البحث

عبارات مقترحة:

الواحد

كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...

السلام

كلمة (السلام) في اللغة مصدر من الفعل (سَلِمَ يَسْلَمُ) وهي...

معالم في الفتن

العربية

المؤلف إبراهيم بن صالح العجلان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات أهل السنة والجماعة
عناصر الخطبة
  1. التحذير من الفتن .
  2. كثرة الفتن في آخر الزمن .
  3. الحديث عن الفتن مطلب شرعي .
  4. بعض المعالم حول الفتن .
  5. فوائد الفتن .
  6. فضل السلامة من الفتن .
  7. وسائل مقاومة الفتن .
  8. أسباب النجاة من الفتن .

اقتباس

من الشر الذي أنذرها منه: أن هذه الأمة في آخرها ستتعرض لطوفان من الفتن والابتلاءات، وألوانٍ من المحن والمدلهمات، فتنٌ من استشرف لها استشرفته وابتلعته، فتنٌ تحار فيها أناةُ الحلماء، وتطيش بسببها عقول العقلاء، وتضطرب معها قلوب ذوي الألباب. فتنٌ تموج أعاصيرها موج البحار، فتتغير فيها المفاهيم، وتنقلب الحقائق، فيشرعن للهوى، و...

الْخُطْبَةُ الْأُولَى:

مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ: نَصَحَ أُمَّتَهُ، تَرَكَهَا عَلَى الْبَيْضَاءِ، رَسَمَ لَهَا مَعَالِمَ عِزِّهَا وَفَلَاحِهَا، وَبَيَّنَ لَهَا سَبَبَ شَقَائِهَا وَخَسَارَتِهَا، مَا مِنْ خَيْرٍ إِلَّا دَلَّهَا عَلَيْهِ، وَمَا مِنْ شَرٍّ إِلَّا حَذَّرَهَا مِنْهُ.

وَمِنَ الشَّرِّ الَّذِي أَنْذَرَهَا مِنْهُ: أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ فِي آخِرِهَا سَتَتَعَرَّضُ لِطُوفَانٍ مِنَ الْفِتَنِ وَالِابْتِلَاءَاتِ، وَأَلْوَانٍ مِنَ الْمِحَنِ وَالْمُدْلَهِمَّاتِ.

فِتَنٌ مَنِ اسْتَشْرَفَ لَهَا اسْتَشْرَفَتْهُ وَابْتَلَعَتْهُ، فِتَنٌ تَحَارُ فِيهَا أَنَاةُ الْحُلَمَاءِ، وَتَطِيشُ بِسَبَبِهَا عُقُولُ الْعُقَلَاءِ، وَتَضْطَرِبُ مَعَهَا قُلُوبُ ذَوِي الْأَلْبَابِ.

فِتَنٌ تَمُوجُ أَعَاصِيرُهَا مَوْجَ الْبِحَارِ، فَتَتَغَيَّرُ فِيهَا الْمَفَاهِيمُ، وَتَنْقَلِبُ الْحَقَائِقُ، فَيُشَرْعَنُ لِلْهَوَى، وَيُسْتَخَفُّ بِالدَّمِ، وَتَنْطِقُ الرُّوَيْبِضَةُ.

رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ مَعَ صَحَابَتِهِ فِي سَفَرٍ، فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ" فَاجْتَمَعَ الْأَصْحَابُ حَوْلَ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَخَطَبَهُمْ خُطْبَةً عَظِيمَةً كَانَ مِمَّا قَالَ فِيهَا: "إِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ يُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ".

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَتَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا عَلَى الْخَائِنِ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ" قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: "الرَّجُلُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ" [رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ].

وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ، وَهُوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ، حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ".

وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "تَكُونُ فِتَنٌ عَلَى أَبْوَابِهَا دُعَاةٌ إِلَى النَّارِ، فَأَنْ تَمُوتَ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلِ شَجَرَةٍ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَتَّبِعَ أَحَدًا مِنْهُمْ" [رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ].

