البحث

عبارات مقترحة:

الحق

كلمة (الحَقِّ) في اللغة تعني: الشيءَ الموجود حقيقةً.و(الحَقُّ)...

المليك

كلمة (المَليك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعيل) بمعنى (فاعل)...

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

التنصير.. الوقاية منه

العربية

المؤلف عبد الحليم توميات
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الأديان والفرق
عناصر الخطبة
  1. تغلغل التنصير في المجتمعات الإسلامية .
  2. أساليب الوقاية من التنصير .
  3. المقصود من الكلام عن التنصير .

اقتباس

علينا أن نسعى جاهدين لإخراج جيل رباني يدعو إلى الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. ولا يتم ذلك إلا بالتربية الصحيحة والقواعد الصريحة. عيب على أمة عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام، عيب على أتباع هؤلاء أن تكون هوايتهم اليوم سماع الغناء وجمع الطوابع وصيد العصافير والمراسلة!! بعدما كانت هوايتهم بالأمس جمع الأحاديث والآثار، أو ضرب أعناق الكفار، أو السجود بين يدي العزيز الغفار.

الخطبة الأولى:

أما بعد:

فلقد رأينا معكم في الخطبة الأخيرة نبذًا عن التنصير والمنصرين، تكلمنا عن معنى التنصير، وتاريخه، وغايته، ووسائله، تلكم الوسائل الخبيثة التي تمكنوا بها من التغلغل بين صفوف المسلمين. وفي الحقيقة ما ذكرنا إلا بعض وسائلهم فقط، لجؤوا إليها عندما فشلت جهودهم الحربية والاستعمارية، فقالوا: لا تنفع سياسة القمع والتعذيب، ولا الترهيب والتخريب، إنما الوسيلة العظمى هي التركيز على نقطة ضعفهم، وبذلك حققوا ما لم تنجح في فعله الطائرات والصواريخ والجنود.

وما كادت الخطة الأخيرة تنتهي حتى توافد علينا عدد كبير من الإخوة، كل يقصّ علينا ما لاحظه من نشاط كبير للمنصرين، ومما لاحظوه انتشار أفلام تروي قصة المسيح عيسى -عليه السلام- بجميع اللهجات المحلية: بالعامية والبربرية وغيرها.

فهل يرضى أحد منكم بذلك؟! هل ترضون أن يوردنا هؤلاء المهالك؟! هل ترضون بانتشار الفساد والكفر والشرك بين أبناء هذه الأمة؟! هل تسكتون على انتشار دين غير دين محمد؟! أظنكم كلكم تقولون معي:

أمـا والله مـا فـي قلوبنـا

لغير جلال الله والحق موضع

فقد تصبح الدنيا لإبليس شيعة

ونحـن لغيـر الله لا نتشيع

فأيـن إذًا عهد قطعناه لربنـا

بأنـا له دون البرية خضـع

ألا فاستمعوا إلى الأساليب الشرعية للوقاية من التنصير وشره المستطير:

1- تعلُّم العقيدة الإسلامية وأركان الإيمان، وتعليمها للصغار، فإن هؤلاء المنصرين ما لجؤوا إلى ما لجؤوا إليه إلا ليبعدوا المسلمين عن دينهم وعقيدتهم، لأنهم لا حجة لهم ولا علم، وأيقنوا أن الحجة الظاهرة للمسلمين، وكان أول من حاجهم فبيّن عورتهم هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعندما أقام عليهم الحجة وأوضح لهم المحجة، ولم يسلموا، ناداهم إلى المباهلة فقال لهم: (تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتُ اللَّهِ عَلَى الْكَـاذِبِينَ) [آل عمران:61]، فعليكم بالعلم النافع، وذلك بتعلم العقيدة الصحيحة والتوحيد الصحيح، وعلموا ذلك كله أولادكم، فإن صغار اليوم هم رجال الغد، فأحسنوا زرعهم وسقيهم ليؤتوا ثمارهم يانعة نافعة.

علينا -معاشر المسلمين- أن نسعى جاهدين لإخراج جيل رباني يدعو إلى الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. ولا يتم ذلك إلا بالتربية الصحيحة والقواعد الصريحة. عيب على أمة عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام، عيب على أتباع هؤلاء أن تكون هوايتهم اليوم سماع الغناء وجمع الطوابع وصيد العصافير والمراسلة!! بعدما كانت هوايتهم بالأمس جمع الأحاديث والآثار، أو ضرب أعناق الكفار، أو السجود بين يدي العزيز الغفار.

