الطيب
كلمة الطيب في اللغة صيغة مبالغة من الطيب الذي هو عكس الخبث، واسم...
العربية
المؤلف | محمد بن سعيد بافيل |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | أركان الإيمان |
أيها المباركون: إن حفظ الدين أوجب الواجبات، وأهم المهمات، على الفرد والمجتمع والدولة، يبذل له كل غالي ورخيص، ويستهان لأجله بالنفس والنفيس، يوالى فيه ويعادى عليه، ويجتمع له ويفترق في خلافه، وسائر مقاصد الدين وكلياته تابعة له، مسخرة في سبيله، ولحفظ الدين حجبت...
الخطبة الأولى:
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد:
فيا أيها المسلمون: أنزل الله -تعالى- الشرائع رحمة بالعباد، وحفظا لهم، وإصلاحا لدنياهم وأخراهم، وكانت الشريعة الخاتمة خير الرسالات، وأكملها وأعظمهما وأقومها: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ)[المائدة: 48].
وأمر الله -تعالى- العباد بإقامة دين الإسلام، والعمل به، ونشره، وتعليمه، والحكم به، وتطبيقه، ثم حذر بعد ذلك من الإعراض عنه، واستبداله بغيره؛ فقال جل في علاه: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[آل عمران: 85].
والحفاظ على الدين أعظم الضروريات، وأجل مقاصد الإسلام، قال الإمام الشاطبي -رحمه الله-: "فإن عرض عارض إحياء النفس إماتة الدين؛ كان إحياء الدين أولى وإن أدى إماتتها" كما جاء في جهاد الكفار وقتل المرتد، وغير ذلك.
ولا عجب -أيها الأخوة- فالناس بدون دين حق كالوحوش في الغابات يأكل القوي منهم الضعيف، ويلتهم الكبير الصغير، ولولا رحمة الله للخلق بالدين لصاروا كالبهائم: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ)[محمد: 12].
معشر الأخوة: لقد ختم الله -تعالى- رسالاته المقدسة بالدين الأكمل الأعظم ليهيمن على سائر الأجيال والنحل، ويسود في الأرض على العالمين، ويعلو ولا يعلى عليه، ويعز به أهله ويشرفون: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) [الفتح: 28].
فلا يحق لمسلم بعد مبعث النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أن يعيش ذليلا تحت سلطان دين آخر، ولا يجوز لمجتمع مسلم أن يتخلى عن أحكام الشرع المطهر، أو يقر الكفر والإلحاد في وسطه وبين أفراده، أو يحمي المرتدين والزنادقة بأنظمته وقوانينه: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة: 44].
فلا تسامح ولا استهانة في شعائر الملة، وثوابت الأمة، مع كل أحد كائنا من كان، ولو سمو صنيعه حرية رأي، أو حرية فكر، أو غير ذلك: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة: 50].
أيها المسلمون: يحفظ ديننا الحنيف بتعلمه والتفقه فيه، ثم بالعمل به وتحكيمه في حياتنا وواقعنا، والدعوة إليه بين الخلائق، والجهاد من أجل إقامته وانتشاره، ومواجهة كل من يخالفه ويضاده من أهل الأهواء والبدع أو المنافقين والمحاربين: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) [المائدة: 67].
إن المسلمين كافة، ذكورا وإناثا، عربا وعجما، حكاما ومحكومين، دولا وأفرادا؛ مأمورين بتطبيق تعاليم دينهم، والعمل به في حياتهم، والاستسلام لأوامره وأحكامه فيما لهم وما عليهم، وما يوافق رغباتهم وأهوائهم، أو ما يخالفها: (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ)[يوسف: 40].
تحاكم كامل، وانقياد تام، وتبعية مطلقة: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [النور: 51].
أيها المباركون: إن حفظ الدين أوجب الواجبات، وأهم المهمات، على الفرد والمجتمع والدولة، يبذل له كل غالي ورخيص، ويستهان لأجله بالنفس والنفيس، يوالى فيه ويعادى عليه، ويجتمع له ويفترق في خلافه، وسائر مقاصد الدين وكلياته تابعة له، مسخرة في سبيله، ولحفظ الدين حجبت التوبة عمن ينقلب على عاقبيه، ويرتد عن الإسلام إلى الكفر: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ) [آل عمران: 90].
وأغلب الله -تعالى- له الوعيد والجزاء، فقال: (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة: 217].
قال صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه".
ولقد أجمع الصحابة الكرام ومن تبعهم على وجوب قتل المرتد عن دين الإسلام، حماية لدين الله من العابثين، وذودا عن حياضه، وحفاظا على سموه وصفائه، ولما أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذ إلى اليمن، قال له: "أيما رجل ارتد عن دين الإسلام فادعه، فإن عاد وإلا فاضرب عنقه، وأيما امرأة ارتدت عن دين الإسلام فادعوها، وإلا فاضرب عنقها".
أيها الأخوة: وحفاظا على دين المسلم والمسلمة، قال جل جلاله: (وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [البقرة: 221].
وكم من مسلم ضل وانتكس، وكم من مسلمة غوت وارتكست وتاهت الذرية في ظلمات الشرك، وانجرفت حين اجتمع التوحيد بالكفر، في عقد النكاح، ورباطه بزواج المسلم من الكافرة، أو زواج المسلمة من الكافر.