فَالْخَوْفُ مِنَ الْفِتَنِ وَمُدَافَعَتُهَا، وَالتَّوَاصِي بِالتَّحْذِيرِ مِنْ وَيْلَاتِهَا سُنَّةٌ سَابِقَةٌ، عَرَفَهَا سَادَاتُ هَذِهِ الْأُمَّةِ.

فِي يَوْمِ الْخَنْدَقِ شَاهَدَ الصَّحَابَةُ نَبِيَّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْقُلُ التُّرَابَ، حَتَّى أَغْمَرَ بَطْنَهُ، أَوِ اغْبَرَّ بَطْنُهُ، وَهُوَ يَقُولُ:

وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا

وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا

وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا

إِنَّ الْأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا

إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا

جَعَلَ يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ: "أَبَيْنَا أَبَيْنَا".

أَمَّا خَبِيرُ الْفِتَنِ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَكَانَ يَقُولُ: "إِيَّاكُمْ وَالْفِتَنَ، لَا يَشْخَصُ إِلَيْهَا أَحَدٌ إِلَّا نَسَفَتْهُ كَمَا يَنْسِفُ السَّيْلُ الدِّمَنَ".

إِنَّ الْحَدِيثَ عَنِ الْفِتَنِ -يَا أَهْلَ الْإِيمَانِ- وَالْعِلْمَ بِهَا، وَفِقْهَهَا، وَالْخَلَاصَ مِنْهَا - مَطْلَبٌ شَرْعِيٌّ، وَفِي الْمُقَابِلِ فَإِنَّ الْغَفْلَةَ عَنْ أَبْوَابِ الْفِتَنِ رُبَّمَا كَانَ سَبَبًا فِي السُّقُوطِ فِيهَا، وَالسَّعْيِ إِلَيْهَا.

وَإِنَّ مِنَ التَّوَاصِي بِالْحَقِّ التَّذْكِيرُ بِبَعْضِ مَعَالِمٍ حَوْلَ الْفِتَنِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ لَا تَغِيبَ عَنَّا مَعَ لَهِيبِ الْمِحَنِ:

أَوَّلًا: أَنَّ هَذِهِ الْفِتَنَ جُزْءٌ مِنْ سُنَنِ اللَّهِ -تَعَالَى- الَّتِي قَدَّرَهَا عَلَى عِبَادِهِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، وَمِمَّنْ قَبْلَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) [العنكبوت: 2 - 3].

وَإِذَا كَانَ أَمْرُ الْفِتَنِ وَاقِعٌ قَدَرًا، فَإِنَّ الِاسْتِعْدَادَ لَهَا بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ مَطْلَبٌ شَرْعِيٌّ، بِالْعِلْمِ حَتَّى يَعْرِفَ الْمُسْلِمُ صُوَرَ الْفِتَنِ وَأَبْوَابَهَا؛ لِئَلَّا يَسْقُطَ فِيهَا، مَعَ الْمُبَادَرَةِ بِالْعَمَلِ قَبْلَ أَنْ تَغْشَى الْفِتَنُ.

يَقُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوِ الدُّخَانَ، أَوِ الدَّجَّالَ، أَوِ الدَّابَّةَ، أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ، أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ" [رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ].

وَلِذَا فَإِنَّ الَّذِينَ يَثْبُتُونَ فِي الْفِتَنِ هُمْ أَصْحَابُ الْأَرْصِدَةِ السَّابِقَةِ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَتَأَمَّلْ مَعِي قَوْلَ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- فِي فِتْنَةِ حَادِثَةِ الْإِفْكِ لَمَّا قَالَتْ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: "أَمَّا زَيْنَبُ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالتَّقْوَى، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ".

ثَانِيًا: أَنَّ هَذِهِ الْفِتَنَ الْمُتَنَوِّعَةَ قَدْ جُعِلَ لَهَا أَسَبَابٌ، فَوُجُودُ السَّبَبِ مُؤْذِنٌ بِوُجُودِ الْفِتْنَةِ، وَسَبَبُ كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْفِتَنِ هُوَ مُخَالَفَةُ أَمْرِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ تَعَالَى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النــور: 63].

