المجيب
كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...
العربية
المؤلف | خالد القرعاوي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات - أركان الإيمان |
عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ اهْتَمَّ الْإِسْلَامُ بِأَتْبَاعِهِ وَاعْتَنَى بِأَرْوَاحِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ وَصِحَّتِهِمْ، وَمَنْ تَأَمَّلَ ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّ هَذَا الدِّينَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ؛ فَقَدْ نَهَانَا إِسْلَامُنَا عَنْ تَلْوِيثِ أَمَاكِنِ جُلُوسِ النَّاسِ وَمَوَارِدِهِمْ وَطُرُقِهِمْ، أوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِاليَمِينِ. وَمِنْ عِنَايَةِ الْإِسْلَامِ بِنَا: أَنَّهُ أَمَرَنَا بَغَسْلِ اليَدَيْنِ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ نُدْخِلَهُمَا فِي الْإِناءِ إِذَا اسْتَيْقَظْنَا مِنْ نَوْمِنَا؛ لأَنَّا لَا نَعْلَمُ أَيْنَ بَاتَتْ أَيْدِيَنَا. وَمِنْ عِنَايَةِ الْإِسْلَامِ بِصِحَّةِ الْمُؤْمِنِ: أَنْ شَرَعَ التَّدَاوِيَ، وَأَنَّه لَا يُنَافِيَ التَّوَكُّلَ عَلَى اللهِ -تَعَالَى-، فَقَدْ...
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ دَافِعِ الْبَلَاءِ وَالْوَبَاءِ، أَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، مَا أَنْزَلَ دَاءً إِلَّا وَأَنْزَلَ لَهُ الدَّوَاءَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولَهُ الْقَائِلُ: "لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ" صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، مَا دَامَتِ الْأَرْضُ وَالسَّمَاءُ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقَوا اللهَ الَّذِي خَلَقَكُمْ، وَاِسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَةِ اللهِ بِمَا رَزَقَكُمْ.
أَيُّهَا الْـمُسْلِمُونَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ بِاللهِ حَقَّاً لَيُوقِنُ أَنَّ مَا يُصِيبُهُ مِنْ تَعَبٍ وَمَرَضٍ، وَخَيْرٍ وَشَرٍّ، إِنَّمَا هُوَ بِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ؛ كَمَا قَالَ رَبُّنَا -تَعَالَى-: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)[القمر: 49]، وَلَا يُصَابُ الْمُؤْمِنُ بِشَيْءٍ فَيَصْبِرُ عَلَيهِ إِلَّا كَانَ تَكْفيرًا لِسَيِّئَاتِهِ؛ كَمَا قَالَ نَبِيُّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا؛ إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ"(أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ).
وَلِسَانُ حَالِ الْمُؤْمِنِ يُرَدِّدُ قَوْلَ الحَقِّ -جَلَّ جَلالُهُ-: (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)[التوبة: 51].
أَيُّهَا الْـمُسْلِمُونَ: وَالْمُؤْمِنُ مُتَوَكِّلٌ عَلَى اللهِ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ، وَيَعْلَمُ عِلْمَ الْيَقِينِ أَنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ بِيَدِ مَوْلَاهُ: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)[الطلاق: 3].
وَالتَّوَكُّلُ لَا يَكُونُ صَحِيحاً إِلَّا إِذَا اجْتَمَعَ فِيهِ أَمْرَانِ: تَفْوِيضُ الأُمُورِ كُلِّهَا إِلَى اللهِ -تَعَالَى-، وَالاعْتِمَادُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ.
