الخالق
كلمة (خالق) في اللغة هي اسمُ فاعلٍ من (الخَلْقِ)، وهو يَرجِع إلى...
العربية
المؤلف | عبد العزيز بن عبد الله السويدان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المهلكات |
إن السماوات والأرض أقامهما الله -تعالى- على العدل والحق، ولا يصلح للسماوات والأرض إلا العدل وإلا لفسدت؛ لأن العدل هو وضع الشيء في موضعه، والظلم عكس ذلك، أي وضع الشيء في غير موضعه، فلا سبيل لأن تقوم السماوات والأرض إلا بوضع كل شيء في موضعه الصحيح. والله يريد شرعا أن ينتظم الكون كله بمن فيه، ولا يكون ذلك إلا بانتهاج الناس العدل الذي قام عليه الكون، ولهذا أمر...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
الحمد لله نصير المظلوم، ومجير المكلوم، الحمد لله الذي تجتمع عنده الخصوم فينتقم بالمظلومين الضعفاء يوم ترى الظالمين: (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء) [إبراهيم : 43].
والصلاة والسلام على النبي المصطفى المختار، وعلى آله الطيبين وصحابته الأخيار.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر : 18].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عباد الله: الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، وأصل الظلم الجور ومجاوزة الحد، وإنما ينشأ الظلم عن ظلمة القلب؛ لأنه لو استنار بنور الهدى لاعتبر، ولكنه مظلم، وأكبر مجاوزة للحد صرف العبادة لغير الله، وهو وضع للعبادة في غير موضعها.
ولذلك كان من أعظم الظلم الشرك بالله، قال سبحانه وتعالى فيما وصى به لقمان ابنه: (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان: 13].
وقال تعالى: (وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ)[يونس: 106].
ولذلك كان الظلم قرين الكفر، بل هو الكفر نفسه إذا جاء اللفظ مطلقا، ولهذا قال سبحانه: (وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة: 254].
والنوع الثاني من أنواع الظلم: ظلم العبد نفسه بالمعاصي، فالعاصي يظلم نفسه لأنه يعرضها للعقوبة وكان الواجب عليه أن ينقذ نفسه وأن يضعها في موضع لائق بها وإلا يكون ظالم لها، قال سبحانه: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ)[التوبة: 36].
النوع الثالث: ظلم العبد للناس: إما بأخذ أموالهم، أو بالاستحواذ دونهم، أو حرمانهم حقوقهم، أو التعدي عليهم في أعراضهم؛ بالغيبة والنميمة والقذف والهمز واللمز، وغير ذلك من التنقص، أو في دمائهم بقتل الأبرياء بغير حق، أو بالضرب والجرح أو الإهانة بغير حق، فهذا كله تعدي على الناس.
قال تعالى: (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ) [الشورى: 42].
هذه هي أنواع الظلم، ظلم الشرك، وهذا أعظم أنواعه، وظلم العبد نفسه، وظلم العبد لغيره من المخلوقين.
وهذا النوع الثالث متعلق بالعباد وحقوقهم، ولذا لا يترك الله منه شيئا ولابد من الفصل ولابد من القصاص إلا أن يسمح المظلومون.
قال تعالى: (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ * لِيَوْمِ الْفَصْلِ) [المرسلات: 12-13].
قال الشنقيطي في أضواء البيان: "يوم الفصل هو يوم القيامة يفصل فيه بين الخلائق بين الظالم والمظلوم، والمحق والمبطل، والدائن والمدين".
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناءْ",
فالقصاص حتى بين البهائم، الجلحاء هي الشاة التي ليس لها قرون، والقرناء هي التي لها قرون، فإذا نطحتها هذه بقرونها فلابد من القصاص بينهما يوم القيامة، لأنها ظلمتها.
وإذا كان هذا بين البهائم فكيف بالناس؟
وللظالم عند الله عواقب في الدنيا والآخرة، وللمظلوم ميزاته، أما الظالم فمن عواقبه: اللعن؛ قال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) [هود: 18].
ومن العواقب أيضا وما يغري الظالم: "الإمهال " فإن من سنن الله الجارية إمهال الظالم، قال صلى الله عليه وسلم؛ كما في صحيح مسلم من حديث أبي موسى: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم تلا صلى الله عليه وسلم: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود: 102].
وقال سبحانه: (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ)[الحـج: 48].
وقال سبحانه: (سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ) [الأنبياء: 37].
ومن عواقب الظلم الخيبة يوم القيامة، قال سبحانه: (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا) [طـه: 111] خسرانا وخيبة.
ومن عواقب الظلم: جواز الدعاء على الظالم نكاية به، قال سبحانه: (لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا) [النساء: 148].
يقول ابن كثير -رحمه الله-: "قال ابن عباس في الآية: "لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا ان يكون مظلوما فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه، وذلك قوله: (إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) وإن صبر فهو خير له".
ولذلك حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من دعوة المظلوم على ظالمه، يقول صلى الله عليه وسلم كما في سنن أبي داود بسند صحيح من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: "اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرا فإنه ليس دونها حجاب".
فكيف بالمسلم؟!
وفي الترمذي بسند صحيح قال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي لأنصرنكِ ولو بعد حين".
وهناك صيغة ثابتة في الدعاء على الظالم؛ عن جابر -رضي الله عنه- قال صلى الله عليه وسلم: "اللهم أصلح لي سمعي وبصري، واجعله الوارث مني، وانصرني على من ظلمني، وأرني فيه ثأري"[رواه البخاري في الأدب المفرد وهو صحيح].
