الله العافية والسلامة للجميع-.

من العادات الشائعة في زماننا اليوم في العطل: انقلاب الليل نهارا، والنهار ليلا، فتجد كثير من الناس يقضون ليلهم في القيل والقال، وبعضهم في الضجيج والعزف والطرب، وآخرين في مشاهدة فضائيات، وتمتد أوقات لهوهم إلى أوقات متأخرة من الليل، ولسان حالهم يقول: يا ليل هل لك من صباح أم هل لنجلك من براح؟!

ولذلك كله تفتقد النعمة العظمى التي جعل الله بها الليل لباسا، والنوم سباتا، وجعل النهار نشورا.

إني أعلم أن خطبة واحدة لن تغير هذا الواقع بالضرورة، ولكني أعرف أيضا أن كلا منا يستطيع أن يسهم في تغير هذه العادة السيئة، ولو بالنصيحة والخطبة نصيحة، والنصيحة خير بداية للإصلاح: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) [الذاريات: 55].

من المظاهر التي يجب الحذر منها: ما تعده بعض القنوات الفضائية من برامج الاغراء والافتتان، أصبحت تلك الفضائيات بحق علم العصر الأبرز في ترويج الفساد، سواء في أفلامها، أو استعراضاتها الغنائية، أو مسلسلاتها، خلا لها الجو، وأصبحت تطل على كل غرفة من غرف البيت، دون حاجز يمنعها، ولا رقابة، ولا احتساب.

ولا سبيل إلى منعها، أو دفعها، سوى بقية التقوى في قلب المؤمن، والذي ينبغي أن نتنبه إليه جميعا، هو أن دعاة الانحلال الأخلاقي ليسوا أقل خطورة من دعاة الإرهاب والتكفير، كلاهما مدعاة للانحلال الأمني المحذور، وبدون ضبط لتلك الفضائيات، وكف يدها عن النخر في جدار السفينة، سفينة المجتمع، فإن مآل السفينة إلى الغرق.

إن الفكر الاجتماعي هو مقبض رحى المجتمعات المعاصرة، ولب توجيهها الفعال الإعلام به يغيرون الناس، به تخدم قضايا المسلمين، وبه تطمس الحقائق، وتهدر الحقوق.

وإذا أردت -أخي الكريم- أن تعرف الأمة الجادة من الأمة اللاهية، فانظر إلى إعلامها، فما يكون فيه من كمال واعتدال فهو دليل من كمال القائمين على الإعلام واعتدالهم، والعكس صحيح.

الحاصل ينبغي الحذر من أن تكون هذه العطل مضيعة للوقت، وعلامة سوداء في سجلاتنا.

أسأل الله أن يصلح الحال.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله فاستغفروه، إنه غفور رحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن بعض الناس قد يستثقلون النصيحة إذا حذرت مما ألفوه من عادات محببة، لا يرون فيها أدنى بأس، لاسيما العادات التي يشاركون من حولهم من آلاف البشر.

وهنا يظهر صدق النصيحة، فالنصيحة الصادقة هي التي لا تداهن على حساب المصلحة الشرعية، إن لكل مسلم حق في النصح، ولو خالف النصح أهوائه ورغباته.

أحد العلماء وهو ينصح بصدق في موضوع قضاء العطلة، يقول بكلام نفيس: "هناك أمر هو من الأهمية بمكان، إذ لا يقل عن سابقيه من الممارسات الخاطئة والمفاهيم المغلوطة في ثنايا هذه العطل الصيفية، ألا وهو ذلكم التطواف والتجوال في أنحاء العالم المترامي الأطراف، من خلال السفر إلى بلاد غير المسلمين، أو إلى بلاد تشبهها، وإن تسمت بالإسلام، أو بما يسمى في العرف المعاصر بلاد السياحة الحرة، ومن المعلوم بداهة أن المرء الجاد الخائف من ربه، وولي نعمته ليس لديه متسع من الوقت، أو الجهد لينفقه فيما يعود عليه بالوبال والخسران، وعلى العكس من ذلك فإن فئاماً من الناس، حرصوا على تضخيم الترويح على النفس والبدن، فظنوا بسبب ذلك أنهم مسجونون في بيوتهم وبلدانهم، فاستصغروا ما كانوا يُكبرون من قبل، حتى ألفوا مبادئ السياحة، وامتلأت قلوبهم حبا بها ولها، بقطع النظر عما يعتري المناظر الخلابة، والجو البارد من مجالسة ومشاهدة لما حرم الله ورسوله، من كفر وفسق، وعري وسكر، على ضفاف الأنهار، وشواطئ البحار في بلاد الكفار.

وأما العاقل من السياح والذي يعرف أن عليه واجبات وفرائض، فإنه قد يضعف في أدائها، أو يؤديها في تخوف على وجه المسارقة والاستحياء ممن حوله، أو يقيم صلواته وسط أماكن الصخب والعطب، فيفقد لذة العبادة والسكينة والطمأنينة التي لا وجود لها وسط تلك الأماكن الملتهبة".

هذا كلامه، والحاصل أن كل إنسان يقضي عطلته على ما تيسر له، وحسب قدرته وإمكاناته، لكن المؤمن على الدوام وبالذات في هذه المواطن يتذكر الغاية من خلقه: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56].

وبالتالي لا يقدم على دينه شيء، ولو اتقى ربه في شأنه كله، وقدم رضا ربه على رضا المخلوقين أين كانوا، ومهما قربوا منه، أو بعدوا، لخرج منها سالما غانما- بإذن الله تعالى-: (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)[الشعراء: 88- 89].

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه وماذا عمل فيما علم" [رواه الترمذي].

فعلينا -إخوة الكرام- أن ننظر إلى العطلة على أنها فرصة للتقرب إلى الله، للترويح عن النفس بالحلال بلا شبهة؛ لأن التقرب إلى الله لا يقتصر على الشعائر، من صلاة وذكر، وصوم وحج، بل بشتى نشاطات المسلم، ومنها: قضاء العطلة في مؤانسة الأهل مثلا، هذا من الشيء المرغوب، صلة ذوي القربى، أداء العمرة، ملاعبة الأطفال، وإدخال السرور إلى قلوبهم، دون جرح للدين، المشاركة في المراكز الصيفية، القراءة، الكتابة، وغيرها من النشاطات النظيفة.

حياة المسلم جدها وهزلها كلها عبادة، ولذلك لما التقى معاذ بن جبل -رضي الله عنه- مع أبي موسى، ومعاذ أعلم من أبي موسى -رضي الله عنهما-، قال معاذ: "فأنام وأقوم، وأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي".

قال ابن حجر -رحمه الله-: "معناه أنه يطلب الثواب في الراحة كما يطلبه في التعب؛ لأن الراحة إذا قصد بها الإعانة على العبادة حصل الثواب".

يقول ابن القيم: "وعمارة الوقت الاشتغال في جميع آنائه -أي بالوقت- بما يقرب إلى الله، أو يعين على ذلك، من مأكل، أو مشرب، أو منكح، أو منام، أو راحة، فإنه متى أخذها بنية القوة على ما يحبه الله، وتجنب ما يسخطه كانت من عمارة الوقت، وإن كان له فيها أتم لذة، فأوقات المسلم عبادة إلى عبادة، ومن طاعة إلى أخرى".

(قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)[الأنعام: 162-163].

اللهم اغفر لنا وارحمنا...