وَالثَّانِي: بَذْلُ الأَسْبَابِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ الْمُبَاحَةِ، فَمَنْ أَخَلَّ بِأَحَدِ هَذَينِ الأَمْرَيْنِ فَقَدْ أَخَلَّ بِالتَّوَكُّلِ الصَّحِيحِ، فَمَنِ اعْتَمَدَ على الأَسْبَابِ وَانْصَرَفَ قَلْبُهُ عَنْ مُسَبِّبِهَا فَقَدْ أَخْطَأَ، وَمَنْ أَخَلَّ بِبَذْلِ الأَسْبَابِ فَقَدْ خَالَفَ الشَّرِيعَةَ الَّتِي أَمَرَتْ بِبَذْلِها بِلَا تَفْرِيطٍ وَلَا عُدْوَانٍ، وَقَدْ جَاءَ الْجَمْعُ بَيْنَ الأَمْرَيْنِ فِي نُصُوصِ الشَّرِيعَةِ كَثِيرًا، كَمَا فِي الْحَديثِ الشَّرِيفِ: "احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ" فَقَولُهُ: "احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ" أَيْ مِنَ الأَسْبَابِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ الْمُبَاحَةِ، وَقَوْلُهُ: "وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ" تَفْوِيضٌ لِلأَمْرِ إِلَى مُسَبِّبِ الأَسْبابِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ اهْتَمَّ الْإِسْلَامُ بِأَتْبَاعِهِ وَاعْتَنَى بِأَرْوَاحِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ وَصِحَّتِهِمْ، وَمَنْ تَأَمَّلَ ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّ هَذَا الدِّينَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ؛ فَقَدْ نهانا إِسْلَامُنَا عَنْ تَلْوِيثِ أَمَاكِنِ جُلُوسِ النَّاسِ وَمَوَارِدِهِمْ وَطُرُقِهِمْ، أوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِاليَمِينِ.
وَمِنْ عِنَايَةِ الْإِسْلَامِ بِنَا: أَنَّهُ أَمَرَنَا بَغَسْلِ اليَدَيْنِ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ نُدْخِلَهُمَا فِي الْإِناءِ إِذَا اسْتَيْقَظْنَا مِنْ نَوْمِنَا؛ لأَنَّا لَا نَعْلَمُ أَيْنَ بَاتَتْ أَيْدِيَنَا.
وَمِنْ عِنَايَةِ الْإِسْلَامِ بِصِحَّةِ الْمُؤْمِنِ: أَنْ شَرَعَ التَّدَاوِيَ، وَأَنَّه لَا يُنَافِيَ التَّوَكُّلَ عَلَى اللهِ -تَعَالَى-، فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ -سُبْحَانَهُ- لَمْ يَضَعْ دَاءً، إِلَّا وَضَعَ مَعَهُ شِفَاءً، إِلَّا الْهَرَمَ"، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُكْثِرُ مِنْ قَولِ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئِ الْأَسْقَام"، وبَيَّنَ لَنَا الْمَشْرُوعَ مِنْ التَّدَاوِيَ وَالْمَمْنُوعَ، وَأَنَّهُ مَا جُعِلَ شِفَاؤُنَا فِيمَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ.
وَمِنِ اعْتِنَاءِ الْإِسْلَامِ بِصِحَّةِ الْمُسْلِمِ: أَنْ جَعَلَ خَمْسًا مِنَ الْفِطْرَةِ، وَهِيَ: الخِتَانُ، والِاسْتِحْدَادُ -أَيْ إِزَالَةُ شَعْرِ الْعَانَةِ-، وَتَقْلِيمُ الْأَظَافِرِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ؛ فَإنَّهَا مَوْطِنُ اجْتِمَاعِ الْقَاذُورَاتِ.
وَمِنْ حِرْصِ الْإِسْلَامِ عَلَى الصِّحَّةِ: التَّحْذِيرُ مِنَ الْأَوْبِئَةِ الَّتِي قَدْ تُصِيبُ النَّاسَ، ففِي الْبُخَارِيِّ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ بِاللَّيْلِ إِذَا رَقَدْتُمْ، وَغَلِّقُوا الْأَبْوَابَ، وَأَوْكُوا الْأَسْقِيَةَ، وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ -وَأَحْسَبُهُ قَالَ: "وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرِضُهُ عَلَيْهِ"، وَمَا هَذَا الْأَمْرُ إلَّا حِرْصًا مِنْهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى حِمَايَةِ النَّاسِ مِنْ هَذِهِ الْأَوْبِئَةِ.
