المجيب
كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...
العربية
المؤلف | عبد العزيز بن عبد الله السويدان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
الأمنيات -معاشر الإخوة- مرتبطة بأصحابها صعودا ونزولا؛ فمنهم من لا تتعدى أمنياته الأرض بأغراضها وأهوائها ومنافعها، ومنهم على النقيض تماما، من زهد في الدنيا، فلا أمنية له إلا فيما وراءها، ومنهم من جمع بين الاثنين بالتساوي، ومنهم من قدم الدنيا، ومنهم من قدم الآخرة، ومنهم من أمنيته في ...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70- 71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
مع اقتراب نهاية عام هجري واستقبال آخر جديد، تدور في القلب ذكريات وأمنيات؛ فكل نفس جاوزت هذا العام، حملت معها أفراحا وأحزانا، وكان لها أمنيات منها ما تحقق، ومنها ما زال في الأفق ينتظر موعده، إما أن يتحقق، أو غير ذلك.
والأمنيات -معاشر الإخوة- مرتبطة بأصحابها صعودا ونزولا؛ فمنهم من لا تتعدى أمنياته الأرض بأغراضها وأهوائها ومنافعها، ومنهم على النقيض تماما، من زهد في الدنيا، فلا أمنية له إلا فيما ورائها، ومنهم من جمع بين الاثنين بالتساوي، ومنهم من قدم الدنيا، ومنهم من قدم الآخرة، ومنهم من أمنيته في حدود محيطه، ومنهم من جاوز ذلك، واتصلت أمنياته بالمسلمين، ورفع معاناتهم، واسترجاع حقوقهم، وأراضيهم ومقدستاهم: (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا)[البقرة: 148].
والأمنية ليست تعبيرا سطحيا يقوله الإنسان بطرف لسانه، في لقاء عابر، أو مقابلة ما، في مجلس ما، أو مكان عام: أتمنى كذا وكذا!!.
وليس في القلب منه شيء، كلا، وإنما هي شعور قلبي صادق، وهاجس في الضمير يغدو ويروح.
أيها الإخوة: إن تعلق القلب بالآخرة، يعني تعلقه بالسماء، وإذا تعلق القلب بالسماء استدبر سفاسف الأمور ورديئها، واستقبل معاليها، ومن ثم أصبحت أمانيه عالية المقصد.
في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مصرحا بشيء يتمناه: "والذي نفسي بيده لولا أن رجالاً من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني، ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا، ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل".
ينبغي أن يعتني كل منا بأمنياته من حيث ثبات نفعها؛ صح في المسند أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا تمنى أحدكم فلينظر ما يتمنى فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته".
فالأماني المتعلقة بالدنيا التي رغب صاحبها في الدنيا وتمناها لا يعلم مآلها إلا الله، ولذلك شرع دعاء الاستخارة بعد اختيار شيء من أشياء الدنيا بسؤال الله أن يقدره أو ييسره إذا فيه خير الدنيا والمعاش وعاقبة الأمر مما تخفى حقيقته على العبد، وقد قال سبحانه: (فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء: 19].
وقال سبحانه: (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [البقرة: 216].
لا أحد يمنع، أو يحرم الأمنيات الأرضية ما دامت مباحة، لكن القصد هو ترتيب الأمنيات من حيث أهميتها؛ فقلوب الكثيرين مليئة بأمنيات عديدة، لكن الملحوظ أن الجزء الأكبر منها، والمتبوعة بالعمل والحرص والمثابرة إنما هي الأمنيات الدنيوية التي لا تجاوز الأرض، ولا علاقة لها بالإسلام، أو بالآخرة.
بينما يكمن في القلب من بعيد، وبحجم صغير جدا، وعلى استحياء أمنيات أخروية قليلة، لا يوافقها سلوك إنسان، ولا تصرفاته، ولا تعدو عن كونها أمنيات سطحية لا مصداقية لها، وقد بين القرآن طبيعتها بقوله تعالى: (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) [النساء: 123-124].
ليس بأمنيكم ولكن الفعل، فالأمنية الحقيقية هي التي تستوطن القلب، ويتبعها العمل، حسب المستطاع.
وإذا علمنا من الآية الماضية: (وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ) [البقرة: 216] أن أشياء الدنيا ولو حسنت في عين طالبها، فهي محتملة النفع والضر، ولا يعلم عاقبتها إلا الله، وأن أشياء الآخرة نفعها نفع أكيد لا شك فيه، فما الذي نعتني به ونقدمه ونعليه من الأمنيات إذن؟
أسأل الله أن يهدينا لإصلاح ترتيب أمنياتنا هذا العام.