ولحفظ الدين وإعزازه، رفع الله منزلة أهل القرآن، وعلماء الشريعة والدعاة إلى دين الله: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [فصلت: 33].
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
وقال عليه الصلاة والسلام: "والعلماء ورثة الأنبياء" فلماذا هذا التكريم والاحتفاء والاصطفاء؟
لأن الله -جل جلاله- يحفظ بهم دينه، ويخرج الناس من الظلمات إلى النور بجهوده، وينقذهم من الضلالة إلى الهدى بدعوتهم وتعليمهم، حتى قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله -تعالى- وملائكته وأهل السماوات والأرض، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير".
فهنيئا لحملة العلم وطلابه، ذلك الشرف والسؤدد، حين تخلص نياتهم، وتستقيم مقاصدهم، وتصد مسالكهم، قال عليه الصلاة والسلام: "من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم".
وإذا ضيق الطريق على ورثة الأنبياء، وجففت منابع الدعوة والإصلاح، وفتحت مسالك الغفلة والعصيان، انتشرت البدع والمحدثات، وشاعت الفتن الفكرية والسلوكية، وطمست معالم الدين، وحوربت الفضيلة والمعروف، وتجرأ المفسدون والملحدون: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران: 104].
ولحماية دين المسلم وصيانته وحفظه؛ أمره الشارع الحكيم باجتناب مجالس الغواية، وأصحاب الضلالة، ونهاه عن الولوج إلى مواقع الفجور ومنتديات الزور، فقال جل جلاله: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) [النساء: 140].
وكم فتن أقوام وتردوا وتراجعوا عن الحق بعدما اهتدوا لما ولغوا في لجة الفتن، وخاضوا في أودية الأهواء والشهوات، وقد أمرنا رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم- باتقاء أسباب الفتنة، واجتناب مواطنها وأصحابها، فقال صلى الله عليه وسلم: "من سمع بالدجال فلينأ منه، فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن، فلا يزال به لما معه من الشبه حتى يتبعه".
وفي ذات يوم رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- صحيفة من التوراة بيد فاروق الأمة، وأحد كبار علماءها وعباقرتها، فغضب لذلك، وقال معاتبا: "أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو بباطل، فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى -عليه السلام- كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني".
وهل أحد بعد نبي الأمة وصديقها أعقل وأذكى وأعلم من عمر، وهل يحق لكل أحد أن يطالع شبهات الفلاسفة، ومقولات الزنادقة، وتحريفات الديانات السابقة، وسموم العلوم الزائغة.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله إمام المجاهدين، وقائد الغر المحجلين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فيا أيها الكرام: ولحفظ دين الإسلام وصيانته أمر ربنا بالهجرة من ديار الكفر إلى دار الإسلام، فقال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا)[النساء: 97].
قال الإمام ابن كثير -رحمه الله-: "هذه الآية عامة في كل من أقام بين ظهرني المشركين، وهو قادر على الهجرة، وليس متمكن من إقامة الدين، فهو ظالم لنفسه، مرتكب حرام، بالإجماع " ا. هـ.
وقال صلى الله عليه وسلم: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"[رواه أبو داوود والترمذي].
وعن جرير بن عبدالله -رضي الله عنه- أنه قال: "بايعني واشترط علي، فأنت أعلم" فقال صلى الله عليه وسلم: "أن تعبد الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتناصح المسلمين، وتفارق المشركين" [رواه أحمد والنسائي].
فوجب على المسلم أن يفارق بلاد الكافرين، وأن يهجرها، وأن لا يقيم فيها، ولا يسافر إليها، إلا لحاجة طارئة، أو ضرورة ملحة، لا يتمكن من إدراكها في غيرها من بلاد المسلمين.
أيها المسلمون: ولحفظ الدين، ونشره، والدفاع عنه، وحمايته؛ شرع الجهاد في سبيل الله، والقتال لإعلاء كلمة الله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)[التحريم: 9].
هو شرف المؤمنين، وعز المسلمين، ورفعة المجاهدين: "وما ترك قوم الجهاد إلا عمهم الله بالعذاب"[رواه الطبراني بإسناد حسن].
شرع الله إظهارا لدينه، ونصرة لأوليائه، وحماية لأتباعه، ومحقا لأعدائه، وتطهيرا لأرضه من الطواغيت والمشركين: (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ) [البقرة: 217].
قال صلى الله عليه وسلم: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم".
فهنيئا للشهداء في سبيل الله، بذلوا أنفسهم ليحفظوا دين الله، ويصونوا شريعة الله: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ)[آل عمران: 169-171].
والجهاد ذروة سنام الإسلام.
اللهم صل وسلم وبارك على إمام المجاهدين، وسيد ولد آدم أجمعين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وبقية العشرة المبشرين، وسائر أصحابه وآل بيته أزواجه وآله، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أبرم لأمتنا أمراً رشدا يعز فيه أوليائك، ويذل فيه أعدائك، ويأمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، وتقال كلمة الحق لا يخشى قائلها لومة لائم.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واخذل الطغاة والملحدين والمفسدين.