وَفِي يَومٍ بَايَعَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- رَجُلا مَجْذُومَاً، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ: "إنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، وَقَالَ: "وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الْأَسَدِ"، وَنَهَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: "أَنْ يُوْرَدَ مُمَرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ" أي لا يُورِدُ صَاحِبُ الْإِبِلِ الْمِرَاضِ عَلَى الْإِبِلِ الصِّحَاحِ؛ لِسُرْعَةِ انْتِشَارِ الْعَدْوَى بَيْنَهَا، فَهَذِهِ الْفَيْرُوسَاتُ وَمَرَضُ الكُورُونَا وَغَيْرُهَا انْتَقَلَتِ الْعَدْوَى فِيهَا مِنَ الْحَيَوَانَاتِ إِلَى الْبَشَرِ -وَاللهُ أَعْلَمُ-.
وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ بِجُمْلَتِهَا تَدْعُو لِتَجَنُّبِ الْمُلَوِّثَاتِ وَالتَّحَرُّزِ مِنَ التَّعَرُّضِ لَهَا؛ فَدِينُنَا دِينٌ عَظِيمٌ.
رَزَقَنَا اللَّهُ الْفِقْهَ فِيهِ، والعَمَلَ بِمَا يُرْضِيهِ.
أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ جَلَّ فِي عُلَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَمُصْطَفَاهَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَسُلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا إِلَى يَوْمِ نَلْقَاهُ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ وَتَوَكَّلُوا عَليهِ، (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)[الطلاق: 3].
عِبَادَ اللهِ: وَمِنْ تَوجِيهَاتِ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لَنَا أنْ قَالَ: "إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا"، فَلَا يَجُوزُ لَكَ أنْ تُعْرِّضَ نَفْسَكَ لِلْخَطَرِ، أَمَّا مَنِ ابْتُلِيَ بِأرْضٍ فِيهَا هَذِهِ الْأَمْرَاضُ فَلَا يَخْرُجْ مِنْهَا لِعِلَلٍ مِنْ أَهَمِّهَا أَنَّه قَدْ يَنْقُلُ الْعَدْوَى لِبُلْدَانِ أُخْرَى، وَقِيلَ إِنَّهُ يُنَافِي التَّوَكُّلَ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ هَذِهِ الْعِلَلِ، وَعُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- حينما خَرَجَ إِلَى الشَّامِ وَأُخْبِرَ بِالطَّرِيقِ أَنَّ وَبَاءً قَدْ وَقَعَ بِأَرْضِ الشَّامِ اسْتَشَارَ أصْحَابَهُ فَأَشَارُوا عَلَيْهِ بِالرُّجُوعِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- سَمِعْتُ الرَّسُولَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ عَنِ الْوَبَاءِ: "إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأرْضٍ فَلَا تَقْدُمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأرْضٍ فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ" فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ.
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ: وَيَنْبَغِي عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَبْتَعِدَ عَنِ الْخَوْفِ وَالْهَلَعِ، وَيَبْتَعِدَ عَنِ التَّهْويلِ وَنَشْرِ الْأَخْبَارِ الْمُغْرِضَةِ، بَلْ يَأْخُذُ مَعْلُومَاتِهِ مِنْ مَصَادِرِهَا الْمَوْثُوقَةِ، وَيُحْسِنُ التَّعَامُلَ مَعَ التَّعْمِيمَاتِ الرَّسْمِيَّةِ وَالنَّصَائِحِ الطِّبِّيَّةِ، وَيَتَعَاوَنُ مَعَ الْجِهَاتِ الرَّسْمِيَّةِ فِيمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ الْعَامَّةُ؛ فَإِنَّ تِلْكَ الْجِهَاتِ حَرِيصَةٌ عَلَى صِحَّةِ الْجَمِيعِ وَسَلَامَتِهِمْ.
وَمِنَ التَّعَاوُنِ عَلَى الْخَيْرِ وَالْبِرِّ: الْإِبْلَاغُ عَنْ أَيِّ مُصَابٍ بِهَذَا الدَّاءِ؛ طَاعَةً لله -عَزَّ وَجَلَّ-، وَنُصْحًا لِلْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ.