وَمِنْ مَأْثُورِ أَقْوَالِ الْفَارُوقِ: "أَنَّهُ مَا نَزَلَ بَلَاءٌ إِلَّا بِذَنْبٍ".

وَأَصْدَقُ مِنْهُ قَوْلُ الْمَوْلَى -جَلَّ وَعَلَا-: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى: 30].

فَوَاجِبٌ عَلَى الْأُمَّةِ إِنْ رَامَتْ كَشْفَ الْفِتْنَةِ، وَقَشْعَ الْغُمَّةِ- أَنْ تَرْجِعَ إِلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، وَأَنْ تَمْتَثِلَ أَمْرَ نَبِيِّهَا عَلَى مُسْتَوَى الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد: 11].

(وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا) [النساء: 66].

ثَالِثًا: إِنَّ هَذِهِ الْفِتَنَ وَالْبَلَايَا إِنَّمَا هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ امْتِحَانٌ مِنَ اللَّهِ لِعِبَادِهِ، فَفِي الضَّرَّاءِ وَالْمِحَنِ، وَمَعَ طَنِينِ الشَّهَوَاتِ وَرَنِينِ الشُّبُهَاتِ تُمْتَحَنُ مَعَادِنُ الْقُلُوبِ، فَيَتَكَشَّفُ لِلْجَمِيعِ الْقُلُوبُ الْمُؤْمِنَةُ مِنَ الْقُلُوبِ الَّتِي فِيهَا مَرَضٌ، وَلِذَا ذُكِرَ عَقِبَ آَيَةِ الْبَلَاءِ قَوْلُ الْحَقِّ: (وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ) [العنكبوت: 11].

فَفِي الْفِتَنِ تُمْتَحَنُ الْمَشَاعِرُ وَالْعَوَاطِفُ، فَهَذَا بَارِدُ الْإِحْسَاسِ عَدِيمُ الْمَشَاعِرِ، وَآخَرُ مَشَاعِرُهُ مُتَوَهِّجَةٌ وَعَاطِفَتُهُ تَغْلِي غَيْرَةً عَلَى الدِّينِ.

وَفِي الْفِتَنِ تُمْتَحَنُ الْأَلْسُنُ عَلَى الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، وَالتَّثْبِيتِ مِمَّا يُنْقَلُ وَيُقَالُ، أَوِ الْإِسْرَاعِ فِي الْقِيلِ وَالْقَالِ. وَهَلْ يَتَكَلَّمُ اللِّسَانُ بِالْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ؟ أَمْ بِالْهَوَى وَالْإِجْحَافِ؟

تُمْتَحَنُ الْأَلْسُنُ فِي النُّطْقِ بِالْحَقِّ وَالسُّكُوتِ عَلَى الْبَاطِلِ، فَرُبَّمَا صَدَعَ اللِّسَانُ بِالْحَقِّ فَكَانَ أَعْظَمَ الْجِهَادِ، وَرُبَّمَا تَوَارَى عَنْ كَشْفِ الْبَاطِلِ، فَكَانَ شَيْطَانًا صَامِتًا، وَصَدَقَ اللَّهُ: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) [آل عمران: 179].

رَابِعًا: أَنَّ هَذِهِ الْفِتَنَ بِحَسَبِ قُوَّتِهَا تُحْدِثُ انْقِلَابَاتٍ كُبْرَى وَتَغَيُّرَاتٍ. فِي مَاذَا؟ فِي عَقَائِدِ النَّاسِ وَفِي أَفْكَارِهِمْ وَمَوَاقِفِهِمْ.

فَفِي الْفِتَنُ تَبْرُزُ الرِّدَّةُ، وَتُمَيَّعُ الْقَضَايَا الثَّابِتَةُ، وَيَرْخُصُ أَمْرُ الدِّينِ، وَتَتَغَيَّرُ الْمُسَلَّمَاتُ، وَهَذَا مَا صَوَّرَهُ لَنَا نَبِيُّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَوْلِهِ: "بَادَرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيلٍ" [رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ].