أيها الإخوة: أتمنى أن يعود لأمة المسلمين اعتزازها بدينها، وسنة نبيها -صلى الله عليه وسلم-، فإنها بالعزة بالله دون غيره ستنتصر على أعداءه، يقول سبحانه: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا)[فاطر: 10].
وأن تنصر دين الله، فإن نتيجته الفلاح: (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ) [محمد: 7].
أتمنى أن يفشو في الأمة العلم النافع، وتزول معالم الشرك والجهل، وتزول البدع والخزعبلات.
أتمنى أن أرى معظم المسلمين يتبنون فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي هي أحد أهم أسباب خيرية الأمة: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) [آل عمران: 110].
فليست هذه الفريضة حكرا على الهيئة، بل لكل فرد منا نصيب من الإنكار بالكلمة الطيبة، والموعظة الحسنة.
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن بار -رحمه الله-: "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من المهمات العظيمة؛ لحديث ابن مسعود عند أحمد وأبي داود والترمذي، يقول عليه الصلاة والسلام لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم، فلم ينتهوا، فجالسوهم، وآكلوهم وشاربوهم، فلما رأى الله ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم ببعض، ثم لعنهم على لسان أنبيائهم: داود وعيسى بن مريم: (ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ) [المائدة: 78]".
وفي لفظ آخر: "إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أن الرجل كان يلقى الرجل، فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تفعل من المعاصي، ثم يلقاه في الغد فلا يمنعه ما رائه منه أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما رأى الله ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم على بعض ثم لعنهم".
أقول مرة أخرى: لا خير في الأمة إلا بإعلاء شأن النهي عن المنكر، فهل نعي هذا بحق ونتمناه بصدق؟
أيها الإخوة: أتمنى أن يتوب فئتان من الناس: تارك الصلاة، والذين يصلون أحيانا ويتركون أحيانا حسب المزاج وما أكثرهم، أن يتوبوا قبل فوات الأوان.
وأتمنى أن أرى مساجدنا مليئة بالمصلين، فما زال رجال يستهينون بواجب حضور صلاة الجماعة مع جموع المسلمين في بيوت الله، ويكتفون بالصلاة في بيوتهم مع النساء، والله -تعالى- يحدد مكان إقام الصلاة للرجال في قوله: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [النــور: 36-38].
وقد ورد في العديد من الأحاديث والآثار التي تشير إلى وجوب صلاة الجماعة؛ صح في السنن أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة -أي بالمسجد- فأحرق عليهم بيوتهم بالنار".
وفي صحيح مسلم من قول ابن مسعود -رضي الله عنه-: "من سره أن يلقي الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن: فإن الله شرع لنبيكم -صلى الله عليه وسلم- سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة يرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتي به يهادى بين الرجلين -أي من شدة المرض والإعياء- حتى يقام في الصف".
معاشر الإخوة: أتمنى أن يتفطن بعض الدعاة سواء كانوا رموزا معروفة أم لم يكونوا كذلك، إلى خطورة منهج التيسير الذي يتبنونه، والذي يظنون أنهم به يحسنون صنعا، والذي يأتي في نهاية مطافه على بعض أصول الدين الأساسية ليحرفها؛ كعقيدة الولاء والبراء، وفريضة النهي عن المنكر، والجهاد، والموقف الشرعي من البدع، وبعض المعاصي القطعية، والموقف من الأحكام الفقهية المتعلقة بالمرأة، وحجابها، واختلاطها بالرجال، وغياب محرمها عنها في السفر، وعملها كأجيرة، مما هو منصوص عليه في الخطة الغربية للشرق الأوسط الجديد، الخاضع لإرادة الغرب، ليس سياسيا فقط، بل حتى دينيا وثقافيا.
والإسلام الذين يريدون تأسيسه، ونشره بين المسلمين من خلال هؤلاء الدعاة، إسلام رخو بلا شوكة، يقبل بالذل والصغار.
إسلام متسامح مع المعاصي والمنكرات، بل حتى مع الشركيات والبدع.
إسلام يحترم كل عقيدة ولو ناصبت رب العالمين العداء.