وَيَجِبُ عَلَى مَنِ ابْتَلِيَ بِهَذَا الدَّاءِ أَن لَّا يُخْفِيَهُ عَنِ النَّاسِ، بَلْ يُبَلِّغُ الْجِهَاتِ الْمَسْؤُولَةَ لِاِتِّخَاذِ التَّدَابِيرِ الْوِقَائِيَّةِ وَالْعِلَاَجِيَّةِ؛ حِمَايَةً لَهُ وَلِأُسْرَتِهِ وَلِلْمُجْتَمَعِ، وَأَنْ يَلْزَمَ بَيْتَهُ فَلَا يَخْرُجَ إِلَى الأَمَاكِنِ الْعَامَّةِ وَتَجَمُّعَاتِ النَّاسِ؛ لِئَلَّا يَنْقُلَ الْعَدْوَى إِلَى غَيْرِهِ.
كَمَا عَلينَا أنْ نَتَوَقَّى مِن الأَمْرَاضِ التي تَنْتَقِل عَبْرَ التَّنَفُّسِ فَقَدْ نَهَانَا نَبِيُّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نَتَنَفَّسَ فِي الإنَاءِ أَو أَنْ نَنْفَخَ فِيهِ، وَقَدَ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذَا عَطَسَ غَطَّى وَجْهَهُ بِيَدَيهِ أَو بِثَوبِهِ وَغَضَّ بِهَا صَوتَهُ.
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ: المُؤمِنُ في مِثْلِ هَذِهِ الأحْوالِ يَرْجِعُ لِرَبِّهِ، وَيَعُودُ لِقُرْآنِهِ، فَيَقْرَأُ فِيه: (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)[السجدة: 21] فَكُلُّ مَا يُصِيبُنَا مِن أَوبِئَةٍ وَفَيرُوسَاتٍ إنَّما هِيَ تَنْبِيهَاتٌ وَتَحْذِيرَاتٌ مِنْ رَبِّ العِبَادِ. وَصَدَقَ اللهُ العَظِيمُ: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ)[الرعد: 11].
عِياذًا إلهِي مِنْ وَخِيمِ العَوَاقِبِ | وَمِنْ كُلِّ فَيرُوسٍ مُمِيتٍ وَنَاصِبِ |
تَجَاوَزَ بِالضُّرِّ الشَّنِيعِ فَدَاحَةً | سُمُومُ الأَفَاعِي وَامْتِصَاصِ العَقَارِبِ |
فَلا قُوَّةٌ تَحْمِي وَلا سُلْطَةٌ تَقِي | وَلا دَولَةٌ ضَمَّتْ قَوِيَّ الكَتَائِبِ |
كَمَا دَوْلَةُ الصِّينِي التَي صَارَ صِيتُهَا | يُرَدَّدُ فِي شَرْقِ الثَّرَي وَالمَغَارِبِ |
فَفَيرُوسُ كُورُونَا أَشَاعَ بِهَا الأَسَى | وَمَدَّ لَهَا الآلامَ مِنْ كُلِّ جَانِبِ |
فَكَمْ أَرْسَلَ الآيَاتِ وَعْظَاً وَعِبْرَةً | نَذِيرَاً لِعَاصٍ وَالتِزَامَاً لِتَائبِ |
فَيَا رَبِّ هَبْنَا مِنْكَ لُطْفَاً وَرَحْمَةً | لِنَسْلَمَ مِنْ سُوءِ الرَّدَى وَالنَّوَائِبِ |
وَلا تَنْتَقِمْ مِنَّا جَمِيعَاً مُؤَاخِذًا | بِفِكْرِ سَفِيهٍ وَانْتِهَاكَاتِ خَائِبِ |
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَحفَظَنَا بِحفظِكَ، فَأَنْتَ خَيرٌ حَافِظاً وَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.
عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.
اللَّهُمَّ اِرْفَعْ عَنَّا وَعَنْ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ الْبَلَاءَ وَالْغَلَاَءَ وَالْوَبَاءَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئِ الْأَسْقَامِ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الأَبْدَانِ، وَالأَمْنَ فِي الأَوْطَانِ، وَالْفَوْزَ بِالنَّعِيمِ وَالرِّضْوَانِ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلاةَ أُمُورِنَا لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمْ فِي طَاعَتِكَ وَرِضَاكَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة: 201].
عباد الله: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النحل: 90]، فاذكروا اللهَ العظيمَ يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[العنكبوت: 45].