فَإِذَا كَانَتِ الْعَقَائِدُ تَتَغَيَّرُ فِي الْفِتَنِ فَدُونَهَا أَوْلَى؛ كَتَغَيُّرِ الْمَرْءِ مِنَ السُّنَّةِ إِلَى الْبِدْعَةِ، أَوْ مِنَ الْهِدَايَةِ إِلَى الضَّلَالَةِ، أَوْ مِنْ سَلَامَةِ الْفِكْرِ إِلَى الْوُلُوغِ فِي الْفِكْرِ الْمُنْحَرِفِ، إِمَّا جَفَاءً أَوْ غُلُوًّا.

إِنَّ مِنْ طَبِيعَةِ الْفِتَنِ -أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا- الْتِبَاسُ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ، وَرَوَاجُ أَعَاصِيرِ الشُّبُهَاتِ، حَتَّى تَحْتَارَ مَعَ عَصْفَتِهَا عُقُولُ الرِّجَالِ. يَصِفُ لَنَا خَبِيرُ الْفِتَنِ حُذَيْفَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ: "مَا الْخَمْرُ صِرْفًا بِأَذْهَبَ بِعُقُولِ الرِّجَالِ مِنَ الْفِتَنِ" [رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ].

فَالْفِتَنُ بَحْرٌ لَا يُعْلَمُ سَاحِلُهُ، تَمُوجُ سَفِينَةُ الْمُجْتَمَعِ فِي لُجَجِ هَذَا الْبَحْرِ، وَيَسْعَى لِخَرْمِ هَذِهِ السَّفِينَةِ مُنَافِقُونَ وَمُخَذِّلُونَ، يُزَيِّنُونَ الْبَاطِلَ، وَيُهَوِّنُونَ الْحَرَامَ، وَيُشَرْعِنُونَ لِلْأَهْوَاءِ، وَيُمَهِّدُونَ الْآخَرِينَ لِلتَّعَايُشِ مَعَ الْمُنْكَرِ: (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) [النساء: 27].

وَلِذَا فَإِنَّ مِنَ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ أَيَّامَ الْفِتَنِ التَّأْكِيدَ عَلَى قَضَايَا التَّوْحِيدِ، وَالسَّعْيَ عَلَى تَثْبِيتِ الْعِبَادِ عَلَى الْهُدَى وَالدِّينِ، وَتَوْعِيَةَ النَّاسِ بِسَبِيلِ الْمُبْطِلِينَ الْمُشَكِّكِينَ فِي ثَوَابِتِ الْأُمَّةِ، أَوِ الْمُسْتَهْتِرِينَ بِشَعَائِرِ الدِّينِ، مَعَ التَّذْكِيرِ عَلَى قَضِيَّةِ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى.

خَامِسًا: وَمِمَّا يُقَالُ فِي قَضِيَّةِ الْفِتَنِ: إِمْسَاكُ اللِّسَانِ فِيهَا قَدْرَ الْمُسْتَطَاعِ، وَإِنِ احْتَاجَ الْمَرْءُ لِلْكَلَامِ فَلْيَكُنْ بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ عَلَى الْجَمَاعَاتِ وَالْأَفْرَادِ، أَوِ الْحَوَادِثِ وَالنَّوَازِلِ، وَفِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ: (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [الزخرف: 86].

وَمِنَ الْعِلْمِ التَّثَبُّتُ مِمَّا يُقَالُ، ثُمَّ الْكَلَامُ بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ عَمَّا يُقَالُ.

فَمِنَ الظُّلْمِ بَخْسُ النَّاسِ أَشْيَاءَهُمْ، وَتَصْوِيرُهُمْ أَنَّهُمْ شَيَاطِينُ مُتَحَرِّكَةٌ، فَيَطِيرُ بِكُلِّ عَيْبٍ يُقَالُ، وَيَدْفِنُ كُلَّ حَسَنَةٍ وَمَعْرُوفٍ وَجَمِيلٍ.