أتمنى أن يتفطنوا لخطورة منهجهم هذا، ويدركوا علامة واضحة من علامات انحرافه، إذا رأوا العلمانيين يناصرونه، ويؤيدون منهجهم، ورأوا الليبراليين يدافعون عنه، ويمدحون دعاة هذا المنهج دون غيرهم، ويثنون عليهم، ويستشهدون بأقوالهم وفتواهم، ويخصصون لهم برامج في قنواتهم، بل وينشرون صورهم ومقالاتهم في مواقعهم الالكترونية.
فهل هذا التأييد من أولئك الناس -ذلك التأييد العجيب- يدل على صحة المنهج أم العكس؟
أتمنى أن تحفظ المرأة المسلمة في بلادنا وبلاد المسلمين من التبذل والخروج من البيت لأتفه سبب، وتحفظ من الاختلاط ومصائبه، وأن لا تقحم في أماكن أعمال الرجال وتجمعاتهم، وأن نعتبر بما حصل للنساء في بلاد نهجت هذا النهج، بلاد قريبة منا، حتى وصل منهم الحال أن تأتي الفتاة بصديقها إلى بيت أبيها وأمها لتعرفهم به.
أتمنى أن يعلو قدر المسلم في عين أخيه، أيا كان، وتحترم كرامته ومكانته كمسلم في بلاده، قبل غيرها من البلاد غير المسلمة، وأن يقل الظلم والبخس، وتعود الحقوق إلى أهلها.
أتمنى أن يفرج الله هم أهلنا الموحدين في العراق، وفي فلسطين، وفي السودان، وفي كل مكان، وأن يكشف الله كربتهم، وأن ينصرهم على المنافقين في الداخل والأعداء في الخارج.
أتمنى أن تبدأ أمم الإسلام بما لديها من موارد عظيمة، وعقول فاعلة قوية في بناء أسس اكتفائها الذاتي، صناعيا واقتصاديا وتقنيا، وأن تستعمل لتحقيق هذا الهدف من تثق في علمهم ودينهم وأمانتهم، وأن تعتمد الشفافية التي تمنع استغلال النفوذ، واستغلال المحسوبيات.
أتمنى أن تكف جميع القنوات المحسوبة على المسلمين عن بث ما يخالف شرع ربنا، وأن لا يكونوا معاول هدم لأخلاق، ودين شبابنا وفتياتنا.
أتمنى أن تمنع السجائر وتوابعها، وأن يتوقف أناس يتاجرون بالحرام، يتاجرون ببيع هذه السموم على المسلمين، وأن يحترموا تحذيره صلى الله عليه وسلم عندما قال في الحديث الصحيح: "لا يربوا لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به" -يتغذون بالحرام-[أخرجه الترمذي].
إن نهاية العام -أيها الإخوة- يجعلنا نراجع: ما الذي كنا نتمناه أن يتحقق؟ وما نوع الأمنيات؟ ومن ثم ما الذي نريده أن يتحقق هذا العام الجديد بعون من الله؟
أسأل الله أن يصلح الحال، وأن يمن علينا بخير مآل.
وأستغفر الله، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه.
أما بعد:
أتمنى أن تعالج البطالة بشكل منهجي وواقعي، وأن تستخدم في هذا السبيل جميع الموارد التي منّ الله بها علينا.
أتمنى أن تعود ثقافة احترام النظام، وأن يستشعر كل فرد مسئوليته تجاه الإصلاح، وترك الإفساد، في أي مكان، في الشارع، في بيته، خلف مقود سيارته، وهو يمشى على رجليه، أن يكون مصلحا لا مفسد، نظاميا لا فوضويا.
أتمنى أن يكون لخطبة الجمعة أثرها الفاعل في إصلاح النفوس، وأن يكون لها وقعا يتجاوز حدود المسجد.
الأمنيات كثيرة -معاشر الإخوة- وهي إن كانت في القلب وليس لها في غالب الأمر رصيد محسوس في الواقع، إلا إنها إذا صدق الإنسان في التفكير فيها، وتمنيها، والدعاء من أجل حصولها، والعمل على بذل الأسباب التي تمهد إلى تحقيقها، فإن هذه الأمنيات تعتبر البنية التحتية للتغيير، والتي تهيئ النفس للأحسن، إذا أحسن الإنسان الظن بربه، وأيقن أن الله قادر على كل شيء، وإذا ذكرناها لأبنائنا، وجعلناهم يتبنونها، كانت لهم هما وهدفا يمكن تحقيقه -بإذن الله- مع مرور الزمن.
فأسأل الله أن يهدينا للحق، وأن يصلح أحوالنا، وأن يغفر لموتانا، وأن يشفي مرضانا.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.