علموا أولادكم حب الله وحب رسوله وحب الصحابة وأبطال الإسلام، فإن المحب بالحبيب يقتدي، والزجاجة الفارغة إن لم تملأها بالماء امتلأت بالهواء.

2- إحياء عقيدة الولاء والبراء في نفوس المسلمين، الولاء هو الحب في الله، والبراء هو البغض في الله، قال الله جل جلاله: (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِلْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَاءكُمْ مّنَ الْحَقّ) [الممتحنة:1]، وقال سبحانه: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِى إِبْرهِيمَ وَلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءاؤاْ مّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَلْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُواْ بِللَّهِ وَحْدَهُ) [الممتحنة:3]، وقال -عز وجل-: (لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِللَّهِ وَلْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُواْ ءابَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْونَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) [المجادلة:22]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله، والحب في الله والبغض في الله".

كل هذه النصوص نبذها المسلمون وراء ظهورهم نبذ النواة، وانخدعوا بحضارة زائفة زائلة، فسجدوا في محاريب أفكار النصارى وأفلامهم وعاداتهم، حتى صار المسلم يسبّح بحمد حضارتهم التي بنيت على أظهر المسلمين، وصار المسلم بدلاً من أن يفتخر بسيد ولد آدم محمد -صلى الله عليه وسلم-، صار يفتخر بإخوان القردة والخنازير، بالكفرة والمشركين الذين لا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق، حتى الطفل الصغير أصبح لا يعرف عن النبي أكثر مما يعرفه عن أبطال أفلام المغامرات التافهة، هذه العقلية هي أول نجاح حققه النصارى، فشجعهم على المضي في نشاطهم: (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِى هُوَ أَدْنَى بِلَّذِى هُوَ خَيْرٌ) [البقرة:61]، فنخشى أن نبوء بغضب على غضب، وتضرب علينا الذلة والمسكنة، والله المستعان لا رب سواه.

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام دينًا، وأنزل علينا القرآن هاديًا ونورًا مبينًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وكفى بربك هاديًا ومعينًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أدى الأمانة وبلغ الرسالة، فما أعظمه مبلغًا صادقًا وأمينًا، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:

فمن أهم الحصون الواقية من هذا الطوفان المدمر:

3- النهي عن الإقامة بين أهل الكفر والإلحاد، فوالله ما سمح النصارى للمسلمين بدخول بلادهم إلا عندما أيقنوا أن المسلم اليوم بينهم أحد رجلين: رجل انخدع ببريق دنياهم، فسرعان ما يذوب في مجتمعاتهم، أو رجل صالح أغلق باب المسجد على نفسه فلا يضر ولا ينفع، وإلا لو كان المسلم المعاصر صورة طبق الأصل للسلف الصالح لما سمح له بالدخول إليهم. واستمع إلى من أدرك هذه الحقيقة وهو يقول -صلى الله عليه وسلم-: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من عاشر مشركًا فهو مثله".

فالحذر الحذر من التفكير الذي شاع بين المسلمين، إذ تراهم يرغبون من كل عرق في قلوبهم في الذهاب إلى أراضيهم، فهذا يحتج بطلب العلم، وذاك بطلب القوت، فتراهم يحرصون على غذاء الأبدان، ويغامرون بدين الواحد الديان: (إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا) [الأنفال:70].

وختامًا، اعلموا أن الثمرة التي نرجوها من وراء هاتين الخطبتين عن التنصير هي:

أولاً: الشعور بخطر التنصير والمنصرين على هذه الأمة، فتسارعوا إلى تعلم دينكم وصيانة رأس مال حياتكم.

ثانيًا: إيقاظ الهمم ودفعها إلى خدمة هذا الدين، ولتلاحظوا الفرق الشاسع بين ما يبذله أعداء الله تعالى في سبيل نصرة باطلهم، وبين ما يبذله المسلمون، فهل نفدت أموال المسلمين؟! أم هل استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة؟! يقول الله -جل وعلا-: (هَا أَنتُمْ هَـؤُلاَء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَللَّهُ الْغَنِىُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أَمْثَـالَكُم) [محمد:38].