وَأَهْلُ السُّنَّةِ هُمْ أَرْحَمُ الْخَلْقِ بِالْخَلْقِ، وَأَعْدَلُ الْخَلْقِ مَعَ الْخَلْقِ.

وَمِنَ الْعِلْمِ وَالْعَدْلِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ لَا يُخْتَلَفَ عَلَيْهِ، وَالَّذِي يَجِبُ أَنْ يُرْفَعَ بِهِ الصَّوْتُ وَيُؤَكَّدَ - الِاجْتِمَاعُ عَلَى مُحْكَمَاتِ الدِّينِ، وَتَعْظِيمُ الْحُرُمَاتِ الَّتِي حَرَّمَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَعَلَى رَأْسِهَا حُرْمَةُ دَمِ الْمُسْلِمِ: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء: 93].

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِهَدْيِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ...

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى عَبْدِهِ الْمُصْطَفَى، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اجْتَبَى.

أَمَّا بَعْدُ:

فَيَا عِبَادَ اللَّهِ: وَمِنْ عَلَامَاتِ السَّعَادَةِ وَأَسْبَابِ الْفَلَاحِ أَنْ يَسْلَمَ الْعَبْدُ مِنَ الْفِتَنِ، وَمَنْ نَجَا مِنَ الْفِتْنَةِ فِي زَمَانِهَا فَقَدْ نَجَا مِنْ عَظِيمَةٍ، يَقُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ" قَالَهَا ثَلَاثًا [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ].

وَمِنْ مَأْثُورِ دُعَائِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ".

وَكَانَ يَقُولُ: "وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً فَاقْبِضْنَا إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونِينَ".

فَمَا أَحْوَجَ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ أَنْ يَجْأَرَ إِلَى رَبِّهِ بِمِثْلِ هَذِهِ الدَّعَوَاتِ! عَلَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّهِ تُصِيبُهُ فَيُجَنِّبُهُ مِنْ ظُلُمَاتِ الْفِتَنِ، أَوْ يُسَلِّمُهُ مِنْهَا إِذَا اشْتَدَّ تَمْحِيصُهَا!

إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: وَإِذَا أَظَلَّتِ الْفِتْنَةُ، وَادْلَهَمَّتِ الْخُطُوبُ عَلَى الْأُمَّةِ، وَازْدَادَ اشْتِبَاكُ الْمَصَائِبِ، فَالْوَاجِبُ الْفَزَعُ إِلَى اللَّهِ -تَعَالَى- وَالِانْكِسَارُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَإِعْلَانُ التَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ، يَقُولُ اللَّهُ -سُبْحَانَهُ- حَاثًّا عَلَى التَّوْبَةِ زَمَنَ الْفِتْنَةِ وَالْبَأْسِ: (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا) [الأنعام: 43].

وَذَمَّ اللَّهُ -تَعَالَى- أَقْوَامًا لَا يَتُوبُونَ عِنْدَ نُزُولِ الْفِتَنِ وَالْمُدْلَهِمَّاتِ، فَقَالَ عَنِ الْمُنَافِقِينَ: (أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) [التوبة: 126].

وَمِمَّا يُسْتَعَانُ بِهِ فِي زَمَنِ الْفِتَنِ وَيَكُونُ تَسْلِيَةً لِأَهْلِ الْإِيمَانِ مَعَ صَدَمَاتِ الْمِحَنِ: التَّحَلِّي بِالصَّبْرِ وَالْمُصَابَرَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْفِتَنَ جُزْءٌ مِنْ أَقْدَارِ اللَّهِ الْمُؤْلِمَةِ، وَاللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- قَدْ جَعَلَ الصَّبْرَ مَعَ التَّقْوَى جُزْءًا مَتِينًا يَتَّقِي بِهِ الْمُؤْمِنُ أَنْوَاعَ الْبَلَاءِ، قَالَ تَعَالَى: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [آل عمران: 186].

قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ لِلْمُتَمَسِّكِ فِيهِنَّ يَوْمَئِذٍ بِمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ" قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ: أَوْ مِنْهُمْ؟ قَالَ: "بَلْ مِنْكُمْ" [رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ بِشَوَاهِدِهِ].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَيَبْقَى الِاعْتِصَامُ بِنُورِ الْوَحْيَيْنِ، هُمَا الْمَفْزَعُ وَالْمَخْرَجُ مِنْ ظُلْمَةِ الْفِتَنِ، فَفِيهِمَا الْعِصْمَةُ لِمَنِ اعْتَصَمَ، وَفِيهِمَا الثَّبَاتُ لِمَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِمَا، يَقُولُ تَعَالَى: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى) [طـه: 123].

وَيَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مُوَدِّعًا أُمَّتَهُ: "وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابَ اللَّهِ" [رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ].

وَأَعْلَمُ النَّاسِ بِنُورِ الْوَحْيَيْنِ وَمَقَاصِدِ الشَّرْعِ هُمُ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ. فَالرُّجُوعُ إِلَيْهِمْ، وَالْأَخْذُ عَنْ رَأْيِهِمْ، هُوَ صِمَامُ أَمَانٍ مِنَ السُّقُوطِ فِي الْفِتَنِ، بَعْدَ تَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَمِنْ أَسْبَابِ النَّجَاةِ مِنَ الْفِتَنِ الَّتِي دَلَّ عَلَيْهَا الشَّرْعُ: لُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْحِرْصُ عَلَى بَقَاءِ الْجَمَاعَةِ، وَنَبْذُ الْفُرْقَةِ، مَعَ إِحْيَاءِ شَعِيرَةِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَإِسْدَاءِ النَّصِيحَةِ، وَتَصْوِيبِ الْخَطَأِ، وَتَقْوِيمِ الْمِعْوَجِّ.

إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: الْعَمَلُ الصَّالِحُ زَمَنَ الْفِتَنِ لَهُ مَزِيَّةٌ وَفَضْلٌ عَلَى غَيْرِهِ، مِصْدَاقُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ" [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ].

فَضْلًا عَنْ أَنَّ دِفَاعَ اللَّهِ عَنِ الْأُمَّةِ، وَرَدَّ كَيْدِ أَعْدَائِهَا، إِنَّمَا يَكُونُ بِقَدْرِ عُبُودِيَّتِهِمْ وَإِيمَانِهِمْ، وَلِذَا كَانَ السَّلَفُ يَقُولُونَ: "عَلَى قَدْرِ الْعُبُودِيَّةِ تَكُونُ الْكِفَايَةُ".

وَمِنَ الْوَاجِبَاتِ الْمَنُوطَةِ بِأَهْلِ الْعِلْمِ، وَرِجَالَاتِ التَّرْبِيَةِ وَالتَّأْثِيرِ - بَثُّ الطُّمَأْنِينَةِ فِي قُلُوبِ النَّاسِ، وَإِحْيَاءُ رُوحِ التَّفَاؤُلِ، وَتَبْشِيرُهُمْ بِوَعْدِ اللَّهِ وَنَصْرِهِ، وَإِيضَاحُ شُرُوطِ تَنَزُّلِ هَذَا الْوَعْدِ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ وَأَحَادِيثِ الْمُصْطَفَى -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- مَعَ رَبْطِهِمْ بِالتَّارِيخِ وَالْمِحَنِ الَّتِي مَرَّ بِهَا الْمُسْلِمُونَ؛ لِتَرْتَفِعَ بِذَلِكَ الْمَعْنَوِيَّاتُ، وَتَزْدَادَ الْفَاعِلِيَّةُ، وَتَزُولَ النَّظْرَةُ السَّوْدَاوِيَّةُ لِوَاقِعِ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ.

أَلَا فَاتَّقُوا اللَّهَ -أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ- وَاحْذَرُوا مِنَ الْفِتَنِ وَمُضِلَّاتِهَا، وَاعْتَصِمُوا بِكِتَابِ رَبِّكُمْ وَسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى النَّاصِحِ لِأُمَّتِهِ، الْمُشْفِقِ عَلَيْهِمْ مِنَ الْفِتَنِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.