الحسيب
(الحَسِيب) اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على أن اللهَ يكفي...
العربية
المؤلف | عبد الله بن علي الطريف |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
أيها الإخوة: وليست مغفرة الذنوب مقتصرة على الاستغفار، وإن كان أعظمها وأظهرها، فهناك أعمال أخرى كثيرة نص عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبين أن عملها سبب في مغفرة الذنوب؛ منها ما هو من أركان الإسلام ومبانيه العظام، ومنها ما هو من الأعمال اليسيرة السهلة، وما شرع ذلك سبحانه إلا...
الخطبة الأولى:
أما بعد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر: 18].
أيها الإخوة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ"[رواه مسلم].
قال المناوي -رحمه الله-: "وإنما يخلى الله بين المؤمن والذنب ليبلغه هذه الدرجة" -درجة الاستغفار- ولو لم يخل بينه وبين الذنوب وسعى العبد في محاب الله كلِها، وتجنب مساخطه كلَها ربما وجد نفسه قائمة بوظائف الله، وساعية في طاعته، ويرى لسانه ذاكراً؛ فأعجبته نفسه، واستكثر فعلَه، واستحسن عملَه، فيكون قد انصرف عن الله إلى نفسه العاجزة الحقيرة الضعيفة".
وقال رحمه الله: "ومن فوائد إيقاع العبدِ في الذنوبِ أحياناً اعترافُ المذنبِ بذنبِه، وتنكيسُ رأسه عن العجب، واعترافُه بالعجز".
وقال: "وكما أحب الله -تعالى- أن يحسن إلى المحسن أحب التجاوز عن المسيء، والغفار يستدعي مغفوراً، والسرُ فيه إظهارُ صفةِ الكرمِ والحلمِ، وإلا لانثلم طرف من صفات الألوهية".
والاستغفار من أعظم أبواب المغفرة وأيسرِها؛ فعن زيدٍ مولى رسولِ الله أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ"[رواه أبو داود والترمذي والحاكم وقال على شرط الشيخين وصححه الألباني].
أيها الإخوة: وليست مغفرة الذنوب مقتصرة على الاستغفار، وإن كان أعظمها وأظهرها، فهناك أعمال أخرى كثيرة نص عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبين أن عملها سبب في مغفرة الذنوب؛ منها ما هو من أركان الإسلام ومبانيه العظام، ومنها ما هو من الأعمال اليسيرة السهلة، وما شرع ذلك سبحانه إلا كرماً منه ورحمة بعبادة فهو القائل بالحديث القدسي لهم: "... يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ... "[رواه مسلم].
أيها الأحبة: وإن المؤمن ليتعجب أعظم العجب من فضل الله -تعالى- وكرمه وجوده وإحسانه بعباده، وكيف أنه يغفر الذنوب العظام بأعمال يسيرة في جهدها قليلة في وقتها يستطيعها كل أحد، لكن لا يوفق لها كل أحد، جعلنا الله -تعالى- من الموفقين لها إنه جواد كريم.
ومن هذه الأعمال الصالحة اليسيرة: الوضوء ثلاثاً، وصلاة ركعتين بعده لا يحدث فيهما نفسه؛ عَنْ حُمْرَانَ، مَوْلَى عُثْمَانَ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ دَعَا بِإِنَاءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْإِنَاءِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، -الاستنثار هو إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق- ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"[رواه البخاري ومسلم].
"لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ" المراد لا يحدثها بشيء من أمور الدنيا وما لا يتعلق بالصلاة، ولو عرض له حديث فأعرض عنه بمجرد عروضه عفي عن ذلك، وحصلت له هذه الفضيلة -إن شاء الله تعالى-؛ لأن هذا ليس من فعله، وقد عفي لهذه الأمة عن الخواطر التي تعرض ولا تستقر".
ومن وافق تأمينه في الصلاة تأمين الملائكة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: (غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) [الفاتحة: 7] فَقُولُوا: آمِينَ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"[رواه البخاري ومسلم].