وفي سنن الترمذي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: "قلما كان يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول بيننا وبين معاصيك" إلى قوله: "واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا".
أما الدعاء بتعين الظالم بعينه، فقد ثبت من دعائه صلى الله عليه وسلم للذين غرروا بأصحابه، وغدروا بهم عند بئر معونة من قبائل رعل وذكوان وبني لحيان وعصية، أن دعا عليهم كما صح أنه صلى عليه وسلم دعا عليهم ثلاثين صباحا، والقصة في صحيح البخاري.
وينبغي أن ندرك أن الدعاء على الظالم بالضلال، وعدم الهداية لا يجوز، ينبغي أن لا يصدر هذا من المسلم مهما كان الظلم الذي تعرض له، بل الواجب على المسلم كره المعصية، والسعي في تطهير الأرض منها، وليس في زيادتها واستمرارها.
وقال الحسن البصري في ذلك: "قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه من غير أن يعتدي عليه".
ويقول الإمام القرافي: "والدعاء على الظالم له أحوال: إما بعزله أي الدعاء بعزله بزوال ظلمه فقط وهذا حسن، وثانيها بذهاب أولاده وذهاب أهله ونحوه ممن له تعلق به ولم يحصل منه جناية عليه، وهذا ينهى عنه".
وقد يشتبه على بعض الناس دليلان في ظاهرهما الدلالة على جواز الدعاء على الظالم بالإثم والمعصية، أحدهم من القرآن الكريم، وذلك فيما جاء في القرآن عن موسى -عليه السلام- عندما دعا على فرعون وقومه، وفيه: (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ)[يونس: 88].
فالجواب عن هذا بأن يقال: أن دعاء موسى جاء بعد علمه بوحي من الله –تعالى- أن قوم فرعون لا يؤمنون، ولو جاءتهم كل آية ومعجزة، وليس فيه الدعاء مطلقا على كل كافر، أو ظالم، بطمس القلب، واليأس من الإيمان والتوبة.
يقول ابن كثير في تفسير قوله: (وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ)[يونس: 88] قال ابن عباس: إي اطبع عليها فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم، وهذه الدعوة كانت لموسى -عليه السلام- غضبا لله ودينه على فرعون، وملئه الذين تبين له أنهم لا خير فيهم، ولا يجئ منهم شيء؛ كما دعا نوح -عليه السلام-: (وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا) [نوح: 26-27].
ولذلك دعا هذا الدعاء بعد أن أوحي إليه في قوله تعالى: (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ) [هود: 36].
وعند ذلك، قال عليه الصلاة والسلام: (رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا)[نوح: 26].
أما حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنه- في قصة شكاية أهل الكوفة سعد بن أبي وقاص إلى عمر وقيام ذلك الرجل بالمسجد، واتهامه لسعد بتهم عدة، وقال سعد: "أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذبا، قام رياء وسمعة، فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن" وكان بعد إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون أصبتني دعوة سعد.
قال عبد الملك: "فأنا رأيته بعده قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، وإنه ليتعرض للجواري في الطرق يغمزهن"[رواه البخاري].
فظن بعض الناس أن سعد دعا عليه بالمعصية والإثم، ولكن الصواب أنه دعا عليه بتعرضه للفتن والبلايا والمحن في الدين والدنيا؛ كما قال: "وعرضه للفتن".
والفتنة لا تعني المعصية، ولكنها تعني الشدة التي قد تقع في المعصية إن لم يصبر عليها، وهذا ما حصل.
وعلى كل حال فإن الظالم معرض لسياط دعوة المظلوم في أية لحظة، في جسده، في ماله، في صحته النفسية، في أهله، بل حتى في دينه.
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدر | فالظلم أخره يأتيك بالندم |
نامت عيونك والمظلوم منتبه | يدعو عليك وعين الله لم تنم |
من عواقب الظلم: الإفلاس يوم القيامة، في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أتدرون من المفلس؟" قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: "إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم، فطرحت عليهم ثم طرح في النار".
هذا هو المفلس.
من عواقب الظلم: أنه ظلمات يوم القيامة؛ في صحيح مسلم من حديث جابر: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة".
قال القاضي: قوله: "ظلمات" قيل: على ظاهره، فيكون ظلمات على صاحبه لا يهتدي يوم القيامة سبيلا حين يسعى نور المؤمنين بين أيديهم وبأيمانهم، ويحتمل أن الظلمات هنا الشدائد، وبه فسروا قوله تعالى: (قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ)[الأنعام: 63] أي شدائدهما، ويحتمل أنها عبارة عن الأنكال والعقوبات.
نسأل الله السلامة والعافية من ذلك.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فإن السماوات والأرض أقامهما الله -تعالى- على العدل والحق، ولا يصلح للسماوات والأرض إلا العدل وإلا لفسدت؛ لأن العدل هو وضع الشيء في موضعه، والظلم عكس ذلك أي وضع الشيء في غير موضعه، فلا سبيل لأن تقوم السماوات والأرض إلا بوضع كل شيء في موضعه الصحيح.
قال تعالى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) [ص: 27].
والله يريد شرعا أن ينتظم الكون كله بمن فيه، ولا يكون ذلك إلا بانتهاج الناس العدل الذي قام عليه الكون، ولهذا أمر سبحانه بالعدل في قوله: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النحل: 90].
وجاء في حديث أبي ذر –رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: فيما روى عن الله -تبارك وتعالى-: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينك محرما، فلا تظالموا".
والحديث يستدعي المزيد، فأسأل الله أن يتم ذلك...
اللهم أعز الإسلام والمسلمين...