وكذلك وافق تحميده فيها تحميد الملائكة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ -أي في الصلاة- فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"[رواه البخاري ومسلم].
وهنا تنبيهان ينبغي للمصلين التنبه لهما:
الأول: أن لا يسرع الإمام بقول آمين، بل يمدها كما هو حقها.
الأمر الثاني: أكثر المأمومين يبادر بالرفع والتحميد قبل إتمام الإمام قول: "سمع الله لمن حمده" فيقع بالخطأ ويفوت على نفسه هذا الفضل، لكن من صبر راكعاً حتى يتم الإمام قول: "سمع الله لمن حمده" ثم يرفع قائلا: "اللهم ربنا لك الحمد" فإنه يوفق بإذن الله.
ومن الأعمال السهلة التي تكون سبباً بمغفرة الذنوب؛ ما رواه سَعْدُ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ"[رواه مسلم].
قال شيخنا محمد العثيمين -رحمه الله-: "هذه تقال إذا قال المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، وقلت معه فقل هذا".
ومن ذلك التسبيح والتحميد والتكبير بعد الفريضة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ: تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ" [رواه مسلم].
أي في الكثرة والعظمة وهو ما يعلو على وجه البحر عند هيجانه وتموجه.
أيها الإخوة: كم نفرط فيها مع الأسف وهي لا تأخذ من وقتنا إلا دقيقتين فقط، وقد شخص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبب تركنا لبعض الأذكار مع عظيم أجرها؛ فقال لأصحابه -رضي الله عنهم- لما قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: كَيْفَ هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ؟ قَالَ: "يَأْتِي أَحَدَكُمْ -يَعْنِى الشَّيْطَانَ- فِي مَنَامِهِ فَيُنَوِّمُهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهُ، وَيَأْتِيهِ فِي صَلاَتِهِ فَيُذَكِّرُهُ حَاجَةً قَبْلَ أَنْ يَقُولَهَا"[رواه أبو داود وصححه الألباني].
ومن ذلك المشي إلى المسجد متوضئاً؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ لَمْ يَرْفَعْ قَدَمَهُ الْيُمْنَى إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ -عز وجل- لَهُ حَسَنَةً، وَلَمْ يَضَعْ قَدَمَهُ الْيُسْرَى إِلاَّ حَطَّ اللَّهُ -عز وجل- عَنْهُ سَيِّئَةً؛ فَلْيُقَرِّبْ أَحَدُكُمْ أَوْ لِيُبَعِّدْ، فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى فِي جَمَاعَةٍ غُفِرَ لَهُ، فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّوْا بَعْضًا وَبَقِىَ بَعْضٌ صَلَّى مَا أَدْرَكَ وَأَتَمَّ مَا بَقِىَ كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّوْا فَأَتَمَّ الصَّلاَةَ كَانَ كَذَلِكَ"[رواه أبو داود وصححه الألباني].
ومن أيسر الأعمال التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل؛ فعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَخَذَ غُصْنًا فَنَفَضَهُ فَلَمْ يَنْتَفِضْ، ثُمَّ نَفَضَهُ فَلَمْ يَنْتَفِضْ، ثُمَّ نَفَضَهُ فَانْتَفَضَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، تَنْفُضُ الْخَطَايَا كَمَا تَنْفُضُ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا" [رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني].
بارك الله لي ولكم...
الخطبة الثانية:
أما بعد:
أيها الإخوة: اتقوا الله، واعلموا أن الحج سبب عظيم من أسباب مغفرة الذنوب؛ فعن أَبَي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"[رواه البخاري ومسلم].
ويتأكد الحج على من لم يؤد فرضها؛ فقد قال الله: (وَلِلهِ عَلَى الناسِ حِجُ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَ اللهَ غَنِيٌ عَنِ الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 97].
وعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "أَيُهَا النَاسُ، قَدْ فَرَضَ اللَهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَ فَحُجُوا"، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُل عَامٍ يَا رَسُولَ اللَهِ؟! فَسَكَتَ حَتَى قَالَهَا ثلاثًا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا استطعتم"[رواه مسلم].
ففريضة الحج ثابتة بكتاب الله، وسنة رسوله، وبإجماع المسلمين عليها إجماعًا قطعيًّا؛ فمن أنكر فرضية الحج فقد كفر، ومن أقر بها وتَرَكَها فهو على خطر، فإن الله يقول بعد إيجابها على الناس: (وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 97].
وقَالَ صلى الله عليه وسلم: "تَعَجَلُوا إلَى الْحَجِ -يَعْنِي الْفَرِيضَةَ- فَإِنَ أَحَدَكُمْ لا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ"[رَوَاهُ أَحْمَدُ وهو حسن لغيره].
وقال شيخ الإسلام -رحمه الله- بعدما ساق الأحاديث: "وهذا التغليظ يعم من مات قبل أن يغلب على ظنه الفوات، وهم أكثر الناس، ومن غلب على ظنه ففي تأخيره -أي: الحج- تَعَرُّضٌ لمثل هذا الوعيد وهذا لا يجوز؛ وإنما لحقه هذا لأن سائرَ أهلِ الملل من اليهود والنصارى لا يحجون وإن كانوا قد يصلون، وإنما يحج المسلمون خاصة". ا. هـ.
والخير كل الخير في مبادرة المسلم بحج الفريضة عن نفسه ومساعدة من تحت يده ممن ولاّه الله أمرهم من النساء وغيرهن.
فمن النساء من تستطيع الحج ببدنها ومالها لكنها لا تستطيع أداء الفريضة بسبب اعتذار المحرم عن مرافقتها، احتسبوا -وفقكم الله- الأجر فيمن ولاكم الله عليهن من النساء؛ فإن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "استوصوا بالنساء خيرًا؛ فإنهن عوان عندكم" أي: أسيرات.
ويقول: "لا يكرِم النساء إلا كريم، ولا يهينهن إلا لئيم" نعوذ بالله من ذلك.
ومن تنفيذ وصيته بهن، وإكرامهن، مرافقتهنّ إلى أداء فريضة الحج.
أيها الإخوة: وممن ولانا الله أمرهم وجعل موافقتنا لهم على الحج لازمة، من تحت كفالتِنا من العمالة ممن يرغبون الحجَ وأداءَ الفريضة فقط، وقد توفرت فيهم شروط الوجوب، لكن الكفيل يرفض بحجة أن أعماله ستتوقف بذهابهم للحج، أقول لهم: اتقوا الله في إخوانكم؛ ولا تمنعوهم مما أوجب الله عليهم، وأخشى أن تدخلوا فيمَن منعَ مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، أو فيمَن يصد عن الخير.
وأعينوا إخوانكم على أداء الفريضة إداريًّا ومعنويًّا وماديًّا لعلكم تدخُلون فيمن عناهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فيما رواه زيدُ بنُ خالد الجهني -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَن جهَز غازيًا، أو جهز حاجًّا، أو خلَفَه في أهلِه، أو فطَرَ صائمًا، كان له مثلُ أجورِهم من غيْرِ أن ينقصَ من أُجُورِهم شيءٌ"[رواه ابن خزيمة والنسائي وصححه الألباني].
أيها الإخوة: ومما يجب التفطن له التزام أمر ولي الأمر بعدم الحج إلا بتصريح، ومن لم تنطبق عليه الشروط فلْيُعِنْ حاجًّا أو يخلفه في أهله؛ فمن فعل ذلك فله مثل أجر الحاج، كما ثبت عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم، ثم هناك من الأعمال الصالحة السهلة اليسيرة ما يكفر الذنوب، ولله الحمد، فاستكثروا منها فإنها ميسرة.
وصلوا على نبيكم يعظم الله أجركم...